عهد صوفان
الحوار المتمدن-العدد: 3014 - 2010 / 5 / 25 - 14:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لماذا نقد النص الديني ؟؟
لماذا لا ندعه وشأنه ونتكلّم في المشاكل الاقتصادية والفقر ومستوى التعليم والأمراض والخدمات المقدمة للناس من ماء وكهرباء وطرق ووسائل اتصالات؟؟
هذا السؤال شرعي ومشروع. وربما يكون صحيحاً أيضاً في المجتمعات الديمقراطية التي فصلت الدين عن الدولة .. ففي تلك الدول لا علاقة للدين بالفقر والتعليم والصحة ولا بكل الخدمات المقدمة للمواطنين ولا حتى بأخلاقيات الناس العامة التي حددها وصانها القانون..
عندهم تمّ تأطير الدين كعلاقة عبادة خاصة بين الإنسان وربه , وبشكل لا يؤثّر على علاقة الفرد بالوطن ولا بعلاقته بالآخرين الذين هم شركاؤه في الوطن..
أمّا في بلادنا فقد تمّ زجّ الدين في الحياة وبشكل كامل ولدرجة أنه أصبح مصدر القوانين ومصدر الدستور ومصدر التشريع الوحيد أحياناً. الدين عندنا:
-- يشرّع الأخلاق ويحدد السلوك المقبول أو المرفوض.
-- يحدد لنا كيف نأكل وكيف نشرب وماذا نأكل, فهذا أكل حلال وذاك أكل حرام, وأحياناً يحدد مصدر الطعام. ففي كل الدول التي هاجرنا إليها تمّ فتح المؤسسات التي تبيع الطعام الحلال الذي جلب من بلادنا المقدسة..
-- يحدد لنا كيف نلبس, ولا يجوز التشبه بلباس الكافرين..
-- يحدد لنا شكل لحانا التي لا يجوز حلاقتها تشبهاً بالصحابة والصالحين.
-- يحدد ويفرض الجلباب والحجاب والنقاب على المرأة..
-- يبيح تعدد الزوجات, وزواج المتعة والمسيار والمسفار والتبضع ونكاح ملكات اليمين..
-- يحدد ويفرض الصلاة..
-- يحدد ويفرض الصوم..
-- يحدد ويفرض كل الطقوس والعبادات..
-- يحدد لنا كيف نتكلّم وكيف نبدأ الكلام والسلام..
-- يحدد لنا ماذا نشاهد, ويمنعنا من سماع الأغاني وسماع الموسيقى..
-- يحدد وبدقة ضوابط ممارسة الرياضة النسائية لدرجة الإلغاء..
-- يحدد ويبرمج عقولنا منذ الصغر بعدم السؤال أو التساؤل حول أي شيء.. بل نقبل التلقين ونشكر الله ونحمده على كلّ شيء..
-- يحضنا على تكفير الآخرين المخالفين لنا بالعقيدة ويطالبنا بقتالهم ونهبهم ودحرهم ونشر دين الله في كلّ الأرض..
-- علينا أن لا نتذمّر وقبول كلّ شيء لأنه مكتوب و مقدّر من الله..
وباختصار الدين عندنا وحده يصنع الإنسان, وعند الآخرين الدين واحد من مكونات ثقافة الإنسان. فإذا كان للدين عندنا هذا الدور وهذا التأثير, لكونه برمج عقولنا ورسم سلوكنا وتصرفاتنا, فكيف لا يتحمّل مسئولية أعمالنا؟؟..
الدين عندنا نزل إلى الشارع ودخل إلى البيوت والمدارس والمؤسسات والشركات وغرف النوم والمطابخ.دخل إلى المشافي والمتاجر وإلى الحدائق والمقابر.واحتلّ ساحات الفكر واحتلّ المنابر..
الدين صار بنوكاً وفائدة و مرابحة و أموال وقرار يتحكم بالمصير.
الدين عندنا صنع الإنسان ليهدم الحضارة ويدمر الأبراج وأنفاق المواصلات وليفجّر ناقلات الركاب والأسواق وليقتل الأبرياء..
كيف لا نكتب عن الدين ؟ وهو يتدخل في حياتنا ويقطع أنفاسنا, وهو سبب ما نحن عليه من تخلف في التعليم والخدمات ومن أمراض وفقر وجهل. ألم يصنع الإنسان عندنا؟؟.
يجب أن نتكلم وننتقد الدين حتى يعود الدين إلى مكانه الطبيعي , وحتى يتحرر الإنسان من سطوة الدين ورجاله..
علمنا التاريخ أن الدين هو نصّ مقدّس لا يجادل ولا يناقش فيه. له رجال يمثلونه ويدافعون عنه ويستفيدون منه. هؤلاء استغلّوا الدين وزادوا من سطوته وأحياناً استحدثوا تشريعات لم تذكر في الدين أصلاً.. ففي المسيحية مثلاً لا يوجد دولة والمسيح قال: مملكتي ليست من هذا العالم.وقال:أعطوا مال قيصر لقيصر ومال الله لله. وركّز على المحبة والتسامح. واعتبر أن الغفران والعقاب والثواب هي من مهام الله..ولكن التاريخ المسيحي يقول بأن البعض استغلّ النص الديني المقدّس وبدأ يغفر الخطايا للبشر ويوزع صكوك الغفران.. ويقود الحروب في سبيل الله الذي يرفض الحرب.. فإذا كان النصّ الديني واضحاً لا لبس فيه وتمّ القفز عليه وتجاوزه من قبل رجال الله, فكيف إذا كان النصّ هو نفسه يطالب بقتل المخالف بالرأي والدين؟؟ ويطالب بنشر الدين بالسيف ويقوم بالغزوات والسرايا طلبا للمال وقيام السلطة ونشر الدين؟؟..
إذا كانت النصوص الدينية ورجال الله هم وراء الصراعات والحروب والنزاعات, ووراء القتل والتهجير والسبي. إذا كان الدين وراء البرمجة السيئة للعقول التي أنتجت إنساناً فاسداً ومفسداً, إنساناً لا يحب أن يعمل, ولا يحب أن يكون مخلصاً ولا متقناً, فكيف لا ننتقد هذا الفكر ونكتب عنه. وكيف لا ننتقد النصّ الديني الذي يدعو إلى العنف والتمسك بالماضي والعودة إليه؟ كيف لا ننتقد النصّ الديني ونحن نرى الآخرين سبقونا إلى المستقبل ونحن أسرى الماضي وأسرى النصوص؟؟..
وإليك بعض الآيات التي تحضّ على القتل:
جاء في سورة الأنفال 8: 65 "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ".
وجاء في سورة البقرة 2: 217 "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ".
وجاء في سورة التوبة 9: 41 و73 "انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ... يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ" .
وجاء في سورة محمد 47: 4-6 و35 "فَإِذَا لقِيتُمُ الذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لا نْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَهَا لهُمْ... فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ".
وجاء في سورة البقرة 2: 216 و244 "كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ... وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ". وجاء في سورة الأنفال 8: 60 "وَأَعِدُّوا لهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ".
جاء في سورة الأنفال أيضاً 8: 12 و13 و39 "أُلْقِي فِي قُلُوبِ الذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ... وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ".
وجاء في سورة التوبة 9: 29 و111 "قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ... إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ".
وجاء في سورة آل عمران 3: 121 "وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ (أي من حجرة عائشة) تُبَوِّئُ المُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ".
وجاء في سورة النساء 4: 76 "الذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ".
وجاء في سورة الأنفال 8: 67 "مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".
وأيضاً يحلل النهب:
س 72: جاء في سورة الأنفال 8: 41 و69 "وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الفُرْقَانِ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ... فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ".
وأيضاً يحلل الكذب:
جاء في سورة المائدة 5: 89 "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ".
وجاء في سورة النحل 16: 106 "مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ".
ويحلل الانتقام أيضاً:
جاء في سورة البقرة 2: 194 "فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ".
ويحلل رضاعة الكبير في صحيح البخاري و صحيح مسلم:
من حديث الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَة رضي الله عنها:
َأنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ ، فَأَتَتْ تَعْنِي ابْنَةَ سُهَيْلٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا ، وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " َأرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ ، وَيَذْهَبْ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ " ، فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ : إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ ، فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَة ) .
هذا بعض من كثير ملأ صفحات الكتب المقدسة ....
هل يجوز أن نسكت ونصمت ؟ أم نتكلّم ونتناقش في مستقبلنا, كيف نبنيه وكيف نرسمه ونحدد سماته.. النقد مشروع والنقاش مشروع وعلينا أن نقبل الرأي المخالف...
#عهد_صوفان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟