أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نوري قادر - ضوء في حياة الأشعث














المزيد.....

ضوء في حياة الأشعث


محمد نوري قادر

الحوار المتمدن-العدد: 2979 - 2010 / 4 / 18 - 10:43
المحور: الادب والفن
    




في محلة تعيش في وحل هزائم تعددت ألوانها ,لم يكن لأبناء المدينة الذين نزحوا إليها من رحمها حضورا يشهد , اختاروا الصمت لما يجري وما يحدث فقد ذاقوا المرارة وعرفوا اللعبة ومن يمارس البغاء بعد جهد وعناء دفع اغلبهم ثمنا له في محاكمات واتهامات لا تمت إليهم بصلة اختاروا أن تكون المحلة مأوى لهم ,لكنها لم تكن كذلك ,بعضهم يداوي جراحه بكأس أو زجاجة من الخمر يزيح بها تعب النهار وهموم لا تحصى يقضيها في عمل مضني ممل تتابعه أعين الرقباء عن بعد خاصة إذا لم يكن من ضمن العربة التي يجرها ذلك الحمار الهزيل الذي يسير في طريق وعر لا يعرف نهايته ,والبعض الآخر يسير عكس الاتجاه معلنا أمام الجميع الإفلاس, بعيدين عن الصخب لصراع متأجج بين أطراف متعددة الولاءات في الانتماء . كان الحضور الدائم حضور هو لرعاة الإبل وحفاة الأقدام والذين فقدوا الحياء لأسباب عدة ومن سار معهم في الركب يعرفها الجميع بلا استثناء ,حتى أنفسهم وإن ضللوها كي تكون صورة أخرى لكنها لم تتركهم أبدا متعلقة بثياب تفوح قذارة كما هي رائحة الإبل في قفص لم تخرج للمرعى منذ وقت طويل ..كان الأشعث أمويا كأباه زيرا للنساء , أصبح مؤمنا إيمانا أعمى للقضية ,يدافع بضراوة عن مبادئ لم يفهم معناها ,لم يعني له شيئا فحواها ,لأنه كما عرفها بعد فصول إنها قضية مصيرية, لم يكمل ألأشعث تعليمه فقد عاش في كهف مع الإبل والبهائم في ألفة يتقاسمها الطعام يحلم يوما أن تطأ قدماه ارض المدينة وقد حصل ما أراد عندما القي عليه القبض لأنه لم يحمل هوية , لم يعرف ما تعني الهوية , فدخل المدينة وتحققت الأحلام ,مزهوا بنفسه يرتدي تلك الملابس يجوب الشوارع لم يخلعها حتى في المنام ,يجلس في المقاهي ,يرتاد النوادي ,فأصبح رغما عنها من أبنائها الكرام ولم يزل أميا حتى الآن ,متعبدا بولائه لذلك اللقيط يأمره فيطيع لأنه وجد فيه ضالته عندما أفاق في منتصف الطريق ,وربما هو توأم له في بقعة أخرى من وطن تفشى في الوباء بعد أن اشتعل فيه حريق ..لم يكن للأشعث مأوى فأختار المحلة ,عاكفا بمذلة ينقل ما يدور وما يحدث فرحا ما يقوم به ,مؤمنا إيمانا يفوق الخيال ,افقده التوازن ,مترنحا من العبادة ,لا يفهم ما يقول وما يقال ,ناطق بالرضا لما يحصل وما ينال ,لأنه أحمق فقد اختار بمحض إرادته المذلة , كل ما يفرحه أن ينال رضا من أمروه من أسياده حتى وان تطلب الأمر أن يكون قوادا ,بائعا للهوى في حفلات تقام للقادمين والراكعين أمثاله سبقوه أياما في النضال في حمل أصنام القرد على رؤوسهم ,ولم يكن ذلك عار بل هو ولاء مطلق لم يناله إلا من عرف إن الأنبياء على صواب , فكان يفرحه انه نال بفعله الإعجاب , ولم يكتفي ,فصار وغد بامتياز ,يطرق الأبواب بلا حياء ,داعيا بمكر أن نسير معا في خدمة الأسياد
رايته يوما في مكان يصطحب بعض الكلاب واقفا وسط المحلة يراقب ما يدور في خيمة للعزاء , ينتظر أن يخرج منها من يريد أن يصطاد من الخارجين كما يقول عن أداء الواجب , عن حب الوطن بلا أسباب ,وبإكراه يساق بهم في محرقة لم تنطفئ اشتعلت فيها النيران أصبح الجميع لها حطبا بأمر من ثعالب الصحراء ,ولم تنتهي إلا بعد أن حصدت ما يفرحها من الأشجار ,لم تزل آثارها مؤلمة في الديار
لم يخجل مما فعل ,لم يضع لكل شيء اعتبار ,لم ينظر ما فعل الحمار ,أصبح الآن منبوذا يشتمه الصغار ,يلوذ في المساجد ,يطلب التوبة ,يغتسل من رجس لم تطهره الأنهار .



#محمد_نوري_قادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجراد
- في مفترقٍ للطريق
- عقيل علي ..شامخا
- حكاية
- حبيبتي ..أنتِ
- عندما الأرجوحة لم تستقر بعد
- نظرات يعكرها الموج
- أرفعوا ايديكم ...
- كلب رغم أنفه
- تداعيات على صفيح ساخن
- الى أمرأة في الخمسين
- مدينتي
- عاشقة
- تساؤلات..
- ثلاث قصص قصيرة..وتبقى رائعة
- عندما يسير كما هي العربة
- لم يكن مجنونا ..ولكن
- في ذكرى ميلاد الحزب الشيوعي العراقي
- وجها لوجه أمام المرآة
- سؤال مشروع جدا


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نوري قادر - ضوء في حياة الأشعث