أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - خالد الكيلاني - لكنه بكاء ... كالبكاء















المزيد.....

لكنه بكاء ... كالبكاء


خالد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2512 - 2008 / 12 / 31 - 00:29
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لا ضحك كالبكاء لديّ اليوم أقدمه لكم، لكنه بكاء... كالبكاء، بكاء ولا دموع، فقد جفت الدموع في المآقي. أبكي القاتل والقتيل، لا تنزعجوا .. فنحن القاتل والقتيل، من غرتهم الأمانيّ وشهوة الحكم فاختطفوا غزة طمعاً وجشعاً ليجعلوها إمارة إسلامية، ومن عزت عليهم منافع ومزايا وغنائم السلطة فتمسكوا ببيت الحكم الواهن في رام الله.. كلهم قتلة، من تقاعسوا عن نجدة الأخ والصديق وأغلقوا عليه الأبواب وزادوا حصاره حصاراً، ومن تواطئوا على الجريمة سكوتاً وخوفاً، أو مساندة وضعفاً.. كلهم قتلة، من يهادن العدو التزاماً بصلح مضى.. ومن يهادن العدو انتظاراً لصلح قد يجيء.. كلهم قتلة، هؤلاء المتقاتلين خلف الميكروفونات، والمتصارعين على الفتات من فتح وحماس.. كلهم قتلة أرى الدماء تسيل من أيديهم، أنظر أين هم الآن؟ لا أحد منهم يواجه الموت في غزة "عباس" كان في القاهرة وعاد إلى مقاطعته في رام الله، "خالد مشعل" يصرخ من دمشق ومعه "نزال"، وفلان في بيروت وآخر في عمان وفلان في القاهرة وأخر في الدوحة وهكذا، حتى من بقي في غزة، "هنية " ورفاقه في منازلهم المحصنة لا تصل الصواريخ إلى أطفالهم، فحكامنا وقادتنا وزعماؤنا دائماً في مأمن، أتذكر الآن كيف كانت طائرة ياسر عرفات لا تقلع إلا بعد إخطار ثلاث أجهزة مخابرات هي الإسرائيلية والمصرية والأمريكية!! حتى لا يصيب القائد أذى، أطفالنا ونساؤنا فقط هم الذين في مرمى الموت دائماً.
حدقوا في الشاشات كي تحصون كم طفلاً .. كم امرأة.. كم شيخاً قُتلوا غدراً وغيلة في غزة وهم نائمون، لا تنشغلوا كثيراً بالأرقام.. فسوف تبكون غيرهم بعد لحظات، آلة القتل مستمرة والموت لن ينتظر بكائكم، ابكوا كالنساء على غزة التي لم تحموها كالرجال، وتذكروا أن القتلة ليسوا فقط جنود الصهاينة، وليست فقط قاذفات الصواريخ الإسرائيلية، أنتم القتلة... أنتم أيها القابعون خلف ضعفكم وخنوعكم، الواقفون خلف منصات الخطابة وأمام الكاميرات تبكون أطفال غزة بدموع التماسيح، تصرخون ملء حناجركم وتلوكون كلاماً منمقاً زاعقاً، كلام يلد كلاماً .. كلام لا يؤدي إلا إلى كلام، ثم تحصون عدد المصفقين وعدد المعجبين، وتعودون تهجعون في بيوتكم، وتسكنون إلى زوجاتكم، وتنعمون بدفء أسرتكم الوثيرة، "عايزين النضال .. قدامكو الميدان"، ولكن الميدان بعيد - كما كتب أحمد فؤاد نجم - عن جوف المدينة، وبعيد أيضاً عن سلم نقابة الصحفيين .. بعيد عن باب نقابة الأطباء. ولكننا نعلم وأنتم تعلمون أنكم كاذبون ومزيفون، فقد بادلتم شرفكم بمكاسب هزيلة.. أحزاب وصحف تديرونها بينكم، ومقاعد هزيلة في حركات معارضة كرتونية تنفقون الوقت فيها على الصراع، من يكون الرئيس ومن يكون النائب ومن يكون المنسق العام... ومن ومن ومن، تهافت التهافت، وأنتم ومن يحكمونكم سواء، لا فرق بينكم، نضالكم المزيف تحتالون به علينا، وما هي إلا أدوار مرسومة لكم بدقة لا تستطيعون تجاوزها ولا تحيدون عنها. المنافسة على الشاشات حامية، أنتم هنا ومشعل في دمشق والسيد في بيروت ومازال الصراخ عبر الشاشات مستمراً، وأطفال غزة لن يسمعوا شجبكم ولا تنديدكم فهم لا يسمعون سوى أزيز الطائرات وانفجارات الصواريخ، أطفال غزة لن يشاهدوا تظاهراتكم ولا مسيراتكم فهم في انتظار الموت، وهنية من غزة يصرخ "حماس لن تتراجع حتى لو أبيدت غزة "، ولا تسألوني عن ماذا تتراجع حماس؟ وما الموقع الذي تقدمت إليه ولن تتراجع عنه، فهذا كله هراء، المهم أن حماس لن تتراجع!!، والسيد أبو الغيط يصرخ من القاهرة " لقد حذرناهم.. وقد أعذر من أنذر"!!، ولا تسألوني من حذر من؟ ومما حذره؟ فهذا كله هراء، المهم أن مصر قد حذرت وأنذرت وسبقت حكمتها الجميع!! ومع ذلك لا أستطيع الضحك الذي هو كالبكاء.
على المقهى كان التليفزيون مفتوحاً على قناة الجزيرة على غير العادة، فقط قنوات القرآن الكريم والأغاني والرياضة هي القنوات الرسمية في المقاهي، أحدق في الشاشة وأكاد أشم رائحة الدم الطاهر الذي يتفجر من أجساد الأطفال، أعود إلى الصحف التي أقرأ فيها فأكاد ألمس برودة الموت تخرج من بين السطور والصور، أسأل "علام" عامل المقهى البسيط ماذا نحن فاعلون؟ فيقول لي: لابد أن نثأر للعدوان على ديننا!!، تغيظني إجابته وهو الذي ضللته المنابر واللافتات والميكروفونات فأقول له لكن الأطفال يموتون كل لحظة، فيقول نعم لابد أن نقف معهم فهم مسلمون!!، أرد بغيظ أكثر إنهم بشر حتى لو لم يكونوا مسلمين، وأسارع بإنهاء جدل لا طائل من ورائه فأعود إلى جرائدي لأقرأ في الأهرام أن وكيلي وأمين سر اللجنة الدينية بمجلس الشعب تقدموا بطلب إحاطة لرئيس الوزراء حول ما قاله الشيخ خالد الجندي بإحدى الفضائيات من أن الله تعالى قال في أثناء حجة الوداع للرسول (صلعم) إن مهمته قد انتهت وعليه أن "يلم عزاله "، لم أعلم ما علاقة رئيس الوزراء بما قاله – مازحاً على ما اعتقد – خالد الجندي في التليفزيون؟!!، رغم أني أعلم أن الدكتور نظيف لم يحضر حجة الوداع، ومع ذلك لا أستطيع الضحك الذي هو كالبكاء.
أترك الأهرام لأقرأ إعلاناً في جريدة أخرى عن برنامج لقناة فضائية تحت عنوان " يا ترى مين اللي عليها الدور؟ " وأجده عنواناً مناسباً للمرحلة، وسؤال تردده على نفسها كل مدينة عربية، فما الذي يمنع أن يأتي الدور عليها بعد غزة، وقبل غزة ألم تضيعوا القدس التي كانت عروس عروبتكم أولاد ال... ، أنهض لأمشي في الشوارع بلا جدوى فلا أرى أمامي سوى صور الأطفال القتلى ولا أشم سوى رائحة الدم والموت بينما ترن في أذني كلمات صلاح جاهين التي كتبها عن أطفال بحر البقر منذ عقود " الدرس انتهى لموا الكراريس .. بالدم اللي على ورقهم سال" أتذكر أطفالي فما الذي يحول بينهم وبين ذلك المصير؟.
نحن أيها السادة الذين قتلنا أطفال غزة وكل الأطفال منذ زمن بعيد، منذ أن اعتلى الأفاقون كل منبر، وتصدر تجار المبادئ والوطنية والكلمات كل ساحة، لا فرق هنا بين أطفال غزة الذين ماتوا بصواريخ أعداء الخارج، وأطفال الدويقة أو أطفال العبارة أو أطفال المبيدات المسرطنة أو أطفال الدم الملوث الذين ماتوا بفعل أعداء الداخل، قتلناهم بعجزنا وخنوعنا وعشوائيتنا وفوضانا، قتلناهم حينما سلمنا عقولنا ووطننا ومستقبلنا لمحتكري السلع ومحتكري الدين ومحتكري الوطنية فضاع الوطن بين الجميع، ولم يبق لنا سوى البكاء.. الذي كالبكاء.



#خالد_الكيلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مباحث مكافحة الفتاوي
- ثلاثة أسئلة تبحث عن مؤلف
- أزهى عصور التحرش
- قنابل مسيحية في انتظار البابا(1) - الرعية في مواجهة الكنيسة ...
- عفريت العلبة ... لم تخيب الظن فيك
- صورة الرئيس
- يا زمان الشعر... في أسيوط
- استقلال القضاء...ضرورته، ومفهومه، ومقوماته
- يا استفتاءاتك يا مصر!! - في الذكرى الثالثة ليوم الأربعاء الأ ...
- احتكار الوطنية مرة أخرى
- حزب الله .... وحزب الشيطان
- ثلاثون قمة والأوضاع العربية أصبحت في -الحضيض-
- الكاتب والمفكر الإسلامي جمال البنا في حوار مثير 2/2 الحجاب ل ...
- الكاتب والمفكر الإسلامي جمال البنا في حوار مثير 1/2 الإخوان ...
- العالم المصري الشهير صاحب تصميم مكتبة الإسكندرية الذي اتهمته ...
- نائب رئيس المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان : توليت وزارة ف ...
- خبراء وباحثون : لا مفاوضات ولا تعهدات في -أنابوليس-‏
- رئيس حزب الوفد المصري محمود أباظة : الدولة الدينية خطر كبير ...
- الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة المصري للشؤون النيابية و ‏القا ...
- ضياء الدين داوود : اعترف .. - الإخوان - اكثر قدرة على الإنتش ...


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - خالد الكيلاني - لكنه بكاء ... كالبكاء