مختصرات في الماركسية 24

فواز فرحان

الحوار المتمدن-العدد: 2950 - 2010 / 3 / 20 - 15:12
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

الأمة ...

الأمة والطبقة الإجتماعية ...

إزدادت أهمية المشكلة القومية بمرور الأيام ، غير أنهُ لا بد من الإعتراف انها مشكلة صعبة جداً ، ولا يمكن التعرّض لها وحلها إلاّ على أساس الماديّة التاريخية ..
فالبرجوازية تريد أن توهم الناس أن التاريخ قائم فقط على النضال بين الأمم ، مُحاولةً بذلك إخفاء إضطهادها الطبقي ، وأن تقنع العمال أن مصالحها هي مصالح جميع أفراد الأمة ، غير أن المادية التاريخية أثبتت أن إنقسام الناس الى طبقات متعارضة أشدّ عُمقاً من إنقسامها الى أمم بواسطة نضال الطبقات ومحتوى الأمم الطبقي ...
ــ الأمة .. حقيقة تاريخية ظهرت وتنمو على أساس طبقي ، وسوف تزول في المجتمع الخالي من الطبقات ...
غير أنها خلال الفترة الطويلة التي توجد فيها ، تقوم بدور كبير لهُ أهميّة في الحركات القومية في نظر الماركسيّة ..
ــ ينظر المخلصون للمادية التاريخية الى المشكلة القومية في ذاتها ، بل هم يربطونها بنضال البروليتاريا الثوري ، وبمسألة تحرير البروليتاريا من النير الطبقي ..

النظرة العلمية للأمة ...

ما هي الأمة ؟

الأمة ... هي حقيقة موضوعية ، ظهرت وتنمو على أساس طبقي ..

ما هي صفاتها ؟

صفاتها هي ..
ــ وحدة اللغة ..
ــ وحدة الأرض ..
ــ وحدة الحياة الإقتصادية ..
ــ وحدة التكوين النفسي والثقافي ..
ــ وحدة مستقرّة تكوّنت تاريخيّاً ..

ملاحظة ...
لا يُناقض النضال بين الطبقات داخل أمة من الأمم قط وحدة الحياة الإقتصادية ، لأن وجود الطبقات يعتمد على واقع إقتصادي ممتاز هو الإنتاج ..
فطالما وِجدَت الرأسمالية ... طالما ظلت البرجوازية والبروليتاريا مرتبطين معاً بجميع روابط الحياة الإقتصادية ، كجزئين مكوّنين لمجتمع رأسمالي واحد ..
ــ لا يستطيع البرجوازيون العيش والإثراء إذ لم يتوفر لهم العمال المأجورون ، كما لا يستطيع البروليتاريون العبث إذ لم يعملوا عند الرأسماليين ، ويعني قطع الروابط الإقتصادية بينهما توقف الإنتاج ، وتوقف كل إنتاج يؤدّي الى موت وهلاك المجتمع وموت الطبقات نفسها ...
الأمة ... هي وحدة تكوين نفسي ، فهناك خلق قومي يميّز كل أمة عن الأمم الأخرى ، وأصل هذا الإختلاف أن كل شعب يحيا منذ أمد طويل في ظروف خاصة ووحدة لغة تولد بالضرورة مع مرور الزمن خواص نفسيّة مشتركة ...
يجب أن لا نخلط بين الأمور الفكرية والنفسيّة ، إذ أن للطبقات التي تناضل فيما بينها نظريات فكرية متعارضة ، ولكنه يوجد مع ذلك معالم خلقية خاصة لكل أمة من الأمم ...
ونجد التكوين النفسي ووحدته أسمى تعبير عنه في وحدة الثقافة ، إذ لكل أمة من الأمم تراث ثقافي يعكس صورتها ، وتعترف الشعوب بقيمة التراث الثقافي كعنصر من عناصر الوحدة القومية ...
(( فالوحدة القومية هي ثمرة تاريخية )) ..

يقول ستالين في تعريفهِ للأمة ..

(( هي وحدة مستقرة ، تكوّنت تاريخياً في اللغة ، والأرض ، والحياة الإقتصادية ، والتكوين النفسي ، تظهر جليّاً في وحدة الثقافة )) ..

بعض الأخطاء التي يجب تجنبها ..

ــ تتفاعل العناصر المكوّنة للأمة ، وليس هناك من عنصر يكفي لوحده لتكوين الأمة ..
ــ ليس الجنس عنصراً مكوّناً للوحدة القومية ..

البرجوازية والأمة ..

تكوين الأمم البرجوازية ..

لم تهبط عناصر الأمة وهي اللغة والأرض ووحدة الثقافة من السماء ، بل تكوّنت شيئاً فشيئاً ، وقد وِجدت هذه العناصر بصورة بدائية وتكون في أفضل الأحوال عوامل فعّالة كاملة لتكوين الأمة المستقلة ، مع توفر بعض الظروف الملائمة ...
ولم تتحوّل هذه القوة الكامنة الى حقيقة إلاّ في عصر الرأسمالية الصاعدة بأسواقها القومية ومراكزها الإقتصادية والثقافية ...
هذا يقودنا الى نقطة جوهريّة وهي ..

(( قامت السوق إذاً بدور فعّال في نشوء الأمة )) ..

يقول لينين ..

(( لم يكن إيجاد هذه الروابط القومية سوى إيجاد الروابط البرجوازيّة ))

ــ ترفض المادية التاريخيّة القبول بنظرية علماء الإجتماع البرجوازيون الذين يصوّرون الروابط القوميّة على أنها على أنها إستمرار لعلاقات القبيلة وتعميم لها ، إذ ليست القبيلة سوى مجموعة عائلات وهي تتعلق بمستوى منخفض جدّاً لقوى الإنتاج ..

لقد دلل كل من ماركس وإنجلز في القسم الأول من البيان الشيوعي ..

(( كيف أن نمو الإنتاج التجاري ( الإنتاج المُخصص للسوق ) وعلاقات الإنتاج الجديدة داخل المجتمع الإقطاعي القديم هما أصل الأمم )) ..

البرجوازية على رأس الأمة ..

إن تكوّن الأساس الإقتصادي للأمم البرجوازية هو في الأساس عملية تلقائية ، غير أن تكوّن الأمم نفسها ليس تلقائيّاً ، وذلك لأن الطبقة الصاعدة وهي البرجوازية هي التي قادت عن معرفة وعلم تكوّن الوحدة القوميّة ...
(( ولا تستطيع البروليتاريا أن تتحرّر من الإضطهاد الطبقي إذ لم تحارب النزعة القومية )) ..

البرجوازية خائنة للأمة ..

يؤدّي نضال البروليتاريا الطبقي بالبرجوازية الى تحقيق جبهة واحدة مع البرجوازية الأجنبية ضد البروليتاريا ، وهو تحالف جديد مُقدّس ..

مثال ..

(( تحالف البرجوازية الفرنسيّة مع بسمارك عام 1871 ضد كومنة باريس ، لكن النزعة القومية البرجوازية تظهر بمظهرها الحقيقي في مرحلة الرأسمالية النهائية ، المرحلة الإستعمارية )) ..
ــ وكلما إشتدَّ الإستعمار ، كلما زاد البون بين مصلحة برجوازية الإحتكارات الكبرى ، وبين فئات الشعب ، وذلك لأن الإستعمار هو إعلان الحرب على الشعوب ...
فالتبعيّة اللغوية تؤدي حتماً الى التبعية الثقافية ..

كتب ماركس يقول ...

(( إن تسمية الإستغلال في صورتهِ العالمية بإسم الأخوّة الشاملة ، فكرة لا يمكن أن تولد إلاّ في قلب البرجوازية )) ..
مع ذلك فقد إتسع نضال البروليتاريا الطبقي الثوري منذ ذلك العهد بشكل هائل ، وأدرك العمال شيئاً فشئ بفضل إنتشار الإشتراكية العلمية بأن مصالحهم في مختلف البلدان متحدة ضد عدو طبقي مشترك ..

الطبقة العاملة والأمة ...

النزعة العالمية للبروليتاريا ..
لا يمكن حل المشاكل القومية حلاً صحيحاً إلاّ كجزء من مجموع ، ألا وهو النضال الطبقي والثورة البروليتارية ..
فلقد رأينا أن الحقيقة القومية البرجوازية تقوم في المرحلة الإستعمارية على إضطهاد الأمم ..
يرتبط موقف البروليتاريا من المسألة القومية بمصالحها ، وما يجب عليها كطبقة ثورية ، إذاً فهو موقف مبدأي قد حدّدهُ كل من ماركس وانجلز في البيان الشيوعي في العبارة التالية ..

(( يا عمال العالم إتحدوا .. ليس لديكم ما تخسرونه سوى قيودكم ، إن أمامكم عالماً سوف تفوزون بهِ ))

هذهِ إذاً هي النزعة البروليتارية العالمية ..

نستنتج عدّة نتائج من النزعة العالمية البروليتارية كموقف مبدأي ما يلي ..
1 _ إذا وِجِدَ في دولة أقلية ما من العمال لها خواصها القومية ، فلا يجب أن يوجد إلاّ حزب بروليتاري يضم جميع العمال ..
2 _ لا تستطيع الدولة الإشتراكية ضمان إستقلال القوميّات التي تضمّها إلاّ إذا وفرت لها المساواة ..
3 _ حجر الأساس في النزعة البروليتارية العالمية هو تعلّق جميع البروليتاريين غير المشروط بالدولة الإشتراكية ..

النزعة الوطنية للبروليتاريا ..

النزعة الروليتارية العالمية هي التعبير عن المصالح الطبقية المشتركة بين بروليتاريي جميع البلدان ، وليس للثورة الإجتماعية وهي هدف البروليتاريا طابع قومي في الأساس ، فمحتواها طبقي ...
رأينا أن الرأسمالية قد نمت في الإطار القومي ، ولهذا يرتدي نضال البروليتاريا الثوري ضد البرجوازية طابعاً قومياً ، إذ لا يمكن للبروليتاريا في بلد مُعيّن أن تنتصر على برجوازيّتها إلاّ إذا حاربتها في عقر دارها وإنتزعت منها القيادة السيّاسية ..

يقول ماركس ..

(( إن على البروليتاريا أن تجعل من نفسها طبقة قائدة للأمة ، وأن تصبح هي نفسها الأمة )) ..

مســألة الإستعمار وحق الأمم في تقرير مصيرها ...

إن الإضطهاد البرجوازي الطبقي في ظروف الإستعمار يرتدي شكل الإضطهاد القومي ..
وبعد أن كانت الرأسمالية مُحرّرة للأمم ، أصبحت اكبر مُضطهِدة للأمم ..
أنهت أقوى الدول في عصر الإستعمار تقسيم الكرة الأرضية في آسيا وأفريقيا فيما بينها ، وإستغلت الشركات الإحتكارية المستعمرات والمحميّات التي نشأت عن هذا التقسيم ...
ويشمل الإضطهاد الإستعماري جميع نواحي الأمة ..
1 _ يحتل الأرض ..
2 _ يفرض اللغة الأجنبيّة على حساب اللغة القومية ..
3 _ نهب الثروات الإقتصادية ..
4 _ تدمير وإستعباد الثقافة القومية ..

لماركس قول مشهور ..

(( لا يمكن للشعب الذي يضطهد شعباً آخراً أن يكون حُرّاً ))

وإستغلال شعب من الشعوب هو من صنع البرجوازية الكبرى ، والرجعيّة والإحتكارات التي تستولي على الشعوب الضعيفة بحثاً وراء الربح الأقصى وتسلبها خيراتها ..

(( البرجوازية تدفع البروليتاريا في بلدها ضد العمال الأجانب لضمان نجاح مشاريعها الإستعمارية )) ..

يقول لينين ..

(( يجب أن يقوم مركز الثقل في تربية العمال العالمية في البلاد المضطَهِدة على الدعاية والدفاع عن حرية البلاد المضطهَدة في الإنفصال ، إذ بدون ذلك لا توجد النزعة العالمية )) ..

يمكن للبروليتاريا العالمية أن تساند حركة قومية معادية للإستعمار في بلد مُعيّن ، وإن كانت هذهِ الحركة لاتقودها عناصر بروليتارية ..

الأمم الإشتراكية ...

المسألة القومية والثورة الإشتراكية ..
إبتدأت الثورة الإشتراكية بتحريرها للشعوب المضطهَدَة مرحلة جديدة في تطور الأمم ، وظهر نموذج جديد من الأمم بفضل إنتصار البروليتاريا ألا وهي الأمة الإشتراكية ...
ويجب أن نفهم أن الأمم البرجوازية التي نشأت بقيادة البرجوازية ضد الإقطاع ، وكان إنتصار البرجوازية إنتصار لعلاقات الإنتاج الرأسمالية ، ومن هنا نشأت مميّزات الأمم البرجوازية ...
تقوم الأمة البرجوازية بالضرورة على عدم المساواة بين أفرادها ، لأن الطبقة المُسيطرة تستغل البروليتاريا ...

يقول لينين ...

(( أصبحت الرأسمالية الإستعمارية أكبر مُضطهِد للأمم )) ..

كما يقول كل من ماركس وانجلز ..

(( إلغوا إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان تلغوا إستغلال أمة لأخرى ، فمتى ما زال تعارض الطبقات داخل الأمة ، زالت العداوة بين الأمم ))

وقد أوجدت الثورة الإشتراكية بقلبها للبرجوازية المستغِلة وإزالتها للإضطهادالطبقي علاقات جديدة داخل الأمة الواحدة وبين الأمم المُتعدّدة ..

مُستقبل الأمم ...

إذا ما حطمت الطبقة العاملة النير الطبقي بواسطة الثورة ، حطمت في نفس الوقت النير القومي ، وهكذا تضمن الإشتراكية لجميع الأمم إزدهاراً مُنسجماً ...

(( سيكون نتيجة إنتصار الشيوعية إقتصاد عالمي موحّد ، وهو شرط ضروري لتقدّم قوى الإنتاج المُطرد ، ومن ثم تفقد الحدود الأرضية مغزاها ، إذ سوف يقرّب إزدياد التبادل المادي والثقافي بين الشعوب ، فتسير نحو لغة عالمية واحدة تنتج من إتحاد عدّة لغات قومية وبصورة تدريجية ، وستكون غنيّة جداً )) ...

ملخص لكتاب اصول الفلسفة الماركسية
جورج بوليتزر

#فواز_فرحان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات