أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - جهاد علاونه - الجيوش العربية1















المزيد.....

الجيوش العربية1


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2945 - 2010 / 3 / 15 - 15:38
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


استنتج (ول ديورانت) وهو يروي في قصة الحضارة من أن الجيش هو أول من يأكل وآخر من يجوع , لذلك لا يتأثر بالأزمات الخانقة , ومن هذا المنطلق يزداد الإقبال على الجيوش والانضمام إليها في المجتمعات غير المنتجة والتي تعيش متطفلة على المجتمعات المدنية كما يعيش الجراد متطفلاً على الغابات ولهذه الأسباب يجب تسريح أكثر من ثلاثة أرباع الجيوش العربية من الخدمة أو تحويلهم إلى العمل في مصانع مدنية , فزمن الجيوش الجرارة قد انتهى والحرب الألكترونية هي التي ستحسم الموضوع في المستقبل ويجب أن يتحول الجيش إلى الحياة المدنية والعصرية وأن يعمل على تحسين وهندسة الرفاهية للشعوب المدنية بدل تطوير الأسلحة .

إن هنالك طرفة سمعتها من الناس قبل عدة سنين وهي جنديٌ أردني يقفُ على الحدود وبمقابله جنديٌ اسرائيلي وقد دار بينهم هذا الحوار القصير:

الجندي الأردني: قديش راتبك في الجيش الاسرائيلي ؟

الجندي الاسرائيلي راتبي هو (...) .

الجندي الأردني : هذا إكثير , شو بدل إيش ؟ أو عشان إيش.

الجندي الاسرائيلي : بدل غلاء معيشه وبدل علاوة نقل وبدل علاوة خطوره وبدل رفاهية وبدل ...وبدل ..إلخ.

ثم صمت الجندي الأردني فسأله الجندي الاسرائيلي : وأنت قديش راتبك؟

الجندي الأردني : راتبي هو (...).
الجندي الأسرائيلي : شو هذول بدل إيش ؟

الجندي الأردني : بدل شحاده , بدل أن أشحد من الناس .

هذه طرفه ولكن لها معاني كبيرة وهي أن دول العالم تهتم بالجيوش وبرفاهية الجندي وبتثقيفه أما نحن فليس لدينا اهتمامات بتثقيف الجندي وبرفاهيته , وتُقبلُ الناس على الحياة العسكرية بسبب بحثهم عن البطالة أو بسبب البطالة نفسها , ومع ذلك يكون الجندي العربي مكتئبٌ من الحياة العسكرية وكنتُ أشاهدُ وأنا في مقتبل السادسة عشر من عمري , كنتُ أشاهدُ الجندي الأردني وهو ذاهب للعسكرية وكأنه ذاهبٌ إلى حضور جنازة موتى أو كأنه ذاهبٌ للموت , عدى عن ذلك قصص التجاوزات في الاجازات الاسبوعية للجنود وعقوباتهم ,وما زال المواطن الأردني يروي قصة عن رجل اتصل بالإذاعة الأردنية وقام بتعداد أبناءه ووظائفهم وقال : الحمدُ لله كلهم طلعوا بفهموا ما عدى واحد طلع حيوان بفهمش فأرسلته للجيش .

طبعاً المواطن الأردني قال هذا الكلام عفواً منه ولم يكن يقصد منه توجيه الإساءة إلى الجيش الأردني وإنما توجيه الإساءة إلى ولده ولكنه لفت انتباه الحكومة والناس من أن الذين يتجهون للجيوش العربية غالبيتهم من غير المتعلمين اطلاقا , وكانت هذه الحادثة البسيطة سبباً لتغيير كثيرٍ من الأمور العسكرية في الجيش الأردني .
إن الجيوش العربية أبعد ما تكون عن الحضارة والثقافة وهي تتشابه مع الأنظمة البدوية المستبدة التي كانت قديماً تتخذُ من الجبال مساكن لها بعيدة كل البعد عن الحياة العصرية والمدنية , وهذا ما أثر بشكل مباشر على أداء الجيوش العربية أمام اسرائيل التي كانت وما زالت تحوي في جيوشها العلماء والخبراء .

معظم دول العالم تعمل على تثقيف الجيوش ما عدى الدول العربية فهي تعملُ على تعريتها من الثقافة كما تتعرى بعض الأشجار من الورق , فإذا كانت الحياة المدنية مفقودة والمثقف يطرد من عمله كما هو الشأن في النظام البيروقراطي الأردني , فكيف بالجيش أن تدخله المدنية والثقافة ,ومن أين للجيش بالحياة السياسية والبرلمانية وهو محروم من أبسط قواعد السلوك المدني؟! فهل مثلاً بعد 100 عام سنجد عقيداً في إحدى الجيوش العربية حزبياً أو يحملُ أفكاراً حزبية , وهل سنجد بعد 100عامٍ مثلاً ضابطاً في الجيش يحملُ كتاباً في تطوير الفكر العربي ؟ هذا مستحيل طالما أن الأنظمة العربية قائمة على قديمها .

إن معظم الجيوش العربية تفتقر للولاء الحقيقي إلى بلدانها وإلى الشعب , والعسكرية عندهم معناها الانفلات التام من الحياة المدنية وهذه الأمور جعلت معظم الناس في الدول العربية تنفرُ نفوراً تاماً من الحياة العسكرية إلا في الآونة الأخيرة أصبحت الناس تقبل على العسكرية بسبب ضعف المصانع العملاقة ومؤسسات المجتمع المدنية , وكنتُ أسمع من كبار السن من أن الجندي كان يطلق الرصاص على نفسه من أجل التخلص من الحياة العسكرية أو يدعي أنه مصاب بمرض الصرع أو فقدان السمع وذلك لكي يهرب من الحياة العسكرية.

يقول: تراب جوزيف 1679-1747: إن ملك انكلترا لاحظ بعينين حكيمتين حالة جامعتيه كلتيهما ..فأرسل إلى أكسفورد جماعة من الفرسان لأن العلم الهائل في أكسفورد كان بحاجة إلى التدريب على الولاء .

وأرسل إلى جامعة كامبردج كتبا ومثقفين وعلماء ..لأنه لاحظ أن تلك الهيئة الكبيرة من الموالين له تفتقر للثقافة والعلم "

فولاء العسكريين والقادة بلا علم قد يضر جدا بمركز الملك السياسي ويؤثر على موقعه الإستراتيجي .

وكذلك الهيئة الكبيرة من العلماء بحاجة للتدريب على الولاء لكي يخلق الملك نظاماً موازياً لحفظ موازين القوى في مملكته المترامية والمتباعدة الأطراف , ومن أكثر القضايا المسكوت عنها اليوم هي قضايا (الجيوش العربية) وهذا من المواضيع الخطيرة جدا جدا جدا , فهذه الجيوش كانت تتسلح ضد إسرائيل وضد بعضها البعض, واليوم هي محافظة على طبيعة الأمن والنظام في كل بلد عربي , وكل زعماء الدول العربية يخافون من تثقيف الجيوش, فهم اليوم يحصنون الجيوش من المجلات والكتب والتنظيمات السياسية والحزبية والفكرية والثقافية , فممنوع على الجندي أن يكون مواطنا عادياً له حقوق المواطنة العادية , وممنوعٌ عليه الانخراط في التنظيمات السياسية والثقافية والفكرية , والجندي الذي يشتبه عليه دخوله في أي تنظيم يطرد من الخدمة العسكرية والجندي الذي يشتبه عليه أي شيء يُطرد من الخدمة العسكرية , حتى الذي كان يذهب إلى السينما كان وما زال يسجن ويطرد من الخدمة العسكرية , يعني حتى دخول الجامعات ممنوع على العسكري أن يدخلها وممنوع على العسكري الجندي أن يحمل وهو في الطريق شيء بيده اليمين , ومحضور على الجندي الدخول إلى الصالات الرياضية , ولكن لماذا كل هذا؟

التحولات في الأنظمة الحاكمة لا تحدث من مثقفين أمثالي , فأنا وأمثالي ومليون واحد من إشكالي لا يمكن أن يكون لهم أي تأثير على أنظمة الحكم , ولكن الخوف إذا وصلت أفكاري ومعتقداتي إلى قلب الجيوش العربية , فمن المحتمل أن تصبح الجيوش مسيسة وذات طابع فكري وثقافي ومن ثم تتطور تلك الثقافات إلى ممارسات عملية ومن ثم تتشكل الجماعات لتصبح حزباً سياسياً.
وكل الدول العربية وأنظمة الحكم استفادت من تجربة الجيوش السابقة مثل انقلاب الضباط الأحرار الذي حدث سنة 1952م على نظام الملك فاروق , فقد دخلت الثقافة الجيش المصري وأصبح هنالك اتجاه سياسي عُرف باسم الضباط الأحرار وكان جلالة الملك فاروق يبحث عن هؤلاء الضباط وكانت الإجابة أن نصف الجيش أصبحوا ضباط أحرار حتى وصلت ببعض المدنيين المتزمتين للادعاء بأنهم ضباط أحرار وكان (المراغي) وزير الداخلية المصري آنذاك قد كشف النقاب عن أسماء الضباط الأحرار القياديين داخل الجيش المصري غير أن سيدة داخل البلاط الملكي بمساعدة السادات قد غطرشت على الموضوع , وبعد ذلك قيل بأن الانقلاب الذي حققه الضباط الأحرار لو تأخر لسنة ٍ أو لعدة شهور قليلة فسيفشل نهائياً.

ونجح الضباط الأحرار واستفاد الضباط أنفسهم من هذه التجربة ومنعوا الثقافة من وصولها إلى الجيش وما زالت كل الدول العربية لها نفس الاتجاهات والتنظيمات العسكرية وهي منع التنوير من وصوله إلى تكنه الجندي العسكرية.
ولكن هل هذا هو الحال في معظم جيوش العالم؟
يعني هل هذا هو الحال في الجيش الروسي أو الفرنسي أو الأمريكي أو الإسرائيلي ؟

معظم جيوش العالم مثقفة وتتلقى النشرات والأخبار وتنخرط في المجتمع المدني وليس لأنظمة الحكم أي خوف منها لأن العملية السياسية موزعة على الجميع فلا يوجد خوف من الانقلابات السياسية العسكرية , لأن الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني هي مؤسسات الحكم وليس الجيش , فالجيش لا يحكم إلا نفسه بموجب قرارات حكومية وبرلمانية ولا تخضع الجيوش المتحضرة لحكم الفرد أو لحكم حزب خارج النظام الحكومي الديمقراطي .

والموضوع بالنسبة للجيوش العربية مختلفٌ تماماً , فهذه الجيوش تخضع لحكم فئة معينة وليس لحكم الحكومة نفسها والجيوش مستقلة عن عالم صنع القرار السياسي المدني وتخضع كلها لرتبة رجل واحد برتبة عقيد أو عميد أو لواء أو فريق, ولا تخضع لحكم مجلس برلمان ولا لحكم مجلس أمة تشريعي ولا لحكم رئيس حكومة حزبي.
وهنالك مشكلة كبيرة في تنظيم الجيوش العربية وهي بسبب غياب الوعي الاجتماعي نفسه , فلو تدخل السياسة حالياً إلى تلك الجيوش فستحدث الفوضى وما لا يحمد عقباه ذلك أن تلك الجيوش قادمة أصلاً من مجتمعات رجعية قد تقع تحت سيطرة فئات دينية لها نوايا عدوانية تجاه الآخرين.









#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توقفوا عن بناء المساجد
- أنا غيور على الاسلام
- الطفل الذي ابتلع عشرة قروش
- الاسلام يُفرّق بين الأخ وأخيه
- الاسلام ضد كل شيء
- امرأة وأربعة رجال
- الختيار والختياره
- النجاح في التعليم والفشل في التربية
- هذه كنيسة أم مركز مساواة أم صالون تجميل سيدات
- الاسلاميون يراقبون الإنترنت والشارع العام والفضائيات
- الاسلام دين العاطلين عن العمل
- الدين الإسلامي دين العاطلين عن العمل
- ليش يا ألله ما خلقتنيش مسيحي!
- سأثبت لكم شراسة المسلمين1
- أنا السلطان
- ملابس النساء في الصيف والشتاء
- اللغة العربية المتخلفة اجتماعيا
- حكاية أمل1
- شذرات الندى2
- التوسع في التحقيقات


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - جهاد علاونه - الجيوش العربية1