أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صباح كنجي - حكاية شقيقين تناثرت أشلاؤهم














المزيد.....

حكاية شقيقين تناثرت أشلاؤهم


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 2897 - 2010 / 1 / 24 - 17:44
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لا استطيع ان أمحو من ذاكرتي تفاصيل ذلك اليوم الربيعي فالحدث مازالَ يؤرقني كلما تذكرتهُ رغم جمال ذلك الصباح واشراقة شمس آذار من عام1982.. عندما نبهنا حَرسُ الدوشكا بوجود طائرة (هوكر هنتر) تحوم في سماء القرى المحيطة لمقر مراني .. أسرعت لفتح جهاز الراديو الصغير على موجة (إفْ.. إمْ) كي التقط المحادثة بين الطيار وآمره، بعد أن تعودنا على هذه التحليقات التي كانت تحدث بين الحين والآخر لمتدربين جُدد سُمحَ لهم بقصف اهداف حقيقية من كردستان، أي انها تدريبات عملية يسمح بها للطيار بقصف أيّ هدف ثابت أو متحرك يرتأيه في القرى والجبال التي أعتبرت أهدافاً للمدفعية وطيران الجيش يستبيحونها متى شاؤوا..
سمعتُ من الراديو الصغير الطيار يُحدِث آمرهِ في قاعدته يقول:
ـ من مصطفى إلى خالد.. سيدي أشاهدُ هدفاً متحركا ً...
ويأتيه الجواب الفوري بالسؤال:
ـ هل انت مستعد؟..
ـ نعم سيدي
ومن ثم يعقبه..
ـ نفذ..
وبعد لحظات...
ـ سيدي تمتْ اصابة الهدف...
ـ بارك الله فيك صَوْرْ..
نعم أذكر ذلك الصوت المدوي عندما انطلق الصاروخ، وما زال صوت الأنفجار يرنُ في أذنيّ كأنه يحدثُ الآن.. أذكر ايضاً أنّ الهدفَ المتحرك الذي أصابه صاروخ الطيار المذكور لم يكن إلا ّ شقيقين يافعين في مقتبل العمر من قرية سواري هما (محمد) ذي ال (17) ربيعاً و(مصطفى) الأصغر منه بسنةٍ.
ذهبا لتقليم أشجار التفاح في منتصف المسافة بين مراني وقرية سواري في مدخل آفوكي، لقد أصابهم الصاروخ ومزقَ أجسادهم الطرية، فتناثرت اشلاؤهم بين الأشجار القريبة المحيطة بالبستان الذي كانوا متواجدين فيه.
وفي الحال هرع المزارعون بمساعدة من الأنصار الشيوعيين لتجميع أوصالهم وقطع اللحم المتناثرة مع بقايا عضام يصعب تحديد معالمها وعائديتها، ونقلت إلى المقبرة في طرف القرية وسط موجة من الحزن والأسى تطلبت الإسراع في دفنهم في قبرين متجاورين، بعد أن اختلطت بقاياهم ولم يعد من الممكن التفريق بينهما..
في اليوم التالي عند منتصف النهار عادت الطائرات من جديد لتمارس قصفها وتطلق صواريخها، وعاد النداء الآمر من خالد الى الطيار الآخر:
ـ اضرب..
ودوى الصوت من جديد فأصاب الصاروخ الأهوج الشقيقين في المقبرة وإختار قبريهما ليخرج منها تلك القطع البشرية المدفونة ويقذفها ثانية لينشرها في أطراف المقبرة ويحولها إلى قطع اصغر وأصغر... قد لا تكون هذه الحادثة التي جرت وقائعها المؤلمة في قرية سواري الوحيدة في قرى ومدن كردستان..
لكن أنا واثق أنها لمْ ولنْ تتكرر في مكان آخر من هذا العالم الشاسع.. وحدنا نحن العراقيون من عانى من الرعب والموت لهذه الدرجة وبتلك التفاصيل التي لا يستوعبها العقل ولا يتقبلها الضمير.. ولا يمكن أن تنطبق عليها قوانين الصدفة إلاّ في الزمن الذي إستحكم فيه البعثيون على البلاد.. وأدى بالناس في قرية سواري للعودة والبحث عن بقايا.. بقايا الجسدين المتناثرين ليعيدوا دفنها من جديد..
صباح كنجي
ـــــــــــــ
مقتطف من كتاب يعده الكاتب بعنوان حكايا الأنصار والجبل



#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجل المخيف
- لا يا العراقية.. اوقفوا هذا المعتوه!
- الدليل الموعود
- شجاعة مجهول
- لغزُ الهدف..!
- أم جمعة
- رمزي
- أيّها الشيوعيون لهذه الأسباب -لنْ انتخب قائمتكم-.!!
- في منتصف الطريق..
- الصورة وذاكرة الحدث قيس شاكر
- صومُ رمضان يكشفُ زيفَ ونفاق -المؤمنين-
- بالمختصر..3 مشهد.. كنتمْ خيرُ امةٍ اخرجتْ للناس ِ!!
- حوار عن البيئة مع الدكتور الشذر
- بالمختصر..2
- بالمختصر
- الموصل أم شعب الموصل؟.. نقاش في السياسة مع البروفيسور سيار ا ...
- من ذاكرة الشيوعيين العراقيين في بحزاني..2
- من ذاكرة الشيوعيين في بحزاني ...
- طين النار - مهداة إلى ذكرى جمعة حاجي كنجي
- الحزب الشيوعي العراقي يساهم في غزو الكويت..!


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صباح كنجي - حكاية شقيقين تناثرت أشلاؤهم