عماد البابلي
الحوار المتمدن-العدد: 2902 - 2010 / 1 / 29 - 17:15
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
بلغ التعسف عند الأنظمة العربية لدرجة كبيرة حتى خرج عن حدود المنطق ، هذا التعســـف والأستبداد ليس وليد اليوم لكن نتاج تاريخ طويل جدا بدأ عند أول ديكتاتورية عربية غير واضحة االمعالم كانت عند الخليفة الثاني ، وقفزت عند المعاوية بشكل ذكي جدا !!! ونراه عند يزيد بن معاوية دكتاتورية طائشة غير مبرمجة لكن الخليفة عبد الملك بن مروان بدأت واضحة االمعالم جدا ، بحيث منع الأعتراض على أي رأي يطرحه الخليفه ، وكان قطع الرؤوس والصلب وســـجون الأمن هي نتيجة كل من يفتح فمه أو حتى يفكر !!! من عبد الملك بن مروان وحتى هذا العصر استمر االمســــلسل الطويل من الأستبداد العربي ، فالحاكم العربي سلفا هو مقدس وأي رأي يطرحه ليس من عنده بل من عند لله !!! المؤسسة الثيوقراطية طبعا هي السبب الأول وليس كل الأسباب .. هذا الموضوع واضح جدا لجميع القراء و لكن هنا زاوية اخرى كانت هي الســبب وراء كتابة هذه المقالة !! الموقف الســماوي من حقيقية الأستبداد ؟؟؟ العرض الأتي ينتمي لأسلوب بن سينا في التصوير الفلسفي للعالم ، أسلوب نيتشوي يجعل من الســماء والأرض على نفس المائدة !! أعتذر عنه سلفا ..
في الأية 30 من ســـورة البقرة نقرأ :
{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ }
كل أتجاهات التفسير تتمحور حول بيان قداسة الأنسان وأنه خليفة الله في الأرض .. والخ ، في الأية هناك شيء أخر غريب ؟؟؟؟
الله يخلق جنس جديد من المخلوقات لا بأســلوب الغطرسة لكن بأسلوب الحوار مع باقي الملائكة !! حوار ديموقراطي يحترم ذات المقابل بدليل اعترضوا على رأيه في الخلق ، وكان جواب الله عليهم بأني أرى شيء أخر غير ماترون !! جواب الله يدل على طبيعة النظام الذي يســود السماء ، نظام ديموقراطي يحترم قادة المؤسسات الأخرى مثل روفائيل وعزازيل وكابريال حسب الخارطة اللاهوتية الشهيرة للسماء .. حتى الله يســمح بالأعتراض عليه ويقبل التناقش ويقبل الثورة كما حدث مع عزازيل لاحقا .. لماذا لم يتعلم الصحابه من روح محمد وروح قرأنه هذا الموضوع ؟؟؟ والعربي يعرف جيدا بأن كلمة ( لا ) أو حتى أي اعتراض بسيط في حضرة الحاكم العربي تعني ثمن غالي جدا جدا لاتتعلق بحياته فقط لكن تتعلق بحياة أهله !!!!
اذكر في هذا الصدد قصة طريفة جدا ذكرها هادي العلوي في كتابه الرائع ( محطات من التاريخ والتراث ) بأن وزير عباسي نهى شخصا ووبخه حين سئل الخليفة المريض عن صحته بقوله ( كيف حال الخليفة ) ، لأن هذه الجملة خصة بالعباد لا بالخلفاء وسؤاله هذا يعني تمني المرض لاحقا للخليفة !!!! من القصة ندرك جيدا أي موروث نحمل وأي تركة حقيرة تركها لنا التاريخ العربي .. أذن فلنعذر حكامنا على كل مايفعلوا بنا ..
شكرا لكم
#عماد_البابلي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟