أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خالد الكيلاني - الجماهير وإغتيال حقوق الإنسان














المزيد.....

الجماهير وإغتيال حقوق الإنسان


خالد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 24 - 16:43
المحور: حقوق الانسان
    


مرت سنوات طويلة منذ قيام الثورة الفرنسية التى أقرت قيم الحق والعدالة والمساواة ، وقبلها كانت نظرية العقد الإجتماعى التى تحدد العلاقة بين الحكام والمحكومين وتنظمها والتى إستقرت على يد جان جاك روسو .
وساهم إنتقال أوربا من العصر الإقطاعى إلى العصر الصناعى وثورة العمال ثم الزنوج فى أمريكا فى ترسيخ تلك المبادىء التى أصبحت فيما بعد الأسس التى قامت عليها مواثيق وعهود حقوق الإنسان حيث خرج للنور أول ميثاق دولى لحقوق الإنسان فى العالم عن الأمم المتحدة فى 10 ديسمبر عام 1948.
وفى عالمنا العربى فإن مفاهيم حقوق الإنسان تأخرت – كالعادة – فى الوصول إلينا، وإن كانت إرهاصاتها النظرية قد بدأت على يد بعض الكتاب والصحفيين فى ستينيات القرن الماضي، ولكن المسألة لم تترسخ كمنظمات لحقوق الإنسان إلا فى عقد الثمانينيات من القرن العشرين حين أنشأت أول منظمات لحقوق الإنسان فى العالم العربى فى كل من مصر ولبنان والمغرب والبحرين وتونس. ولم يكن الطريق لإنشاء تلك المنظمات معبدا أو مفروشا بالورود بل قاومت الحكومات والأنظمة العربية بالقانون تارة وبالتعنت البيروقراطى تارة أخرى، وبالقمع مرات كثيرة قيام منظمات لحقوق الإنسان فى بلدانها، إلا أن ضغوط العديد من الشرفاء من الحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والعولمة وما أتت به من تدخلات وضغوط الخارج على دول العالم الثالث للأخذ بمفاهيم حقوق الإنسان .. كل ذلك أدى الى أن أصبحت مفاهيم حقوق الإنسان جزءاً لا يتجزأ من المنظومة القانونية لعدد كبير من بلدان الوطن العربى، وإنتشرت العديد من المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان فيها، وأنشأت في عدد منها وزارات لحقوق الإنسان ( المملكة المغربية كمثال )، وفى عدد آخر هيئات ومجالس ذات طابع استشارى تعنى بقضايا حقوق الإنسان وأصبحت حقوق الإنسان مواد تدرس فى الجامعات والمعاهد وخصصت لها لجان فى البرلمانات والوزارات والمنظمات الإقليمية ( جامعة الدول العربية كمثال ).
كل ذلك جميل ومحمود ... ولكن بعد كل هذه السنوات الطويلة هل ترسخت مفاهيم حقوق الإنسان لدى المواطن العربى نفسه؟!!، ذلك المواطن الذى هو المستفيد الأول من ترسيخ تلك المفاهيم وسيادتها فى المجتمع ليواجه بها عسف وقمع الأنظمة العربية الحاكمة وسلطاتها الغاشمة في الأمن والحكومة والقضاء. فانتشار وسيادة مفاهيم وثقافة حقوق الإنسان تحمى المواطن الضعيف من بطش وجور أجهزة الأمن فى الأقسام والسجون، ومن بطش القوانين فى المحاكم ودهاليز البيروقراطية فى دواوين الحكومة ... للأسف فإن معظم المواطنين فى عدد كبير من بلداننا العربية أبعد ما يكونون عن مفاهيم وثقافة حقوق الإنسان وليس أدل على ذلك سوى ما حدث للمواطن المصرى قتيل قرية " كترمايا " اللبنانية في الشهر الماضي، فهذا العامل المصرى المسكين الذى كان يعمل فى لبنن تم اتهامه في جريمة قتل وقعت على أسرة فى هذه القرية، وقدمته سلطات الأمن للنيابة العامة اللبنانية للتحقيق معه والتي كان من ضرورات تحقيقاتها أن تصحب المتهم فى حراسة الشرطة إلى القرية التي وقعت بها تلك الجريمة النكراء ليعيد تمثيل الجريمة حتى يتبين للمحقق بجلاء ما إذا كان هذا المتهم هو نفسه الذى إرتكب الجريمة التى قيل أنه إعترف بها أم أنه لم يرتكبها وأن إعترافاته كانت وليدة إكراه مادى أو معنوى تعرض له في مقار أجهزة الأمن ... إلى هنا وكل شىء طبيعي وعادي، فهناك جريمة قد وقعت، وأجهزة الشرطة والبحث الجنائى قدمت شخصا ما على أنه مرتكب لتلك الجريمة، والنيابة العامة بدأت التحقيق وإذا ما توصلت إلى ثمة أدلة تفيد بإرتكاب المتهم لتلك الجريمة فإنها سوف تقدمه للقضاء لتبدأ المحكمة فى التحقيق من جديد فى الواقعة حتى إذا ما تيقنت من ثبوت إرتكاب المتهم للجريمة حكمت عليه بالعقوبة التى تتناسب معها، ثم بعد ذلك يكون له – للمتهم – حق إستئناف أو نقض هذا الحكم حسب الأحوال لتعاد محاكمته مرة أخرى فربما أخطأت المكمة الأولى فى الحكم على المتهم، وبعد إستنفاد كل درجات التقاضى وبعد أن يصبح الحكم الأخير الصادر على المتهم من أعلى درجة قضائية باتاً ونهائياً ... يمكن وقتها القول أن هذا المتهم هو مرتكب تلك الجريمة.
وبديهيات العدالة ومبادىء حقوق الإنسان تقول أن هذا المتهم فى كل مراحل الإتهام والتحقيق والمحاكمة هو إنسان برىء حتى تثبت إدانته بحكم قضائى نهائى لا يقبل الطعن فيه. ورغم كل هذه البديهيات فالذى حدث أن بعض أهالي القرية التي وقعت بها الجريمة إستنفروا بقية سكانها عن بكرة أبيهم عندما أحضرت النيابة العامة المتهم لتمثيل الجريمة وقاموا بإختطافه من أيدى حراسه وسحله ثم قتله طعنا بالأسلحة البيضاء والعصى فى وحشية لم نر لها مثيلا فى القرون الوسطى، وتعليقه كالذبيحة على أحد أعمدة الكهرباء والتقاط الصور التذكارية بجوار جثته !!.
لقد جعل أهالى قرية ( كترمايا ) اللبنانية من أنفسهم القاضى والجلاد ... وإغتصبوا من الدولة سلطات الإتهام والتحقيق والمحاكمة والتنفيذ، وحكموا على المتهم الذى مازال بريئا - طبقا لبديهيات القانون ومبادئ العدالة ومفاهيم حقوق الإنسان - بالإعدام بعد أن قرروا أنه هو المتهم مرتكب الجريمة وأن قتله سحلا بهذه الطريقة الوحشية هى العقوبة المناسبة لجريمته!! فى أبشع إغتيال عرفته البشرية فى عصرها الحديث لمبادىء العدالة وثقافة حقوق الإنسان. والغريب أن هذا الاغتيال تم على أيدي جماهير هي أحوج ما تكون لتلك المبادىء وهذه الثقافة!!.

(هذا المقال سوف ينشر في مجلة نشطاء- مجلة غير دورية تصدر شهرياً عن البرنامج العربي لنشطاء حقوق الانسان - بعددها الذي سوف يصدر نهاية الشهر الحالي)...



#خالد_الكيلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهيدة دريسدن ... وقتلى نجع حمادي
- س وج في قضية أوكامبو والبشير
- جمال مبارك ... حصرياً من واشنطن‏
- الطيب جداً جداً ... صالح
- قضاة ... وقضاة
- لكنه بكاء ... كالبكاء
- مباحث مكافحة الفتاوي
- ثلاثة أسئلة تبحث عن مؤلف
- أزهى عصور التحرش
- قنابل مسيحية في انتظار البابا(1) - الرعية في مواجهة الكنيسة ...
- عفريت العلبة ... لم تخيب الظن فيك
- صورة الرئيس
- يا زمان الشعر... في أسيوط
- استقلال القضاء...ضرورته، ومفهومه، ومقوماته
- يا استفتاءاتك يا مصر!! - في الذكرى الثالثة ليوم الأربعاء الأ ...
- احتكار الوطنية مرة أخرى
- حزب الله .... وحزب الشيطان
- ثلاثون قمة والأوضاع العربية أصبحت في -الحضيض-
- الكاتب والمفكر الإسلامي جمال البنا في حوار مثير 2/2 الحجاب ل ...
- الكاتب والمفكر الإسلامي جمال البنا في حوار مثير 1/2 الإخوان ...


المزيد.....




- وزارة الدفاع الوطني بالجزائر: إرهابي يسلم نفسه للجيش واعتقال ...
- أميركا تؤكد عدم تغير موقفها بشأن عضوية فلسطين بالأمم المتحدة ...
- برنامج الأغذية العالمي: لم نتمكن من نقل سوى 9 قوافل مساعدات ...
- قيس سعيد: من أولوياتنا مكافحة شبكات الإجرام وتوجيه المهاجرين ...
- -قتلوا النازحين وحاصروا المدارس- - شهود عيان يروون لبي بي سي ...
- نادي الأسير الفلسطيني: ارتفاع حصيلة الاعتقالات بعد 7 أكتوبر ...
- برنامج الأغذية العالمي يدعو لوقف إطلاق النار في غزة: السرعة ...
- هل يصوت مجلس الأمن لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المت ...
- ترجيحات بتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- السلطات الفرنسية تطرد مئات المهاجرين من العاصمة باريس قبل 10 ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خالد الكيلاني - الجماهير وإغتيال حقوق الإنسان