|
قدح شاي معطر بالعنفوان
يوسف ابو الفوز
الحوار المتمدن-العدد: 2916 - 2010 / 2 / 13 - 06:14
المحور:
الادب والفن
أطوف غرف "طريق الشعب" ، برد يعض ساقي ، ونيران تشتعل في روحي ، اجلس الى طاولة في " الثقافية " استمع الى خطط المحررين لعمل الايام القادمة ، انتقل الى طاولة في " الاخيرة" ، فيضعون أمامي قدح الشاي الأسود ، واذ التفت يسارا ـ اليسار دائما ! ـ أراه انيقا يقف عند الباب، يبتسم لي وعيناه مترعتان بالألق : ـ أما زلت تشربه بدون سكر ! أكاد اصيح ممازحا ، كما الايام الخوالي : ـ تعال ضع اصبعك ليكون الاحلى بطعم روحك المترعة بالعنفوان ، ... لكن هاتفي المحمول يرن . يختفي من امامي ، فالحق به عبر ممرات الجريدة ، امر عند غرفة "الثقافة الجديدة" ، فأجدها مغلقة . واتذكر ... آه .. كانت في مكان اخر . لم التقه هنا ، كان لقاؤنا الاخير عند فتحة السلم ، قال يومها : ـ زورنا في " الثقافة الجديدة " ، لنتجمل بقدح شاي ! لم الحق لزيارته وشرب الشاي ، ثمة اشياء عديدة ، لا تدري من اين تأتيك ، تشغلك عن اتمام رغبة بسيطة ، فلم اتمكن من زيارته في غرفة عمله ، وأذ كنت اشرب الشاي مع الرفاق الشغيلة، وضحكات مرحة تعطر الاجواء ، ربت على كتفي وهو يغادر : ـ في مرة قادمة سنشربه معا . ولم نلتق بعدها ، أذ خطفته رصاصات غادرة ظلامية على طريق محمد القاسم وسط بغداد في ظهيرة من آب 2008 . هأنا يا رفيقي كامل اطوف مكاتب الجريدة ، اتابع الرفاق المحررين ، يعملون بنشاط وهمة لانجاز عدد الغد . ثمة من يصحح ، وثمة من يسأل : هل هذه الصورة مناسبة لهذا المقال السياسي ؟ واخر يقول : والله جوعان ! واراك تبتسم لي وتضحك هامساً : ـ ارجوك كررها ! ـ لكني رويتها لك أكثر من مرة ، وعلى الهاتف قبل لقائنا الاخير . ـ لكنها طريفة ! واعود لأسترجع ما كان ابي يمزح به معنا ونحن صغار ، اذ يسألنا : ـ لماذا نأكل ؟! ونكرر ما درسناه في درس العلوم وما تعلمناه في المدرسة : ـ حتى نكبر ونصير اقوياء ، وتظهر لنا عضلات و .. ، .. ويبتسم أبي ، عامل السكك الذي احنى الكد ظهره ، ومن تحت شارب أبيض خفيف ، تلتمع اسنانه، ليقول بمرح : ـ نأكل حتى نشرب الشاي ، هكذا هم العراقيون ! وارفع رأسي ، عبر الطاولة ابحث عن كامل شياع ، ووجدتني انهض ، اتوجه لمكان اعداد الشاي، احمل قدح شاي ساخنا واتوجه الى فتحة السلم ، حيث لاخر مرة قابلته فيها ، واجلس هناك واشرب بصمت ، وانظر فأراه يستند بأناقة الى الجدار، يرقبني باسما . هأني يا رفيق البي الدعوة واشرب الشاي معك ، فأنت معنا تطوف كل يوم ، وفي اروقة الجريدة نراك ، تفرد اصابعك لتمسك قلما او تطوي ورقة ، ومع الشبيبة والدعاة الحزبيين وهم يطوفون البيوت في حملة " طرق الابواب " ، ومع مرشحي قائمة "اتحاد الشعب " ، وهم بين الناس ليخبروهم ان التغيير بيدنا ، وان المستقبل لنا ، ويؤلمنا ان قتلتك ما زالوا يسرحون ويمرحون ، وساهموا من بعد رحيلك في ايقاع المزيد من الشهداء والضحايا ، ولكن ما يعزينا انهم لم يستطيعوا ان يزيلوا اثر صدى خطواتك وكلماتك من اسماعنا وقلوبنا . نلتفت فنراك قادما محتظنا كتابا او ملفا . لا زلت بيننا يا كامل ، تشاركنا عملنا وافكارنا ، واقداح الشاي المرة ، وتقترح وتعترض وتبتسم ، ويشع اسمك من بين شعاع نجمة تموز ، مع حروف "اتحاد الشعب " فالغد والمستقبل لنا ، والامل في قلوبنا المترعة بالتحدي والعنفوان !
بغداد 12 شباط 2010
#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضحك مبحوح !
-
ثقافة التواضع !
-
سلة الثقافة وفاكهة الأعتذار !
-
ليفرد طائر الثقافة جناحيه !
-
في أنتظار المثقف -السيادي- !
-
ماذا يعني في بلد أوربي أن يكون أسم المجرم : إبراهيم ؟!
-
أصنع مستقبلك أيها النمر العراقي !
-
من أجل أن يشج رأسك كتاب !!
-
مثقف راهن !
-
الكاتب عبد المنعم الاعسم : لو امتدحوك فهذا يعني أنك على خطأ
...
-
من أجل الحوار والتمدن … تحية !
-
عَمود بالعرض !!
-
السينما تخلد قصة وفاء كلب ياباني !
-
ديمقراطية الخورمژ !
-
خذ بالك من أنف الديمقراطية ؟!
-
الكلاب المسعورة !!
-
صورة -العدو- البشع في الدراما التلفزيونية العربية -رجال الح
...
-
هل سيشهد العراق فترة حكم الديكتاتورية الطائفية ؟
-
النكات الطائفية !
-
التراث العراقي تراث تعاضدي أنساني
المزيد.....
-
-بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام
...
-
تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي
...
-
-حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين
...
-
-خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
-
موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي
...
-
التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
-
1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا
...
-
ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|