عبدالله محمد العبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 2926 - 2010 / 2 / 24 - 15:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ ان قام صدام بغزو الكويت وصدور القرار661في1990 والذي تم من خلاله تدويل القضية العراقية وإقرار وصاية مجلس الأمن على العراق وسحب سيادته وفرض الحصار ، و من ثم أعقب هذا القرار 14 قرارا ،وأستمر الوضع هكذا حتى سقوط النظام ، ثم و بطلب من أمريكا تم صدور القرار1483في1-5-2003 لإضفاء الشرعية للاحتلال واعتبار العراق بلدا محتلا ،و من ثم صدر القرار1511في تشرين الأول 2003 لتشكيل قوة متعددة الجنسيات ، وبعدها صدر القرار1546في8-6-2004 والذي تم بموجبه إنهاء الاحتلال وسلطته وتولي الحكومة المؤقتة لمهامها الرسمية(اياد علاوي) ولم يطبق القرار عمليا الى الآن ، فقد صدر القراران1637في2005 والقرار1723في2006 بتجديد ولاية القوة المتعددة الجنسية بطلب من الحكومة العراقية ،وصدر القرار1790في2007 حيث حدد آخر موعد لعمل القوة المتعددة الجنسية هو 31-12-2008 ، بعدها جاءت الاتفاقية الأمنية لتجعل آخر موعد لبقاء القوة المقاتلة الأمريكية نهاية عام2011 مع عدم الإشارة الى موضوع بقاء الاحتلال المدني وربما قواعد وجيش أمريكي بحجة التدريب وحماية مشاريع الاستثمار المهمة والشركات الأجنبية التي ستدخل العراق في المستقبل.
وبعد هذه المقدمة لوضع العراق وسيادته واستقلاله وفق القرارات الدولية ، نستنتج ان توفير أي وضع ميداني للفوضى أو القتال الطائفي والتهجير وضعف الدولة ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية وغيرها في عدم قدرتها على فرض القانون ومنع التناحر المسلح ستكون سببا في بقاء العراق تحت الجزء المهم من بنود الفصل السابع ووفقآ للقرار661 وما تبعه من قرارات ، وكذلك وجوب تطبيق الدستور والقانون و الحفاظ على حقوق الإنسان وفق تعريفها حسب الوثائق الدولية ووفق القرار 688 وان تكون الحكومة منتخبة بشفافية ونزاهة تقرها الأمم المتحدة (الدول الخمس في مجلس الأمن) ، وان لا يكون وضعه العراق المضطرب سببا قد يساهم في تهديد الأمن والسلام في المنطقة ،وغيرها من الشروط فضلا عن إنهاء الموضوع مع الكويت وموافقة الكويت على خروج العراق من الفصل السابع وهذه الأمور صعبة ومعقدة ، وسهلة الاختراق والتعطيل وتحتاج الى زمن وتنازلات ضخمة وموافقة الدول الخمس المالكة لحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ، فما هي الشروط والظروف والمصالح والتنازلات التي يجب ان يقدمها العراق للدول الخمس لكي يوافقوا على الخروج الكامل والتام من الفصل السابع(عودة الهيئة القانونية لدولة العراق والسيادة التامة قبل صدور القرار661 في1990) بعد موافقة الكويت طبعا ، وهذا آمر مستبعد في المستقبل المنظور ، فالدول الخمس التي تمتلك حق النقض(الفيتو) في مجلس الأمن ، من أنها بالتأكيد لم توافق على القرار661في1990 الا بعد الاتفاق مع أمريكا على تقسيم كيكة العراق وغنائمه وثرواته بينهم و الاتفاق على توزيع النفوذ والغنائم في المنطقة ، وبالتالي فأن عدم وفاء أمريكا بالاتفاق السري السابق لتوزيع العراق والمنطقة كغنيمة بينهم سيمنعهم من الموافقة على خروج العراق من الفصل السابع وعودة السيادة الكاملة والتامة له ، ثم لماذا توافق الدول الكبرى الخمس على خروج العراق من الفصل السابع وعودة السيادة الكاملة والتامة له ، فأن في بقاء العراق تحت طائلة الفصل السابع وبعض الوصاية الدولية ، فيه فوائد كثيرة لتلك الدول و منها منع تفرد أمريكا وبريطانيا بغنيمة العراق والمنطقة وتعطيل أو أعاقة ذلك قدر الإمكان واستمرارهم في ابتزاز أمريكا والعراق من أجل الحصول على الامتيازات والمصالح في العراق وأيضا ربما تواجد قواعد عسكرية لهم في العراق والمنطقة لضمان التوازن وللحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ولضمان سير اتفاقية توزيع غنيمة العراق والمنطقة .
ويجب ان نعلم ان ألمانيا واليابان والفلبين الى اليوم هي ناقصة السيادة وغير تامة السيادة ولازالت مراقبة من قبل مجلس الأمن بالاستناد الى قراراته بشأنهم كان قد اتخذتها الأمم المتحدة أو عصبة الأمم في الحرب العالمية الثانية ، وكذلك كوريا الجنوبية ناقصة السيادة منذ قيام الحرب الكورية عام1952 وللعلم ان إيران لها سيادة كاملة وتامة أفضل من الدول الأربع التي ذكرناها ما لم يصدر من مجلس الأمن قرارات تحد من تلك السيادة .
أي بالنتيجة العراق سيبقى يدور في حلقة مُفرغة في موضوعة إرجاع السيادة الكاملة والتامة وليس الجزئية بخروجه الكامل من بنود الفصل السابع وقرارات مجلس الأمن الأربعة عشر.
بالإضافة الى ان الاتفاقية الأمنية لا تعتبر لحد الآن اتفاقية شرعية وقانونية وربما غير مُلزمة لأمريكا ما لم يتم أجراء الاستفتاء عليها من قبل الشعب العراقي وفقآ للشرط الوارد في موافقة مجلس النواب على الاتفاقية، ومعلوم ان الاستفتاء لم يجري لحد الآن ، وعليه يجب ان نضع بالاعتبار ان العملية السياسية هي كبيت العنكبوت ، وهناك إمكانية وفقآ للقانون الدولي ووفقا للقرارات التي صدرت بحق دولة العراق ، لتعليق الدستور وعزل الحكومة المنتخبة وتعطيل أعمالها وتشكيل حكومة طوارئ مؤقتة تهيئ لأجراء انتخابات (انقلاب أبيض قانوني) وفقآ للأسباب التي تم ذكرها سابقا .
ان توفير الأسباب والظروف اللازمة لعمل التعليق للدستور و العزل للحكومة المنتخبة وحل مجلس النواب وأعلان الطوارئ وتشكيل حكومة مؤقتة سهل ويسير على أمريكا بوجود قواتها في العراق .
وربما ان علم أمريكا وأذنابها في العراق والمنطقة بوجود الوعي والمعرفة والاستعدادات الشعبية والسياسية اللازمة لاحتواء هذا المخطط سيكون السبب الرئيسي لعرقلة ومنع أمريكا من تنفيذه .
ان علم أمريكا من إننا لن نسمح لمثل هذا المخطط ان يسير وفق ما تريد ( الاستعداد العالي للمقاومة الشعبية الواسعة بكل أنواع المقاومات والتنسيق مع دول الإقليم والعالم المنافسة والمتصارعة والخصم لأمريكا سيمنع تطبيق هذه المؤامرة الشيطانية ) .
فما هي تلك الاستعدادات وكيف نوفر الآليات والوسائل والتحالفات المحلية والإقليمية والدولية لإجهاض هذا المخطط الشيطاني؟؟؟؟؟
ان بخروج القوات الأمريكية وبناء مؤسسات الدولة العراقية لاسيما الأمنية والقانونية والتشريعية والقضائية ربما سيساهم في تقليل الفرص لتنفيذ ونجاح هذا السيناريو والمخطط .
وهذا لن يمنع أمريكا ومن ورائها إسرائيل في العمل الجاد على دعم تنفيذ سيناريو قيام فوضى واضطرابات وتهجير في العراق للتمهيد لحرب أهلية تكون سببا لتعطيل عمل الحكومة و تعليق الدستور وحل مجلس النواب وتشكيل حكومة مؤقتة برعاية وتحت وصاية الدول الخمس في مجلس الأمن الدولي لأن الوضع العراقي حينها سيكون مهدد للأمن والسلم في المنطقة والعالم أو تحت ذريعة انتهاك القرار688 و انتهاكات حقوق الإنسان بسبب الطائفية والعرقية والتهجير والتهميش والإقصاء وغيرها لأن من مصلحة أمريكا والغرب والدول الكبرى ومصلحة الدويلة الصهيونية تقسيم العراق وتقسيم وشرذمة شعوب ودول المنطقة بإدخالها في حروب طائفية مذهبية عرقية مناطقية قبلية ، خصوصا ان الظروف مهيأة بوجود حكام طغاة و دكتاتورين وظالمين وعملاء وأغبياء ، ووجود قهر واستعباد وتهميش لشعوب المنطقة وقواها الدينية والسياسية الخيرة والوطنية الإنسانية .
لذا فأن الوضع معقد و مركب ومتداخل ويحتاج الى مزيد من التروي والصبر والتخطيط والتنسيق وتقديم التضحيات والصبر على الأذى ، مع العمل على زرع ونشر الأيمان والنزاهة والتوبة والتسامح والأخوة والورع والتقوى والإصلاح والتصحيح والتجديد والتغيير ،
فلو بحثنا عن الحلول للحالة العراقية منذ سقوط النظام البائد ومن ثم إعلان الاحتلال العلني والرسمي من قبل أمريكا والبلدان التي شاركت في القوة المتعددة الجنسيات لوجدنا :
أولا :- ان نقبل بالاحتلال ونرضخ ونذعن لكل ما ينتج عنه ويقرره بلا مشاركة أو مقاومة و ان نعدم مشاعرنا الوطنية والدينية والطبيعة البشرية فينا، وهذا مالا تطيقه حتى أدنى مخلوقات الله مرتبة من الإنسان (الحيوانات لاسيما الحمير) وهذا لم يحصل والحمد لله رب العالمين .
ثانيا :- ان نشارك مع الاحتلال من خلال المشاركة في العملية السياسية التي هو من صممها وهو من يديرها وهو من يحدد غاياتها وأهدافها ويرسم طرق التنفيذ ووسائل الأشراف عليها ، وبما يخدم مصالح قوى الاحتلال وأهدافه ومن ثم نسعى لإصلاح العملية السياسية من الداخل ،وهذا ما حصل إلا ان النتائج كانت ان المشتركين فيها أرادوا أصلاح العملية من الداخل وعلى مراحل ففسدوا وأفسدوا طبقا لمخطط قوى الاحتلال ومن يدير العملية السياسية ويحدد سيرها واتجاهاتها ومسالكها ونتائجها ، ولكن لو كان المشتركون لديهم بل يسعون نحو إستحصال الأيمان والورع والوعي والحكمة والحنكة والوطنية والتسامح والاخلاق والقيم والمبادئ الانسانيه ولهم القدرة على ان يتقبلوا التعدد الديني والمذهبي والقومي والعرقي ويستطيعون التعايش مع التنوع الفكري ، لوفقهم الله تعالى ولارتضتهم الناس وامتثلوا لمشاريعهم و لكانت أهداف وارادة وغاية قوى الاحتلال أقل أثرا .
ثالثآ :- ان نقاوم الاحتلال جملة وتفصيلا وان نرفض تشكل عملية سياسية وانتخابات ودستور وغيرها ، وهذا يحتاج الى شروط ومواصفات ومستلزمات وظروف عملت قوى الاحتلال على استحالة توفرها والحرص على نزع جذورها وتدمير مقومات نهوضها بل وزرع الفتن بينها لتمهيد عملية التناحر والقتال والتدمير بين تلك الشروط والمواصفات والظروف والمستلزمات قبل ان تقرر إسقاط النظام والبدء بقرار الاحتلال ، وكان قسما كبيرا من عملية التدمير والتوهين والأضعاف وزرع الفتن ونشر الفرقة والتفرقة والتمييز الديني والمذهبي والعرقي والقومي والمناطقي والقبلي على يد النظام السابق الطاغي والدكتاتوري الغبي وبمساندة دول الإقليم بلا استثناء ، وبدوافع وغايات وأهداف مختلفة ومتباينة وأثبتت السنون التي مضت كفاءة مخطط الأعداء سواء كانوا محتلين أو من جيراننا الإقليمين أو من عشاق السلطة والمال والجاه والشهرة من السياسيين المعارضين العراقيين (سابقا) أو من المقامرين ممن التحق بالعملية بعد سقوط النظام لكي يستطيع اللحاق بقطار توزيع الغنائم وباستخدام كل أنواع الخداع والزيف والأكاذيب واستباحة الدماء والأموال والممتلكات وبذرائع شتى ما أنزل الله بها من سلطان ولم تقرها العقول البشرية الرشيدة والخلوقة وبتسخير كل إمكانات المكر والاحتيال وأستعمل واسع ومتعدد ومتنوع مع الحرص على التطوير والإدامة لطرق اللصوصية والسرقة و السلب والنهب والفساد المالي والإداري ، الحزبي وغير الحزبي ، داخل وخارج منظومة السلطة .
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟