أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمعة الحلفي - الهويات القاتلة !














المزيد.....

الهويات القاتلة !


جمعة الحلفي

الحوار المتمدن-العدد: 895 - 2004 / 7 / 15 - 06:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الهوية هي ما يجعل المرء لا يتماثل مع شخص آخر سواه، بما في ذلك توأمه، مثلما لا تتماثل طبعات الأصابع. وهذا بالذات ما يجعل كلمة (هوية) مفهوماً محدداً ودقيقاً، يؤكد أنه لا يوجد، على الإطلاق، كائنان بشريان متماثلان. نقول متماثلان ولا نقول متشابهان، فالتشابه قائم و "يخلق من الشبه أربعين" كما يذهب المثل المعروف. فلو جمعنا وقارنّا العادات والميول والأهواء والطباع والنوازع والغرائز، وأشياء كثيرة من هذه العناصر، سنجد أن التشابه سمة أساسية وشائعة بين البشر المختلفين في هوياتهم. فالمسلم قد يتشابه مع المسيحي في الكثير من هذه العناصر، وبالتالي يجده أقرب إليه، نفسياً وروحياً وسلوكياً، من أخيه المسلم الذي يلتقي معه بالهوية الإسلامية، ويختلف معه بعشرات العناصر. وكذلك قد يجد العربي فرنسياً أقرب إليه من أبن جلدته، إذا ما التقيا في هذه المشتركات. فكيف الأمر بالنسبة للعربي والكوردي، أو العربي والآشوري؟
وإذا كان هناك من تصدى، بوضوح وشجاعة، لهذه الإشكالية، التي أخذت منحى ذهب بها بعيداً، عن جوانبها الإيجابية، إثر بروز ظواهر التطرف والتعصب، فهو الكاتب اللبناني الأصل والفرنسي الثقافة واللغة، أمين معلوف، في كتابه المهم (الهويات القاتلة).
وأمين معلوف ليس مجرد باحث موهوب في ميدان عمله هذا، بل هو نفسه، عينة نموذجية على تشابك الهويات وتداخلها، وبالتالي، تمازجها وتآخيها. فهو ولد في لبنان وعاش فيه حتى السابعة والعشرين من العمر، والعربية لغته الأم. وفي قريته الجبلية، قرية أجداده، عرف أفراح الطفولة الأولى وسمع بعض القصص، التي استوحى منها، فيما بعد، عالم رواياته، "فكيف أنسى ذلك كله وكيف يمكنني أن انسلخ عنه" هكذا يسأل في مقدمة كتابه. لكن من جهة أخرى، يعيش معلوف على أرض فرنسا منذ اثنين وعشرين عاماً (تاريخ صدور الكتاب 1999) ويشرب من ماءها ونبيذها، وتلامس يداه أحجارها القديمة كل يوم، ويكتب بلغتها، فهل تكون هذه أرضاً غريبة بالنسبة له؟ إذن، يخلص معلوف الى القول "أنا نصف لبناني ونصف فرنسي(...) أنا لا امتلك هويات عدة، بل هوية واحدة مكونة من كل هذه العناصر" مجتمعة.
ليس أمين معلوف حالة خاصة، بطبيعة الحال، لا بالانتماء لهذه الهوية المركبة ولا بفلسفته الإنسانية لها، فهناك الآلاف والملايين من البشر (منهم بضعة آلاف من العراقيين) ممن وجدوا أنفسهم يمتلكون مثل هذه الهويات. وقبل بروز مظاهر التطرف والتعصب، خلال العقود القليلة الماضية، لم يكن هذا الأمر موضع بحث أو اتهام وتساؤل، أو موضع شعور بالتمزق، لأنه، أصلاً، لم يكن موضوعاً إشكالياً، وهو لا يزال، كذلك، في الجوهر، لو أننا احتكمنا لنصيحة قديمة، كان قد أسداها لنا الإمام علي (ع) قبل مئات السنين، عندما قال: الناس صنفان.. أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق! خلاصة القول ليست الهوية، دينية كانت أم قومية أم طائفية أم أثنية أم جهوية، هي العامل الحاسم في الانتماء، بل هناك الكثير من العناصر الأخرى، الداخلة عليها والمؤثرة فيها، والتي تفعل، ويجب أن تفعل، فعلها الايجابي الخلاق في العلاقة بين البشر، وإلا لما شهد التاريخ تلك الحروب الدموية بين المسلمين وبعضهم البعض، والمسيحيين ضد المسيحيين، والعرب ضد العرب والأكراد ضد الأكراد... الخ.
إذن يمكن أن تكون الهوية، بعناصرها المركبة، قيمة أخلاقية وثقافية ايجابية، حين تخبو الضغائن وتتراجع نزعات التطرف والتعصب والتطوئف، ويمكن أن تتحول، في فترات الحروب والنزاعات وسيادة المصالح الضيقة، الى هويات قاتلة!



#جمعة_الحلفي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لسعة تموز
- من حكمة غاندي الى شجاعة صونيا ... معجزة الديمقراطية الهندية
- عند حافة الشاهدة
- الإساءة لسمعة الكلاب !
- عندما تكذب كن صادقاً !
- الديك الأصولي!
- عندما رحل الخميني ... دوّي العودة، دوّي الرحيل !
- نظرية الفائض البشري !
- زيارة متأخرة للأندلس !
- الى سعدي يوسف ... تصبحون على وطن !
- من دفاتر المنفى ... عربانة النواب 5 من 5
- من دفاتر المنفى ... عربانة النواب 4 من 5
- من دفاتر المنفى ... عربانة النواب 3 من 5
- من دفاتر المنفى.. عربانة النواب 2من 5
- من دفاتر المنفى ... عربانة النواب 2 من 5
- من دفاتر المنفى عربانة النواب 1من 5
- في تفاصيل التكوّن
- المثقفون العراقيون... ماذا يطبخون؟
- البحث عن الوطن في أزقة المنافي !
- سيرة الرسالة: من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان ...


المزيد.....




- خطة سموتريتش تهدف إلى منع قيام دولة فلسطينية
- نتنياهو يكشف حلم -إسرائيل الكبرى- ويقلق العرب
- كمين مركب للقسام جنوب مدينة غزة وإسرائيل تحشد قواتها لاحتلال ...
- سموتريتش يُحيي خطة -إي-1- لتقطيع أوصال الضفة الغربية
- استعدادات عسكرية إسرائيلية وفرق الهندسة تواصل تدمير غزة
- بن غفير يهدد البرغوثي في زنزانته وعائلته مصدومة من تغير ملاح ...
- بسبب زيارة إيران.. قائد الجيش في جنوب أفريقيا يضع بلاده في أ ...
- الهولنديون يهربون من حرّ الصيف إلى مياه القنوات والأنهار
- أزمة السكك الحديدية .. الحكومة الألمانية تطيح برئيس -دويتشه ...
- شروط نتنياهو لإنهاء الحرب وخطط إسرائيل لاحتلال غزة


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمعة الحلفي - الهويات القاتلة !