أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند حبيب السماوي - زوجات لم ينتخبن ازواجهن !














المزيد.....

زوجات لم ينتخبن ازواجهن !


مهند حبيب السماوي

الحوار المتمدن-العدد: 2961 - 2010 / 3 / 31 - 11:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُقال بان احد المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات العراقية التي جرت في 31 من كانون الثاني عام 2009 ، قدم اعتراضا لانه قد اُبلغ بحصوله على صوتين فقط ، حيث كان غاضبا وغير مقتنع بالنتيجة ويعتقد بوجود تزوير، اذ ظن انه على الاقل سيحصل على ثلاثة اصوات هي مجموع صوت زوجته وابنه فضلا عن صوته، في حين انه قد حصل على صوتين فقط !. وحينما وصل الى بيته وتحدث في الموضوع امام زوجته ابلغته بان الامر صحيح ولاتزوير فيه لانها لم تنتخبه اصلا !.
هذه القصة قد تكررت مرة اخرى وعلى نحو اوسع في الملحمة التاريخية الكبرى في الشرق الاوسط وهي الانتخابات البرلمانية العراقية العامة التي جرت في اليوم السابع من شهر اذار عام 2010 ، اذ ظهر، حينما اعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات نتائجها النهائية، ان 166 مرشحا لهذه الانتخابات حصلوا على صوت واحد فقط، وهم، كما يظهر، في وضعية اسوء من صاحب القصة اعلاه الذي حصل على صوتين فقط .
الوقوف على هذه الظاهرة، وهي ظاهرة بحق، يستدعي ابعاد الموضوع عن مجال السخرية والتهكم واخراجه من اطار الاستهزاء والضحك حتى لو كانت السخرية هي الانطباع الاول الذي يرتسم في ذهن المتلقي او المواطن او حتى المراقب والمحلل المهتم بشؤون الديمقراطية والحرية في الشرق الاوسط عموما وفي التجربة العراقية خصوصا، فالناظر والمتفحص بامعان لما حدث فيما يتعلق بحصول صاحبنا في القصة على صوتين فقط او المرشحون ال 166 الذي لم يحصدوا سوى صوت واحد، سوف يجد ان لهذه الاحداث او الظواهر مؤشرات ودلائل تجسد ظهور مرحلة جديدة ناضجة من الادراك السياسي الحر في العراق .
دراسة هذه الظاهرة يُحتم علينا اولا الايمان بحقيقة مهمة وضرورية يُستحسن ذكرها بادئ ذي بدء وهي ان هؤلاء ال 166 لم يكونوا رجالا ، وربما في بعضهم نساء، يعيشون وحدهم في هذا العالم ولهذا لم يوجد احد ينتخبهم سوى أنفسهم ، بل ان هؤلاء يعيشون في مجتمع ولهم اصدقاء وعوائل واقرباء وزوجات ووربما خطيبات او حبيبات ، وهم على الرغم من ذلك لم يجدوا احدا يعطيهم صوته سوى انفسهم .
هذه الحقيقة تعني لي، كمهتم بشؤون العراق السياسية والمجتمعية والفكرية، الشيء الكثير حيث تعبر وتدل، بشكل لالبس فيه، على ولادة وعي سياسي انتخابي عراقي جديد يجعل من الزوجة لاتنتخب زوجها، والخطيبة لاتنتخب خطيبها، والصديق لاينتخب صديقه، والابن لاينتخب اباه لمجرد وجود روابط الزوجية او الخطوبة او الصداقة او العائلية على التوالي بين كل من هؤلاء المرشحين والاشخاص الذين يرتبطون معهم برابطة معينة في المجتمع المحيط بهم ، بل قاموا بانتخاب قيادات وشخصيات وكيانات سياسية اخرى وفقا لضوابط اخرى تتجاوز العلاقات العائلية والروابط الاجتماعية والاطر العائلية .
وهذا التطور الواضح والبارز في عقلية الناخب العراقي يعكس رؤية سياسية تعتمد معايير اختيار معينة لما يجب ان تكون عليه خريطة الحكومة الجديدة الذي يحاول رسمها بقرارات مستقلة بعيدة عن اطر العلاقات الاجتماعية والنسبية والعشائرية والعائلية وغيرها من الروابط التي تربط الانسان بغيرها ومايمكن تسميتها بالعلاقات الاولية المباشرة وفقا لاصطلاحات العالم الاجتماعي الامريكي كولي وهو أمر يُعتبر غير مألوف في الشرق الاوسط .
كما ان لهذا الحدث دلالة اخرى ومعنى كبير اخر يٌضاف الى بعد تطور الوعي السياسي للناخب ويمكن ان نستخلصه في ان هذا المرشح الذي لم يحصل الا على صوته يتمتع بروح ديمقراطية وتسامحية عالية اقتضت منه عدم اتخاذ موقف سلبي من اهله او زوجته حينما لم تنتخبه واعطت صوتها الى شخص سياسي اخر، على افتراض ان هذا المرشح قد قام بذلك فعلا ولم يطلق زوجته او يفسخ خطوبته لانها اختارت شخصا اخر غيره من الناحية السياسية طبعا وليست ناحية اخرى كي لاتسيئوا فهم ذلك.
ان هذا الصوت اليتيم الذي مُنح لهذا السياسي يكشف لنا حقيقة تنامي الممارسة والتجربة الديمقراطية في العراق، حيث عندما لاتخضع المرأة سياسيا لرأي الزوج سواء كان مرشحا ام غير مرشح وتنتخب غيره، فانها ترسل رسائل ايجابية معززة بالادلة عن الواقع العراقي الجديد الذي خرج من رحم الديكتاتورية المقيت الى فضاء الديمقراطية الواسع الذي كلف العراقيين الكثير من التضحيات والمعاناة.



#مهند_حبيب_السماوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قناة الاسلام...تسيء للاسلام !
- رئاسة الوزراء تحت اقدام الامهات !
- حينما ينجح الشعب ويفشل السياسيون !
- اللامبالاة العربية ازاء الانتخابات العراقية
- الانتخابات العراقية....قائمة مغلقة بنهايات مفتوحة !
- التصويت لصالح... أم ضد !
- أخطاء معهد كارنيغي في قراءة الأزمة العراقية
- الأعلام الغربي وأزمة اجتثاث المرشحين !
- آخر طَبَعات التكفير الوهابي !
- الشخصية الرئاسية بين العراق ودول الوطن العربي !
- طارق الهاشمي وقضية نقض القانون !
- المتاجرة بدماء الصحفيين العراقيين !
- الظاهرة الحزبية في العراق الجديد !
- عجائب الحكومة العراقية السبعة !
- مشكلة السفارة الأمريكية المفاجئة في العراق !
- الكتابة بالدم العراقي !
- انجيلينا جولي تتبنى طفلة عراقية !
- بدلاً من الهجوم على البيشمركة…ارجعوا المهجرين !
- حركة حماس بين الزرقاوي وعبد اللطيف موسى !
- النرويج....نموذج للنقد الأوربي الشمالي للعالم !


المزيد.....




- سيارات أجرة تسلا الروبوتية تثير ردود فعل متباينة في أوستن.. ...
- الذكاء الاصطناعي لرصد المؤشرات البيولوجية للخلايا
- خامنئي يهدد أمريكا بدفع -ثمن باهظ- في حال شن هجوم آخر على بل ...
- فلسطينيو الضفة الغربية يتبرعون بالدم لفلسطيني غزة
- إيرانيون يشككون بدوام الهدنة مع إسرائيل ويترددون بالعودة لدي ...
- أزمة الحريديم تشتعل مجددا.. إنذار نتنياهو لإقرار قانون التجن ...
- رئيس الوزراء الإسباني يدعو إلى تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرا ...
- استطلاع جديد في أميركا يثير قلقا بإسرائيل
- الرئيس الأوغندي يدعو للاعتراف بإسرائيل ويدافع عن تاريخها
- لهذه الأسباب إيران وأميركا تتفقان على مخاطر تطبيق واتساب على ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند حبيب السماوي - زوجات لم ينتخبن ازواجهن !