أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عصام عبدالله - تفكيك أفلاطون















المزيد.....

تفكيك أفلاطون


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2897 - 2010 / 1 / 24 - 23:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


زيارة أفلاطون إلي مصر واقامته فيها وتأثره بثقافتها،‮ ‬ثابت من الناحية التاريخية والفلسفية،‮ ‬فقد وجدت مقاطع كاملة‮ (‬مسودات‮) ‬من مخطوط كتاب‮ "‬الجمهورية‮" ‬لأفلاطون،‮ ‬أثناء ترميم أحد الأديرة المندثرة في الصعيد،‮ ‬التي أقيمت علي أنقاض أحد المعابد الفرعونية،‮ ‬وتوجد إلي اليوم قرية مصرية بإسم‮ (‬أفلاطون‮) ‬بمركز قلين،‮ ‬التابع لمحافظة كفر الشيخ وسط الدلتا تقريبا،‮ ‬وهي القرية التي ولد فيها الشاعر فاروق جويدة‮.‬

دريدا هو الذي أمسك بتلابيب‮ "‬تناقضات‮" ‬أفلاطون،‮ ‬من خلال استراتيجيته في التفكيك ذ‮ ‬Deconstruction ‮ ‬فقد لاحظ أن الميتافيزيقا الغربية منذ أفلاطون منحت الكلام أفضلية علي الكتابة‮. ‬فالكلمة المنطوقة تجسد حضور‮ (‬المتكلم‮) ‬وقت صدور القول،‮ ‬وتلزم‮ (‬متلقيا‮)‬،‮ ‬فليس ثمة فاصل‮ (‬زماني أو مكاني‮) ‬بينهما،‮ ‬فالمتكلم يستمع في الوقت الذي يقول فيه،‮ ‬وهو ما يفعله المتلقي في الوقت ذاته‮.‬

وسمة المباشرة في حقل الكلام تعطي قوة خاصة،‮ ‬لأن المتكلم يعرف ما يعني،‮ ‬ويعني ما يقول،‮ ‬ويقول ما يعني،‮ ‬ويعرف ما يقول،‮ ‬وهو قادر،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن ذلك علي تصحيح أخطاء الكلام أو التأكيد عليه،‮ ‬وعلي معرفة ما إذا كان الفهم قد تحقق فعلاً‮ ‬أم لم يتحقق‮.‬ وتفضيل الكلام علي الكتابة،‮ ‬هو ما اصطلح علي تسميته بـ‮ "‬التمركز حول الصوت‮" - ‬Phonocentrism الذي هو أساس التمركز حول العقل ذ‮ ‬LogocentrisMفي المركزية الغربية‮ (‬الأورو‮- ‬أمريكية‮)‬

وإذا كان الصوت في الكلام يمثل‮ "‬الحضو‮"‬،‮ ‬حضور المتكلم،‮ ‬فإن الكتابة تمثل‮ "‬الغياب‮"‬،‮ ‬غياب المتكلم‮. ‬ويرجع دريدا ذلك إلي أفلاطون أيضا،‮ ‬الذي أكد في محاورة‮ "‬فايدروس‮" ‬أن الكلام يحمل طابع‮ "‬الحيوية‮" ‬الذي تتصف به النفس،‮ ‬و"الحقيقة‮" ‬التي هي حوار الروح الصامت مع نفسها،‮ ‬أما الكتابة فهي وسيلة جامدة صماء،‮ ‬وهي محاكاة‮ "‬ميتة‮" ‬للفعل الكلامي الذي يتضمن حيوية خاصة‮.‬

لكن أفلاطون عاد أدراجه في كتابه‮ "‬القوانين‮" (‬الجزء السابع‮) ‬ليؤكد علي ضرورة تعليم‮ "‬الكتابة‮" ‬والقراءة في مدينته المثالية لجميع الأطفال دون تمييز بين الذكور والإناث‮. ‬وذهب إلي حد القول بأن‮ "‬الكتابة‮" ‬هي أثمن هدية من‮ "‬الإله تحوت‮" ‬حسب الأسطورة المصرية القديمة‮.‬

لقد كان دريدا واعيا بالدور الخطير الذي لعبه أفلاطون في تاريخ الفلسفة،‮ ‬لذا خصص له دراسة مستقلة هي‮ "‬صيدلية أفلاطون‮"‬،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن استشهاداته العديدة بأعماله‮. ‬فقد أظهر التفكيك أن زعم أفلاطون‮ - ‬في محاورة‮ "‬فايدروس‮" - "‬بأنه لا يقوم إلا بمحاولة لإعادة تسجيل كلام أستاذه وأبيه الفلسفي سقراط،‮ ‬هو مجرد حيلة بارعة،‮ ‬للقضاء علي أستاذه قضاء مبرما،‮ ‬أو قل انه سار علي نفس خطي أستاذه‮ (‬بممحاة‮). ‬

فقد كان أفلاطون يقوم بإحياء سقراط‮ (‬في الظاهر‮) ‬حين يعيد كتابة أقواله،‮ ‬ولكنه كان أيضًا يقتل سقراط‮ (‬في العمق‮) ‬حين يخرق قانون الأخير في تحريم الكتابة‮. ‬وهكذا فإن‮ "‬صيدلية أفلاطون‮" ‬تأسست علي مبدأ‮ "‬الكتابة‮" ‬بوصفها الفارماكون‮ (‬Pharmakon ‮ ‬السم والترياق معًا‮)‬،‮ ‬الذي يقتل ويعالج في آن واحد‮. ‬

وأفلاطون الذي يحذرنا من خطورة فكرة‮ "‬الشبه‮" ‬و"الشبيه‮"‬،‮ ‬في محاورة‮ "‬السوفسطائي‮"‬،‮ ‬حيث يقول علي لسان‮ "‬الغريب‮": "‬لما كان الذئب يشبه الكلب،‮ ‬وأكثر الحيوانات وحشية يشبه أكثرها أهلية،‮ ‬وجب علينا،‮ ‬إن أردنا ألا نخطئ،‮ ‬أن نحذر الشبه قبل كل شيء،‮ ‬فالشبه مذلة‮". ‬

هو نفسه الذي دشن فكرة‮ "‬الشبيه‮" ‬في الفلسفة،‮ ‬الذي يلغي‮ "‬الآخر‮" ‬و"المختلف‮" ‬وجوديا ومعرفيا،‮ ‬فقد لاحظ‮ "‬جيل دولوز‮" ‬في كتابه‮ "‬ما الفلسفة‮": ‬ان‮ (‬سقراط‮) ‬الشخصية الرئيسة في محاورة‮ "‬الجمهورية‮" ‬لأفلاطون،‮ ‬لم يتوقف البتة عن جعل الحوار مستحيلاً‮. ‬لقد طرح أسئلة علي أصدقائه،‮ ‬لكنه كان يعرف الجواب مسبقاً،‮ ‬أي انه حول الصديق،‮ ‬إلي صديق لمفهوم واحد‮. ‬



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسكوت عنه في تغير المناخ
- كيف نمنع أحداث نجع حمادي في المستقبل ؟
- الحوار المتمدن والحكمة الذهبية
- الكرامة
- كراهية الغرب
- التسامح في الأديان ، وبينها
- خان الخليلي
- وجها لوجه وليس كتفا بكتف
- أطياف دريدا بالبحرين
- حتي لا نخسر - ذاتنا - السياسية
- يا أصدقائي ، لم يعد هناك صديق !
- النووي ، إلي أين يتجه بالمنطقة ؟
- جريمة إبراهيم عيسي !
- تحديات الليبرالية في العالم العربي
- هل بدأت الألفية الثالثة عام 1968 ؟
- تديين الشرق الأوسط .. إلي أين ؟
- الشخصية المصرية المعاصرة
- آليات الشخصية المصرية
- للصبر حدود .. وللتسامح أيضا
- الفوضي أم الاستبداد ، قدر المنطقة ؟


المزيد.....




- واشنطن بوست: الاستخبارات اخترقت اتصالات بين مسؤولين إيرانيين ...
- مخاوف دولية حول مصير السجناء الأجانب.. إيران تعترف بمقتل 71 ...
- القضاء التركي على موعد مع قرار حاسم: هل يطيح بزعيم المعارضة؟ ...
- نتنياهو: -النصر- على إيران يوفر -فرصا- للإفراج عن الرهائن في ...
- من أجل سوسيولوجيا معادية للصهوينة
- مستشار كوفي أنان: إدارة ترامب تفكك الحكومة الفدرالية وتقوض ا ...
- رئيس صربيا يرفض الرضوخ لمظاهرات المعارضة
- غسان سلامة: الشعوب العربية تخاذلت عن نصرة غزة
- التحقيق بتحطم الطائرة الهندية يطرح جميع الفرضيات
- تسريب جديد يقلل من أضرار البرنامج النووي الإيراني


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عصام عبدالله - تفكيك أفلاطون