أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الرحمن دارا سليمان - علمانيون ضد العلمانية














المزيد.....

علمانيون ضد العلمانية


عبد الرحمن دارا سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2728 - 2009 / 8 / 4 - 08:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يسود اعتقاد شديد بين أوساط الكثير من العلمانيين المتطرفين ، بأن تنمية روح التحدي والمواجهة مع الحركات الإسلامية ،على أرضية الصراع الفكري وإعادة التفسيرات والتأويلات للنصوص الدينية والبحث والتقصي والتمحيص في سير الأنبياء والأولياء،من وجهة النظر العلمانية، يمكن أن تقود إلى نتائج مهمة في صالحها ، ناسين أن هذا الصراع لا يلبث أن يخمد حتى يتجدد دوريا وبصور شتى، منذ حركة النهضة في أواخر القرن التاسع عشر وحتى اليوم بلا جدوى، وبدون العثور على مخرج حقيقي له، أو حتى مجرد التوصل إلى تفاهم وفتح حوار عميق مع تلك الجماعات . ويميل هذا الاعتقاد أكثر فأكثر إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في البنية الفكرية للدين في حد ذاته وفي خصوصية الإسلام والمسلمين، التي تحث على العنف الأعمى وتفتقد إلى أية رؤية عملية أو نظرية واضحة، في السياسة والدولة وإدارة المجتمعات، ومن ثم فالحلول المقترحة هي في كشف وتعرية تلك النصوص والدخول في متاهاتها الدينية والفقهية والتاريخية المعقدة، وتحويل وجهة ومسار معركة الحاضر والراهن،إلى الماضي وبطون الكتب القديمة، الأمر الذي لا ينتج سوى استمرار الدوران في الفراغ، والإصرار على المواقف، والمزيد من سوء الفهم والبلبلة الفكرية .


إن النزول بمستوى الحوار الفكري إلى درك الشتائم والسباب والبورنو الدينية حول الرسول وزوجات الرسول والبحث عن العيوب والثغرات في الدين الإسلامي والتركيز الدائم عليها ، لا يشكل إساءة بالغة إلى معتقدات الملايين من المسلمين ويمس هويتهم وانتمائهم الروحي فحسب ، وإنما لا يقدم أي منفعة للعلمانية، بل بالعكس يضرها أيضا نتيجة هذا التشويه والاختصار السطحي، إن كان مقصودا أم لا . فالعلمانية تضمن حرية الاعتقاد كما تضمن حرية اللا اعتقاد ، وهي ليست دينا ولا عقيدة في مواجهة الدين والعقيدة ،ولكنها حين تسعى لفصل الدين عن الدولة، تعمل بنفس الوقت على حماية الدين نفسه، وانتشاله من براثن السياسة وتجارها، ونقله من الفضاء العمومي إلى الفضاء الشخصي والخاص، حيث مكانه الحقيقي كعلاقة بين الفرد وخالقه . وهي لا تفترض صيغة جاهزة ومسارا محددا وشكلا ثابتا لذلك الفصل، وإنما المجتمعات البشرية هي التي تبتكر الصيغ والأشكال والمسارات التي ترتأيها وتناسب ثقافتها المحلية، والتي لا يمكن للعلمانيين ولا لغيرهم أن يشيحوا النظر عنها ويتغاضوا عن التكوين الاجتماعي العميق ومعتقداته الموروثة والمنقولة عبر الأجيال والتي لا يمكن لها أن تتخلى عنها أو تعيد النظر فيها، ما لم يحدث ذلك من داخل الدين ومن داخل الإسلام نفسه كحركة أصلاح شاملة تمهد لإعادة بناء السياسة والمجتمع والسلطة معا .

كما لا ينبغي أن يكون التطرف العلماني هو الرد الوحيد والممكن، بمواجهة المأزق الذي يعيشه خطابها هذا اليوم، نتيجة انعدام ومحدودية الاختيارات العملية أمامها . فالأزمة الحقيقية في مجتمعاتنا ليست في جوهرها بين الدين والعلمانية، وفي خوض المزيد من المعارك الوهمية والتمايزات الشكلية والرمزية في ما بينها، وتغذية الصراعات والنزاعات على هذا الأساس من أجلها ، فأحزابنا العلمانية في المنطقة العربية، هي بدورها بنى تنظيمية دينية مهما أدعت العكس من ذلك، بدليل أنها لم تنجح طيلة عقود طويلة في تأسيس ثقافة علمانية حقيقية ومتميزة ومستقلة بالفعل عن الثقافة الدينية السائدة في المجتمع وتشكل ندا وبديلا مقنعا لها .

إن الأزمة الحقيقية كانت ولا تزال هي بناء الدولة العربية الحديثة التي لم تنجح في التحول إلى دولة مؤسسات قانونية ودولة مواطنين أحرار منذ تأسيسها، حيث لم يكن الدين والإسلام يمثل عائقا وتحديا أمام ذلك التحول حينها . فجمود وتكلس الدولة وانسداد الآفاق أمام التحولات الديمقراطية في المجتمع، وفساد السياسة بما تعنيه من تجديد للقيادات الاجتماعية وتثبيت للروح الوطنية هي المسئولة مباشرة عن انهيار قيم الفضيلة والتسامح والتضامن وجملة المعاني السامية التي تشكل منظومة القيم الاجتماعية ، كما أن تخريب قواعد عمل الدولة وآلياتها وتجييرها لصالح النخب الفئوية والعائلية والزعامات التقليدية وفقدان السياسة لمعناها ومغزاها وغاياتها والغرض منها ، هي المسئولة أيضا عن انعدام روح المسؤولية وإشاعة الأنانية والعنف والأحقاد والانقسام بين الأفراد والجماعات ولا تسمح لها في تحويل صراعاتها الفكرية والسياسية إلى صراعات سلمية وعقلانية حول رؤى وبرامج واضحة ومحددة .

إن التطرف يقود إلى العمى السياسي سواء كان دينيا أم علمانيا .



#عبد_الرحمن_دارا_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق الجديد الى أين ؟
- العراق الجديد : يعود البعث..لا يعود البعث
- محنة العراق الجديد وسط الذئاب الاقليمية الهرمة
- ماالمطلوب بالضبط من التحالف الكردستاني ؟
- مصير العراق الجديد يتوقف على الانتخابات المقبلة
- نحو جبهة مدنية واسعة لخوض الانتخابات التشريعية
- العراق الجديد : هل الدولة فضاء للسياسة أم فضاء للغنيمة ؟
- هل ينحسر الاسلام السياسي أم ينكشف على حقيقته ؟
- العراق الجديد : مصالحة وطنية أم تصالح مع الذات ؟
- العراق الجديد : معوقات بناء الدولة الوطنية
- جثث بلا قبور: مابين عمو بابا ووزير التجارة الفاسد
- العراق الجديد:في التحول الديمقراطي واعادة الاعتبار للسياسة
- العراق الجديد:هل يمكن بناء دولة القانون بدون العلمانية؟-الجز ...
- العراق الجديد:هل يمكن بناء دولة القانون بدون العلمانية ؟
- عن الانتخابات العراقية وثوب الديموقراطية اواسع
- الخلفيات الاجتماعية والسياسية لاعادة تأسيس حركة الانصار1979/ ...


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الرحمن دارا سليمان - علمانيون ضد العلمانية