أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - الشخصيات المتسلطة فى حياتنا














المزيد.....

الشخصيات المتسلطة فى حياتنا


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2968 - 2010 / 4 / 7 - 01:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يختلف الناس في الكثير من الخصائص النفسية والبدنية. فالخصائص البدنية كلون البشرة والشعر والعيون نتوارثها من الآباء والأجداد ولا نملك حيالها شيئا. أما الخصائص النفسية فهي نتاج عوامل اجتماعية وأسرية وبيئية. لا نبالغ إذا قلنا إن شخصية الإنسان الذي يلقي رعاية واهتمامًا في مرحلة الطفولة تختلف عن آخر لم يلق ذات الاهتمام والرعاية. لعل هذا يفسر سر تباين واختلاف الشخصيات التي نلتقي بها. يقول علماء النفس إن هنالك ستة عشر نمطا من أنماط الشخصية في هذا العالم، كالشخصية المتسلطة والثرثارة والمتعالية والخجولة والمشاغبة والكاريزمية (القيادية). سوف نكتفي في هذا المقال بإلقاء الضوء علي نمط من هذه الشخصيات: الشخصية المتسلطة التي تفتقد إلي الكاريزما والخصائص القيادية الأخري. ومثل هذه الشخصية قد نلتقي بها في أي مكان: الأسرة والأندية الاجتماعية والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية.

قد أكون محقا في أن ثمة خلطًا يحدث في الكثير من الأحيان بين مفهوم الشخصية المتسلطة ومفهوم الشخصية الكاريزمية، وهذا الخلط مرده إلي أن كلتا الشخصيتين تسعي إلي اعتلاء المناصب القيادية، لذا توجب الإشارة إلي أن خصائص الشخصية المتسلطة لا تلتقي البتة وخصائص الشخصية الكاريزمية. فرغم أن الشخصية المتسلطة تتولد لديها رغبة قوية في القيادة إلا أنها تفتقد للمقومات القيادية ويعوزها الكاريزما التي تجذب الناس نحوها.

ومثل هذه الشخصية تعمل علي فرض نفسها علي الآخرين ولا تتواني عن توجيه الإهانة لكل من يقوده حظه العثر إلي التواجد في محيطها. كما تسعي للتحكم في حياة وتصرفات الآخرين. ومن المستحيل أن ينجح أحد في إقناع مثل هذه الشخصية لكي تغير أسلوبها وسلوكها. أما الشخصية الكاريزمية فإنها تختلف عن الشخصية المتسلطة في أنها تمتلك من الخصائص والمقومات التي تدفع الناس للالتفاف حولها ويتقبلونها قائدا طبيعيا يتولي إعداد وترتيب الأمور التي في حاجة إلي تنفيذ.

لعل القراء يدركون أن النمط المتمثل في الشخصية المتسلطة هو من الأنماط المريضة التي أوجدتها ظروف أسرية وبيئية سيئة. من الواضح أن الشخصية المتسلطة هي في الواقع ضحية ظروف أسرية واجتماعية غير ملائمة. تجدر الإشارة هنا إلي تلك الدراسات النفسية التي توضح أن الشخصية المتسلطة نشأت وترعرعت في بيئة تتسم بالفوضي العاطفية حيث يعتبر التحكم والسيطرة من أولي خطوط الدفاع اللازمة لمواجهة هذه الفوضي. قد تكون هذه السيطرة مقبولة في مرحلة الطفولة. أما في المراحل التالية فإن محاولة الفرد السيطرة والتحكم في الآخرين تتحول إلي سجن انفرادي حيث يبتعد عنه الأصدقاء والزملاء ولا يصاحبه سوي بعض المنتفعين والمتسلقين.
وقد تلاحظ أيضا أن الشخصية المتسلطة تعاني من الآلام وعقد نفسية دفينة تحتاج إلي تدخل أطباء الأمراض النفسية، فهذه الشخصية تعيش علي الخوف والارتماء في حضن السلطة التي يعتبرها تعويضا عن مشاعر احتقار الذات ويعكس تصرفاتها وسلوكياتها عقدة نقص في التكوين النفسي. وعلي حد قول بيتر ميلهادو في مقال له تحت عنوان "الشخصيات المتسلطة" فإن الشخصية المتعطشة للسلطة والتي تحاول السيطرة والهيمنة علي من حولها يمكن التعامل معها علي اعتبار أنها تعاني من عقدة التحكم العام في الكون.

الغريب أن هذا النمط المرَضي قد يلقي ترحيبا لدي بعض المؤسسات التي تضع معايير شغل المناصب القيادية. هذا رغم أن هذا النمط يعتبر عنصرا هداما حيث تؤدي سياساته وتصرفاته إلي كوارث إدارية تماما كما حدث في إحدي الجامعات العربية. من الملاحظ أن أفراد هذا النمط لا يدركون أن تحقيق الذات بشكل طيب يتطلب تقبل نقاط الضعف ولا يعرفون أن الاعتراف بمواطن الضعف في الذات يساعد علي تحرير القوة الكامنة داخلنا ويساهم في تخليصنا من التوترات التي تنجم عن الادعاء والتظاهر.

لسنا من هواة جلد الذات ولكن يجب أن نعترف أن المشكلة التي نعاني منها في عالمنا هي أننا لسنا صادقين مع النفس حيث نتردد في الغوص في المناطق المجهولة في الذات كما لو كنا نخشي الكشف عن الأسرار الفظيعة التي تكمن فيها أو نخشي إطلاق سراح الشياطين التي تتجول داخلها. لا شك أن معرفة الذات تعني الكشف عن المخاوف والشياطين وكل الأوهام الكامنة داخلنا. لعل القارئ يشاطرني الرأي في أننا في هذا الصدد نختلف عن المواطنين في الغرب حيث يعيش الإنسان في سلام مع النفس بعد أن يتخلص من الشياطين التي تتصارع داخله. وهنا يحضرني تصريحات واعترافات مطرب البوب الشهير ريكي مارتن الذي ظل طوال السنوات التسع الماضية نافيا شذوذه الجنسي لكنه في 29 مارس 2010م اعترف صراحة علي موقعه الالكتروني بأنه من المثليين وصرح بأن الإنسان لابد أن يكون صادقا مع نفسه قبل أن يكون صادقا مع الآخرين وأشار إلي أن هذا الاعتراف جعله قادرا علي التغلب علي مشاعر وعواطف بقيت لفترة طويلة كامنة بداخله.



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاضطرابات والانتهاكات العنصرية في الغرب
- الصراعات الطائفية فى مصر... متى تنتهى؟
- الحرية الشخصية لطلاب الجامعة فى ضوء نظرية العقد الاجتماعى
- النوبة بين التدويل والانفصال
- جامعة أسوان وشماعة المؤامرة
- الاستعمار الأجنبى: نعمة أم نقمة؟
- الحرية الشخصية ونزاهة الامتحانات الجامعية
- القبض على مخرج سينمائى شهير
- الإعلام المصرى والموقف من السودان
- ظاهرة التدين الشكلى فى مجتمعاتنا الإسلامية
- حوار مع شاب جزائرى
- المحظوظون فى مباراة أم درمان
- العاطفة والعقل فى علاقات الشعوب والدول
- اليهود والعرب وصناعة القرار الأمريكى
- العداء والكراهية على أبواب الملاعب الرياضية
- معيدو الجامعات بين الماضى والحاضر
- أنفلونزا الخنازير: هل يمثل خطرا على حياة الإنسان؟
- جائزة نوبل والحفاوة المصرية
- القرد النوبى
- يوميات طالب مصرى فى أمريكا


المزيد.....




- هكذا وصلت الملكة رانيا والأميرة رجوة إلى البندقية لحضور حفل ...
- شاهد لحظة إنقاذ طفلة علقت في مجاري الصرف الصحي في الصين لساع ...
- بخيوط من ذهب وحرير أسود.. الكعبة ترتدي كسوتها الجديدة مع بدا ...
- رافائيل غروسي يكشف معلومات مهمّة عن البرنامج النووي الإيراني ...
- يتمحور حول المعادن النادرة.. الولايات المتحدة تعلن توقيع اتف ...
- بكيين تؤكد توقيع اتفاق تجاري مع واشنطن وتكشف عن بعض تفاصيله ...
- المغرب..نانسي عجرم تثير الجدل بسبب العلم الوطني
- بريطانيا تنسحب من مشروع بقيمة 34 مليار دولار لاستيراد الطاقة ...
- عاجل | سرايا القدس: قصفنا مع كتائب القسام بقذائف الهاون تجمع ...
- محللون إسرائيليون: نتخبط في غزة ونطارد نصرا مطلقا لن يتحقق


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - الشخصيات المتسلطة فى حياتنا