أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - المحنة العراقية المستمرّة














المزيد.....

المحنة العراقية المستمرّة


عبد الرحمن دارا سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2979 - 2010 / 4 / 18 - 19:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لا يمكن وصف النزاعات المدمرّة والجارية بين النخب السياسية والأوساط الإجتماعية في العراق وعلى الصعيدين الفردي والجماعي، الاّ كمقدمة للسقوط في البربرية الشاملة إن لم تكن قد سقطت بالفعل . وإذا كان الإختلاف في وجهات النظر والرؤى والتصوّرات والبرامج السياسية، والتنوّع في الإنتماءات الدينية والمذهبية والأثنية، هو سمة المجتمعات الحّية ودليل غنى وتسامح وتفهّم وقبول بالآخر على قاعدة العيش والمصير المشترك، فهو في الحالة العراقية يؤدي دوريا إلى العكس من ذلك تماما بسبب أن التعددية هنا، تنحصر في الأشكال الخارجية فقط وليست في المضامين .

فالتعددية والكثرة المتشابهة من حيث النزوع للصدارة والتسيّد والقيادةوالتسلّط والحصول على حصة الأسد، وما يختفي وراء ذلك من مصالح ضيّقة سياسيا وإجتماعيا وثقافيا وإعلاميا ،لا تنطبق عليها شرط التنافس الأول وهو الإختلاف والتباين في الطروحات والأفكار والذوات الحرّة والمساعي المختلفة ، بقدر ماهي تعكس جوهريا التّماثل في الأهداف البعيدة التي يتفادى الجميع الحديث المفصّل عنها ويتجنّب الإلتزام العملي بإستحقاقاتها التي هي في أصل الخطاب الخارجي والمعلن .

وإن كانت هذه الظاهرة الخطيرة تتجلّى بأسطع صوّرها في السياسة حيث مئات الأحزاب والكيانات والشخصيات السياسية البارزة وجلّها تتصرف عمليا كأحزاب الحزب الواحد رغم المظاهر القانونية والدستورية التي تسم الحياة السياسية عموما، وتنتقل بسرعة خارقة من المواقف والتصريحات والإئتلافات إلى نقيضها المباشر ولا تترك وراءها سوى الدهشة والإزدراء، فالظاهرة لها حاضنتها الإجتماعية والثقافية والإعلامية أيضا، رغم إدعاء الزعامات التقليدية بالعكس، ورغم غرام السّاسة الكاذب بالشعب والجماهير العريضة .

ويعزو العاملون في مجال الإجتماع السياسي إلى أن السبب الجوهري يكمن في تفاقم أزمة الإجتماع المدني في العراق وغيره من البلدان الشبيهة من حيث البنى والتركيبات الإجتماعية المتنوّعة، ويكاد يكون هناك إجماع على أن تفكّك وإنهيار منظومة القيّم الإجتماعية فتح الباب على مصراعيه للفوضى وتداخل القيّم وتشابكها وعودة قطّاعات إجتماعية واسعة إلى قيّم الثقافة التقليدية التي لا تستطيع في حقيقة الأمر سدّ الفراغ الناتج ومقاومة تيار الثقافة المعولم والجارف والعابر للأوطان والمجتمعات بفعل وسائل الإتصال الحديثة ، والتي لا تصل الينا الاّ كقيّم إستهلاكية على المستوى الإجتماعي وشعارات دعائية على المستوى السياسي .

إن فقدان الجذور العميقة محلّيا وداخل المجتمع نفسه، لقيّم الحرية والمساواة والعدالة ، هو الذي يفسّر السبب الحقيقي في التشّبث والتمسّك بتلك القيّم وتطعيمها في الخطاب الخارجي والسياسي والنظري وعدم الإيمان الحقيقي بها بل وحتى محاربتها في الخفاء على المستوى العملي .

وإذا كانت المساعي الجدّية لإعادة بناء المجتمع تقوم على مبدأ الاخوة الدينية أو تقوم على مبدأ المواطنة، تصطدم بواقع التجربة العملية التي أثبتت بما لا يقبل الشّك، بأن لا مفهوم أخوة الدين والايمان قد نجحت في الحيلولة دون التقاتل والتطاحن حتى داخل الدين والمذهب الواحد، ولا نموذج الدولة الوطنية الذي ساد طوال العقود الماضية، قد نجح في إرساء أسس المواطنة وإستطاع ترسيخ الشعور بالمسؤولية الجمعية ، فإن المخرج الحقيقي من التخبّط والإنقسام والتّشتت الراهن لن ينجح عن طريق تفعيل المزيد من الأدوار الإقليمية والدولية في صنع القرار الداخلي والإستقواء بها في سبيل تحجيم أو نفي الخصوم السياسيين المحليين ، وإنّما يكمن النجاح في الكشف عن الآليات والقواعد السليمة التي تسمح لنا كعراقيين أن نبني وحدة القرار رغم الإختلاف .



#عبد_الرحمن_دارا_سليمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق الجديد : الدولة الحديثة والمجتمع القديم
- العراق الجديد : مصير التحوّلات الديمقراطية
- العراق الجديد : الصراع بين القديم والأقدم
- حول الإنتخابات العراقية المقبلة وهمومها الكثيرة
- العراق الجديد والطريق الطويل الى الديمقراطية
- العراق الجديد : مرحلة جديدة على الأبواب
- الديمقراطية والمدنية في العراق الجديد
- الأزمات المستعصية القديمة في العراق الجديد
- ساسة وأحزاب في عراق العجائب
- ديمقراطية مقابل الدماء
- العراق الجديد يجرب كل الحلول الخاطئة قبل الحل الصحيح
- العلمانية والديمقراطية ومأزق العراق الجديد
- في الدين والدولة والعلمانية
- في اشكالية الدين والعلمانية
- التعصب الديني والعلماني وجهان لعملة واحدة
- العلمانيون القدامى والمتعلمنين الجدد
- علمانيون ضد العلمانية
- العراق الجديد الى أين ؟
- العراق الجديد : يعود البعث..لا يعود البعث
- محنة العراق الجديد وسط الذئاب الاقليمية الهرمة


المزيد.....




- قطاع غزة يمتحن مجددا الضميرَ الإنساني ومنظومة المجتمع الدولي ...
- أمطار غزيرة في كوريا الجنوبية تخلف 17 قتيلاً على الأقل و11 م ...
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: تزايد فرص اتفاق بشأن الرهائن
- ترامب يهدد بوتين.. ماذا حدث بينهما؟
- 92 شهيدا من طالبي المساعدات معظمهم عند معبر زيكيم شمالي قطاع ...
- نذر تغير في ثوابت التعاطف والانسجام بين أميركا وإسرائيل
- إيران: استئناف المفاوضات النووية مع الترويكا الأوروبية الأسب ...
- أوسيك يستعيد لقب الوزن الثقيل بفوز ساحق على دوبوا في ويمبلي ...
- ألمانيا تحيي الذكرى الـ81 لمحاولة اغتيال هتلر والانقلاب الفا ...
- الصين.. إجلاء مئات الأشخاص في هونغ كونغ إثر إعصار -ويفا- وسط ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - المحنة العراقية المستمرّة