أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الأفكار والتحولات في العالم الثالث















المزيد.....

الأفكار والتحولات في العالم الثالث


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 2999 - 2010 / 5 / 8 - 12:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن الاضطرابات في العالم الثالث وعدمَ وجودِ تطورٍ حثيثٍ متصاعدٍ من دون حروب وكوارث لا يمكن أن تنفصل عن اضطرابات الأفكار وعدم وجود تقارب بين التيارات.
إن الأفكارَ الرئيسية وهي النزعاتُ العقلانيةُ الدينية والليبراليةُ والماركسيةُ وتنوعاتها، تعبرُ عن هواتٍ كبيرةٍ بين هذه التوجهات، ففي بلدان فقيرة ومتخلفة وأمية، تغلغلتْ أكثرُ الأفكارِ العالمية تطوراً، وهذا يعبرُ من جهة، عن استقلاليةِ الأفكارِ وقدراتِها على الحراكِ الواسعِ من البُنى الاقتصادية والاجتماعية، ويعبرُ من جهةٍ أخرى عن التفاعل البشري المضطربِ وغيرِ المنظمِ وعن اصطدامِ تشكيلات اجتماعية ببعضها بعضا وبشكل قوي في هذا الزمن.
إن الأفكارَ قادرةٌ على التحليقِ وعلى الخيالِ وتبصرِ المسافات المستقبلية، وإعطاء إرشادات مهمة، وكذلك على السير للوراء، أو القيام بقفزات مغامرة أو توجيه الشعوب لمزالق أو جمود.
إن التراتبَ المبينَ أعلاه للأفكارِ وهو ضخامةُ أفكار الأديان المحافظة وبصيص العقلانية الدينية والليبرالية والماركسية، يعبرُ عن بقاءِ القسمِ الأعظم من الوجودِ البشري المادي الإنتاجي في عالمِ الحرفِ القديمة والتشكلاتِ ما قبل الرأسمالية الحداثية، وحين دخل العالمُ الثالثُ حومةَ التاريخ البشري الحديثِ الذي تم بقيادة الغرب الرأسمالي الصناعي، كان سوقاً للاستنزاف واللصوصية وكان دوره هو تغذية المصانع في الغرب.
وهكذا فإن الليبرالية هنا حصلتْ على ضربتين: غربية وشرقية، فالغربُ كرّسَ الدكتاتوريات الحارسة لهذه المناجم والغلال، كما أن طبقاته العليا راحتْ تحاربُ الفكرَ المادي الجدلي والأفكارَ الديمقراطية العميقة، وراحتْ تحافظُ على الأشكال الفكرية المحافظة الدينية في الشرق.
ولهذا رأينا اللحظات الوامضةَ للفكرِ الليبرالي الديمقراطي الشرقي سواء لدى غاندي أو سعد زغلول أو طه حسين أو تولستوي، الذي نبتَ هو كذلك فوق الحاضنة الدينية التقليدية، فكان اقتباسات من الغرب واستيرادات وارتكازات على ماضي الشعوب الشرقية ذي الشبكات الدينية الهائلة.
وحين ظهرتْ الرأسمالياتُ الحكوميةُ على درجاتٍ متفاوتة من النمو وقامت بتغيير البُنى الانتاجية المتخلفة الشرقية، صعّدت كلها الأشكالَ الدكتاتوريةَ من الفكر، حسب طبيعة الظروف الموضوعية ومستويات الوعي المحدودة، والخوارق موجودة ولكن كبلدان استثنائية حصلت على ضرائبها الدموية من هذه الاختراقات.
إن المادية الجدلية الديمقراطية الغربية والليبرالية التنويرية الخلاقة وكذلك الأفكار القومية المحافظة في إيطاليا وألمانيا وفرنسا، كلها تم استيعابها شموليا في الشرق، لقد هضمها الشرقُ المحافظُ الزراعي غيرُ الديمقراطي بآلياتهِ الخاصة، وبمستوياتِ تطوراتهِ المتباينةِ بين البلدان الشرقية، فحول الماديةَ الجدلية إلى مادية شمولية شبه ميكانيكية، ضعيفةِ الجدل والقدرة على التركيب والغنى التاريخي، وحول الاشتراكية والقومية والملكيات الواعدة بالديمقراطية إلى دكتاتوريات، ومن خلال هذه الجوانب الصغيرة المقطوعة والمتحولة إلى أدوات غير مرنة في التحليل واستشراف المستقبل، تغلبت ايديولوجياتُ الأديان والمذاهب، بتنميطاتها الخرافية والغيبية وبخداعِها للجماهير الأمية.
لقد قامت الأفكارُ الماديةُ والليبراليةُ شبهُ الشموليةِ المحولة من الغرب والقومية بإنتاجِ رأسمالياتٍ نهوضية شرقية كبرى مع كل هذه التبسيطات والشعاريات الحربية، وهذا جزءٌ من تداخلِ تاريخِها الديني الشمولي مع الأفكار القادمة التجددية، والعالمُ ينمو عبر حلقاتٍ قافزةٍ حيناً وبطيئة تراكمية حيناً آخر، وهذا هو مستوياتُ وعي الفئاتِ الوسطى الصغيرة الحاملة لهذه الأفكار التجديدية، ومستويات الجماهير العاملة الغارقة في الأمية والخرافات، الجاهلة بمصالحها والتواقة كذلك إلى العدالة وإلى نمو معيشتها ومحاربة أمراضها.
ان هزيمة الرأسماليات الشرقية الشمولية الكبرى هي جزءٌ من تطورِ الرأسماليةِ العالمي، وهو قيام هذه الرأسمالية التي غدت كونيةً، بتجديدِ قواعدِها الإنتاجية وأسواقها، وإذا كانت الرأسماليةُ الغربيةُ هي التي تتمتع بمركزِ القيادة فإن طليعتها المتمثلة في تطوير قوى الإنتاج وتضفيرها بالثورة التقنية المعلوماتية، جعلت قوى الإنتاج الشرقية العتيقة تتفككُ وتعجزُ عن اللحاقِ بهذا المستوى في تصنيع السلع وتسويقها، والسلعُ في النهاية هي التي تقصمُ ظهورَ الأنظمة أو تطورها. هذا جعل الغربَ الرأسمالي الديمقراطي ذا السوق الفاعلة مع الإنتاج ينتصرُ في هذه المرحلة، وبالتالي فإن جماهيرَ هائلةً في الشرق خرجتْ من أسر المادية الميكانيكية السياسية والقوميات العسكرية الشمولية، ودخلتْ حقبةَ السوقِ - الدولةِ شبهِ الشمولية، ولم تجد سوى جذورها الدينية وشظايا من الليبرالية الشعارية أمامها تستغلهما في الحراك السياسي.
رأينا الاستعادات للهندوسية وللبوذية ولأفكارِ الطوائف الإسلامية واليهودية والكاثوليكية والأرثوذكسية، وهذا يمثلُ حراكَ أجهزةٍ حكومية متنفذة وفئات وسطى جديدة قادمة من مناطق متخلفة تكدست في المدن، وظهرتْ لها الرأسمالية كوحش من العصور الحديثة، فاستعانت بخيالاتها ومأثورها الأسطوري وجمل من الأديان وبأجواء الوحدة "الجميلة" التي وفرتها لها الأديانُ خلال التاريخ الطويل، حيث لم تستطع إنتاج طبقات عاملة صناعية قوية ذات نقابات وأحزاب مؤثرة، ولا برجوازيات وطنية ديمقراطية، فقد كانت هذه مع الفكر المادي الجدلي والليبرالية والعقلانية هي ضحايا الأنظمةِ الدكتاتورية النهضوية السابقة.
هذه هي مرحلةُ انتقالٍ بين رأسماليتين عالميتين، خاضتا عمليات صراع باهظة التكاليف، وجذبتا مليارات من البشر لإنتاج غيرِ موحد، ومتضاد، ويعيشُ سلسلةً من العواصف، من أجل الأسواق وتخفيض تكاليف الإنتاج وتقليل العمال، وإزالة الهياكل البيروقراطية المكلفة، وعبر عولمة العمالة والأرباح والثقافة.
إن عمليات تحليل هذه البراكين الاجتماعية بالمعلومات والتحليلات والمجابهات صعبة، فتلجأ الجماهير إلى السائد من الأفكار والعلاقات المحافظة، وإلى ظلال الدول التي لم تزلْ قوية وبمظلات رأسمالية حكومية تواصل الحياة، تبحث الجماهير عن الرزق والستر وتحت مظلات الأديان تحفظها من التقلباتِ "السوقيةِ الشيطانية" لكن بعضها يقود وتضطر قوى كبيرة إلى النضال من أجل التعاون والصراع ضد التعسف بالأجور وبحياة الناس المعيشية، وتكميم العقول، وبنقلهم مثل المواشي عبر القارات، وليس هنا سوى التعاون مجدداً بين التيارات الفكرية وعبر تجديد أدواتها للوصول إلى ما هو مشترك في الكفاح ضد الاستغلال الحاد.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناريو العودة للوراء
- سيد قطب (1-3)
- خيار الزوال
- محاصصات طائفية وليست ديمقراطية
- هزيمة اليسار في الانتخابات العراقية
- الحداثة مشروعان فقط
- بُنى اقتصاديةٌ جديدةٌ
- انتخابات العراق والاستقطاب
- توريط مجتمعنا في انهيارات كلية
- في الوعي النهضوي الأولي (3 - 3)
- في الوعي النهضوي الأولي (2)
- في الوعي النهضوي الأولي (1 - 2)
- هل تظهر طبقةٌ وسطى حرةٌ في العراق؟ (2 - 2)
- هل تظهر طبقةٌ وسطى حرةٌ في العراق؟ (1 - 2)
- فرصة مهمة لأهل الخليج
- المحرمات الهامشية والأصل المنسي
- النساء و-الديمقراطية- الدكتاتورية الذكورية
- ضعف السياسة العربية
- الهجماتُ مستمرةٌ على إخوان مصر
- المبحوح والبلطجة الإسرائيلية العالمية


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الأفكار والتحولات في العالم الثالث