علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 902 - 2004 / 7 / 22 - 04:52
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
الجناح الصدامي يعترف : سبق الخميسَ الدامي 24/6/ اعترافٌ خطير هو الأول من نوعه لقيادة الجناح الصدامي في حزب البعث والذي يُعتقد بأن الرجل الثاني في النظام المطاح به عزة الدوري يقوده الآن بأنه يتحمل مسئولية العديد من التفجيرات التي أعلنت المسئولية عنها أيضا مجموعة "التوحيد والجهاد" التي يقودها أحمد فضيل الخلايله المعروف بأبي مصعب الزرقاوي . ففي بيان مطول موقع باسم "القيادة العامة لفيالق المجاهدين في العراق / المكتب الإعلامي " والذي نشر في الصحافة وعلى عدد من مواقع الانترنيت وردت العبارات التالية ( ومن خلال عمليات المجاهدين المدروسة والمنضبطة ، قد يسقط بعض المدنيين الأبرياء ، في ظروف قاهرة خارجة عن نيّتنا وإرادتنا ، فهؤلاء نحتسبهم عند الله ، ونسأل الله أن يكونوا مع الشهداء ، ونطلب من ذويهم العفو والمسامحة ، ونسأل الله أن يمكن الوطن المعافى من تعويضهم ...) ومع أن البيان غير موقع بالتوقيع المعتاد والرسمي لقيادة الجناح الصدامي في حزب البعث بل باسم " المكتب الإعلامي للقيادة العامة لفيالق المجاهدين " كما ذكرنا غير أن القارئ العارف بحيثيات الموضوع لن يتأخر في نسبة البيان إلى هذه الجهة و إلى عزة الدوري تحديدا حيث وفرة المصطلحات الإنشائية القومية والدينية والدعاء لصدام بعبارة ( فك الله أسر القائد ..) .وعلى أية حال فقد مثل "الدوري " على الدوام الخط السلفي الطائفي الأكثر وضوحا وسذاجة في قيادة البعث العراقي منذ بدايات النظام ، ولعل من أطرف ما ورد في هذا البيان - وهو ما سوف يبرر وصفه بالسذاجة - قول محرره أن العراقيين كان بإمكانهم إسقاط الاحتلال لو جلسوا في بيوتهم وقاطعوه لأن القيادة " الصدامية " كانت قد زودت جميع الأسر العراقية بمواد غذائية تكفي لستة أشهر !
أجنحة بعثية أخرى : وعطفا على ما سبق ، فقد صدرت قبل بضعة أسابيع بيانات لا يمكن الجزم بنسبتها أو صحتها تماما لجناح آخر في حزب البعث ورد في أحدها موقفا نقديا شديد الوضوح في رفضه لصدام وقيادته بلغ درجة الإعلان عن ( أن قيادة الحزب قد قطعت علاقتها بصدام والدائرة الضيقة المحيطة به ) وربما يمكن الربط بين هذا التوجه وبين ما أعلنه أحد قيادي البعث ويدعى " أبو تموز " قبل أشهر على صفحات جريدة "الحياة " انتقد فيه صدام نقدا شديدا ووصفة حرفيا بأنه " لغم مخابراتي غربي دُسَّ في داخل حزب البعث " وبغض النظر عن مقدار العلمية و الصدقية في وجهات نظر مبتسرة و مناسباتية كهذه يمكن الافتراض أن حزب البعث الذي حكم العراق بالحديد والدم والنار طوال خمسة وثلاثين عاما فشل تماما حتى الآن في تحقيق نقلة نقدية ووقفة جادة مع النفس تجعله جديرا فعلا باسم حزب سياسي حاكم وليس تجمعا من المغامرين والمتورطين انفرط عقده بمجرد ما أطيح بنواته الصلبة المكونة من الزعيم وأفراد أسرته المقربين والمتحكمين بالماكنة القمعية .
وقد يقول قائل أن الأداء الفعلي لما تبقى من الحزب المذكور في مواجهة الاحتلال وخصوصا على الصعيد العسكري لا يمكن النظر إليه بهذه الدرجة من السلبية . ويمكن في الواقع قبول هذا الرأي جزئيا ولكن بحذر أو باعتبارات منها : إن الحزب وأدائه المسلح تقلص جغرافيا إلى حدود الولاء الشخصي والطائفي والحزبي وساهم فيه بالدرجة الأولى الكادر الأمني الكثيف والمدرب والمسلح والممول جيدا في تلك المناطق فيما تبخر وجود الحزب تماما في أغلب أرجاء البلاد الأخرى . والاعتبار الثاني هو أن التحالف الفعلي بين الجناح الصدامي الذي يقوده الدوري حقق كسبا إعلاميا عن طريق تحالف الأمر الواقع ( ونقول تحالف الأمر الواقع مع إننا لا ننفي إمكانية وجود تحالف فعلي وموثق قد تكشف عنه الأيام ) بين هذا الجناح وبين المنظمات السلفية الانتحارية التي يقودها الزرقاوي ، غير أن هذا الكسب الإعلامي بدأ يعود بالوبال والنقمة على المقاومة العراقية بعامة وعلى حزب البعث بكافة تياراته بسبب تصاعد الرفض والاستنكار الشعبي لعمليات التفجيرات الإجرامية بواسطة سيارات الموت والانتحاريين الجاهزين المتسللين . لقد تراجعت كافة تجليات كارثة الاحتلال من المشكلات الخدمية ومرورا بفضائح التعذيب والقتل والاغتصاب في سجن "أبو غريب" ونهب النفط العراقي وانتشار الجريمة والبطالة وتدهور الوضع الصحي وتقدمت مشكلة واحدة سادت على ما عداها ألا وهي مشكلة الأمن والسلامة الشخصية للمواطن العادي بعد سلسلة التفجيرات الإجرامية التي قام بها الزرقاويون واعترف بالمشاركة فيها الجناح الصدامي بقيادة الدوري وهذا كسب كبير لصالح الاحتلال وضربة مؤلمة لمشروع المقاومة العراقية الباسلة .
الزرقاوي ليس شبحا : لقد نحينا جانبا احتمالين يحاول البعض جعلهما بديهيتين وهما القول بأن الدوري معتقل لدى قوات الاحتلال منذ عدة أشهر وهم ينتظرون اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية للإعلان عنه وإطلاقه كبالون ملون لكسب الأصوات كما استبعدنا القول الآخر والذي يذهب إلى أن قصة الزرقاوي برمتها ليست إلا خرافة يروجها الاحتلال الأمريكي ومع احترامنا لبعض الجهات المخلصة وذات النوايا الحسنة التي تروج لهذه القناعة دفاعا عن المقاومة كما تعتقد ، فإن الواقع العملي يقدم الكثير من الأدلة المضادة والتي ترجح القول بأن الزرقاوي وشبكته حقيقة فعلية صار لها وزنها في الساحة ومن ذلك مثلا الإعلان المتكرر عن النشاطات التفجيرية والمسلحة الأخرى التي يقوم بها هذا الطرف معززة بأسماء من قام بها من الانتحاريين ومنهم شخصيات غدت معروفة كالموظف في وزارة الداخلية الكويتية فيصل المطيري الذي نعاه الزرقاوي بنفسه ، وهناك أيضا الرواية التي قدمها أحد الناجين من الاختطاف على أيادي هذه الشبكة وهو المواطن السعودي سعيدان سعيد والذي صور وهو مختطف وعرضت صورته على شاشة قناة "الجزيرة" قبل أن يطلق سراحه و يهرب من الاختطاف إثر اشتباك مع قوات الاحتلال وهناك الكثير من التفاصيل التي يرويها بعض قادة الشبكة و آخرهم المدعو أبو أنس الشامي والمنشورة على شكل رسائل واعترافات وسجالات على عدد من المواقع السلفية على شبكة الانترنيت . ولا بأس من التذكير بأننا حين نسوق هذه التفاصيل في محاولتنا لتفنيد رأي القائلين بأن الزرقاوي ومعه شبكته ليس إلا شبحا اخترعته المخابرات الأمريكية فإننا لا ننفي من حيث المبدأ الاحتمال القائم فعلا والقائل بأن هذه الشبكة وبضمنها الزرقاوي قد تكون مخترقة من قبل المخابرات الأمريكية التي تريد استغلال الدافع الديني الاستشهادي لدى الشباب في المنظمات السلفية العربية من أجل إغراق المقاومة بدماء العراقيين عن طريق التفجيرات الشاملة والعشوائية وفي أكثر الأماكن اكتظاظا كمقدمة لتدمير المقاومة نفسها ومن داخلها .
المؤسف أن هذا المسعى الاحتمالي للاحتلال الأمريكي قد بدأ يتأكد فقد صار الزرقاوي وشبكته أكثر دموية وإرعابا من الاحتلال في نظر قطاعات واسعة من العراقيين الرافضين للاحتلال قبل غيرهم ، وقد لاحظنا بعد التفجيرات الإجرامية في الخميس الدامي أن أطرافا دينية معينة خرجت عن صمتها التقليدي وأدانت تفجيرات وعمليات الزرقاوي ، بل وجدنا أن علماء دين من السنة ومن أعضاء في هيئة العلماء المسلمين أدانوا حتى الهجمات على مراكز الشرطة العراقية التي لا تعامل لها مع سلطات وقوات الاحتلال .
لا لسيارات الموت : إن الواجب يقتضي رد فعل أكثر عمقا وفائدة وشجاعة من جميع الأطراف الحريصة فعلا على بقاء وتطور المقاومة العراقية وينبغي على تلك الأطراف وبخاصة من علماء الدين والشخصيات العلمية والسياسية الوطنية ومن الصور المطلوبة لرد الفعل هذا يمكن المطالبة بسحب الغطاء الديني والسياسي تماما من هذا النوع من العمليات ( سيارات الموت ، تفخيخ البنايات ..الخ ) وتجريم الطرف الذي يلجأ إلى التفجيرات المدمرة والضخمة في الأماكن العامة حتى إذا كان المستهدف هم جنود الاحتلال الموجودون في تلك الأماكن ، إذ ما فائدة ،وأين الشرعية الدينية والوطنية والشجاعة الأخلاقية ، في إصابة جنديين أمريكيين بجراح مقابل مقتل أربعين أو خمسين مواطنا عراقيا بريئا عن طريق تفجير هائل ؟
أما المقاومة العراقية ذاتها ونقصد الأطراف الوطنية فيها، والتي لم تلجأ إلى هذه الأساليب الدموية والتكفيرية في العمل المسلح ، فإن مسئوليتها ثقيلة وجسيمة فعلا إذ أن عليها أن تواصل كفاحها ضد الاحتلال ونظام الحكم الصنيع الذي عينه من جهة وفي الوقت نفسه فإن على هذه المقاومة نفسها أن تخوض معركة عميقة أخرى لا تقل خطورة وأهمية من معركتها ضد الاحتلال ألا وهي معركة إفشال وتشتيت التحالف الدموي بين الجناح الصدامي الذي يقوده الدوري وبين الزرقاوي وشبكته من جهة أخرى .
لقد دمر الطاغية صدام العراق ثلاث مرات خلال فترة حكم حزبه وعلى المقاومين العراقيين الوطنيين ومن بينهم البعثيين غير الصداميين أن لا يسمحوا لعزة الدوري بتدمير العراق للمرة الرابعة عبر تفجير المقاومة بالقنبلة الزرقاوية .
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟