أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - نهاية عصر الفتوى: فتاوى في ذمة التاريخ














المزيد.....

نهاية عصر الفتوى: فتاوى في ذمة التاريخ


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2933 - 2010 / 3 / 3 - 08:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم نسمع، في طول العالم الإسلامي وعرضه، أن إحداهن قد قامت بالكشف عن صدرها، في مكان عملها، طالبة إرضاع زملائها في العمل، كي يحل اختلاطها معهم، وقد تندر الناس يومها على تلك الفتوى التي أصدرها الشيخ عزت عطية، رئيس قسم الحديث بجامعة الأزهر سابقاً، وضحكوا وضربوا كفاً بكف عن الحالة المزرية والانحطاط الفكري والسلوكي المرعب والفظيع التي وصلت إليه من تسمى بالشعوب العربية والإسلامية. وطرد الشيخ من بعدها من وظيفته، ونسيه القوم، كما نسوا فتواه المضحكة، لكن تحسر عشاق "الصدور العامرة" على عدم تطبيق فتواه الوحيدة، ربما، التي تمنى كثير من القوم المؤمنين أن تطبق فوراً وتجد طريقها إلى التنفيذ.

كما لم نسمع ، أيضاً، في طول العالم الإسلامي، وعرضه، أن قام أحد من المسلمين بمطاردة الفئران، وقتلها، وملاحقتها في وسائل الإعلام باعتبارها "مفسقة" بحسب الفتوى التي أصدرها الشيخ السوري محمد المنجد المقيم في السعودية. وظلت الفئران تسرح وتمرح فيما بيننا، لا بل لوحظ تكاثر أعدادها وعدم إيلاء الناس أية أهمية لفتوى الشيخ، لكن حسنة تلك الفتوى الوحيدة، أنها أدخلت الضحكة المرة والساخرة إلى نفس كل من اطلع عليها، وما هي إلا مسألة أسابيع، حتى نسي الناس تلك الفتوى، كما نسوا صاحبها، الذي توارى خجلاً عن أعين الناس، وبدأ بإصدار تبريرات وتفسيرات بشأنها.

كما أن أحداً ما لم يأبه لفتوى الشيخ عبد الله النجدي في تحريم لعب كرة القدم، حتى في السعودية نفسها، التي تشهد دوري لكرة القدم، يعتبر الأهم من بين نظرائه في المنطقة، وتقام سنويا دورة تسمى كأس ولي العهد، وأخرى تسمى كأس خادم الحرمين الشريفين، في السعودية، وتستقطب منافسات حامية والملايين من المتابعين، وتحظى باهتمام الكبير والصغير هناك، من دون أن يذكر أحداً فتوى الشيخ النجدي أو يفكر بها.

ويتابع طلاب العلم والجامعات في السعودية ذاتها، صوراً للأرض وهي كروية تلف في الكون الفسيح، كما يدخلون لموقع "غوغل إيرث" ليتعرفوا على تفاصيل الكثير من مدن ومناطق ودول العالم غير آبهين لفتوى الشيخ عبد العزيز ابن باز مفتي المملكة السابق الذي مات، رحمه الله ونحتسبه من الصالحين، ولم يعترف بكروية الأرض، وتقوم معظم الدول الإسلامية بتدريس كروية الأرضية

وتابعنا، حتى، جنود وضباط من الجيش السعودي، إثناء الحرب الأخيرة مع الحوثيين، وهم يؤدون التحية العسكرية للفريق خالد بن سلطان، نائب وزير الدفاع السعودي، غير آبهين أيضاً لفتوى الشيخ ناصر الفهد في تحريم أداء التحية العسكرية، كما لم نسمع عن أي جيش في الدول الإسلامية عمل بفتواه التي تحرم أداء التحية العسكرية، أو تبناها بشكل رسمي وعملي.

كما تبادل كثير من العشاق والمحبين في طول العالم الإسلامي وعرضه الزهور والورود بمناسبة الفالانتاين، متجاهلين كلياً، فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء بتحريم إهداء الزهور، وقام الكثير من المواطنين في الدول العربية والإسلامية بتهنئة أخوة لهم في المواطنة من أتباع الديانة المسيحية بأعياد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية واحتفلوا بأعياد الميلاد ورأس السنة، ضاربين بعرض الحائط بفتوى الشيخ القرضاوي، بمنع تهنئة المواطنين المسيحيين بهذا العيد. وفي طول العالم الإسلامي، يتعلم عشرات الملايين من الطلاب اللغة الإنكليزية ويتكلمون بها ناقضين بشكل علني وصريح فتوى للشيخ ابن عثيمين، كان قد أطلقها ذات يوم، في تحريم تعلم اللغة الإنجليزية. ولا يكاد يخلو بيت في السعودية ذاتها من جهاز تلفزيون، موصول بالساتيلايت، بعد أن كانت قد صدرت عشرات الفتاوى، في زمن، ما بتحريمه.

ولا نعتقد اليوم أن أحداً من العالم سيلتفت لفتوى "التدويث الشامل" التي أطلقها قبل أسبوع الشيخ الوهابي عبد الرحمن البراك، لأنها وفي حال تطبيقها، ستعني شيئاً واحداً وبالفعل، وهو نهاية الحياة من على الكوكب الأرضي، ونهاية التاريخ، تماماً، كما تنبأ له، شيخ النيو- ليبرالية الأمريكية فوكويوما، ولتوقفت الأرض والزمن والبشر، عن الحركة والدوران. ورغم فتواه المثيرة للجدل، فقد استمرت البنات، بالذهاب إلى مدارسهن، والنساء إلى أعمالهن، واستمرت الحياة على نحو طبيعي، وفيها شيء من التحدي، حتى في السعودية، لفتوى التدويث الشامل التي أطلقها الشيخ العارف الجليل.

كما تجلس النساء في عموم العالم الإسلامي على الآرائك والكراسي، ويقمن ويقعدن، في تحد لفتوى أم أنس في تحريم الكراسي والمقاعد والأرائك ونحوها، وهناك العشرات من الفتاوى الأخرى المضحكة التي لم تبرح الأوراق التي كتبت عليها، أو المكاتب والمجالس ودور الفتوى التي صدرت منها، وكان مآلها جميعاً النسيان، والموات والتنويم والسبات العميق.

ويبقى السؤال، إذا كان مصير الكثير من هذه الفتاوي هو النسيان والإهمال والإنكار وعدم العمل بها، فلماذا هذا الإصرار العجيب، في كل مرة على إتحافنا بواحدة عجيبة، تلو الأخرى منها؟ وهل هذا كله مؤشر على نهاية عصر الفتوى في تأكيد مطلق لقوانين الطبيعة والتاريخ وجدلياته المنطقية التي لن تستثني الشيوخ منها؟

نعم، لقد مضى زمن الشيوخ وانقضى، وتجاوزت مفاهيم وقيم العصر ونبض الحياة شيوخ القرن السابع الميلادي، ويبدو أن أحداً ما لم يعد "يقبض" فتاويهم، وتحول بعض من شيوخ الظلام والتشدد والإنغلاق إلى عبء حقيقي على مجتمعاتهم وأنظمتهم وتياراتهم الإيديولوجية، قبل غيرهم، فقد تجاوز المنطق ضرورات الحياة الملحة الكثير مما اعتبر بمنظورهم من المحظورات والمحرمات الغريبة العجيبة المضحكة التي لم تعد تصلح إلا كذكرى، ومثالاً عن انحطاط العقل والتفكير، وربما فقط، لعرضها في متاحف التاريخ.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن مقال عروبة مشيخات الخليج: ردود على الردود
- لماذا لا يصلي ساركوزي وبراون صلوات الاستسقاء؟
- هل مشيخات الخليج عربية، أولاً، حتى يكون خليجها عربياً؟
- السلف الصالح والجهل
- الشيخ البراك: كلكم دواويث بإذن الله
- العرب ومحاولة السطو على اسم الخليج الفارسي
- أهلاً أحمدي نجاد
- هل تراجعت العلمانية في سوريا، حقاً؟
- فضيحة للموساد أم فضائح بالجملة للعرب؟
- تاريخ وحضارة تندى لها الجباه 3
- تاريخ وحضارة تندى لها الجباه2
- تاريخ وحضارة تندى لها الجباه
- مأزق الإخوان المسلمين: لا حل إلا بالحل
- الموساد: غلطة الشاطر بألف
- هل حسن نصر الله أحمد سعيد؟
- زلزال الخليج القادم
- هل يحاكم سفاحو البدو الكبار بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية؟
- ما أحوجنا لثقافة الحب...ما أحوجنا لفالانتاين!!!
- هل هم عرب اعتدال، فعلاً؟
- سيرك الفتاوى الدينية


المزيد.....




- الجيش اللبناني يعلن توقيف أحد أبرز قياديي تنظيم الدولة الإسل ...
- هيا غني مع الأطفال.. تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سا ...
- ألمانيا: السوري المشتبه بتنفيذه عملية الطعن بمدينة بيليفيلد ...
- المواطنون المسيحيون يؤكدون دعمهم للقيادة وللقوات المسلحة الا ...
- مفتي القاعدة السابق: هذه الرؤى جعلت بن لادن يعتقد أنه المهدي ...
- حزب الله يُصدر بيانًا حول -النصر الإلهي- للجمهورية الإسلامية ...
- بعد تفجير انتحاري داخل كنيسة بدمشق.. هل المسيحيون مهددون في ...
- -رحل صدام والجمهورية الإسلامية لا تزال موجودة-.. دبلوماسي سا ...
- السنة الهجرية: حقائق عن التقويم القمري الذي سبق الإسلام بمئت ...
- -تعازي الرئيس غير كافية-... أكبر رجل دين مسيحي في سوريا ينتق ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - نهاية عصر الفتوى: فتاوى في ذمة التاريخ