أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نايف سلوم - حول نظرية الانعكاس















المزيد.....

حول نظرية الانعكاس


نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)


الحوار المتمدن-العدد: 906 - 2004 / 7 / 26 - 10:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في محاضرة ألقاها الأستاذ عطية مسوح في الأسبوع الفكري (المختزل إلى يوم وحيد) لرابطة الخريجين الجامعيين بحمص وتحت عنوان "إشكاليات الفكر العربي" تحدث فيها الأستاذ عن "اليقينية" و"الخندقة" وغياب "النزعة الديمقراطية" في الفكر العربي (عدم قبول الآخر في الحوار) . وقد أورد مع كل ذلك مسألة بخصوص نظرية الانعكاس المعتمدة ماركسياً على مستوى المنهج ونظرية المعرفة . حيث أعلن الأستاذ عطية في سياق الحديث عن علاقة الفكر بالواقع أن الفكر انعكاس للواقع بمعنى أولية الواقع على الفكر . لكنه ألحق ذلك باستدراك أفسد القضية ، حيث قال : لكن الفكر استباقي . وهو بهذا الاستدراك يريد أن يؤكد على فاعلية الفكر الذاتية. مع أن الفاعلية ليست في فعل الاستباق بل هي قائمة في فعالية الفكر في إعادة ترتيب عناصر الواقعة بحيث يصبح أولا ما كان آخر [وراء هو قدّام في العربية ]. وهو ما أشار إليه هيغل على أنه الفاعلية الذاتية للمفهوم. يكتب ماركس في رأس المال : "إن مهام العلم أن يحوّل الحركة المرئية الخارجية فحسب ، إلى الحركة الحقيقية الأصلية" وهذا ما أطلق عليه هيغل "فاعلية المفهوم الذاتية" وهي ما يسميها الفارابي بـ المقاييس : بالجملة هي أمور ترتب في الذهن ترتيباً ما متى رتبت ذلك الترتيب أشرف بها الذهن لا محالة على شيء آخر كان يجهله من قبل فيعلمه الآن [الألفاظ المستعملة في المنطق ص100] هذه هي الفاعلية الذاتية للفكر التي تحوّل وتعيد ترتيب عناصر الواقعة ترتيباً يجعل التقاطها أكثر مقاربة لحقيقة وجودها الواقعي. وهو ما يدعى في الماركسية بـ ديالكتيك العيني.
إن فكرة الاستباقية التي اقترحها عطية مسوح تحيلنا إلى سوء في الترجمة عن الفرنسية التي وقع فيها الياس مرقص في سياق تقديمه لترجمته هو لكتاب روجيه غار ودي المعنون "فكر هيغل" حيث يقول مرقص: "الفكر أسبق ، ولكن إزاء ماذا ، في أي إطار؟ الفكر له صفة استباق anticipation ولولا أن له ،لفكر الإنسان ، هذه الصفة فنحن لا نرى لوجوده مبرراً ، لا نفهم وجوده " ص 34 . وبالفعل وحسب فكرة الاستباق هذه فإن مرقص لم يستطع أن يفهم سر عمل الفكر التحويلي وكذلك لم يستطع عطية مسوح ذلك. لأن التحويل الذي يقوم به الفكر أو ما سمي بالفاعلية الذاتية للمفهوم أمر والاستباق أو الحدْس والتوقّع أمر آخر . جاء في القاموس المورد في ترجمة كلمة anticipation : توقّع ، حدْس [المورد 1991 ص 52] فالحدْس مقولة فلسفية ، والانعكاس وفاعلية المفهوم الذاتية مقولة أخرى مختلفة عنها . التوقّع أو الحدْس لا علاقة له هنا بمعرفة الواقع معرفة علمية تاريخية والتي تعني معرفة واقع متحرك متأثر بممارسة البشر وحيث تدخل الممارسة الإنسانية في مفهوم الموضوعية ذاتها .
إن إخراج الممارسة من مفهوم العلم الاجتماعي التاريخي يدخلنا في مقولة الفكر التأملي النظراني الذي يضارب على الواقع أي يُشبّه عليه، حيث ندخل دائرة التخمينات والشبهات الخ..حيث يبعدنا عن جدل العلم الاجتماعي/ الممارسة حيث الممارسة متضمنة في مفهوم موضوعية الواقع الاجتماعي التاريخي. الواقع الذي يتوجب وعيه في سبيل تغييره حسب إمكاناته الاجتماعية السياسية وبالتالي حسب نوعية قواه الاجتماعية وعضوية تعبيراته السياسية. السياسة كوعي بعلاقات المجتمع وتنظيم لقواه التقدمية. الانعكاس التأملي الخامل انعكاس مشوّه ومعطوب (انكسار للواقع)
أما لماذا استحضر عطية هذه الثنائية : أولية الواقع واستباقية الفكر فلأن عطية ما يزال يعالج موضوعة الانعكاس معالجة ميكانيكية ، أي ما يزال يعاني من الفهم الميكانيكي للانعكاس أو ما يمكن أن نسميه النزعة الميكانيكية التي كرّسها صعود البيروقراطية السوفيتية في روسيا وهذه النزعة موجودة من قبل في الماركسية الأرثوذكسية الأوربية التي تحوّل الإمكانية في الماركسية إلى جبرية أو حتمية ميكانيكية مثل النزعة القدرية للماركسية النمساوية بداية القرن العشرين.
أليس وعي علاقات البنية التحتية وعياً تاريخيا مقاربا يعني إمكانية أكبر للتأثير عليها بل وتغييرها أحيانا إذا تم الوعي بأهمية تنظيم القوى الهامشية في هذه البنية لإنجاز هذا التغيير. وهو ما ندعوه بـ فاعلية البنى الفوقية الفلسفية والإديولوجية والحقوقية والسياسية . والدين ذو فاعلية مشابهة كإديولوجيا اعتباطية أي كعاطفة يمكن توجيهها واستثمارها أحياناً بشكل رجعي أو تقدمي . قد تكون هذه الفاعلية معرقلة أحياناً لمشروع تغيير البنية التحتية أو مساعدة لإنجازه .
ما من شك أن انتشار الماركسية الفلسفي والنظري أي كنظرية في معرفة حقيقة الواقع الاجتماعي التاريخي كان في أساس طغيان النزعة الميكانيكية كون المستوى الميكانيكي هو المستوى الأولي والبسيط في الملاحظة الفيزيائية والفكرية . فهو المستوى الأكثر حسية وبالتالي الأقل حاجة إلى التجريد الفكري. فهي أي الميكانيكية نزعة تتسم بالبساطة وتخلو من التعقيد بالتالي فهي أميل إلى التشويه ، أو الانكسار منها إلى الانعكاس العلمي للواقعة . ولا ننسى أن سيطرة فكر البيروقراطية السوفيتية لعقود على الفكر الماركسي العالمي هذا الفكر البيروقراطي الذي يميل نحو الاختزالية والكسل ومحاربة معرفة الواقع على حقيقته . كل ذلك كرس النزعة الميكانيكية في الفكر الماركسي السائد على امتداد عقود . هكذا لا يكون نقد النزعة الميكانيكية في الماركسية عبر نسف نظرية الانعكاس واستبدالها بالاستباق المزعوم ، بل يكون بنقد هذه النزعة أينما ظهرت وبنقد فكر البيروقراطية السوفيتية كتشويه للفكر الماركسي وابتذال له .
في هذا السياق أقول كلمة أن العلاقة بين البنية التحتية والبنى الفوقية علاقة موسّطة وليست ميكانيكية ومباشرة . أي أن حركة وعي البنية التحتية يمر عبر الأيديولوجيات السائدة والسلطة السائدة وعبر المصالح الاجتماعية الاقتصادية المتصارعة وعبر درجة التأهيل المنهجي والمعرفي للفرد الدارس لهذه العلاقات . كل هذا يجعل من حركة المعرفة باتجاه حقيقة الواقع أكثر تركيبا وتعقيدا . لقد كانت هذه الحركة المعرفية أي هذه الفينومينولوجيا موسطة بالبنية الفوقية القائمة وبالأيديولوجية السائدة ، لذلك وصل ماركس إلى نتيجة مفادها أن كل إديولوجيا زائفة . أي أن البنية السياسية القائمة تتوسط بين البنية التحتية الاقتصادية الاجتماعية وبين محاولة معرفتها معرفة علمية تاريخية . من هنا أعلن ماركس أن المدخل لهذا العلم هو نقد الإديولوجيا السائدة ومنها نقد الدين كشكل تصور للعالم والواقع الاجتماعي . فنقد الدين مدخل لكل نقد . مع الاحتفاظ بكل ما هو فعال ومنتج في هذا التصور القديم ودمجه بالتصور الماركسي الجديد للعالم الراهن.
تكتسب الرؤية الجديدة قوة مادية عندما تتمثلها الطبقة التقدمية وحلفاؤها تمثلا أكثر تجانسا أي عندما تغدو نظرة هذه الطبقة للواقع والعالم أكثر انسجاما وانتظاما وهنا نكون على عتبة عصر ثوري تكون فيه فاعلية البنى الفوقية في أوجها . وتكون الهيمنة للتغيير والزمن زمن الثورات. وعن هذا التمثل للعلم الاجتماعي التاريخي تحدث الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي عن ما سماه بالإديولوجيا العضوية للطبقة التقدمية بالمعنى التاريخي.



#نايف_سلوم (هاشتاغ)       Nayf_Saloom#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل في قلب الاستراتيجية الأميركية للشرق الأوسط الكبير
- في المسألة القومية العربية الديمقراطية
- المثقف الجديد
- قضايا في مقاربة الإمبريالية الجديدة وما يترتب من مهام
- في انفصال المهام الديمقراطية(# )عن الليبرا لية
- الأزمة مستمرة – نقد وجود الحزب -1
- قراءة في -كراسات السجن- لـ أنطونيو غرامشي
- العلاقة العربية الكردية تعدّد مستويات المقاربة
- القول النظري والقول السياسي حدّ العلم والقول السياسي
- خمر تمور العراق يُسكر الأكراد السوريين
- في الفهم المادي للتاريخ- مدخل إلى الأيديولوجية الألمانية- ال ...
- في الفهم المادي للتاريخ -مدخل إلى الإيديولوجية الألمانية- ال ...
- في الفهم المادي للتاريخ مدخل إلى الإيديولوجية الألمانية- الق ...
- في الفهم المادي للتاريخ مدخل إلى الأيديولوجية الألمانية- الق ...
- اللينينية- قراءة نقدية في كتاب مارسيل ليبمان اللينينية في ظل ...
- قراءة نقدية في مشروع موضوعات المؤتمر السادس للحزب الشيوعي ال ...
- ديالكتيك إنتاج الهوية الاجتماعية في الفكر الماركسي
- الحلقة المسحورة
- حول المركزية الديمقراطية
- ملاحظات نقدية حول النظام الداخلي الذي أقره المؤتمر التاسع لل ...


المزيد.....




- أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير ...
- مقتل أربعة عمال يمنيين في هجوم بطائرة مسيرة على حقل غاز في ك ...
- ما الأسلحة التي تُقدّم لأوكرانيا ولماذا هناك نقص بها؟
- شاهد: لحظة وقوع هجوم بطائرة مسيرة استهدف حقل خور مور للغاز ف ...
- ترامب يصف كينيدي جونيور بأنه -فخ- ديمقراطي
- عباس يصل الرياض.. الرئيس الفلسطيني وزعماء دوليون يعقدون محاد ...
- -حزب الله- يستهدف مقر قيادة تابعا للواء غولاني وموقعا عسكريا ...
- كييف والمساعدات.. آخر الحزم الأمريكية
- القاهرة.. تكثيف الجهود لوقف النار بغزة
- احتجاجات الطلاب ضد حرب غزة تتمدد لأوروبا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نايف سلوم - حول نظرية الانعكاس