أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الطيب آيت حمودة - فرنسا....و( الخارجون عن القانون )















المزيد.....

فرنسا....و( الخارجون عن القانون )


الطيب آيت حمودة

الحوار المتمدن-العدد: 3012 - 2010 / 5 / 22 - 18:32
المحور: الادب والفن
    


*فرنسا لا تستحي ( لا يصاب وجهها بالإحمرار) من ذكر تاريخها .
*فرنسا لم تقم أبدا عبر تاريخها بالإبادة الجماعية .
*فرنسا لم تخترع العملية النهائية ( الإعدام).
**وبالمقابل اخترعت حقوق الإنسان ، وهي الوحيدة التي حاربت من أجل حرية الآخرين .
(عن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ).

قرأنا عن المدرسة التاريخية الفرنسية ، وأدركنا حينها بأن الفرنسيين أكثر خلق الله قدرة على تلوين التاريخ وكسبه لصالحهم ، وبل وجعله خادما مطيعا لإديولوجيتهم الإنسانية واللاإنسانية ، فهم لا يختلفون عن العربان في سياستهم الإستحواذية والتلوينية للتاريخ ، فالمدرستان يمكمن وضعهما في خانة واحدة ، لإخضاع قولهما لمبدأ الجرح والتعديل ، وإسقاط مبدأ الشك عليهما لاستخراج المعوج والزائف مما قيل منهما .
وقول الرئيس ساركوزي أعلاه فيه إنية مفرطة ، قد يستساغ من الوجهة السياسية التسويقية ، بكونه محب لوطنه فرنسا ، وممثلٌ لليمين ( المتطرف) ، إلا أن تصريحه تسجبه الأحداث والحقائق المقروءة والمسموعة ، ويستنكرها العقل المستنير المدرك بأن فرنسا فرنسيات فيها اليمين واليسار ، وفيها الحسن والقبيح ، وفيها الإنسانية الرحيمة ، وفيها القساوة القبيحة ، وقد يكون طه حسين محقا عندما وصف باريس بمدينة (الجن والملائكة ) وقد يصدق التعميم عن شعب فرنسا جميعه .
**تاريخ فرنسا في الجزائر .. قتل وترويع وتهجير وإبادة جماعية :
كيف لا تستحي فرنسا من تاريخها .. وتاريخها مليء بالعثرات ، في علائقها مع جيرانها ، ومع غير جيرانها ، وهي التي أنشأت امبراطورية استعمارية واسعة في القرن التاسع عشر مستغلة تفوقها الصناعي والحربي ، ولا يتسع المقام هنا لسجب ماقاله سيادة الرئيس عن كل تاريخ فرنسا ، وإنما أختصر العلاقة فيما بين فرنسا والجزائر ، خاصة وأن القول جاء تعليقا وتعقيبا على تشريحات إعلامية وانتقادات شجاعة لملف الصداقة الفرنسية وحول قضيتي التمجيد ( بالنسبة لفرنسا) والتجريم ( بالنسبة للجزائر)، التي لوى عنقها بتصريحات نارية من الجانبين فجرها القانون الممجد لإستعمار ( قانون 23 فيفري 2005) ، ولحقها ما ذكره وزير خارجية الكيدورسي (روبير كوشنير ) بأن التحاور والصداقة مع الجزائريين لا يستقيم إلا بانقراض جيل الثورة أوتنحيته عن تسيير دواليب الدولة !!. وأن العلاقة بين البلدين تتحكم فيها العاطفة والإنفعال والعنف ، وهو تصريح تحريضي ضد النظام القائم في أقل تقدير.
ويستمر الجدل بين النخب الجزائرية الفرنسية حول الوجود الفرنسي بالجزائر، هل من أجل الحضارة والتمدين كما قالوا ، أم هو استعمار استيطاني بشع أظهر نقيض ما تتشدق بها مباديء الثورة الفرنسية من جميل القول البراق الذي حسبناه ذهبا وما هو بذهب والذي لم يتعدى أثره حدود فرنسا ، لأن ما عشناه وما قرأناه لا علاقة مع شعار ( الأخوة ، العدالة ، والمساواة) الشعار الذي طبق بالمقلوب في تعاملات فرنسا مع الجزائر منذ احتلالها في 1830 الى استقلالها في 1962، وجاء فيلم ( الخارجون عن القانون ) لصاحبه رشيد بوشارب الذي سلط فيه الضوء على أحداث مسكوت عنها من الجانبيين ، وهم فيلم صادم للمشاعر بتقنية عالية الجودة ، وبسيناريو محكم التنزيل، وبالرغم من أن الفيلم من تمويل فرنسي ، إلا أن وطنية رشيد حولته إلى فيلم جزائري بامتياز ، وسيكون السند القانوني في التحاور مع الإستعمار ، لأنه أفصح عن مكنونات وحقائق كانت غامضة ، وهو سرد فني رائع لتاريخ أمة منذ 1925 الى الإستقلال ، بمشاركة مغاربية رائعة منهم جمال دبوز المغربي وآخرون ، وهو الفيلم الحدث في مهرجان (كان ) لهذه السنة ، وتسبب في خروج الآلاف من اليمين المتطرف للتظاهر في مدينة كان ، والذين استنكروا أحداث الفيلم باعتبار غير نزيه في التعامل مع الحقائق ، واعتقدوا بأنه ضرب وتنقيص من تاريخ فرنسا المقدس ؟ ولعل في الفيلم ما يجعل وجه الرئيس ساركوزي شديد الإحمرار من الخجل ؟ وقد يظفر الفيلم بأحدى جوائز المهرجان ، كما حدث ذات مرة من عام 1975 على يد لخضر حمينة برائعته (سنوات الجمر )الحاصل على السعفة الذهبية للمهرجان نفسه .
** دروس الثامن ماي 1945.
أحداث الثامن ماي 1945 ، والتي وقعت عقب نهاية الحرب الكونية الثانية في كل من خراطة وقالمة ، والتي راح بسببها أكثر من 45 ألف شهيد جزائري ظلما عدوانا ، لا لشيء سوى أنهم خرجوا للتظاهر بهجة ، بانتهاء الحرب على غرار ما وقع في كبريات المدن العالمية أنذاك ، باعتبار أننا طرفا فيها ، وأبناؤنا ماتوا على جبهات القتال دفاعا عن فرنسا ، غير أن فرنسا استحوذت على المجهود ، وتنكرت لوعودها بمنح الإ ستقلال للجزائر بعد تحررها ، فكان الجزاء قتل الجزائريين العزل بلا رحمة ولا وشفقة ، فكانت شعاب الأودية مفرغا لجثث الأبرياء التي كانت ترمى في ( شعبة الآخرة ) قرب خراطة بالشاحنات .
الحدث يفوق في بشاعته ( الهولوكست) ويزيد ، ويفوق ما قام به الأمير الأموي الحكم ابن هشام ألأموي الربضي ضد الأندلسيين في حفرة طليطلة وواقعة الربض ،أو ما وقع للأرمن على يد الأتراك في 1815، أو ما قع في عهد محمد علي المصري في إبادته للماليك في موقعة القلعة ،أو جريمة الصهاينة في صبرا وشاتيلا ،.... وما الحادثة إلا نقطة من بحر التظلمات العديدة التي عرفها التواجد الإستعماري الفرنسي في بلادنا ، ويقول ساركوزي بأن فرنسا لم تقم بالإبادة جماعية عبر تاريخها ؟ فإما جهل ، وإما تجاهل .
ورغم النكبة وهول الحدث ، إلا أن الدرس الذي استخلصه شعبنا من الواقعة كبير وعظيم ، سجلناه على ألواح ذهبية ، دونناه بدماء الشهداء ، تركت كشاهد عن تجربة أمة ، لعل الأجيال تنتفع بها مستقبلا ، وتسجلها في الأذهان حتى لا يطالها النسيان ، أولها أن الإستعمار الذي دخل إلى البلد بالقوة لا يخرج منها إلا بصنوها ، وأن الحرية تأخذ ولا تمنح ، وأن الانقسام يولد الوهن ، وأن تجربة الكفاح العسكري خلال القرن التاسع عشر لم يكن فعالا لنقص في التنسيق والوحدة ، وان الكفاح السياسي في النصف الأول من القرن العشرين لا نفع فيه ، لأنه لم يدعم بكفاح مواز له يسنده ويشد من أزره .... وهي أمور جعلت الأمة تنقلب في فكرها من أسلوب المطاوعة واللين ، إلى أسلوب التطويع والشدة والقوة والخروج عن القانون ، وذاك ما عبر عنه رشيد بوشارب في فيلمه الجريء ، والشيء ذاته عبر عنه كاتب ياسين بقوله ( في سطيف تكونت وطنيتي الأسمنتية ) ، وأقتنعت الأمة أخيرا ... بأن لا خيار لها سوى تفجير ثورة ، وهو ما كان في غرة نوفمبر 1954.
الخلاصة/
مفصل القول أن تصريحات ساركوزي صرخة في واد ، وتعبير عن سياسة تقول ما لاتفعل ، وهي عبارة عن طمس لحقائق ووقائع وقعت ، معبرة عن فكر وفعل يتناقض بالتمام والكمال مع مباديء طالما رددناها عن جهل وغباء ، وهي وجه من وجوه تمجيد الإستعمار، وتأكد الأمير خالد الجزائري ، صاحب دعوة المساواة بأن أفكار الثورة الفرنسية حبر على ورق ، وأن ليس كل ما يبرق ذهبا . وأن فرنسا تنين بأوجه ، وهي تظهر مالا تبطن ، وتمارس ما لا تقول ، وعلاقاتها معنا مشوبة بالحذر والتوجس ، مليئة بالأحقاد ، والتاريخ بحقائقه هاجس أكبر يؤرقها ويقلقها ، وشعارها غير المعلن في ذلك كله ( لتحيا فرنسا ويموت الجميع) .



#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول شعوبية الأمس واليوم .
- الآثار بين كارثتي النهب والإهمال .
- محنة الأمازيغ في الأندلس ( عصر الولاة ).
- هوية الأمازيغ بين الأصالة والإغتراب .
- الأمازيغ والجبروت الأموي .
- التسونامي الإلكتروني .. بين المطاوعة والتطويع.
- الأمازيغ الذين تربعوا على عرش الفراعنة ؟، وقهروا اليهود ؟.
- الإديولوجية القاتلة في شمال افريقيا.
- جدل حول تسمية / المغرب العر بي؟ أم بلاد تمازغا ؟
- يوسف بن تاشفين والمعتمد بن عباد، صراع عقيدة أم صراع منفعة ؟
- الإسلام... دين وحدة أم فرقة ؟
- يزيد زرهوني العلماني ،في صراع مع السلفيين
- زكية الضيفاوي ... أو نضال المرأة التونسية.
- التيهان بين العروبة والإسلام .
- هل العرب أحسنوا تمثيل الإسلام ؟
- فتنة قرطبة الأندلسية. 403 هج/1013م ، هل هي فتنة أمازيغية أم ...
- جريمة فرنسا النووية في الجزائر.
- خراب القيروان!!!
- عقبة بن نافع الفهري (بين القيل والقال والحقيقة والخيال).
- انتشار الإسلام في شمال إفريقيا ( بين الفتح والغزو).


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الطيب آيت حمودة - فرنسا....و( الخارجون عن القانون )