أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - -كلب العَربْ بسكُت من حاله-















المزيد.....

-كلب العَربْ بسكُت من حاله-


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2958 - 2010 / 3 / 28 - 10:50
المحور: كتابات ساخرة
    


كان هنالك فيما مضى مثلٌ يقول : لكل زمان دولةٌ ورجال , واليوم تغير هذا المثل وأصبحت الناس تقوله بطريقة أخرى وهي : لكل زمان دولة وكلاب تنبح .
مشكلة الكلاب أنها أصبحت على قدرٍ من التعليم وأصبح لبعضها عيادات طبية ولبعضها الآخر محلات تجارية , والكلاب تنتشرُ في الشوارع وفي الأزقة أو أنها كانت قديمة تنتشرُ في الشوارع وفي الأزقة ولكنها اليوم في أعلى المراكز ومنها من أصبح ذا رتبة عالية في معاهد البوليس فلا يوجد معهد بوليس أو مركز أمن إلا وبه كلب ينبح على ألآت وعلى الذاهب يعني زي ما بحكوا (على الفاضي والمليان) وكانت الكلاب تبح على اللصوص فقط لا غير ولكنها اليوم لا تنبح على اللصوص لأن اللصوص هم أسيادها الذين يطعمونها ويسقونها لوجه الله أو يطعمونها من أجل أن تبقى تنبحُ على المثقفين والمثقفات المناديات بالحرية وبالمساواة , ولكل دولة كلاب تطلقها الدولة متى تشاء على أي متنور , ولم أسمع اليوم أن كلباً نبح على لص, وصدقوني هذا ما حدث لأحد أصدقائي الذي أحضر كلباً لكي ينبح على الغرباء الذين يدخلون منزله , غير أن الكلب كان يصفق بدل أن ينبح , ولم ينبح على اللصوص ومن المحتمل أنه لم ينبح على اللصوص لأن الحارة كلها أصبحت لصوص والشرفاء قلة لذلك اليوم الكلابُ تستغربُ وتستهجن الشرفاء فتنبح عليهم , وأنا كشخص مهذب مللت من الكلاب وكنت قبل ذلك أحاول الرد على نباحهم ولكنني توصلت إلى نظرية مفادها (حط أديك وجريك –رجليك في مية –ماء بارد) ومن باب الفُكاهة يقالُ بأن كلباً مر ذات يومٍ بجانب معهد بوليس , وكان بعض رجال الشُرطة يدربون بالكلاب على العض ويطعمونها فنظر الكلبُ إلى الكلاب البوليسية ومن ثم نظر إلى نفسه نظرة ازدراء وقال : لو أكملت تعليمي كان الآن وضعي أفضل وكان أنا الآن في معهد البوليس .

هل هذا يعني أن معاهد البوليس انتشر فيها الكلاب ُ؟قالت لي جدتي رحمها الله :كلب العَرب بسكت من حاله , الكلب بنبح وبعدين بسكت من حاله لا تتعبش لسانك وتجادله, ومن يومها وأنا مترفع عن مجادلة الكلاب ومناقشتها أو كما قال البُحتريُ في سينيته الشهيرة :

صُنتُ نفسي عما يدنسُ نفسي


وترفعت عن جدا كل جبس

وتماسكتُ حين زعزعني الدهرُ

التماساً منه لتُعسي ونُكسي

فأنا أناقش أي مخلوق ما عدى الكلاب لأن صوتها مزعج جداً ولا تتقن غير النباح والعواء , حتى الحمير من الممكن مجادلتها وأحياناً مطارحتها الغرام وهنالك قصص عشق كثيرة بين الإنسان العاقل وبين بعض الحيوانات ولكن نادراً ما تتشكل علاقات ود وغرام بين الناس والكلاب العربية فهذه الكلاب تعض اليد الممتدة لها وتجني على أصحابها كما فعلت (برّاقش) .


وبصراحة إذا رددتُ علي نباح الكلاب فهذا معناه أنني سأنبح مثلها وحتى أجيد النباح يجب أن أدخل مراكز تدريب الكلاب على النباح والعواء واعوجاج الذيل واللسان ,وللكلب ذيل أعوج ولسان متدلي , وقالت لي جدتي كثيراً من أوصاف الكلاب التي كانت في حارتنا وعلمتني على كيفية التعامل مع الكلاب الصغيرة والكبيرة والمتوسطة والمتقصية للأثر والسوداء والبيضاء والمُبرقعة والسَلق (الكلب السلجوقي) والبوليسية , وبالمناسبة الكلاب البوليسية خطيرة جداً لأنها تحمل رتباً عسكرية فهنالك في معاهد البوليس كلاب برتبة (..) مش عارف شو هي الرتب التي تحملها ولكن من المؤكد أنها تحملُ رتباً وإنه ليس من المعقول أن تعمل وتنبح وتتقصى الأثر دون أن تنال رتبة تليق بمستواها , والكلب الذي بلغت خدمته عشر سنوات ليس كالكلب أو كالكبة الجديدة المستجدة في الخدمة العسكرية, وأهم شيء أن (كلب العرب بسكت من حاله) هكذا كانت جدتي تقول لي وهكذا كنتُ أتعلم منها , وفعلاً إلى اليوم ما زالت الكلاب تنبح وتسكت لوحدها .

ولطالما أنا عملاق طالما تغار مني الأقزام وتتعربشني الكلابُ في الشوارع وفي الانترنت وعلى الفيس بوك وعلى الياهو ميل , هكذا تعلمت طوال حياتي ,وكانت جدتي رحمها الله تقولُ لي (كلب العَرب بسكت من حاله..لا تضربه على شان الناس ما يقولوش إنه ضرب كلب وبعدين سُمْعِتكْ بتصير بالحضيض إذا بدك تضرب أضرب أسد أو نمر أو فهد , ولكن لا تمد يدك على الكلاب ) وكانت تقول لي ذلك إذا أغضبني أحد من أولاد الحارة وقام بسبي وشتمي وهجائي بأبيات شعر من كلمات العرب السافلة التي تنتشرُ في الحارات وكنتُ أغضب وأحاول الرد عليهم ولكن جدتي كانت تقول : خلي لسانك حصانك وخليه مثل العسل , وكلب العرب لا اتردش عليه بُكره بسكت من حاله, وكنتُ فعلاً أطمئن وأجلس أنتظر وأنا أسمع نباح الكلاب وهي تنبح وكانت فعلاً في نهاية الأمر تسكتُ الكلاب ُ لوحدها دون أن أنبح مثلها ودون أن أمد عليها يدي الكريمة أو رجلي الكريمة, وهكذا اعتدتُ في حياتي على سماع صوت الكلاب وهي تنبح وتسكت لوحدها دون أن أرمي عليها بالعظم أو بالحجارة , ولطالما سمعي قوي لطالما غار من سمعي ومن سِعة أذني الطرمان, وهذه حقيقة فعلاً أدركها بفعل تجاربي مع الناس فالقصير يغار من الطويل حتى إذا ما طالش العنب يقول عنه (حصرم-حامض) , ولطالما كان لساني فصيح لطالما غار مني (الخرسان والطرشان والعميان والعُرجان في أخبار المرجان) وما بين القوسين عنوان كتاب أو رسالة وضعها الجاحظ .

أعرفُ أنني هدفٌ للأوباش ولقابضي الثمن وللكلاب البوليسية وللمتعلمة في أفضل المعاهد والكليات فكلما تحدثتُ عنهم يغضبون وكلما مسحت بكرامتهم الأرض نهضوا ونفضوا الغبار عن ملابسهم ونبحوا باتجاهي ليرعبوني بأصواتهم ولكني لا أخافهم لمعرفتي أنهم كلاب ضالة تسكتُ لوحدها, وهم ينبحون ليثبتوا للجميع أن ملابسهم لم تتسخ وأن الذي مسح بكرامتهم الأرض واحد لا راح ولا أجا , وهم يقصدون بالواحد أنا , أي أنا الواحد الذي لا راح ولا إيجا, ولكنني واحد راح مليون مره وأجا مليون مره وكتب ملايين الحروف وآلاف الكلمات, وسأبقى هكذا حتى ألقى منيتي أو تلقاني , ولن أهاب رسائل التهديد فكله عندي تحت الكندرة.

إن صورة ومنظر الكلاب التي كانت ننبح في حارتنا لم تتغير كثيراً فما زال الكلبُ كلباً وما زال الإنسان إنسانا عظيماً وما زال الأسدُ أسداً, ولم تتغير الصورة كثيراً فهؤلاء الكلاب الذين كانوا (جراء) صغيرة في حارتنا قد كبروا اليوم ليصبحوا كلاباً بوليسية متدربة في أعتا المراكز وأقواها وأكثرها خبرة , وأصبحت الكلابُ تحملُ شهادات تقدير من كلاب أكبر منها بكثير تسبقها في الخدمة ولها أقدميه ولا يخرج الكلبُ من الخدمة إلا بعد أن يقوم بتدريب عدة كلاب تخلفه في النباح, وكل الكلابِ ما زالت إلى اليوم تحمل طابعين مهمين وهما النباح والذيل الأعوج , فما زالت الكلاب تنبحُ على كتبي ومقالاتي وأوراقي وأشعاري ودراساتي وأبحاثي العلمية , وما زالت الكلاب تلهث خلفي أينما ذهبت وما زلتُ أرفض ركلها برجلي أو برمي حجرٍ في فمها لأسد باب فمها بالحجارة وما زالت الكلابُ كل يوم منذ الصباح الباكر تنبحُ حتى يأت موعد النوم وما زلتُ أسمعها تنبح حتى تسكت عن الكلام , وهكذا تكون جدتي قد نجحت بتربيتي تربية مُثلى فأنا ما زلتُ إلى اليوم صامت حتى تسكت الكلاب لوحدها عن النباح .

بعض الكلاب نالت درجات عليا في فن النباح وبعضها ما زال ينبحُ ويصرخ , ومع مرور الزمن تعلمت بعض الكلاب مهارات جديدة في النباح وفي تقصي الأَثر , فهم يتتبعون أثري أينما ذهبت ويصرون على النباح أينما ذهبت , وما زالت ألسنتهم مقرفة جداً منها يرشح العرق ورائحة (الفرونات) لأنه ليس للكلاب مسامات جلدية مفتوحة لكي تخرج منها (الفرونات – العرق) , والكلابُ اليوم تتَبعُ أثري أينما ذهبت وكلما اشتموا رائحتهم في كلماتي كلما نبحوا على قلمي , وكلما لاحظوا صورهم في الدماء المراقة على الأرض كلما نبحوا على صورهم وأشكالهم .

وإلى متى سيستمرُ نباح الكلاب على الأقلام والأوراق , كانت الكلاب فيما مضى تنبحُ على اللصوص والحرامية والسرسرية والجبناء , واليوم تغير الوضع وأصبحت الكلابُ تنبحُ على الطفولة والبراءة والمساواة بين الجنسين وبين الرجلين وبين المرأتين وبين العلمين وبين الدول وبين الفقراء والأغنياء , أصبحت الكلاب اليوم ليست كلاباً بلا أصبحت (نذالةً) لقد كانت الكلابُ نبيلة تنبحُ على اللصوص والقوادين وتجار المخدرات , ولكنها اليوم تركت مهنتها القديمة فلم نعد نسمع أن كلباً للأثر قد عشر على شحنة مخدرات في سيارة قادمة من إحدى الدول , ولم نعد نسمع أن كلباً قبض على لص, بالرغم من أن السرقات كثيرة والتهريب كثير غير أن الكلاب لا تنبحُ إلا على شرفاء الأمة ومثقفيها وقادة الفكر وأمراء الشِعر والشُعراء.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أنا كاتبٌ مأجور؟
- الاسلام هو الاعلام الأقوى في العالم
- الحاكم العادل
- الحاكم الفردي القمعي الجلاد المستبد العادل
- لو أن بني أمية انتصروا على الهاشميين
- ملح وسُكر
- إلى كل أم في عيد الأم1
- رجل من أهل النار
- المجتمع المدني الاسلامي
- بيته مقابل مسجد الأبرار
- الجيوش العربية1
- توقفوا عن بناء المساجد
- أنا غيور على الاسلام
- الطفل الذي ابتلع عشرة قروش
- الاسلام يُفرّق بين الأخ وأخيه
- الاسلام ضد كل شيء
- امرأة وأربعة رجال
- الختيار والختياره
- النجاح في التعليم والفشل في التربية
- هذه كنيسة أم مركز مساواة أم صالون تجميل سيدات


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - -كلب العَربْ بسكُت من حاله-