أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمرقند الجابري - آس نائم














المزيد.....

آس نائم


سمرقند الجابري

الحوار المتمدن-العدد: 2974 - 2010 / 4 / 13 - 23:39
المحور: الادب والفن
    


آس نائم
سمرقند الجابري2007

هذا بيتنا ، انا على الدكة اردد آيات لانسى فراقه، وأمي تتشح بدمع واسئلة والكثير من اللعنات التي لن تتوقف عليهم.
لم تكن حديقتنا كبيرة، لعلها اكتفت أن تحوي قبر خالي الذي قُتل ذات مطر ،لانه
تحدث سهواً في المقهى عن حق الانسان في وطنه.
شجرة الرمان تركت عشقها للبلابل ، وقررت اللجوء الى الصمت كعلمائنا الافاضل، لذا أحب وقاحة نافذتي التي تحاور كل حصاة حولها دون كلل...وكالعادة تجلس امي غير عابئة بفقدان بصرها ،تتحدث ليوسف الراحل في عز شبابه عنا:-
" خير ما فعلته خالتي عالية ،حين تركوا جثتك امام الدار انها رفضت النواح وسحبتك الى غرفتها وأبقتك في سريرها يومين الى أن إزرق جلدك، لم نجد مكانا اخر نواريك فيه ، لا تتذمر من ملح حديقتنا لانه ارحم طعما من بلادة الحمقى، يبدو إنك لن تأتي في العيد ،هل تعرف أحمد لا زال يأكل خلسة تيناً جففناه للشتاء، فكل شتاء في بلدي حرب، وكل صيف في بلدي حرب" .
وككل غروب ، سيجرها ابي عنوة الى الداخل ، لكنها ترفض أن تصلي فريضتها إلا قرب الخال المغدور ، قد يفتح الله باباً للرحمة علينا اكراماً له، عذر ابي بأن تترك الموتى بسلام ،وعذرنا أن الصلاة قرب القبور حرام وأعذار أُخر كي لا يكون وجعنا موجودا.
ترى ماذا يحيك ابي غير سحابة دخان ووجه غائم ، سيزرع آساً كي يمنعها لبعض شهور عن ازعاج الراحل ، نافذتي ترفض علناً كل مؤامرة صغرى او كبرى ، فكلما حاول ابي ترتيب الاس ارتطم راسه بالنافذة ودوت العصافير كانها تسخر منه ، سألتني أمي عن الحركة الغريبة في الحديقة فقلت لها بأننا رأينا يوسف في الحلم يشكو العطش، فلا بد من شجرة دائمة الخضرة الى يمينه تقيه ظمأ ما بعد الرحيل، ولكنه عناد اقدم من تفاحة آدم يجعلها تنشد بجنوبيتها الساحرة تراتيل استجــــــداء عودته .
كنا نصحو لنجدها قد لملمت كتبه، ورصفتها بعناية قرب رأسه ، و تكوم التمر وقمصانا بيضاء متوسلة بـــه :- " لا تترك فطورك فتشحب يا قرة عيني، وكل هذه الكتب ستؤذي عينيك، فلا بد لك ان تعرف أن أبي وجدي عاشا بسعادة ، وربما هذا هو الوطن، تزوج نورة، فهي من أصل طيب، وسمي اولادكَ على ترتيب الانبياء... كلا لم اجد زر القميص الابيض، إرتدي هذا لحين حصولي على دراهم اخرى ...".
هددها ابي ببيع الدار ، فأقسمت بانها ستلم كل ذرة تراب ولن تبقي من "يوسف" للموت شيئا ، وشجرة الاس تنمو بسعادة لعل مناجاة امي وقصائد يوسف من العالم الاخر تعجبها ، وما ان وجد الحب طريقه الى قلبي حتى بدأت اسمعُ كل عبارة يخاطبني بها الخال من خلف الشجرة ، توقدت حواسي باستلام القوافي واقسمتُ لامي ان الشجرة تغني قبل الغروب بتسابيح رحمانية، حتى علمتْ كل اشجار الحي بقصة حبي ، كما علمتْ كل جدران البيوت الحزينة التي ترك لها الظلم شهيدا وفقيدا وما يرسله "يوسف" من برزخه الينا .
نساء الحي لا يقمن حفلات الختان إلا بآسك يا يوسف‘ وما لفتاة في ليلة حنتها قبل العرس إلا بالاس النابع من اضلاعك، وكل عيد تذهب نساء الحي الى المقبرة لزيارة احبتهن فيأخذن منك جذوعا طويلة.
ماتت امي حسرة عليه، وانا في ليلة حناءي اشعلت تسع شمعاتٍ، ووعدته ان يحمل رحمي دماءه الخضراء ، فأذا بشجرة الاس تحضنني وتبكي.


من مجموعتي القصصية (دبان صغيران) التي فازت بالجائزة الاولى في دبي مسابقة الابداع الادبي على الوطن العربي



#سمرقند_الجابري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتظار
- انامل
- ضفائر
- غربتان
- حكاية امي
- توقد
- قصة قصيرة
- منتصف الليل
- أين ذهبت حمائم تضرعاتي ؟
- سأدّعي الخَرَس
- ازقة
- على دمي فاتكئي
- شهادة


المزيد.....




- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمرقند الجابري - آس نائم