أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - يوسف ابو الفوز - ثقافة التواضع !














المزيد.....

ثقافة التواضع !


يوسف ابو الفوز

الحوار المتمدن-العدد: 2910 - 2010 / 2 / 7 - 19:12
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


دردشة

استعدت مع نفسي العديد من الحكايات عن تواضع الكثير من العظماء ، من كتاب وفلاسفة وسياسين على مر العصور والقرون ، ووجدت ـ عزيزي القاريء ـ ان التواضع في شخصياتهم وسلوكهم كان صفة اساسية عكست عمق ايمانهم بالمباديء الجميلة والنبيلة التي دعو اليها ومارسوها في حياتهم ، وعلى سبيل المثال لا الحصر، تذكرت الكاتب العبقري انطوان تشيخوف (1860ــ 1904)، وهو طبيب ، ومشاركته لمرضاه من الفقراء طعامهم وجلساتهم، بحيث سبب ذلك أصابته بالسل الرئوي الذي اودى بحياته ، وتذكرت تواضع الفيلسوف الكاتب ليو تولستوي (1828- 1910)) الذي عاش حياة المزارعين البسطاء تاركًا عائلته الثرية المترفة، وعند اقتراب لحظات موته في محطة قطار فقيرة ، قال : "وأخيرا أموت كما يموت أي فلاح روسي!"، وذات الامر يمكن روايته عن تواضع المفكر العراقي الناسك هادي العلوي (1933 - 1998) الذي أمتاز بصفات خلقية نادرة ، وانشاءه "جمعية بغداد المشاعية " التي كان ينفق من خلالها على المحتاجين ، الذين يشابههم في حياته البسيطة ، كل ما يحصل عليه من عوائد كتبه ، وهناك غيرهم كثير من العظماء الذين يمنحهم تواضعهم الانساني الجم صفة السنابل الغنية بالحبوب المنحنية بخشوع ، عكس السنابل الفارغة المنتصبة بشموخ مقيت . اورد هذا وهناك حكايات كثيرة منثورة في بطون كتب السيرة ، مستذكراً أهمية التواضع كسلوك انساني وثقافة في حياة الانسان عموما، والمثقف خاصة ، والتفكير بهذا الامر بدأ عندي ساعة ان روى لي صديق عن شاعر ضمه واياه مجلس ، وكيف راح الشاعر يتحدث بتعال ويمسك فنجان القهوة بأطراف اصابعه كأنه مصاب بداء النقرز ، ولم تسقط عبارة "أنا ... " من لسانه ، وراح يحدثهم عن مدرسة شعرية ومزاياها ، لكن الغريب ان هذا الشاعر ـ وهو حقا شاعرـ يتحدث عن مدرسة ينسبها الى أسمه ! وصدّم صديقي ، وتمنى لو أنه ظل يقرأ لهذا الشاعر فقط بدل السعي للقائه، فلربما يمكن لكاتب في امسية او محاضرة وحتى مجلس ، ان يتحدث عن اسلوبه في الكتابة وطريقة عرض افكاره والعناصر الحرفية التي يستعين بها اثناء الكتابة ، وربما يوضح الاطر الفكرية والجمالية التي يمارسها خلال الكتابة، وقد يمنح لاسلوبه مسميات مدارس ادبية ، اما ان يسمي ما يكتبه مدرسة وينسبها الى أسمه مرة واحدة ، فلعمري ـ عزيزي القاريء ـ ان فرويد وتلامذته وكل عشيرة علم النفس ، سيجلسون عند باب شاعرنا الصنديد ليراجعوا معه كل نظرياتهم وما كتبوه حول النرجسية وثقافة الانا بأعتباره المثل الحي الاعلى لكل ما كتبوه ! لقد قال لنا علم النفس ، بأن هذا النوع من الناس يكون عادة متعجرفا ، فمرض النرجسية يجعله على درجة عالية من التحسس من الاخرين وارائهم وتقبل ملاحظاتهم ، خصوصا النقدية اذ يعتبرها انتقاصا من انجازاته وميزاته المتفردة ، ويكون بحاجة دائمة الى سماع الاطراء ويحب الاضواء ومن أجل ذلك تجده يكون نشطا في مسح الجوخ والتذلل لاصحاب النفوذ والقرار ، ويكون من الصعب التعامل والتواصل معه من قبل بسطاء الناس ، لأنه لا يهتم بمن حوله ولا يهمه ما يعانون وما يفكرون ، فهو يعتقد انه على معرفة تامة بكل أمور الحياة ، فما الحاجة للاخرين ، بل أن اخطر ما تحمله النرجسية وثقافة الأنا ـ عزيزي القاري ء ـ انها تجعل من ابتلى بها ، بشكل واضح ، مطية لثقافة الكراهية ، ويكون من عاداته ان يقدم الوعود بلا حدود، ولكنه قلما ينفذ شيئا مما وعد ، لانه لا يعرف حقيقة امكاناته وقدراته ، ولطالما ظن انه قادر على كل شيء ، وقادر على انجاز فتوحات فكرية وعلمية وفنّية !
في رحلة البحث عن سقف آمن خارج الوطن الذي ابتلى بدكتاتورية بغيضة ، قضيت عام 1994 في السجون الاستونية ، لعدم امتلاكي اوراق قانونية كاملة ، وكان معي حوالي مئة عراقي من العرب والاكراد ، واختاروني ممثلا لهم امام السلطات الاستونية، اتصلنا وكتبنا وعرضنا قضيتنا الى العديد من برلمانات الدول الاوربية ، ونفذنا اضرابات عن الطعام، وزارنا ممثلي العديد من المنظمات الانسانية ، وكنا نسمع كل مرة العديد من الوعود ، حد ان امام جامع في دول اوربية وعدنا بتزويج العزاب منا ، وزارنا "كارل اوغسطين " ، ممثل منظمة الامل من فنلندا، وهي منظمة تقدم العون والدعم للاجئين، كان بملابس بسيطة ، وقليل الكلام جدا ويتحدث بهمس ، استمع الى شكوانا ومطاليبنا ، وسجل في مفكرة يحملها معه كوننا نريد ضمانا دوليا ان لا يتم تسليمنا الى نظام الديكتاتور صدام حسين ، وضرورة نقلنا الى دولة اخرى ما دام استونيا ترفض منحنا حق اللجوء ، ونتمنى ان تساعدنا فنلندا في ذلك ، كارل اوغسطين ، صديق الشعب العراقي ، يومها لم يقدم اي وعد، شد على يدي بقوة ، وقال كلمة واحدة بالكاد سمعتها :"سأحاول "!، ومنه تعلمت درسا بليغا في التواضع ، فبعد عدة شهور اثمرت محاولته ، وكان ينتظرنا جميعا عند بوابة السجن في طريقنا الى الحرية والامان !
وسنلتقي !



#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلة الثقافة وفاكهة الأعتذار !
- ليفرد طائر الثقافة جناحيه !
- في أنتظار المثقف -السيادي- !
- ماذا يعني في بلد أوربي أن يكون أسم المجرم : إبراهيم ؟!
- أصنع مستقبلك أيها النمر العراقي !
- من أجل أن يشج رأسك كتاب !!
- مثقف راهن !
- الكاتب عبد المنعم الاعسم : لو امتدحوك فهذا يعني أنك على خطأ ...
- من أجل الحوار والتمدن … تحية !
- عَمود بالعرض !!
- السينما تخلد قصة وفاء كلب ياباني !
- ديمقراطية الخورمژ !
- خذ بالك من أنف الديمقراطية ؟!
- الكلاب المسعورة !!
- صورة -العدو- البشع في الدراما التلفزيونية العربية -رجال الح ...
- هل سيشهد العراق فترة حكم الديكتاتورية الطائفية ؟
- النكات الطائفية !
- التراث العراقي تراث تعاضدي أنساني
- لقاء مع المناضل الشيوعي والاستاذ الجامعي الفرنسي باتريك ريبو
- لقاء مع قيادي بارز من الحزب الجزائري من أجل الديمقراطية والا ...


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - يوسف ابو الفوز - ثقافة التواضع !