صباح كنجي
الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 23 - 14:53
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
زهير الزاهر.. أبو جنان... ذلك الشيوعي الكادح الذي تعرفتُ عليه قبل ثلاثة عقود مضت في مقر مراني كبيشمركة حينما نسب إلى مكتب إقليم كردستان بعد المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العراقي..
من ذلك اليوم تواصلت لقاءاتنا.. فعرفت أبو جنان الكادر الحزبي، الإعلامي النشط، المثقف، رجل العلاقات الذي يشهد له بالبنان..
كان شاباً ينضحُ عطاءً وطاقة شكلت معلوماته وخصاله أساساً لنجاحه في المهمات التي كلفَ بها.. في دمشق وجدته نشطاً يناقشُ الإسلاميين من مختلف اتجاهاتهم بصيغ تدفع للتساؤل عن خزين معلوماته الإسلامي الذي كان ينفردُ من بين قلة من كوادر الحزب في ميدان العلاقات بها، يناقشُ ويحاورُ بإسهاب في شؤون وشجون المؤمنين كأنه واحد منهم..
هكذا كان الحال معه عند ظهور كربا تشوف وتحوله إلى ظاهرة عالمية التفَ حولها رهط الشيوعيين المنبهرين بشعارات البيرسترويكا البراقة والكلاسنوسيت التي انطلت على الكثيرين فصفقوا لها متحمسين..
لكن أبا جنان..
واذكر تفاصيل ذلك اليوم عندما زرته في دمشق بصحبة شقيقه لؤي الزاهر.. قبل أن تقدم لنا أم جنان الشاي.. انبرى يحللُ الأحداث الجارية في الاتحاد السوفيتي قائلا ً..
كربا تشوف ينفذ سياسة خطرة تستهدفُ تقويض الاتحاد السوفيتي في أهم ركائزه لتنهيه وهي:
1ـ الحزب الشيوعي السوفيتي
2ـ والجيش والدفاع
3ـ والاقتصاد السوفيتي
4ـ وجهاز المخابرات
5ـ وشبكة العلاقات الأممية..
وسوف يقود هذا النهج إلى تفليش وحل الاتحاد السوفيتي وزواله.. كنتُ استمعُ لهذا الرأي الصريح والجريء منهُ بلا تحفظ، تنساب كلماته بقناعة مشفوعة بالألم والحزن...
كان تحليله ورأيه وتفكيره المستقل يدفعني للمزيد من التركيز والانتباه كي أواصل الإصغاء في ذلك الوقت الذي كان فيه كربا تشوف يشكلُ لدى الكثيرين معلماً فكرياً للرقيّ يضمن المستقبل ويبشر بالتغيير...
لكن أبا جنان وحده شذّ من بين هؤلاء المعجبين فقرأ المستقبل بذهن مفتوح.. وتحققت توقعاته وتنبؤاته..
في الذاكرة الكثير ..الكثير مما علق في ذهني من أحاديث أبا جنان الذي كتب لي في آخر رسالة قبل شهرين.. (زهير الذي تعرفهُ سيبقى وفياً لجوهر الصراع الطبقي الذي يحرك الكون كما عَرفتهُ)..
زهير الذي غادرنا بهذه العجالة.. هل قرر برحيله المفاجئ أن يسجل بهذا الغياب رسالة احتجاج ورفض للواقع المرير بعد أن عجزت الكلمات في خلق البديل المفترض للوضع المبتذل؟!!..
أبا جنان..
دعنا نحلم بوجودك بيننا كلما ضاقت بنا السبل..
دعنا نقول أننا لا نستغني عنك..
حتى لو قررتَ متمرداً الرحيل..
22/5/2010
#صباح_كنجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟