أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكرياء الفاضل - هو وهي














المزيد.....

هو وهي


زكرياء الفاضل

الحوار المتمدن-العدد: 2966 - 2010 / 4 / 5 - 13:39
المحور: الادب والفن
    



ضمها إلى صدره بقوة شغف كان دفينا في أعماقه لأكثر من عقد وقبّلها بحرارة على خدها طفت معها مشاعره التي طالما أخفاها تحت قناع غلظة الطبع وجفاف الروح. كانت لحظات الضعف هذه تنتابه من فترة لأخرى، لكنه لم يكن يستسلم لها بل كان يكظمها ويغلظ عليها حتى تخمد نارها لا لأنه لا يؤمن بالحب أو يخجل من هذا الشعور النبيل بل لما عانى بسببها من التشرد والضياع. فقد هجرته في أصعب أوقات حياته، حيث اشتدت عليه لكمات الحياة من كل جهة وناحية. فأهله تنكروا له وطردوه من البيت وتركوه تائها، في شوارع العاصمة، جائعا حافيا لا يملك غير شهادة جامعية كد واجتهد في سبيلها سنين طويلة ليتضح له في نهاية سكته الدراسية أن تعبه كان من أجل سراب وأنه فرد غير مرغوب فيه ولا قيمة له في المجتمع ما دام لا يملك سنتيما واحدا في جيبه. سنوات الضياع هاته علمته ما لم تعلمه إياه الجامعة، إذ أدرك بالتجربة الملموسة أن المجتمع الذي كان يقدسه ويطمح لخدمته لا يقيّم الناس بسعة جعبتهم العلمية بل بحجم رصيدهم البنكي. لذلك لم يعد يستغرب رؤية بعض أصحاب العمامات، على أميتهم، يحتلون مقاعد في مجلس النواب تحوّلت معهم إلى أسرّة للنوم غير عابئة بمصالح الشعب.
كلها خواطر جالت بفكره دون أن تعكّره كما هي العادة. فقد استسلم في هذه اللحظة، على غير عادته، للطيّب منها دون غيره و قرر في صميمه أن الليلة هي موعده مع ماض رغم تعاسته إلا أنه لم يخلو من لحظات سعيدة وإن غاصت وابتعدت عنه في الفضاء الزمني حتى أحجبها الأفق. كانت ليلة كلّها حنان ورقة ومشاعر جياشة خالصة من غلظة طبعه وجفاء قلبه، حتى أنّها ظنّته إنسانا آخرا غير الذي تعوّدته.
في الصباح عندما استيقظ ورآها نائمة بجانبه في الفراش وعلامات الارتياح والسعادة واضحة على وجهها الساكن إلى نوم هادئ ترفض بإصرار مغادرته حتى لا تكتشف مع الصحوة أنّ ليلتها معه مجرد حلم لذيذ تلاشى كدخّان سجارته مع انجلاء ظلمة الليل، امتعضت تقاسيم وجهه وتنكّرت مشاعره لما أبدته من رقة وحنان بالأمس. وهمّ بالقيام من الفراش لكنّ شيئا شده إليه وكأنّه مريض عاجز عن الحركة. فتناول سيجارة أخرى من علبة فوق منضدة صغيرة قرب السرير، وأوقدها بولاّعته التي لا تفارقه أبدا وراح يدخّن بعمق كأنّما يفكّر في موضوع هام أو أنّه جلس للكتابة، رغم أنّه لا يتفرغ لها إلا ليلا والناس نيام، حيث تسود السكينة مفسحة المجال لغليان خياله.
استيقظت على رائحة دخانه فالتفتت إليه وقد انفرجت شفتيها عن ابتسامة عذبة زادتها جمالا وفتنة ذاب معها كل ما فكر به فوضع السجارة بالنفاضة، ثم انحنى عليها ليقبّلها بحرارة وكأنما مراهق عاشق لأول مرة في حياته.
- صباح الخير حبيبي..
- صباح الورد يا أحلى من العسل..
قالها بصدق رغم وجهه الرخامي، الذي أوحى بأنّ كلماته لا تزيد على أن تكون مجاملة نابعة من حسن التربية ومكارم لأخلاق.
شرب فنجان قهوته الصباحية بدون سكر كعادته بعد الفطور، ثم حمل محفظته وغادرها إلى عمله وكله إيمان أنه لن يعود إليها بعد اليوم.
ودّعته بابتسامة خبيثة دلّت على ثقتها بعودته الليلة إليها..



#زكرياء_الفاضل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- Tyrannosaurus
- أسباب فشل اليسار المغربي كما أراها
- واعتصموا..
- زيرو دولة المغرب
- المنصب
- حول موضوع روسيا البيضاء بموقع الجزيرة
- مغرب العهد الجديد
- الحسناء والمفتي المتقي
- الطائفية: جماعات دينية أم تنظيمات سياسية
- الاتحاد السوفياتي لا زال قائما
- وحدتنا الترابية: قضية انفصاليين أم قضية غياب الديمقراطية؟
- حرية التعبير في المغرب المخزني: إلى أين؟
- فطرتنا الحقيقية: سياسة المعيارين
- عيد مبارك سعيد و كل عام و أنتم ديمقراطيون
- عندما يصبح الإنسان بضاعة
- نضال الجماهير الشعبية في متاهات الصراعات الإديولوجية
- ابن الشهيد و الحاج عمر
- الألفية و الألفية
- فران الحومة أو نادي المهمشين
- الغرب 2009


المزيد.....




- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر
- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد
- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم
- وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الش ...
- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكرياء الفاضل - هو وهي