|
وصف سيناء : (1)
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 3009 - 2010 / 5 / 19 - 16:14
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
ثمانية وعشرون عاماً مرت منذ تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلى وعودتها إلى السيادة المصرية. وفى كل عام نحتفل بعيد تحرير أرض الفيروز ونقيم الأفراح والليالى الملاح ونغنى مع مطربتنا الرائعة شادية "سينا رجعت كاملة لينا .. ومصر اليوم فى عيد". وبعد ترديد الأغانى والأناشيد، واجترار الكلمات المعسولة فى برامج الإذاعة والتليفزيون التى تتحدث عن مناقب سيناء ينفض "المولد" .. وتبقى سيناء على حالها تشكو من "الفراغ" والاهمال وتهافت التنمية الاقتصادية، ويبقى أهلها – الذين قدموا أعظم التضحيات من أجل مصر عبر التاريخ – محرومين من حقوق المواطنة الكاملة. وها هى سيناء بعد 28 عاماً من العودة إلى أحضان الوطن لا تزال تشكو من الفراغ المخيف، حيث يسكنها أقل من نصف مليون نسمة فقط لا غير.. بينما كانت الخطط التى وافقت عليها كل الحكومات المصرية المتعاقبة منذ ثلاثة عقود تؤكد لنا أن تعمير سيناء سيؤدى إلى تزايد عدد السكان إلى أربعة ملايين على الأقل. ومع أن هذا الهدف لم يتحقق ربعه .. فأننا لم نسمع عن محاسبة المسئول – أو المسئولين – عن هذا التقصير الفظيع! وليس المطلوب الآن جلد الذات والاكتفاء بلطم الخدود وشق الجيوب أو توزيع الاتهامات ذات اليمين وذات الشمال. الأهم .. بعد ان انفض مولد الأغانى الذى ينصب فى 26 أبريل من كل عام.. أن نضع سيناء على جدول اعمال الأمة بصراحة وموضوعية وألا يكون حديثنا عنها مجرد كلام "مناسبات".
*** وبهذا الصدد . فإنه يشرفنى أن أترك مساحة مقالى الأسبوعى للواء منير شاش ليتحدث عن أرض الفيروز. وعندما يتكلم منير شاش .. فإنه يجيب علينا أن نصغى باهتمام شديد، لأنه لا أحد يفهم خفايا وتفاصيل هذا الملف مثله، فهو يعرف أرض سيناء شبرا شبرا، ويعرف قيمة كل حبة رمل من رمالها، التى سالت عليها دماء آلاف الشهداء دفاعاً عن الوطن والأمة، وشارك هو شخصياً فى معظم الحروب التى دارت رحاها فوق أرضها. وبعد التحرير شارك فى وضع اللبنات الأولى لتنمية الأرض المحررة بعد عودتها إلى أحضان الوطن . ومن خلال موقعه الرسمى كمحافظ تعرَّف على "الفرص" كما رأى "التحديات". لذلك كله .. عندما يتحدث منير شاش .. يجب أن نصمت ونصيخ السمع. *** تقرير "شاش" عن سيناء
ان قدر سيناء أن تكون بوابة مصر الشرقية وخلال فترات التاريخ الحديث كانت النظرة الاستراتيجية لسيناء بحكم موقعها ومساحتها وقلة الكثافة السكانية بها، أنها منطقة عازلة تكرس لخدمة أغراض الدفاع عن مصر من الاتجاه الاستراتيجى الشرقى وهو الاتجاه الرئيسى للدفاع عن مصر حيث أن أغلب التهديدات لآمن مصر كانت وستظل من هذا الاتجاه. وبناء على ذلك كان كل ما تقوم به الدولة فى سيناء لخدمة أغراض القوات المسلحة للدفاع عن مصر من خلال سيناء وأهملت التنمية فى سيناء تماماً سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية وعاش شعب سيناء محروما من كل حقوقه الطبيعية كمواطن مصرى ولو أن كل ذلك لم يؤثر على انتماء أبناء سيناء سواء لأرضهم أو لوطنهم الأم، واعتبرت قناة السويس هى الحدود لسيناء وخلال الاحتلال البريطانى لمصر تكرس عزل سيناء عن مصر وكان فكر البريطانيين بحكم توليهم سلطة الانتداب على فلسطين هو ربط سيناء بفلسطين وعزلها عن مصر لتكون سيناء هى العمق الدفاعى عن قناة السويس خاصة أن تواجدهم فى فلسطين لم يكن ليستمر طويلا، وفى سبيل ذلك كانت سيناء هى المنطقة الوحيدة فى مصر التى يحكمها محافظ بريطانى واعتبرت قناة السويس هى حدود مصر الطبيعية وأصبح الدخول إلى سيناء أو الخروج منها مشروطا بتصريح من المحافظ البريطانى وفى نفس الوقت كان الانتقال من سيناء إلى فلسطين وبالعكس مباحا تماما ودون أى شروط. وحوالى سنة 1947 تولى إدارة سيناء حرس الحدود وبكل أسف لم تغير الإدارة الجديدة القيود المفروضة على أبناء سيناء فى العهد البريطانى وتوالت الحروب مع إسرائيل عبر سيناء فى عام 48 ثم فى عام 1956 وفى حرب 56 وصل الإسرائيلييون إلى مدينة القنطرة شرق وكان هذا ناقوس خطر بأن عمق سيناء لم يعد محققا لآمن مصر بل على العكس فإن الفراغ الكائن بسيناء أصبح مغريا للمعتدى بأن يتوغل كما يشاء بناءا على قدرته العسكرية وتحقيق المبدأ الاستراتيجى بأن الفراغ يغرى بالعدوان حيث ان الكثافة السكانية تعتبر أهم وسائل الدفاع وكذا لخدمة عمليات القوات المسلحة خاصة من النواحى الإدارية وكذا العمل خلف خطوط العدو وبكل أسف لم تعى الدولة هذا الدرس. واستمرت السياسة تجاه سيناء كما هى حتى حدثت كارثة 1967 وكلنا نعلم أسبابها ونتائجها وكان من أهم أسبابها الفراغ الكائن بسيناء وانعدام التنمية بها والقوة البشرية الضئيلة والغير مستقرة، ثم كانت حرب 1973 المجيدة واتفاقية السلام وبدأت الدولة تعطى سيناء حقها الطبيعى من البنية الأساسية والخدمات وبدأت التنمية على أرض سيناء.
المجتمع فى سيناء:- يتكون المجتمع السيناوى من عنصرين هما :- الحضر:- وهم أبناء مدينة العريش وبعض أبناء رفح ذوى الأصول الفلسطينية. ويتكون مجتمع الحضر من عائلات ذات أصول مختلفة (أتراك – بوسنة – فلسطين) الخ.. وامتزجت هذه العائلات بالزواج من خلال مجتمعهم فقط وبذلك نشأ هذا العنصر وكانوا لا يتزوجون من البدو أو من أبناء مصر. البدو:- وهم قبائل بدوية منتشرة فى كل أنحاء سيناء، شمالاً وجنوباً وأصولهم من شبه الجزيرة العربية والقبائل الرئيسية حوالى 12 قبيلة رئيسية بالإضافة إلى بعض القبائل الصغيرة. عاش مجتمع سيناء معزولاً ومحروما من كل الخدمات الطبيعية للمواطن المصرى بلا تعليم أو علاج أو محاكم أو شرطة أو كهرباء أو مياه شرب.. الخ. ولكن هذا المجتمع استقر من داخله طبقاً لعاداته وتقاليده وأنشأ النظام الذى يضمن استقراره وأمنه وهو ما نسميه بالقضاء العرفى وهو فى مجمله من أعدل وأقوى القوانين التى حافظت على الاستقرار فى هذا المجتمع قديماً وحتى الآن. وللحديث بقية.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وصف سيناء : (2)
-
صرخة احتجاج من قلب الصعيد الجوانى
-
اقتراح عملي للإبقاء علي »حرارة« المعدات التليفونية
-
يحدث فى العالم العربى فقط: الانتخابات تغتال الديموقراطية!
-
صدمة الحقيقة.. في شرم الشيخ
-
داوستاشي.. بدون تعليق
-
... حتى التصوف.. بقرار جمهوري!
-
هل يتجه الاقتصاد العالم إل »التدمير الخلاق«؟!
-
-شهادة- إنسان مصرى بدرجة قاضى دولى:كيان الجماعة المصرية مهدد
...
-
»المستنير »دادا«.. في قلب العتمة
-
كل هذا العبث.. من أجل انتخاب -نصف رئيس-؟!
-
فيروس التفكك .. الزاحف على ضفاف النيل
-
»رسائل البحر«.. في مرسي مطروح
-
سلامتك .. يا وطن
-
العلم يا ناس!!
-
مجلس الدولة يحكم ب -وأد- المصريات!
-
مخالب دولية لاتفاقية مكافحة الفساد
-
معاقبة صحفَّية.. بسبب أمانتها المهنية!
-
حتي القضاة.. معرضون للخطأ
-
سعد هجرس : الخرافة تسيطر على فكر المصريين والعقل يتراجع
المزيد.....
-
Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
-
خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت
...
-
رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد
...
-
مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
-
عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة
...
-
وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب
...
-
مخاطر تقلبات الضغط الجوي
-
-حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف
...
-
محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته
...
-
-شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|