محمد سنجر
الحوار المتمدن-العدد: 2952 - 2010 / 3 / 22 - 10:41
المحور:
الادب والفن
( اجتمع أهالي القرية عن بكرة أبيهم أمام دار العمدة ،
كل منهم يريد أن ينال دوره للتحدث من خلال هاتف العمدة المجاني ،
وقف الخفر يصفون الناس ،
بينما أخذ الخفير التهامي يصيح بالجموع )
ـ عمرنا ما ها نتعلم النظام أبدا ؟
ما تقف صف واحد ياله انته و هوه ،
حازي ، و الا احنا يعني ما نمشيش غير بالعصاية ؟
مش كفاية العمدة الله يعمر بيته خلاكم بني آدمين و عملكم التليفون مجانا ؟ دي فين تلاقوها دي في العالم كله يا ناس ؟
سبحان الله ، عليا النعمة خدمة عشر نجوم ،
ـ نرجع نأكد ـ كل واحد فيكم ياخد دوره ،
جاتكوا داهية ، الستات في ناحية و الرجالة في ناحية ، كلكو زي بعض ،
ارجع يا راجل انته هناك ، ها ناخد واحدة ست و بعدين راجل و بالدور ، و اللي يدخل عشان يتكلم ما يعوقش ، يعني تتلقح تقعد تطرش الكلمتين و تفز تقوم على طول ، رغي النسوان ده مالوش لازمة ، أني بأنبه اهوه ، عشان ما حدش يقول (التهامي) ما حذرناش .
انته ياد يا حسونة ، جاي تتكلم من هنا ليه ؟ مش عندك تليفون ؟ و الا أبو بلاش كتر منه ؟
ـ هو أني مش زي الناس دي و الا إيه يا ( تهامي ) ؟
ـ و التهامي ده كان بيلعب مع أبوك في الشارع ؟ أما تيجي تكلمني يا وله تقول حضرة الغفير التهامي ، فاهم و إلا لأ ؟ و بعدين ، لأ طبعا إنته مش زي الناس ، مش عندك تليفون في بيتكم ، يبقى تروح تتكلم منه ؟
ـ مش ماشي يا حضرة الغفير ، زيي زيهم .
ـ طب تلاتة بالله العظيم ما انته متكلم لو على جثتي ...
( يجذبه من جلبابه بعيدا ، يحاول التخلص من بين يديه و لا فائدة ، يذهب الرجل بعيدا و هو يصيح )
ـ و الله لاني قايل لحضرة العمدة ، إشمعنى اني يعني ؟
( يدخل ( التهامي ) إلى داخل دار العمدة بينما وقف الخفر بالخارج يصفون الأهالي بنظام ، نسمع صوت ( التهامي ) ينادي من الداخل )
ـ دخلي أول واحد يا ( عوادلي ) .
ـ يلا ادخل انته يا حسن يا بو خميس .
( يصرخ أحد الرجال )
ـ اشمعنى أبو خميس يعني ؟ أني جاي قبله ، و الا عشان قريبك ؟
( يصرخ الخفير العوادلي في وجهه )
ـ هوه كده ان كان عاجبك ، عافية بقى ، و عليا النعمة كلمة تانية ما انته شايف التليفون ده شكله إيه ، إيه رأيك بقى ؟
( عندها يتراجع الرجل ، لكنه يتكلم بصوت خفيض بكلام غير مفهوم )
ـ بتبرطم تقول إيه يا ابن هنومة ؟
ـ بادعي لك ، الحق عليا ؟
ـ باحسب ، عارف لو كنت بتبرطم كده و الا كده ؟
( يتحرك شاب من بين الجموع يقترب من العوادلي ، يهمس في أذنه )
ـ أمي بتقولك انته ما عديتش عليها ليه عشان تاخد صينية البطاطس اللي عاملاها لك ؟ و بتقولك هي عايزة تكلم اخويا في العراق .
( يلتفت العوادلي إليه يهمس في أذنه )
ـ قولها حاضر بس شوية كده عشان زحمة دلوقتي ( يغمز بعينه ، ثم يرفع صوته ) أنا ما عنديش خيار و فاقوس ، أنا باقولك اهوه ، كل واحد في دوره ، يلا من هنا .
( ينصرف الولد ، يشير العوادلي بعصاه لإحدى النساء الواقفات )
ـ الست اللي هناك دي ، إنتي مين يا ست انتي ؟
ـ أني من أبو زعيبل .
ـ نعم ؟ زعيبل مين يا أم زعيبل ؟ يلا امشي مششت ركبك من بدري ...
( يذهب إليها يدفعها بقوة فتقع المرأة أرضا ، عندها تحدث ضجة بين الجموع )
ـ ما تسيبها يا عم عوادلي .
ـ يعني هي ما لهاش نفس زينا ؟
ـ يعني التليفون ها يخس ؟
( عندها يصرخ فيهم العوادلي )
ـ إياك أسمع نفس حد فيكم انته و هوه ، كل واحد فيكم ينقطنا بسكاته ، اللي متعاطف معاها يوريني نفسه ، الخدمة دي لأهالي كفر البلاص و بس ، يلا غوري في ستين داهية من هنا ، و أديني بانبه اهوه ، أي حد من أبو زعيبل أو أبو حطب يمشي من سكات أحسن له و إلا ها أسود عيشته و عيشة اللي جابه .
( تقف المرأة و ترحل و هي تبكي ، بينما ينسحب بعض الرجال و النساء من بين الصفوف ، و يعود العوادلي لينظم الصفوف )
......................
( بعد المغرب جلس الخفير ( التوابتي ) مع شيخ الخفر )
ـ كله تمام يا شيخ الغفر .
ـ عملت إيه النهاردة ؟
ـ زي ما أمرت بالظبط ، و كل حاجة متسجلة هنا في الورق ده .
( يخرج التوابتي بعض الأوراق و يناولها لشيخ الخفر )
ـ إوعى يكون حد شافك و انته بتكتب ؟
ـ هو أني أهبل ؟ أنا كنت باصنت من التليفون اللي جوه .
ـ طب اقرا لي اللي انته كاتبه كده .
ـ الواد حسن ابو خميس طلق مراته و كلم أهلها في البندر عشان يجو ياخدوا حاجاتها .
ـ و طلقها ليه ؟
ـ عشان ما خلفتش لغاية دلوقتي .
ـ و العيب من مين ؟
ـ كل واحد فيهم بيقول العيب م التاني .
ـ غيره .
ـ البت نحمده بنت أبو إسماعيل جاي لها عريس من أبو حطب .
ـ و اتلمت عليه فين الواد ده ؟
ـ كان معاها في المصنع بتاع المركز ، و جاي هو و أهله يوم الاربع عشان يطلبوها من أبوها .
ـ غيره .
ـ الواد حسان أبو جمعة أخوه باعت له ألفين جنيه من بلاد برة مع واحد صاحبه ، و ها يجيب له الفلوس بكرة الظهر .
ـ هو أخوه بيشتغل إيه هناك ؟
ـ بيقولوا مبيض محارة كبير قوي هناك ،
على فكرة الواد حسونة كان جاي النهاردة عشان يتكلم من عندنا ، بس التهامي طرده .
ـ طرده ليه إن شاء الله ؟
ـ عشان عندهم تليفون و جاي يتكلم من تليفون العمدة .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، و هو أنا قعدت أتحايل على العمدة لغاية لما عمل التليفون مجانا ليه ؟ بعد ما تخرج من عندي تروح تقطع السلك بتاع تليفون الواد حسونة ، و أني ها أنبه على التهامي إنه يسيبه يتكلم من عندنا .
ـ أمرك يا شيخ الغفر .
ـ و بكرة ها أخلي واحد م الغفر يعملهم شاي كمان .
ـ ما نجيب لهم سحلب و طاولة أحسن ؟ ( يضحكان ) أموت و أعرف لزمتها إيه المصاريف دي كلها ؟
ـ عمدة و عاوز يريح أهل بلده يا أخي ، و إلا يعني الكحكة في إيد اليتيم عجبه ؟ و بعدين ده كفاية إننا نعرف كل كبيرة و صغيرة في البلد .
ـ طب و التقارير اللي أني قاعد أكتبها دي ، أبويا العمدة عنده خبر بيها ؟
ـ لأ طبعا ، دي حاجة بيني و بينك بس ، و حسك عينك حد يعرف الموضوع ده ، و بعدين ما هو إحنا لازم نعرف كل كبيرة و صغيرة في البلد يا وله ، أمال ها نحافظ على أمن البلد دي إزاي ؟
ـ معاك حق و الله يا شيخ الغفر ، عاوز الصراحة يا شيخ الغفر ؟
ـ لا بنت عمها .
ـ كان نفسي دماغي تبقى و لو نص دماغك .
ـ ياد قول بسم الله ما شاء الله ، يلا روح عشان تنام ( يخرج بعض النقود من جيبه و يدسها في جيب التوابتي ) و بكرة إن شاء الله تطرطق ودانك على الآخر .
ـ مطرطقة و سالكة و مية مية إن شاء الله يا شيخ الغفر ، سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .
( يتبع )
#محمد_سنجر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟