جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2943 - 2010 / 3 / 13 - 21:28
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
الإسلام كفكر قد انتهى وكذلك الدولة التي تتمسك به ستنتهي حتماً وسيكون مصيرها الزوال , لأن أنظمة حكمها تتطابق مع الإسلام الذي انتهى كفكر وكعقيدة وكنظام حكم , وهنالك خطة لأنقاضه من التدهور وهي بأن يكون الإسلام أكثر تطوراً وشمولية لمؤسسات المجتمع المدنية , وبهذا يصبح الإسلام ديناً جذاباً ومصدر جذب للمرأة التي تشعرُ بالمساواة مع الرجل وكذلك مصدر إلهام فكري للمثقف الذي يشعر بوجوده ضمن مؤسسات ثقافية تهتم ُ به ويهتم بتا .وسلوك الإنسان المسلم وهو على العقيدة القديمة يشكلُ تهديداً لوجوده ولوجود الآخرين معه , ويستفيد من الإسلام كل محتكر للسياسة وكل مرتكب للشللية التي تشل قاع أي مؤسسة مدنية اجتماعية.
إن كل شيء اليوم يلاحق التطور , وكل شيء لا يتطور معناه أنه سيتلاشى للأبد , التلغراف والاتصالات والاعلام ووسائل النقل والأدب بكافة فنونه كله يجب أن يتطور وكله آخذٌ في التطور إلا الاسلام الذي يدين المجتمع المدني إدانة صارمة ويعتبره مصدر تهديد له , وهذا النوع من الإدانة من الظاهر أنه ينتجُ عن طريق دعم مؤسسات حكم فاسدة , ذلك أن الاسلام وتلك المؤسسات على نفس الخط , على اعتبار أن تلك المؤسسات القديمة ترفض المؤسسات الجديدة , والاسلام يتعارض مع مؤسسات الحكم الحديثة المدنية الصنع, والمؤسسات القديمة هي مجموعة رجال أقليات يحكمون الأكثرية عن طريق الاسلام الذي يقمع أي توجهات فكرية حديثة .
إلا سلام ليس ديناً عصرياً مثل البروتستنتية المتطورة عن المسيحية الكاثوليكية , بل هو دين لا يقبل أعضاءه تطويره تطويراً يتلاءم مع النظام المدني الحديث , فالمواطن العربي المسلم خادم جيد للإسلام الذي يخدم الحاكم الفرد المستبد أو العادل وهذه طريقة قديمة من طرق الحكم أي أن العقيدة نظام قديم من أنظمة الحكم القديمة التي تحكمُ فيها ألأقليات الأكثرية أو الأغلبية المسحوقة قبل اختراع الحرية والديمقراطية ومؤسسات الحكم المدنية , من هنا ينشأ التعارض بين الإسلام كدين ومذهب وبين أنظمة الحكم الحديثة وهي مؤسسات المجتمع المدنية , فالفكر الإسلامي ديناً وعقيدةً ومذهباً يُصيّر الفرد فيه مجرماً خادماً لأقلية بيروقراطية فاسدة , ولا تعتبر الأقلية البيروقراطية فاسدة لمجرد أنها قامت بعمليات فساد كبيرة أو صغيرة وإنما هي فاسدة لأنها أقلية غالبة تحكم أكثرية مغلوبة وتقمعهم عن طريق قمع حرياتهم وعلى رأسها التعبير عن الرأي والمساواة بين طبقات المجتمع أمام مؤسسات الحكم أي أمام دولة القانون والمؤسسات والإسلام لديه تصورات سيئة عن الحرية والتعددية وهو أكبر عقيدة فكرية ودينه تدين مؤسسات الحكم والمجتمع الليبرالي والصناعي بكافة مؤسساته , واذكرُ مرة مقولة أحد الناشطين الإسلاميين حين قال لي : يعني إذا بسمح لزوجتي أن تخرج وأرجلها حتى الفخذين مكشوفة لك سترضى عني؟ فقلت له : المسألة ليست منوطة برضائي أو غضبي وإنما بحريتها ورغبتها هي , كذلك أنا لي رغبة بالدخول في مؤسسات مجتمع مدنية غير موجودة في الأردن وأبحث عنها دون جدوى فهي غير موجودة بسبب تعارض الإسلام معها وتعارض مؤسسات الحكم أيضاً معها , والإسلام يدينها إدانة باطلة وعلنية وقمعية.
أنا غيور جداً على الإسلام , وأشعرُ بنهاية العرب إذا هم بقوا مستمسكين برفضهم لمؤسسات المجتمع المدنية عن طريق تعلقهم بالنظام الإسلامي الذي يقمع الحريات العامة علماً أن مؤسسات المجتمع المدني تقوم على جهود فردية من أفراد مستقلين لهم رأيهم ومزاجهم الخاص الذي عن طريق كل فئة من تلك الفئات تتشكل نواة وبذرة المجتمع المدني الحديث وأنا لا أريد أن نترك الإسلام وإنما تطويره بحيث يصبح ملائماً للبيئة وللظروف التي نعيشها اليوم لكي يتطابق مع مفاهيم ومصطلحات الحريات العامة وحقوق الإنسان الفردية .
إن المجتمع المدني يا إخوان يقوم على المؤسسات وليس على العقائد وعلى أساس احترام الفرد لتلك المؤسسات التي تقودها نخب سياسية وثقافية لها اتجاهات فكرية مدنية سلمية تهدف أولاً وأخيراً إلى خدمة الإنسان , وتتشكل تلك المؤسسات من خلال أفكار واقتراحات ومطالب فئات اجتماعية وشرائح اجتماعية كل فئة ٍ وشريحةٍ على حسب ما تؤمن به من أفكار ومبادئ , من هذا المنطلق تنشأ مؤسسات المجتمع المدنية من حزبية وجمعيات خيرية حتى تصل إلى المثليين الجنسيين والمساواة بين الجنسين وغير ذلك من الأهواء والمطالب الفردية والتي تصبح بعد فترة من تواجدها مع بعضها البعض لبنات طوبات تبني نفسها فوق بعضها البعض من خلال مد جسور التعاون بينها وبين الحكومة التي ترعى تلك المؤسسات , ومن هنا ومن هذا المنطلق تبدأ فكرة أكثر تقدماً وهي دولة القانون والمؤسسات التي تنبثق عن رغبة الجماهير .
وأنا غيور على الإسلام لأنني أريد أن أنتفع من مؤسسات المجتمع المدنية وأريدُ كذلك لأولادي بعد مدة بسيطة أن يستفيدوا من تلك المؤسسات , ولا يمكن أن أحافظ على بقائي وبقاء أبنائي إن أنا لم أستجب للتغيرات الكبرى التي تحدث في المجتمعات المدنية , إننا اليوم لا نستفيدُ من الجماعة وهي القبيلة والعشيرة ولا يمكن لنا أن نستفيد من الدولة وإنما من مؤسسات مجتمع مدنية , وطالما هذه المؤسسات غائبة ذهنياً وعملياً عن أرض الواقع .
الإنسان اليوم هو محور الحضارة , أو بالأحرى الفرد هو محور الحضارة وكل الأبحاث التطورية العلمية البحتة هدفها إسعاد هذا الإنسان وإخراجه من الضيق الذي يطرأ على سلوكياته ,والإنسان الفرد مسئول أمام مؤسسات المجتمع المدنية عن نفسه وعن تصرفاته , ويخضع للعقوبات الجزائية والحقوقية إن هو أخل بالنظام الاجتماعي أو أساء إلى أحد سواء أكان ذلك عن قصد أم غير قصد, وبمقابل كل ذلك على مؤسسات المجتمع المدنية أن ترعى هذا الإنسان وأن توفر له كل متطلباته ليكون عضواً فاعلاً في المجتمع ومحل ثقة ومسئولٌ عن تصرفاته , وبخلاف كل ذلك يكون الإنسان الفرد عضو في جماعة شعبية همجية غير مسئول عن تصرفاته والجماعة هي المسئولة عنه وموكولة به وبطريقة حياته .
والإسلام وهو هنا نقطتنا الأساسية في هذا الموضوع لا يعارض إنشاء المؤسسات المدنية الاجتماعية وإنما يعارض إطلاق الحريات العامة وتطوير الدين نفسه من خلال معارضته للفرد وحرية تصرفاته , فالفرد في النظام الإسلامي ليس حراً لأنه يخضع لقوانين صارمة تتعارض مع الحرية الفردية ومع مؤسسات المجتمع المدنية , فالإسلام لا يقيم علاقات طيبة مع المجتمع المدني وتعيش اليوم المجتمعات الإسلامية لحظاتها الأخيرة أو أنها تلتقطُ الآن أنفاسها الأخيرة.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟