أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - المحرمات الهامشية والأصل المنسي














المزيد.....

المحرمات الهامشية والأصل المنسي


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 2946 - 2010 / 3 / 16 - 22:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



لكل عصر عربي إسلامي مستوياته، فالعصر السابق، عصر تشكل القبائل والدويلات الإسلامية، بعد زوال حكم الخلفاء الراشدين، كانت المعايير فيه هي الحلال والحرام، مقاربة مع مستوى معين لذلك الزمن ومستوياته الفكرية، وقطعاً للجذور النضالية السابقة التي تكرست في عصر المسلمين الأوائل، الذين كرسوا حكم الأغلبية العامة، وجعلوا الفوائض الإقتصادية موزعة على الناس، فكانت التحريمات جزءًا من هذا البناء الاجتماعي، لكن هذا الأساس تم إلغاؤه بسيطرةِ الأسرِ الغنية، التي صار تاريخُها مضاداً للقيم الإسلامية، ولكن الفقهاء التابعين للسلطات واصلوا الفقه السابق نفسه بعد أن أُلغيتْ جذورهُ!
فجعلوا مسائلَ الحلال والحرام مقطوعةً عن جذورها ومعلقة في فضاءٍ مجردٍ يحكمهُ السلاطينُ وكبارُ الأغنياء المتنفذين الذين أحدثوا نهضات مع هذا، ولكن الأساسَ الاجتماعي كان فاسداً. ثم أوصلوا الأممَ الإسلامية إلى ما وصلت إليه من تدهورٍ وتبعية ومازال تلامذتهم يريدون مواصلة المشوار الشكلاني وليس قراءة المضامين وتجديد الروح!
لقد أُلغي الأساسُ القرآني الدستوري لهذه المرحلة المديدة بعدمِ جوازِ حكم الأغنياء للمسلمين، ولم يستطعْ شيوخ الدين مصارعةَ هذا التحول طويلاً، فانضموا إليه واستفادوا من خيراته، وتوجهوا للأحكام الفقهية الجزئية التي لا تعارضُ سيادةَ الأغنياءِ وسطوتهم، مثل منع الخمر والميسر والربا، التي تطبقُ على ناس دون ناس، وعاشوا على فتاتِ هذه الدولِ بكلِ ألوانِها المذهبية ونفاقِها السياسي، خداعاً لعامةِ المسلمين بكونهم المحافظين على الملة ونقائها.
وكان لتلك الأحكام في زمن الدعوة ثم السلطة النبوية ظروف موضوعية، فكان زمنُ التأسيس يتطلب انضباطاً وابتعاداً عن الفوضى التي يسببها الأدمان خاصة في مركز الدعوة، وكذلك هدماً لسيطرة المرابين اليهود خاصة على مركز الخلافة الوليدة، ثم تغيرت الظروف، وعلت الأممُ الإسلامية بفضل التطور السياسي الحر، وشاعتْ الحرياتُ المختلفة الشخصية، وازدهرتْ الأعمالُ المصرفية والعيش الفرح، لكن انقلب الهيكل الأساسي للحكم بعد أن سادتْ الأسرُ وجعلتْ المواردَ بساتين لها وأفلست الميزانيات.
والغريب أنهم في كل حالة أزمة اقتصادية يلتفتون إلى هذه (المحرمات) ويتعكزون عليها للمزيد من الحصول على الأموال والتضييق على الحريات!
كان التركيزُ في هذه الأحكام الجزئية غير مضرٍ كثيراً في زمن النهضة الإسلامية في العصر العباسي خاصةً، لأن المسلمين كانوا سادة العصر، وكانوا النهضويين البارزين في العالم، لكن هذه الأحكام في زمن التدهور لعبتْ دوراً كبيراً في عرقلة تطور الأمم الإسلامية، وتخلف مدنها وتعميق الحروب في صفوفها، لأنها تركز في قشور القضايا والعادات وليس في التوجه للعلوم والصناعات والحريات التي تجعل المسلمين يواصلون السيادة والتقدم.
ومنذ ذلك الوقت صعدت القراءاتُ السطحية المتعصبة للإسلام، مركزةً في الأشكالِ المقطوعة السياق، وفي الممنوعات وكأن الهجوم على الممنوعات هو الحل لأزمة جذرية تغلغلت في الأمم الإسلامية!
فالأحكامُ الفقهية الجزئية المقطوعة السياق بالهيكل العام المنشود المنصوص عليه في القرآن، ظاهرُها تطبيقُ الأحكام وباطنها خدمة الحكام وخاصة المتخلفين منهم. ولكن من دون السياق الكلي للأحكام، تغدو هذه خطرة، لأن السياسيين يستخدمونها لفرض أحكام استبدادية، وهيمنة على العامة، وبعدها يظهر مزايدون آخرون يغالون أكثر فأكثر، ويظهرون خاصةً في القرى والبوادي التي يسودُها التخلفُ والقراءات السطحية للإسلام، فيفرضون إراداتهم بالقوة الجبرية وبالسيوف مما يدمر النهضات الإسلامية في العديد من الدول.
في العصر الحديث صارت معاييرُ المواطنة هي التي تحكم، فالمقياس هو مدى مواطنية الفرد في هذه الدول العربية الإسلامية، ومدى مساهمته في تحررها وتقدمها والدفاع عنها، وماعدا ذلك من مسائل هي أمورٌ ثانوية وقضايا شخصية تعود للمؤمنين وقراءاتهم للدين.
ومعايير الحريات للأسف جاءتْ من خارج هذه الأمم في زمن الحداثة، وفُرضت عليها، وتبنتها نضالاتٌ شعبية تجاوزتْ الأنظمةَ القديمة البائدة وحركاتها التقليدية التي عاشت في ثقافة النصوص، ولكنها كذلك تعود إلى جذور الأمة العربية وتكونها في عهد السلف غير المرئي في وعي الحركات الشعبية الجديدة المُقلدة للغرب ولنهضتهِ المركزية في العالم.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النساء و-الديمقراطية- الدكتاتورية الذكورية
- ضعف السياسة العربية
- الهجماتُ مستمرةٌ على إخوان مصر
- المبحوح والبلطجة الإسرائيلية العالمية
- الليبرالي- يحتاج أولاً إلى الحرية
- (القوقعة) أو كيف يتمُ سحل الإنسان؟
- تمهيد الثورة الخضراء الإيرانية ( 2 - 3)
- التحولات السياسية في تركيا (1-2)
- التحليل والتغيير
- خطاب للعامل الذكي
- انتهاء زمن الدولة الأبوية
- الخلاص هو في التحالف مع اليسار الديمقراطي
- غياب الجدل من تاريخ اليمن
- الولادة العسيرة لليسار الديمقراطي الشرقي (1)
- الرأسمالية الخاصة في البحرين (2)
- صراع الغرب والإسلام الآن
- الرأسمالية والبداوة
- الطبقة العاملة الهندية في البحرين (2)
- الثورات والاقتصاديات المشوهة
- الحرس: عقدة المشكلة


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - المحرمات الهامشية والأصل المنسي