أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أنور نجم الدين - كارل ماركس: بؤس الفلسفة، بؤس المنطق والديالكتيك (6)















المزيد.....

كارل ماركس: بؤس الفلسفة، بؤس المنطق والديالكتيك (6)


أنور نجم الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2920 - 2010 / 2 / 17 - 07:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


7)

قد تناولنا بصورة مفصلة تقريبًا أطروحات ماركس الأساسية حول المنطق الديالكتيكي ودور المولعون بالمنطق التأملي الهيغلي في العصر القديم.
أما اليوم فهناك صناعتين لإنتاج المنطق الديالكتيكي التأملي: المثاليين الديالكتيكيين والماديين الديالكتيكيين، ويمكننا تصنيف آراء كل منهما حول المنطق الجدلي، وما يسمى بجدل ماركس، من خلال عرض آراء السيد (أ. د. إمام عبدالفتاح إمام؛ أستاذ الفلسفة). أما الماديون الديالكتيكيون قد استخدموا المنطق الديالكتيكي من أجل المزيد من (الاكتشافات) التأملية حتى يفسحوا المجال لنسف كل أساس المعرفة المادية عن التاريخ؛ فالماديون الديالكتيكيون، أو الماركسيون، ينفصلون بين تأملات هيغل ومنطقه الديالكتيكي، فكأن للمنطق الديالكتيكي جانبين مختلفين، جانبًا مثاليًّا وجانبًا ماديًّا.

في كتابه "المنهج الجدلي عند هيغل" يعالج السيد "أ. د. إمام عبدالفتاح إمام" الموضوع كما يعالجه لينين، فحسب كل من الأول والثاني يستخدم ماركس نفس منهج المنطق الجدلي الهيغلي، ويقول السيد أ. د. إمام عبدالفتاح إمام:

"لن تجد بين مؤسسي الماركسية من يجادل في الأثر الذي تركه الجدل الهيجلي على فكر ماركس، وهو أثر يتعدّى الحدود الضيقة التي يعلمها اليوم كثير من الماركسيين – بل ستجدهم مجمعين على أن الجدل الماركسي ليس إلاّ محاولة لتطبيق الجدل الهيجلي في ميادين جديدة، وهم يعترفون بذلك صراحةً دون أن يجدوا في هذا الاعتراف حرجًا ولا غضاضة: "فقد كان ماركس وإنجلز يريان في جدل هيجل أوسع مذهب من مذاهب التطور، وأوفرها مضمونًا وأشدّها عمقًا، وأثمن اكتساب حققته الفلسفة الكلاسيكية الألمانية... وكانت كل صيغة أخرى لمبدأ التطور تتراءى لهما وحيدة الجانب، فقيرة المضمون، تشوّه وتفسد السير الواقعي للتطور... في الطبيعة والمجتمع - لينين - V. Lenin: “Marx, Engels, Marxism. P.20 & Selected Works. Vol. 1 p.36".

وهكذا فكل من طرفي الديالكتيكيين يتحدثون عن علاقة ماركس بالمنطق الجدلي الهيغلي، ولكن دون أن يَرَوْا ضرورة إثبات ما يقولونه عن ماركس من خلال أطروحات ماركس نفسه، وحسب لينين فلا يمكننا فهم (رأس المال) ماركس، دون فهم مسبق للمنطق الديالكتيكي الهيغلي، أما كما رأينا سابقًا، فليس المنطق الديالكتيكي لدى ماركس، سوى محاولة لاكتشاف أسرار العالم، والأوحد في المعادلات المنطقية أو الإبدالات، وإنقاذنا من القلق والحيرة إزاء العالم وارتباطنا المنطقي أو اللاتاريخي به، وكما رأينا أيضًا فليس مضمون الأوحد سوى الصيغ الجوفاء للمناطقة عما يجري في رؤوسهم عن علاقة الفرد بالعالم، وفن التعبير عن هذا العالم في الإبدالات، وتحويل هذه الفكرة إلى تلك، وإيجاد الكلمات الوسيطية بين هاتين الفكرتين، أما الإبدال ليس غير شكل منطقي لسلسلة متقطعة من الأفكار المجردة، ليست لها أي أثر في الواقع؛ فلدى المناطقة يمكن النظر إلى كل العصور التاريخية ثم كل العلاقات بين البشر في كل عصر على حدة، من خلال بعض كلمات ومفاهيم مجردة، لا نجد أصلها في الواقع المادي، وهكذا فكل التاريخ يصبح سلسلة من الإبدالات، بدل سلسلة من التطور الصناعي والتجاري. فلماذا إذًا لا يمكننا فهم (رأس المال) دون فهم هيغل المثالي؟

على العكس من السيد "أ. د. إمام عبد الفتاح إمام" ينطلق هيغل عادةً من الفرد المنفصل عن واقعه التاريخي، بينما ماركس لا يرى الفرد إلا في شروطه المادية وعلاقاته بالتاريخ، فهيغل يرجع كل شيء بل وكل التاريخ، إلى علاقات سرية، إلى ديالكتيك تأملي، بينما ماركس لا يكتفي بالنظر إلى الفرد بل وإلى التاريخ كله، إلا من خلال تطور الصناعة والمبادلة التجارية، فالخيط الجامع بين سلسلة تاريخية من التطورات البشرية، ليس الأفكار المنطقية، بل الوقائع المادية، أو الصناعية والتجارية بالتحديد.

يقول ماركس: "العلاقة التي اكتشفها الهر برونو ليست في الواقع سوى تحقيق نقدي كاريكاتوري لمفهوم هيغل عن التاريخ، وهذا المفهوم بدوره ليس سوى تعبير تأملي للعقيدة المسيحية الألمانية عن التعارض بين الروح والمادة، بين الله والعالم - كارل ماركس، العائلة المقدسة".

"إن السبب الوحيد الذي حدا بالمسيحية إلى الرغبة في تحريرنا من سيطرة الجسد و(حوافز الرغبات) هو أنها تعتبر جسدنا ورغباتنا أمورًا غريبة عنا، وهي إنما أرادت أن تحررنا من التحديد بالطبيعة لأنها كانت تعتبر أن طبيعتنا الخاصة ليست جزءًا من أنفسنا .. ويقبل شترنر هذه الجدلية المسيحية مغمض العينين، ومن ثم يطبقها على فكرنا بالذات - كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية".

يبدو أن ماركس يناقض مجمل تصور هيغل عن التاريخ؛ فطريقة هيغل طريقة فلسفية تهبط من السماء إلى الأرض، أما طريقة ماركس فمادية تاريخية تبحث التاريخ على الأرض نفسها.
وهكذا، فطريقة هيغل مجردة من أية مقدمات مادية، بينما ماركس ينطلق من مقدمات واقعية. والبشر الواقعيون لا البشر المعزولون عن بعضهم البعض في المنطق الديالكتيكي، هم الذين يكونون هذه المقدمات في عملية واقعية لتطورهم وشروطهم الحياتية الفعلية، وليس للتجريدات المنطقية أية أهمية مادامت تأخذ الفرد بصورة منفصلة عن تاريخه الواقعي.
وهكذا، فعلى عكس هيغل ينطلق ماركس عادةً من دراسة تطور الحياة العملية وعمل الأفراد في كل عصر؛ فالتاريخ لدى ماركس فعل مادي لا ديالكتيكي، وهذا يعني: أن التطور يتحقق بفضل شروط محددة، كالتقدم الزراعي والصناعي والتجاري، وليس من خلال العبث الديالكتيكي، فالفرد في التاريخ لا الأوحد في المنطق، هو الذي يعطينا مفتاح فهم العالم، فليس المنطق الديالكتيكي سوى تعبير تأملي عن العقائد الدينية، أما الفرد في المنطق متنوع في ذاته، أو يختلف عن الآخر، و"في الحقيقة أن الديالكتيك الإلهي في رحمته غير المحدودة يجعل (الرجل العجوز التعيس السخيف) (رجلًا قويًّا) بالمعنى الميتافيزيكي، بتقديمه على أنه لحظة جديرة جدًّا، ولحظة سعيدة جدًّا، ولحظة حاسمة جدًّا في عملية حياة السر المطلق - كارل ماركس، العائلة المقدسة"، ففي الأسرار يبحث المنطق الفرد المنعزل عن شروطه الحياتية، وعبوديته، وحريته، وبؤسه، وسعادته، وتعاسته، وثروته، وفقره، إلخ، إلخ.

"ولسوف نشاهد الآن تأملاً فلسفيًّا من هذا النمط بخصوص الحرية والسعادة والثروة:

المعادلات الأساسية: الشعب = غير الأنا

المعادلة رقم 1: حرية الشعب = غير حريتي.
حرية الشعب = لا حريتي.
حرية الشعب = عبوديتي.
(ولكننا نستطيع أن نقلب هذا ايضًا، فننتهي إلى الصيغة الكبرى: عبوديتي = استرقائي هو حرية الشعب).

المعادلة رقم 2: سعادة الشعب = غير سعادتي.
سعادة الشعب = لا سعادتي.
(المعادلة المقلوبة: تعاستي، بؤسي، هو سعادة الشعب).

المعادلة رقم 3: ثروة الشعب = غير ثروتي.
ثروة الشعب = لا ثروتي.
ثروة الشعب = فقري.
(المعادلة المقلوبة: فقري هو ثروة الشعب).
ويمكن الاستمرار في هذا على هوى المرء وتوسيعه بحيث يشمل تحديدات أخرى - كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية".

وإذا كان من الممكن التعبير عن عبوديتي، وبؤسي، وفقري في المنطق التأملي، فمن الممكن بالطبع التحرر بسهولة من كل هذه المقولات خلال نفس المعادلات المنطقية، لأن حريتي، وسعادتي، وثروتي لدى هيغل، مشروطة بالإبدالات لا بالعلاقات، فالمنطق التأملي إذًا يسهل الانتقال من العبد إلى الحر، من البؤس إلى السعادة، خلال إلغاء مقولاتها المعاكسة، لأن الأمر لا يتعلق بعلاقات الملكية، بل بالتأمل، والتأمل فقط.

"لو أن المجتمع حرر نفسه فقط من مقولتي: الملكية واللاملكية (أن تملك وأن لا تملك)، فكم يسهل على كل ديالكتيكي أن يثير المناقشة لـ (تخطي) و(إلغاء) تلك المقولات - كارل ماركس، العائلة المقدسة".

فما العلاقة إذًا بين المنطق الديالكتيكي الهيغلي ودراسات ماركس التاريخية، على الأخص أبحاث (رأس المال)؟ وهل فعلاً عالج الديالكتيكيون المثاليون أمثال السيد (أ. د. إمام عبد الفتاح إمام)، والماركسيين، العلاقة بين منهج هيغل ومنهج ماركس من خلال مقارنة علمية بين هذين المنهجين؟ وهل يرى ماركس فعلاً في جدل هيغل أوسع مذهب من مذاهب التطور كما يقول لينين؟ أو أنه يجابه على الدوام المفاهيم المنطقية الهيغلية بالمفاهيم التاريخية؟

على أية حال، لم يعالج حتى اليوم أي من الجدليين، لا المثاليين ولا الماركسين، منهج ماركس التاريخي بصورة علمية، فكل منهم يعودون إلى إنجلس، ولينين، وآخرين حين يريدون أن يقولوا شيئًا عن ماركس، ولذلك فليس لمواضيعهم أي قيمة علمية، ماداموا لا يعالجون الموضوع بصورة منهجية.
وإن من يبحث منهج ماركس لا بد أن يبدأ من كتاب (العائلة المقدسة)، و(الأيديولوجية الألمانية)، و(رأس المال). ولكن كل فريق من الجدليين يبدأ من كتاب إنجلس (أنتي دوهرنغ) أو (ديالكتيك الطبيعة)، وأطروحات لينين، والتي ليست لها العلاقة أصلاً بمنهج ماركس، وبناءً على ذلك، فكل طرف من هذه الأطراف يحاول إقناعنا بأن الاتحاد السوفيتي السابق كان نموذجاً مما يسمى بمذهب ماركس الاشتراكي، أما ماركس نفسه فيقول:
"إن نظرية ماركس في القيمة هي -حسب رأي السيد فاغنر- حجر الزاوية لمذهبه الاشتراكي. وبما أنني لم أقم أبدًا ببناء (مذهب اشتراكي)، فذلك إنما هو تفنن من هوى فاغنر وشوفل، وإضرابهم -كارل ماركس، رأس المال".

إن من يريد التحقيق عن التناقض بين منهجي ماركس وهيغل يجب أن ينطلق من الأسئلة الآتية:
هل ممكن فهم أي عصر من دون أن نعرف صناعة ذلك العصر؟ -كارل ماركس، العائلة المقدسة.
وكيف حدث أن الناس حشروا كل هذه الأوهام في رؤوسهم ؟ -كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية.
إن هذه الأسئلة تقودنا بالضرورة إلى نظرة نقدية مادية للتاريخ، وإن أول من وجَّه هذا النقد المادي إلى الفكر الألماني على الأخص فكر هيغل وفيورباخ كان ماركس، ويتلخص نقده في الآتي:

"إنَّ الألمان يحكمون على سائر الأشياء من وجهة النظر الأزلية (وفقًا لماهية الإنسان) أمَّا الأجانب فينظرون إلى الأمور جميعًا بصورة عملية، وفقًا للبشر الفعليين والظُّروف الفعلية التي يواجهونها، إنَّ أفكار الأجنبي وأعماله معنية بالوقت الحاضر، أمَّا أفكار الألماني وأعماله فمعنية - بالأزلية - كارل ماركس، الأيديولوجية الألمانية".


8)

ملحق

كارل ماركس

"على الرغم من ان المجتمع الألماني ما يزال متأخراً جداً، غير انه قد خرج قليلاً قليلاً من الاقتصاد الطبيعي الاقطاعي، أو على الأقل، من تفوق هذا الاقتصاد وسيطرته، للوصول إلى الاقتصاد الراسمالي. ولكن الأساتذة – وهذا طبيعي – تكون لهم دائماً قدم غارقة في الوحل القديم .. فلهذا السبب فصاحبنا المشوش الأفكار المغلق الذهن، الذي لم يلاحظ أن طريقتي التحليلية، لا تنطلق من الإنسان، بل من الفترة الاجتماعية المعطاة اقتصادياً، أقول لم يلاحظ أن طريقتي ليس من شيء مشترك مطلقاً بينها وبين طريقة (تعليق) مفهومات الأساتذة الألمان وإلصاقها بها إلى جانب البعض الآخر .....
ولهذا السبب يقول صاحبنا:
(إنني، باتفاق مع وجهات نظر رودبرتوس، وكذلك مع شوفل، أعتبر بمثابة خاصة رئيسية لكل قيمة، خاصتها في أن تكون قيمة استعمالية، وأقوم، بإبراز تقدير القيمة الاستعمالية أكثر من إبرازي القيمة التبادلية، وذلك لأن هذه القيمة لا يمكن إطلاقاً تطبيقها على عدد كبير من الخيرات الاقتصادية التي هي على أكبر قدر من الأهمية .....
لننتقل الآن إلى كفيل الرجل المشوش الأفكار المغلق الذهن، رودبرتوس، وإليك المقطع من كلام رودبرتوس، الذي يستشهد به صاحبنا (المشوش المغلق).
ليس هناك سوى نوع واحد من القيمة، وهو القيمة الاستعمالية وهذه يمكن أن تكون إما قيمة استعمالية فردية وإما قيمة استعمالية اجتماعية. والأولى هي التي تواجه الفرد وحاجاته، خارجاً عن كل اعتبار للتنظيم الاجتماعي.
(وحتى هذا، فهو جعجعة وثرثرة). انظر: رأس المال، ص 171، من الطبعة الألمانية (حيث ورد، بعكس هذا، أن عملية نمو العمل بوصفها نشاطية تهدف إلى انتاج القيم الاستعمالية، الخ ..هي على السواء مشتركة بين الأشكال الاجتماعية (للحياة البشرية) ومستقلة عن كل واحد منها) ...
ولننتقل الآن إلى الجملة الأخرى من كلام فاوست فاغنر:
ان القيمة التبادلية ليست سوى الرداء، سوى الذيل التاريخي للقيمة الاستعمالية الاجتماعية لعهد تاريخي معين.
وبوضعنا، بصورة منطقية القيمة التبادلية، مقابل القيمة الاستعمالية، فانما يجابه مفهوم تاريخي بمفهوم منطقي، وهذا متعارض مع المنطق (ص 48، حاشية 4).
(هذا صحيح تماماً). هكذا يقول فاغنر بلهجة ظافرة. ولكن من نعني بهذا البناء المجهول عند قولنا (يجابه). من هو هذا المجهول الذي يرتكب هذه السيئات؟ أما كون رودبرتوس يعنيني أنا بهذا، فمؤكد، ذلك لأنه، حسبما يقول قرينه ماير، قد ألف مخطوطاً ضخماً وكثيفاً ضد (راس المال) ومن هو الذي يقوم (بتعارض منطقي)؟ أنه السيد رودبرتوس الذي يعتبر ان (القيمة الاستعمالية) و(القيمة التبادلية) هما كلاهما (مفهومان) وحسب. والواقع انه في كل سعر رائج، كل نوع من البضاعة بصورة خاصة، تقوم بهذه العملية غير المنطقية وهي تميزها عن الآخرين بوصفها حاجة من الحاجات، خيراً من الخيرات، بوصفها قيمة استعمالية، كالقطن، والخيط، والحديد، والحبوب الخ ..، وان تظهر بوصفها (حاجة) مختلفة عن الحاجات الأخرى من جميع النواحي، ولكنها في الوقت نفسه، من حيث هي سعر، بوصفها شيئاً متماثلاً نوعياً، وان كان مختلفاً من حيث الكم بالنسبة الى المعطى نفسه: وهي تظهر، بالنسبة الى من يحتاج إليها، تحت شكلها الطبيعي، ومن جهة أخرى، نجدها ثانية تحت شكلها المختلف تماماً عن شكلها الطبيعي، وذلك تحت الشكل – القيمة، المشترك فيها مع جميع البضائع الأخرى، وكذلك تحت شكل القيمة التبادلية. وليس ثمة هنا من (تعارض منطقي) إلا عند رودبرتوس ومن لف لفه، من الأساتذة معلمي المدارس الألمان الذين ينطلقون من (مفهوم) القيمة، وليس من (الشيء الاجتماعي) البضاعة، ويتركون هذا المفهوم ينشطر إلى اثنين، وبعدئذ يتخاصمون ويتنازعون عند البحث عن أي من هذين الشبحين هو صاحبنا المطلوب!
ولكن لا يوجد، بالاجمال، في اعماق الأعماق المظلمة لهذه العبارات المنفوخة الطنانة، غير هذا الاكتشاف الخالد وهو أن الإنسان عليه، في جميع الظروف، أن يأكل، ويشرب الخ) ولا نستطيع رغم ذلك المتابعة بقولنا: ويكتسي، ويستخدم السكين والشوكة، والأسرة، والمسكن، ذلك لأن هذا لا يحدث في جميع الظروف)، وباختصار، أن عليه، في جميع الظروف، لكي يكفي حاجاته، أن يجد أشياء خارجية جاهزة في الطبيعة وأن يستولي عليها أو يقوم بإعدادها بوساطة ما وَجَد في الطبيعة؛ وفي هذه الطريقة الخاصة به في العمل، فهو يتصرف إذن دائماً حقاً إزاء بعض الأشياء الخارجية المعينة، كما يتصرف إزاء (قيم استعمالية) يعني أنه يعالجها بمثابة أشياء موضوعة لاستعماله. ولهذا السبب كانت القيمة الاستعمالية هي، في نظر رودبرتوس، مفهوم (منطقي)؛ وإذن، فبما أن الإنسان عليه أيضاً أن يتنفس، فإن (التنفس) سوف يكون مفهوماً (منطقياً) ولكنه لن يكون أبداً مفهوماً (فيزيولوجياً) وظيفياً، ولكن كل سطحية رودبرتوس تتجلى في التعارض الذي يقيمه بين مفهوم (المنطقي) ومفهوم (التاريخي)! وهو لا يدرك (القيمة) إلا تحت شكلها الظاهري، أي تحت شكل القيمة التبادلية (القيمة الاقتصادية المجابهة للقيمة الاستعمالية للبضاعة) ولما كانت القيمة التبادلية لا تظهر إلا حيث يعمل، على الأقل، جزء ما من منتوجات العمل، من الحاجات الاستعمالية، تعمل بمثابة (بضائع) – وهو حدث، على كل حال، لا يحدث منذ البداية، بل فقط عند فترة معينة من التحول الاجتماعي، يعني إذن عند مرحلة معينة من التحول الاجتماعي. - فالقيمة التبادلية تعتبر .. إذن – أنها مفهوم (تاريخي).
كارل ماركس، ملحق رأس المال، ملاحظات هامشية في خصوص كتاب (مبحث في الاقتصاد السياسي) لأدولف فاغنر. ويحاول ماركس هنا أن يبين بأن ما يقولونه عما يسمى بمذهب ماركس الاشتراكي، ليس سوى تفنن: "ان نظرية ماركس في القيمة هي، حسب رأي السيد فاغنر، حجر الزاوية لمذهبه الاشتراكي، (ص 45). وبما انني لم أقم أبداً ببناء (مذهب اشتراكي)، فذلك إنما هو تفنن من هوى فاغنر وشوفل، واضرابهم – كارل ماركس، ملحق رأس المال، ترجمة محمد عيتاني".




#أنور_نجم_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كارل ماركس: بؤس الفلسفة، بؤس المنطق والديالكتيك (5)
- كارل ماركس: الأيديولوجية الألمانية (3)
- كارل ماركس: الأيديولوجية الألمانية (2)
- مادية لينين مادية ميكانيكية -5
- مادية لينين مادية ميكانيكية -4
- مادية لينين مادية ميكانيكية -3
- مادية لينين مادية ميكانيكية -2
- مادية لينين مادية ميكانيكية -1
- كارل ماركس: الأيديولوجية الألمانية (1)
- كارل ماركس: بؤس الفلسفة، بؤس المنطق والديالكتيك (4)
- كارل ماركس: بؤس الفلسفة، بؤس المنطق والديالكتيك (3)
- كارل ماركس: بؤس الفلسفة، بؤس المنطق والديالكتيك (2)
- كارل ماركس: بؤس الفلسفة، بؤس المنطق والديالكتيك (1)
- حول ملاحظات قوجمان الدِّياليكتيكية
- التَّاريخ بين ماركس وهيغل
- تعارض ماركس مع المادية الدِّياليكتيكية - 2
- تعارض ماركس مع المادية الدِّياليكتيكية - 1
- تعارض ماركس مع المنهج الدِّياليكتيكي
- تعارض المنهج المادي للتَّاريخ مع المنهج الدِّياليكتيكي
- التَّناقض بين المادية والدِّياليكتيكية


المزيد.....




- شاهد: دروس خاصة للتلاميذ الأمريكيين تحضيراً لاستقبال كسوف ال ...
- خان يونس تحت نيران القوات الإسرائيلية مجددا
- انطلاق شفق قطبي مبهر بسبب أقوى عاصفة شمسية تضرب الأرض منذ 20 ...
- صحيفة تكشف سبب قطع العلاقة بين توم كروز وعارضة أزياء روسية
- الصين.. تطوير بطارية قابلة للزرع يعاد شحنها بواسطة الجسم
- بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار!
- وزير خارجية الهند: سنواصل التشجيع على إيجاد حل سلمي للصراع ف ...
- الهند.. قرار قضائي جديد بحق أحد كبار زعماء المعارضة على خلفي ...
- ملك شعب الماوري يطلب من نيوزيلندا منح الحيتان نفس حقوق البشر ...
- بالأسماء والصور.. ولي العهد السعودي يستقبل 13 أميرا على مناط ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أنور نجم الدين - كارل ماركس: بؤس الفلسفة، بؤس المنطق والديالكتيك (6)