أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدي يوسف - كــمْ عدَنٍ ســوف ننســـى !














المزيد.....

كــمْ عدَنٍ ســوف ننســـى !


سعدي يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 876 - 2004 / 6 / 26 - 17:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في أيامِ الضيقِ والـمَـخْـمَـصةِ والسّـتْـراتِ المقلوبة ، في أيامنا هذه ، يحاولُ امرؤٌ مثلي ، اغتذاءَ المثالِ ،
لا للمثالِ ذاتِـهِ ، فهو واضحٌ في الضمير منذ الأزل ، وإنـما لأدْرأَ به ما تناوَبَ وتَـناوَحَ ، هذه الريحَ الشريرةَ
التي تكادُ تقتلعُ رُشــدَ العالَـمِ الذي راكَـمَـهُ عبرَ قرونٍ وقرونٍ .
أتذكّـرُ ، الآنَ ، ولغير مناسبةٍ ، كيف غادرتُ عدن أواخرَ 1986 …
كيف كنّـا في مَـمَــرٍّ آمنٍ على الشاطيء أمْـكَـنَ للصليب الأحمر الدولي تدبيره ، بينما كانت الغربان تنهشُ أجسادَ القتلى في الساحات الممتدة بين المطار ومركز المدينة .
كان الرصاصُ يئزُّ فوق الرؤوس ، تماماً ، ونحن منبطحون ، نتطلّـعُ إلى الزورق الذي سينقلنا إلى السفينة تَـطَلُّـعَ
الغريقِ إلى الهواء .
غورباتشوف كان " يُـصَـفِّـي " امبراطوريته ، مبتدئاً بالأطراف : الحبشة وعدن …
في " مثلّث الدائرة" كتبتُ :
الشعب يقتتل.
جمهورية الفقراء تنتحر ، وفي انتحارها تقتل أبناءَها ، عبد الفتاح اسماعيل ، صالح مصلح ، زكي بركات ، أحمد سالم الحنكي ، جمال الخطيب …
جمهوري الفقراء تنتحر ، تقتلُ حتى ســلاحَها .
في الجبل المهيمن على خور مَكْسَــر ، الجبل المخزن ، الجبل مستودع السلاح ، ظلت الذخائر تتفجر ، تندلع من منافذ الجبل ، وتندفع في الفضاء ، نيراناً حمراءَ ، وبرتقالية …
ظلَّ الجبل البركانيّ يتفجّـر .
يقذف بحممه على المدينة ، علينا ، نحن المحاصَـرينَ في المدرسة القريبة . غيمة من البارود ورائحته تهبط على المدينة ، البركان الخامد ، منذ آلاف السنين ، عادَ إلى الحياة …
سقطت القذيفة الأولى على المدرسة .
كانت تستهدف المبنى الجديد للّـجنة المركزية ، الذي لم يكد الروس يتمّون بناءه إلاّ قبل أسبوعين ، وكنتُ رأيتُـهم آنذاك يجرجرون تمثالاً نصفيّـاً للينين كي ينصبوه في المدخل .
سقطت القذيفة الثانية .
القذيفة الثالثة أصابت مطبخ مسكني . تهاوت قطعٌ اسمنتيةٌ وقضبان حديد ، وهبّت الأتربة مثل عاصفةٍ .
في البعيد ، في سماء المطار ، كانت غيمة من الغربان .
قال أحمد: مجزرة المطار … الطيارون أُبيدوا غدراً …
في هذا الوقت ، كان رتلٌ من الدبابات الروسية يطْـبِـقُ على المدينة ، متقدماً على امتداد ساحل أبْـيَـن .

لماذا أتذكر الآنَ أيامَ عدن ؟
لم تكن عدنٌ حين جئتُها ، بعد أن أخرجَـنا شارون من بيروت ، غيرَ عدنٍ التي غادرتُـها .
إنها المدينةُ ذاتُـها في صبوةٍ نادرةٍ من صبوات التاريخ .
مقرّ علي بن الفضل القرمطي ، كان غير بعيدٍ ، في جبلٍ من محافظة زنجبار .
الآن ، أتذكّــرُ أولئك الشجعان ، من أبناء عدن ويافع والضالع وحضرموت وأبيَن وشبوة وســواها ، الذين جعلوا التاريخَ يتّصلُ كما لم يَحدُثْ قَـطُّ في منطقتنا …
أتذكرُ شبّـان الكتيبة الخامسة الذين أسسوا اليمن ديمقراطياً ، وذابوا في التأسيس العجيب .


لندن 24/6/2004



#سعدي_يوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الـمـتَـرَحِّـــلون
- ســاعاتُ جان جِـيْـنَـيه الأخيرة
- فَـراشاتُ الأنْــدِيز
- كلامٌ غيرُ مسؤولٍ …
- الجرذان تغادِرُ السفينةَ …
- عطلة الـمصارف
- غلامٌ سـعوديٌّ رئيساً لأرضِ السّوادِ
- بيـــن مَــوتَـينِ سلافو جيجيك يكتب عن أبو غْرَيب
- الليلةَ ، أُقَـــلِّـــدُ بازولــيني
- لا تقتلوا الشهرستاني !
- الأشــياءُ تتــحـرّك
- يوميّــاتٌ عراقـيّــةٌ
- الجندب الحديديّ
- مُـعـذَّبو الســماء
- أحــدُ أصدقــائي
- إيضــاح
- من هواجسِ رجُلٍ ، ســنة2000 ق.م
- هل تحبِّـينَ ألفِـيس بريســلي ؟
- أوّل أيّــار عالياً على الأسلاك
- غارةٌ جويّـة


المزيد.....




- أمريكا تعلن عن نشر -قدرات إضافية- في الشرق الأوسط
- الإسرائيليون يهرعون لتخزين الطعام والمؤن تحسبا لأيام صعبة بس ...
- لوس أنجلوس: تفريق الاحتجاجات ضد ترامب بقنابل الصوت والغازات ...
- قمة مجموعة ال7: كارني يحذّر من عالم منقسم وترامب يستذكر الحس ...
- -أكسيوس-: الولايات المتحدة تبلغ حلفاءها أنها لن تنضم إلى الح ...
- هل تتجه إيران وإسرائيل لحرب طويلة الأمد؟
- شاهد.. إسرائيل تدين إغلاق جناحها في -معرض باريس الجوي- على ط ...
- أغلقت جميع مرافقها.. شركة -بازان- الإسرائيلية تعلن مقتل 3 من ...
- ترامب: على الجميع مغادرة طهران على الفور
- +++ هجمات إيران وإسرائيل.. تطورات متلاحقة وتصعيد مستمر+++


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدي يوسف - كــمْ عدَنٍ ســوف ننســـى !