أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الرحمن دارا سليمان - محنة العراق الجديد وسط الذئاب الاقليمية الهرمة














المزيد.....

محنة العراق الجديد وسط الذئاب الاقليمية الهرمة


عبد الرحمن دارا سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2717 - 2009 / 7 / 24 - 09:55
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


صدر تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في المنطقة العربية قبل أيام قليلة، تحت عنوان " تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية " ، وتناول الأوضاع المأساوية المستمرة التي تعيشها معظم شعوب هذه المنطقة المبتلاة بحكامها وبطبيعة أنظمتها السياسية الفاسدة وممارساتها القمعية القائمة على انتهاك حقوق الإنسان، ومصادرة الحريات، وممارسة التعذيب، والاحتجاز غير القانوني، واتخاذ الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ، كأسلوب دائم أو شبه دائم ،في الحياة السياسية .


وقد يكفي معرفة أن نصف اللاجئين في العالم ، هم من مواطني البلدان العربية، حسب نفس التقرير، لكي نتيقن بأن هذه المنطقة تمثل اليوم، استثناءا حقيقيا، باعتبارها أكبر منطقة طاردة لأبنائها على المستوى العالمي، نتيجة الفشل والإفلاس السياسي والاقتصادي والثقافي والتنموي، وما ينجم عنها، من تفاقم مخيف وارتفاع متزايد، في معدلات العنف والبطالة والجريمة والفقر والحرمان، في الأوساط الاجتماعية التي أصبحت بالفعل، مجتمعات فاقدة تماما لبوصلتها في الحياة اليومية، بعد التدمير المنهجي المنظم لنواة ثقافتها الإنسانية، وتفكك منظومة القيم والمعايير والأواصر الاجتماعية التي تشمل التسامح والتعاون والتضامن والعدل والأمانة والتضحية والحق والجرأة وغيرها من الخصائص التي توجه السلوك الفردي والجمعي وتحافظ على النظام الاجتماعي العام ، وخضوعها جميعا إلى معيار واحد هو العنف والقوة الغاشمة العمياء التي باتت هي العملة السائدة الحقيقية والأكثر رواجا في التداول والتعامل الاجتماعي بين الأفراد والجماعات على حد سواء .

ولم يكن النظام الديكتاتوري السابق في العراق، في حقيقته، إلا امتدادا لهذا النظام التقليدي المتهرئ، ولتلك الجوقة من الأنظمة البائسة، وكان بمثابة وجهها الأبشع والأكثر مغالاة في العنف والدموية والهمجية السياسية . ورغم الخلافات الكثيرة بين تلك الأنظمة، العلنية منها والمستترة، إلا أن حبلا سريا يكاد يجمعها وقت الخطر، فيما يصلح بتسميته تضامن الفساد وأممية العصابات . وليس غريبا أن المؤتمرات والاجتماعات العربية الوحيدة الناجحة منذ عقود، هي تلك التي تعقد بين وزراء الداخلية وأجهزة الأمن والمخابرات .

وما حال الجار الشرقي في جمهورية آيات الله ، أفضل من تلك الأنظمة بشيء يذكر، إذ ساهمت بدورها في رفع درجة التوترات الإقليمية، وجعل المنطقة مسرحا للنزاعات المستمرة والصراعات الطائفية والغليان السياسي، نتيجة سياستها في تصدير الثورة وتحدي القوانين الدولية منذ ثلاثة عقود . كما أن استمرار السياسة العدوانية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني واحتلالها للأراضي العربية، واستهتارها الدائم بالقوانين والقرارات الدولية، دورا عميق الأثر في زعزعة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط عموما والحيلولة دون استقرار مجتمعاتها وحق شعوبها في العيش بأمان وسلام .

أما الأسباب الكامنة وراء الاستسلام والانقياد والإذعان والاستقالة التامة، من قبل شعوب المنطقة لتلك السياسات اللا إنسانية ، وقبولها للظلم والاستبداد كأمر واقع ، فهي كثيرة ومتعددة وشاملة لكل الحقول والميادين والبنى السياسية والثقافية والدينية والتربوية . والواقع أن الجميع يتحمل قسطا من المسؤولية بشكل أو بآخر وبوعي أو بدون وعي في هذا الأمر . كما أنها ليست وليدة اليوم، وإنما هي نتيجة منطقية وطبيعية لتراكم الأخطاء والتهرب من معالجتها، والعجز عن مواجهة ومراجعة الذات، والاستفادة من كبوات الماضي ومنع تكرارها، للخروج من حالة الشلل المفروضة قسرا على هذه المجتمعات .

أما القسط الأكبر من المسؤولية، فتقع على عاتق السياسة والقائمين عليها بصورة خاصة ، فالدولة العربية الحديثة ، كدولة مؤسسات ومواطنين أحرار ، لم تنجح في تأسيس نفسها في أي مكان في المنطقة ، فكما أن الأفراد والجماعات فشلوا في الاحتكام لقيم العقل والمنطق والأسس الأخلاقية في صراعاتهم ونزاعاتهم اليومية، وبالتالي فرضها كقيمة عليا تعيد تأسيس المجتمع عليها من جديد ، فالسياسة بدورها كرست ما هو قائم وسائد وموجود، واستثمرته من أجل صراعها للوصول الى السلطة ، فكانت النتائج ضياعا كاملا وفوضى عارمة في السياسة والمجتمع والسلطة .

ولذلك كانت ولادة العراق الجديد وسط هذه الخريطة السياسية الملتبسة ، أ شبه بحجر ألقي في بركة راكدة، وقبل أن تستقر أوضاعه وتصل دوائرها وتأثيراتها السياسية لشعوب المنطقة المتعطشة للحرية والإصلاح والتغيير، سارعت أنظمتها بدق نواقيس الخطر من المولود الجديد وعملت ولم تزل وبكل السبل والوسائل المتاحة لديها على وأده والقضاء عليه ، إن كان من الخارج وعبر الحدود كما جرى بالأمس القريب ، أو من داخل العملية السياسية نفسها عبر وكلائها وواجهاتها المعروفة للجميع .

وقد لا يكون الوقت متأخرا بعد، لتدارك الأخطاء ومعالجة الثغرات في الوضع السياسي العراقي عموما، ولكنه حتما سيكون متأخرا إن ترك على حاله كما هو الآن .



#عبد_الرحمن_دارا_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماالمطلوب بالضبط من التحالف الكردستاني ؟
- مصير العراق الجديد يتوقف على الانتخابات المقبلة
- نحو جبهة مدنية واسعة لخوض الانتخابات التشريعية
- العراق الجديد : هل الدولة فضاء للسياسة أم فضاء للغنيمة ؟
- هل ينحسر الاسلام السياسي أم ينكشف على حقيقته ؟
- العراق الجديد : مصالحة وطنية أم تصالح مع الذات ؟
- العراق الجديد : معوقات بناء الدولة الوطنية
- جثث بلا قبور: مابين عمو بابا ووزير التجارة الفاسد
- العراق الجديد:في التحول الديمقراطي واعادة الاعتبار للسياسة
- العراق الجديد:هل يمكن بناء دولة القانون بدون العلمانية؟-الجز ...
- العراق الجديد:هل يمكن بناء دولة القانون بدون العلمانية ؟
- عن الانتخابات العراقية وثوب الديموقراطية اواسع
- الخلفيات الاجتماعية والسياسية لاعادة تأسيس حركة الانصار1979/ ...


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الرحمن دارا سليمان - محنة العراق الجديد وسط الذئاب الاقليمية الهرمة