أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر الناصري - كونونغو ، فصول من ماساة أنسانية















المزيد.....

كونونغو ، فصول من ماساة أنسانية


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 2911 - 2010 / 2 / 8 - 19:16
المحور: الادب والفن
    


من يعيش في مخيمات اللجوء حتى لو كان ذلك لعدة ايام فإن ذكريات تلك الايام ومرارتها لن تمحى من ذاكرته مطلقا وستبقى ترافقه أينما ذهب وستثار بداخله ما ان تصادفه حكاية ما تشابه حكايته. لم أعش في مخيمات اللجوء سوى ايام قليلة قضيتها في منطقة سيران بن الايرانية بعد أحداث الثاني من آب من عام 1996 . لم تكن أيامي في المخيم المذكور كثيرة غير أن الامها ستبقى وذكرياتها ، بناسها ومصادفاتها وحكاياتها ومفارقاتها ، ستتواصل معي . هناك شعرت كيف يكون الأنسان منزوع الارادة وتتحكم به سلطة وقوة لاعلاقة له بها ، بل ، يختلف معها تماما وتعمل من أجل التحكم بحياته . وكيف تكون لقمة العيش وسيلة للأذلال المباشر وإن عليك تأجيل جوعك وأن تعيش أوقات عصيبة مادامت تريد الأحتفاظ بكرامتك وبجزء من ارادتك التي يتحكم بها من أمتلك السلطة في المخيم . سيكون التفكير بالمصير والمستقبل المجهول أشبه بممارسة العقاب القاسي ،إذ لا تعرف ما الذي سيحل بك وبحياتك وهل ستبقى في هذا المخيم حتى صباح اليوم الآخر أم يتم نقلك الى مكان مجهول آخر .

حين شاهدت فلم كونونغو – دارفوريون في مخيم المنفى للاعلامي والصديق محمد اليحيائي فإن كل تلك الذكريات قد تفجرت بداخلي حد البكاء ، ثمة ذكريات متشابهة وتكاد أن تكون علامة مميزة في مسيرة كل من عاش اللجوء والتشرد في مخيماته وذاق قسوة ومرارة الحياة وأمتهان الكرامة .

يسعى فلم (كونونغو- دارفوريون في مخيم المنفى )،لأيصال رسالة مفادها إن اقتلاع الانسان من جذوره نتيجة الحروب أو التسلط والاستبداد والتمييز العنصري يسبب حالة من الأضطراب والتراجع النفسي والمعنوي وفقدان الارادة وأنعدام الامل والشعور المتواصل بالخوف والضعف . الأقتلاع من الجذور هنا هو أن تتمكن قوى ما من إجبار شخص أو مجموعة أشخاص، بفعل الحرب أو الاستبداد ومصادرة الحرية والتمييز العنصري ، على ترك اماكن معيشتهم وبيوتهم ومدارسهم وذكرياتهم وعلاقاتهم الانسانية والانطلاق في آفاق الهجرة والتشرد والبحث عن ملاذ آمن سيتحول فيما بعد الى انه حلم عصي المنال ، فثمة من يريد ان تتواصل مسيرة الضياع والتشرد وفقدان الامل وأدامة الرعب حتى لو كان هذا الأنسان أو المجموعة البشرية المبتلاة خارج الحدود وتعيش مرحلة تيه أنساني مريع وسط الصحراء . لم تكن دارفور الا واحدة من الاماكن التي تحولت الى منطقة جحيم وشيوع المأساة بأكثر صورها تجليا . فثمة أكثر من ثلاثة ملايين أنسان سيتحولون الى ضحايا فصول حكاية مريرة وبشعة يديرها حكام ورجال عصابات ومليشيات مسلحة . منطقة تحولت سريعا الى منطقة منكوبة ومسرح لعمليات القتل والاغتصاب وحرق البيوت والمدارس واماكن العبادة ، ماساة جرت وتجري بشكل متواصل وسط صمت عربي مريع حد التواطىء والمشاركة في عمليات القتل والتهجير والاغتصاب والانتهاكات المروعة ، فما قامت به الحكومات العربية هو دعم نظام عربي يمارس التمييز والاضطهاد ضد جزء من السكان الخاضعين لسلطته لانهم من الافارقة ومن غير العرب حتى لو وصل عدد القتلى من اهالي دارفور الى أكثر من 300 الف أنسان .

على الرغم من أن الفلم لم يقدم صورا أو مشاهد تفصيلية عن ممارسات النظام السوداني ضد أهالي دارفور، وأكتفى بعرض صور الاماكن المحترقة وجماجم من تم قتلهم ، الا أن شهادات من عاش فصول تلك المأساة التي لم تتنته بعد ، كانت مذهلة ومريرة وتحمل الكثير من الاسى والخذلان ولكنها تحمل الكثير من الأمل ، أمل العودة الى المكان الذي أقتلعوا منه عنوة وبدء حياة أخرى لعلها تكون آمنة . شهادات ابسط ما يقال عنها إنها وليدة تجربة قاسية وإن من يتلو شهادته لم يكن على يقين انه سيعيش حتى يروي ما تعرض له .

هو فلم عن اصرار الأنسان ومهما كانت الضروف والأوضاع التي يتعرض لها قاسية ومرعبة لكنه يريد ان تتواصل حياته وأن يعيش ويعمل ويحلم وان ينجب ويحب ويتزوج وإن يربي أطفاله ويفكر في مستقبلهم بان يكونوا أطباء او تجار ولكن ليس جنودا لان في ذلك ما يعرضهم للموت في الحروب ومخافة ان يتم تجنيدهم من قبل الحكومات أو المليشيات المسلحة ليكونوا ادوات تقمع وتقتل وتحرق وتغتصب . عن الأنسان الذي يبني وطنا في عمق الصحراء حين تصبح العودة الى موطنه الأول أشبه بالمستحيل .

كونونغو – دارفوريون في مخيم المنفى يسرد ، ولأول مرة فصولا من تاريخ سلطنة دارفور بعيون معاصرة وتكشف حجم الأجحاف والظلم الذي تعرض له أهالي دارفور منذ عام 1917 بعد ان تم ضم سلطنة دارفور من قبل بريطانيا الى السودان وجعلتها جزءا منها بالقوة كما فعلت في مناطق كثيرة أخرى كانت خاضعة لها .أذ تقوم بتأسيس الدول والكيانات بعد ان ترغم مجاميع سكانية مختلفة ، الاعراف والثقافات والأعراق على الانضمام الى هذه الدول قسرا كما فعلت في العراق في عام 1921 خلال تأسيس الدولة العراقية .

لمشاهدة كونونغو –دارفوريون في مخيم المنفى
http://www.youtube.com/watch?v=1ro6DhS1cT8&feature=SeriesPlayList&p=6B19689CC28AC887

http://www.youtube.com/watch?v=f-ePMp-C9Lc&feature=SeriesPlayList&p=6B19689CC28AC887



#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كرة القدم من السجود الى رفع المصاحف
- هوامش على معلقة معد فياض
- مآزق العراق ..قرارات هيئة المساءلة والعدالة نموذجاً
- ثورة عراقية زرقاء عبر الفيس بوك
- صدور كتاب فني عن الراحل كامل شياع
- في الاستنساخ والتناسخ الدكتاتوري
- الإنتخابات الإيرانية ...قراءة في مشهد مخادع
- من أين لك كل هذه اللغة الحاقدة : يا خالد سلطان السلطان ..؟؟؟ ...
- خديعة أوباما
- من الذات الألهية الى الذات الأميرية.. ذوات تتضخم وقهر يدوم
- الشيوعيون لم يفشلوا وحدهم.. لقد فشل الجميع
- ما الذي تبقى من حزب فهد..؟
- المراجع العظام وسقوط قناع الحياد
- ماذا يعني أن تكون في هيئة تحرير الحوار المتمدن؟
- جديد السعودية ...حملة الرفق بالإنسان...!!!!
- يا سيادة الرئيس ، هذه دروس لاقدرة لنا على تحملها ...!
- لقد عاد.. كشاهد وليس كشبح ..عن صورة ماركس في غلاف ملحق جريدة ...
- الاعدام عقوبة وجريمة وحشية ياوزارة حقوق الانسان في العراق
- ما لايفهم في تصريحات أشاوس البرلمان العراقي حول حقوق الاقليا ...
- لكي لا تتحول فتاوى حراس الشريعة إلى قيود تكبل آمالنا


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر الناصري - كونونغو ، فصول من ماساة أنسانية