أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دارا كيلو - سليم مطر والكرد .... خلل في المنطق أم تحريض مكشوف؟















المزيد.....

سليم مطر والكرد .... خلل في المنطق أم تحريض مكشوف؟


دارا كيلو

الحوار المتمدن-العدد: 873 - 2004 / 6 / 23 - 05:47
المحور: القضية الكردية
    


منذ فترة فتحت بريدي الإلكتروني فوجدت فيه مقالا على صيغة نداء للزعامات والنخب الكردية بعنوان ( تخلصوا من أسطورة كردستان الكبرى لتربحوا العراق كله ) بقلم سليم مطر, وفي الحقيقية لا أعلم لماذا أرسل لي السيد سليم هذا النداء/ المقال باعتباري لست من كرد العراق, ولست من متابعي ما يكتبه الرجل, ولكن العنوان لفت نظري, وقراءته دفعتني للتعليق عليه.
يبدأ النداء بمقدمة منطقية صحيحة تماما , مفادها أن أي وضع أو مشكلة لها عوامل ذاتية وموضوعية, داخلية وخارجية ..., وعليه فإن مشكلة الأكراد ليست فقط في اضطهاد الآخرين لهم, أنما هم أنفسهم يعانون من مشكلة ما أو مجموعة من المشكلات. يقول :(إن الإنسان أو الجماعة التي تنجح وتحقق الفوز عادة، هي التي تستطيع أن تغور في أعماق ذاتها ومعتقداتها لتكتشف فيها مكمن الخطأ. وهذا ما يسمى بالعرف السياسي " النقد الذاتي"....أما الذين يصرون على غض البصر عن خطايا ذاتهم ومعتقداتهم ويتشبثون بحمق وعناد صبياني بفكرة أنهم ضحايا لحماقات الآخرين، فان الخلل الذي في أعماقهم سوف يستمر ويستفحل مثل المرض حتى يقضي عليهم تماما) ويرى أن هذا هو حال النخب والقيادات الكردية. بعد ذلك يحذر السيد سليم الأكراد من الشعور بالانتصار أو التوهم بتحقيق شيء من حقوقهم القومية, لأن انتصارات قياداتهم القومية كانت دائما أمجادا من رمال , مذكرا بمصير الإمارات والثورات الكردية, على مدى القرنين التاسع عشر والعشرين, وما انتهت إليه من انتكاسات وكوارث, وعند التساؤل لماذا هذه النتائج, وضمن إطار المقدمة التي طرحها, يجيب بنقطتين:
أولا- هناك خلل في العقيدة القومية الكردية : باعتبارها تعتمد وحدة اللغة كأساس للأمة في تقليدٍ للمدرسة الألمانية.
ثانيا- التبعية للخارج عقائديا وسياسيا : يرى السيد سليم أن القيادات الكردية كانت الأكثر تطرفا في التبعية للخارج, وضمن إطار هذه التبعية للخارج طرح موضوع أو شعار (إمبراطورية كردستان الكبرى من الخليج العربي إلى خليج الاسكندرونة) والأكراد في النتيجة كانوا ضحية لذلك.
يرى الكاتب أن العراقيون قد حسموا أمرهم باتجاه التخلي عن خطيئة نفي الهوية الوطنية العراقية والارتباط السياسي والمصلحي بالخارج, والعمل من أجل إحياء الهوية العراقية. ومن أجل انخراط الأكراد في هذه العملية لا بد من إجرائين: الأول يتم بالتخلي عن شعار وعقيدة كردستان الكبرى وإحلال شعار وعقيدة مضمونهما الدفاع عن حقوق أكراد العراق بالمواطنة والمساواة ...والثاني تحويل الأحزاب الكردية إلى أحزاب عراقية مفتوحة للجميع, ومن ثم يعرض الكاتب بعد ذلك المكاسب التي يجنيها الأكراد من هذا التحول والتي تتوج بـ(فلنتخلى عن أسطورة كردستان الكبرى.. ونربح العراق كله..).
هذا إيجاز شديد لما كتبه السيد سليم, والحقيقة أن قراءة المقال تستفز الإحساس الكردي والإحساس العلمي لدى القارئ, ولكن ليس كل ما يكتب يستحق الرد, والحقيقة أنني لم أكن لأرد, أو لنقل لأعلق عليه لأن ما أكتبه ليس ردا بالمعنى التقليدي, لو لا أنني وجدت المقال في بريدي . وباعتبار أن التعليق على الكثير من التفاصيل التي لها امتدادات خارج نصه سيدفعنا للدخول في قضايا متشعبة, حول صحة هذه الواقعة أو تلك, حول صحة هذه الفكرة أو تلك, حول موقف البارزاني أو الطالباني, ويمكن أن تتحول القضية إلى مهاترة رخيصة, فإنني سأحاول أن أحصر تعليقي قدر الإمكان ضمن النص, وسأركز على الجوانب الأساسية والمنهجية فيه. بمعنى أن النقاش سيتركز حول ما يدعي السيد سليم أنها إرادته وموقفه في نصه, وحول ما يمكن أن نستنتجه من هذا النص من خلال تطبيق الأصول العلمية, الأمر الذي سيكشف حقيقة موقف وإرادة الرجل . وأشير هنا أنني أجد اسم السيد سليم مسبوقا بحرف (د) وهذا يعني التزاما منه بأصول الكتابة في المواضيع الفكرية, أو على الأقل يفترض ذلك.
إن أي نص فكري أو علمي, أيا كانت القضية أو المشكلة التي يعالجها, يفترض أن تتوفر فيه شروط معينة. تضفي هذه الشروط على النص العلمية ومن ثم المصداقية في المرامي والنتائج التي يحاول الوصول إليها. من هذه الشروط : احترام عقل المتلقي أو القارئ, وحدة اللغة الاصطلاحية, تناسق المقدمات والنتائج وضبط منهجية التحليل, التوثيق في المراجع والشواهد.......الخ. إن توفر الحدود الدنيا من هذه الشروط في النص يجعلنا نطمئن إلى نتائجه ومراميه المعلنة, أما إذا لم يتوفر ذلك فإننا قد نشكك في النص أو في كاتب النص, بمعنى إما أن الكاتب يعاني من خلل في التأهيل العلمي والفكري, أو أنه يريد أن يختلق مواقف أو نتائج غير علمية وغير حقيقية و يريد أن يؤدي رسالة ليس معلنة تماما من قبله, أو الاثنين معا . ضمن إطار هذه المقدمة سنحاول تناول نص السيد سليم بالتحليل والنقاش, وسنجزأ التعليق حسب بعض المعايير بغرض تركيز الضوء, لكن هذا لا ينفي التداخل في الموضوع.

أولا- السؤال الذي يطرح في البداية هل يحترم السيد سليم عقل القارئ؟ بمعنى هل يوجه خطابا يعتبر المتلقي ندا له في المحاكمة العقلية في أساسياتها؟ النص في مستواه الأول وفي عنوانه بالذات هو نداء إلى النخب والزعامات الكردية يطالب بالتخلي عن أسطورة كردستان الكبرى لربح العراق كله, وهو يشي بأن هناك من اكتشف الحقيقة الكبرى والمطلقة, وليس على الآخرين سوى ترك كل شيء آخر والاستماع والتنفيذ, وكلما تعمق القارئ في النص سيتلمس هذا. وهذا يعني أن ما كتب يصدر عن عقلية وصائية تقليدية, يحاول الكاتب التبرؤ منها, تظن أنها أمتكلت أطراف الحقيقة وأغلقتها على نفسها, كما فعلت ولا تزال تفعل الأيديولوجيات المغلقة الكبرى في طبعاتها اليسارية أو القومية أو الإسلامية. فالكاتب يجد نفسه أو يدعي أنه قد اكتشف مصلحة أكراد العراق وهم لا يدركونها, وخصوصا على مستوى النخب والزعامات, حيث أنه يحاول الإيحاء أن الجماهير الكردية قد تدرك ذلك بدرجة ما . وهنا تطرح مجموعة من التساؤلات: ما الذي يؤكد أن هذا الرجل أكتشف الحقيقة؟ وما الذي يضمن أنه يبحث مصلحة الشعب الكردي؟ والمفارقة الغريبة هنا أن تدرك الجماهير الحقيقة قبل النخب والقيادات, في وقت يعلم الجميع فيه أن الوعي يبدأ من النخب والقيادات وينتشر إلى الجماهير, وإذا كانت القيادات السياسية تتعرض لضغوط مصالح سياسية ضيقة أو آنية فإن النخب تقترب من الحقيقة قبل الجماهير بالتأكيد. وفي الحالة الكردية العراقية فإن النخب, وخصوصا الثقافية منها, والهوى الجماهيري العام هو باتجاه أكثر استقلالية مما تطرحه الزعامات السياسية, وهذا يتناقض مع كل ما يدعيه السيد سليم. وعليه فإن السيد سليم يحمل مجموعة من الأفكار يعتقد صحتها, وباعتباره مقتنع بها فإنه يظن أنه يجب على الجميع الامتثال, وحتى حقائق الواقع يجب أن تتطابق معها. الجانب الآخر في هذا المجال هو أنه إذا كان الشعب الكردي حتى الآن لم يستطع أن ينجب نخبا وزعامات تستطيع, على الأقل وفي الحدود الدنيا, التمييز بين الأسطورة والواقع, وينتظر الآخرين لكي يفكروا بالنيابة عنه ويوجهوه , فهل هذا الشعب يستحق الحياة ؟ وهل هذا التقييم الذي ينطلق منه السيد سليم يحترم الشعب الكردي, ومن ثم القارئ الكردي, والقارئ بشكل عام؟ أعتقد أن الجواب هو لا فالمطلوب في مواجه هكذا طرح هو مريدين ينتظرون الفتوحات الفكرية للشيخ وربما الوحي الذي ينزل عليه.

ثانيا- هناك مصطلحين يستخدمهما الكاتب يشكلان مفاتيح النص هما الوطن العراقي والداخل والخارج وبدون ضبط واضح للمقصود بهما, والتشويش على استخدام المصطلحين واضح ومتداخل وربما مقصود . فما هو الوطن العراقي؟ وما هو المقصود بالهوية الوطنية العراقية؟ يوحي النص في الكثير من المواقع بأن هناك معطى جاهز موجود هو الوطن العراقي, وفي مواقع أخرى يوحي كأن هناك عودة للوطن والهوية الوطنية العراقية. إن الوطن مصطلح حديث له مدلول واضح, فهل ينطبق هذا على العراق؟ الوطن ليس مجرد حدود سياسية جغرافية وسلطة, إنه مرتبط بقيم يجمع عليها مواطنون كاملي الأهلية, هل هذا هو العراق؟ إن الحدود السياسية للعراق لا يتجاوز عمرها /90/ سنه, ووضعت بأيدي أناس لم يكونوا من سكان العراق, و طوال هذه الفترة لم يعرف سكان العراق حقوق المواطنة, فعن أي وطن يتم الحديث ؟ وكيف تتكون الهوية الوطنية؟ وما هي مقوماتها؟. المصطلح الثاني هو الداخل والخارج, ويوحي الكاتب وكأن هناك داخل وخارج واضح بالنسبة لكل العراقيين, والمشكلة أنه, ومن ناحية المبدأ, وبحكم أننا في القرن الحادي والعشرين, من الصعب تمييز ما هو داخلي مما هو خارجي بشكل واضح, والأمر أصعب في دول متخلفة, إلا في الإنتماء القبلي ومقاييسه الممتدة, أيا كان الأشكال الحديثة التي يتخذها, حيث يمكن أن نقول فلان ينتمي إلى القبيلة أو ينتمي إلى خارجها. وفي العراق كنموذج لدولة متخلفة نقول أين هي الحدود بين الداخل والخارج, وهل من المعقول والمفيد وضع حدود عدائية ومطلقة بين الداخل والخارج كما يفعل السيد سليم, والمشكلة الأكثر إثارة هنا هي أن تتحدث عن داخل وخارج ولا تستطيع التمييز بينهما. كما أشرنا سابقا, الحدود السياسة للعراق وضعت على أيدي الإنكليز والفرنسيين, فهل هذه الحدود داخل أم خارج, أنظمة الحكم المتعاقبة, وخصوصا التي استمرت لفترة طويلة, استلمت الحكم واستمرت بفضل الرضا والتوازنات الخارجية, الاقتصاد بمعظم مكوناته يعتمد على الخارج(سوقا, تقنية, و رؤوس أموال ...), التعليم والثقافة والتكنولوجيا مصدرها خارجي, البعض منها يأتي من الخارج مباشرة , وبعضها الآخر يفلتر عن طريق وكيل محلي فيظنه البعض أو يتوهمه داخليا, فأين هو الداخل والخارج هنا. لا يجب أن ننكر هنا أن هناك جدلية في التفاعل بين الداخل والخارج في أي ظاهرة, ولكن حسب درجة تطور وقوة كل منها تتسع أو تنكمش مساحته و دوره, ففي الدول المتطورة هناك تكافؤ في التفاعل بين الداخل والخارج ويساهم الداخل في تكوين الخارج بقدر المساهمة الخارجية في تكوين الداخل, ولكن في الدول المتخلفة, ويجب أن تكون لدينا شجاعة الاعتراف بذلك, فإن الداخل هامشي ضعيف يتكون في ثنايا الخارج وهو تابع له ويقتصر دوره على رد فعل هامشي ضعيف في التفاعل مع الخارج, وبالتالي فإن القضايا الكبرى والمصيرية تتقرر في الخارج, أي أنه من الصعب إقامة ثنائية جدلية ومتكافئة ومفيدة للداخل والخارج, لأن الداخل مساحته شبه معدومة وهامشية وقائم على رد الفعل. وربما كان مفيدا هنا أن نجري مقارنة بين ألمانيا وتركيا ورئيسي وزرائها, تركيا دولة متخلفة تتسكع على أبواب الاتحاد الأوربي, وكونها متخلفة يعني أن داخلها ضعيف في التفاعل مع الخارج, وألمانيا دولة متقدمة جدا وهي من الدول الأساسية في الاتحاد الأوربي وهذا يعني أن داخلها قوي في التفاعل مع الخارج, بالرغم من ذلك فإنه وبعد أن أقر البرلمان التركي حزمة من الإصلاحات التي طلبها( الخارج) الاتحاد الأوربي بفترة قصيرة , لم يجد رجب طيب أردوغان حرجا في أن يصرح بأن الإصلاح يجب أن ينبع من الداخل وليس الخارج, في نفس الفترة تقريبا شارك المستشار الألماني شرودر في الاحتفال بذكرى الإنزال الأنكلو-أمريكي في النورماندي في الحرب العالمية الثانية, وكما نعلم فإن هذا الإنزال كان ضد ألمانيا النازية وطن شرودر ولكنه خلصها من النازية, ولم يجد شرودر حرجا في ذلك, فأيهما يمثل النفاق وأيهما يمثل الصدق والحقيقة, أي يهما يمثل المستقبل وأيهما الماضي, أردوغان ذو الجذور الإسلامية أم شرودر الاشتراكي الديمقراطي؟

ثالثا- في مجال تناسق المقدمات والنتائج وضبط منهجية التحليل, هناك مجموعة من الأطروحات والمواقف التي تعكس خلالا. حول مسألة الداخل والخارج نجد الكاتب يصنف الارتباط العقائدي أو السياسي مع الخارج في مرتبة الخطيئة, ولكنه في نفس الوقت يتظاهر بتقديس كيان سياسي(العراق) هو منتج خارجي, ويعيش في دولة ( سويسرا) هي خارج العراق على حساب خيرات ومنجزات هذا الخارج, بالإضافة إلى ذلك فإنه يدعو العراقيين للحفاظ على الإنتماء للجامعة العربية رغم أنها فكرة ومشروع إنكليزي في الأساس. وفي مجال الوطن والحديث عنه وكما أشرنا فإنه يدعوا الأكراد أن يكونوا مواطنين عراقيين, وفي نفس الوقت يتهمهم بمعاداة العلم واللغة الوطنية العراقية, بالطبع نحن لسنا مع معاداة العربية, ولكن ما يقوله يدل على أنه يعتبر أن هناك علما جاهزا مقدسا للكل هو العلم الصدامي ولغة وطنية هي العربية, والسؤال هو كيف تطلب من شخص أن يكون مواطنا ويحترم رمزا وضعه من أباد أشقائه بالكيماوي أو دفنهم في الأنفال, أو تطلب منه أن يقبل بلغة وطنية واحدة هي ليست لغته ؟ رغم أن معنى الوطن ورموزه وقيمه لا يمكن أن تكتسب مصداقية لتسميتها إذا لم تكن نابعة من إجماع المواطنين, أي أنه إذا أردنا للكردي أن يكون مواطنا عراقيا كاملا يجب أن نعطيه حقوق المواطن الكاملة, وليس فقط واجباتها, وهذا يعني, من بين أمور كثيرة, أن يساهم الكرد في صياغة علم جديد وأن تكون اللغة الكردية أيضا لغة وطنية في العراق. يعتبر السيد سليم أن خطأ العقيدة القومية الكردية أنها اعتمدت على رابط اللغة, كما المدرسة الألمانية, ومن ثم يعود ليؤكد بأن على العراق أن يدافع عن انتمائه للعالم العربي, والسؤال ما الذي يحدد العالم العربي؟ أليس اللغة العربية ؟ وكذلك يطلب من الكرد بعد أن يتخلوا عن كردستان الكبرى وأن يعتبروا أنفسهم جزءا من هذا الإنتماء, أليست مفارقة ؟!. رغم المقدمة الصحيحة التي انطلق منها النص لكنه لم يستطع الاستفادة منها, فالبرغم من كل تهمه للأكراد وغيرهم بمعاداة أو الابتعاد عن الهوية الوطنية العراقية, لم يستطع أو لم يرد أن يتساءل عن احتمال أن يكون الخلل في الهوية الوطنية العراقية, لم يتساءل لماذا لا تجتذب جنة العراق الواقعية الأكراد, في أن حين جحيم أسطورة كردستان الكبرى يجذبهم, أليس هناك احتمال أن لا يكون الوطن العراقي لا جنة ولا واقعا؟ ألا يذكرنا هذا بمواقف بعض الشيوعيين الذين كانوا لا يستطيعون أن يفهموا كيف يرفض شعوب أوربا الشرقية جنة الاشتراكية ويلهثون خلف سراب جحيم الرأسمالية, هؤلاء الذين لم يخطر ببالهم أنه ربما كانت الاشتراكية شيء آخر غير الجنة وأن الرأسمالية شيء آخر غير الجحيم. النقطة الأخيرة التي تعكس خلل النص هي أنه يتحدث مرة عن الأكراد كعراقيين ومرة كخارجيين يجب أن يتعرقنوا, بالطبع حسب التوظيف الذي يلائمه, فمرة يقول (كما هو معروف يا إخوتي أعضاء النخب الكردية العراقية ) هنا الكرد عراقيون, وفي مكان آخر ( نحن العراقيون في طريقنا للتحرر من الأساطير القومية البعثية ........وأنتم يا إخوتي من القادة والنخب الكردية بحاجة إلى الاتعاض من تجربتنا) والكرد هنا خارج العراقيين.

رابعا – المعيار الأخير الذي أود التعليق عليه هو التوثيق, فرغم الكثير من المواقف والإشارات في الحاضر والتاريخ لم يكلف السيد سليم نفسه بالاستعانة بوثيقة أو مرجع حسب الحال, فمثلا عندما أصر على إلصاق شعار امبراطورية كردستان الكبرى بالنخب والقيادات الكردية في العراق, لم يأتي بوثيقة واحدة تؤكد طرح هذا الشعار أو المشروع, وحسب معلوماتي أن مشروع كردستان الكبرى لم تطرحه أي من القوى السياسية الكردية, لا في العراق ولا خارجه, رغم أنه قد يكون حلما مشروعا للكرد كما غيرهم من الشعوب, والقوة السياسية الوحيدة التي طرحته حديثا هي حزب العمال الكردستاني في تركيا وتخلت عنه منذ أكثر من خمس سنوات, ما طرحته الحركة السياسية في كردستان العراق لم يتجاوز اتحاد فدرالي. والسؤال المشروع هنا لماذا يصر السيد سليم على إلصاق هذا الشعار بالحركة الكردية في العراق؟!!! وكذلك الأمر بالنسبة لإدعائه أن الكردية أربع لغات دون أي توثيق بالمراجع المحترمة في هذا المجال.

وفي الخلاصة إن نص السيد سليم يفتقد مقومات نص علمي والحدود الدنيا من المصداقية, وما يمكن أن يستخلصه المرء من هذا النص أن الكرد مجموعات غير متجانسة قوميا أو لغويا مرتبطة بالخارج تريد أن تبني إمبراطورية على أرض ليست لها, الأخطر من ذلك أنه يحاول أن يشبهها بإسرائيل بشكل غير مباشر, عن طريق الإيحاء, لنقارن: مجموعات غير متجانسة لغويا(دولة على أساس ديني) , مرتبطة بالخارج ( مؤامرة خارجية), امبراطورية كردستان الكبرى من الخليج العربي إلى خليج الاسكندرونة ( إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل ). هل هذا النص موجه للنخب والزعامات الكردية أو حتى الجماهير الكردية؟ أشك في ذلك لأنها لن تتقبل هكذا طرح. النص , بحسب وجهة نظري طبعا, موجه للعراقيين من غير الأكراد خصوصا, والعرب عموما, لتحريضهم على الأكراد بتصويرهم على شكل مؤامرة أو إسرائيل أخرى, واعتقد أن كلمة إخوتي التي تتكرر كثيرا, يدل كثرة تكرارها على عكسها كما هو معروف في علم النفس. والإجابة على السؤال الذي طرحناه في البداية : هل هو خلل في المنطق أم تحريض مكشوف أم الاثنين معا, اتركه للقارئ.

ملاحظات :
1- ما بين قوسين مأخوذ من المقال المذكور.
2- المقال منشور في موقع قامشلو كوم و موقع www.salimmatar.com



#دارا_كيلو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 12 آذار والانتماء السوري للكرد
- إلى المعلم كاظم حبيب
- الحديقة الناصرية في تاريخ وجغرافيا كردستان
- المثقف والسياسي الكردي ...الإشكالية المزيفة
- هولير وقنابل الارتزاق الانتحاري
- الكرد والشيوعي العراقي .....وكهنة الفكر الشمولي
- العمامة والسياسة.....رب ضارة نافعة
- العقيد القذافي ... داعية كردستان الكبرى ؟
- صداميــــــات كردية
- الشمعة الثانية في بيتنا الآمن
- استئصال الشعوب...... صحوة الليث شبيلات
- كردستان سوريا ....الوطن السوري أم كردستان الكبرى
- الحوار الكردي في إطار الحوار الوطني السوري
- سليمان يوسف يوسف من أوهام الحوار الوطني إلى حقائق الإقصاء وا ...
- هل دشن البراعم عودة الحركة الكردية إلى السياسة ؟!
- نعم مولانا الخزنوي إنها متاهة ....ولكن......
- لا فرق بين أموات لالش و مكة إلى الكاتب هوشنك بروكا
- ماذا تريد الولايات المتحدة من الحرب على النظام العراقي ..؟


المزيد.....




- إسرائيل تستنفر سفاراتها تحسبا لمذكرات اعتقال بحق مسئوليها
- يديعوت أحرونوت ترجح صدور مذكرات اعتقال سرية بحق مسئولين إسرا ...
- ليبيا.. الحرب السودانية وأزمة اللاجئين
- نتنياهو ومخاوف أوامر الاعتقال الدولية
- -هيومن رايتس ووتش-: رد فعل رؤساء الجامعات الأمريكية على الاح ...
- عائلات الأسرى الإسرائيليين تتهم حكومة نتنياهو بالفشل في إطلا ...
- -حين كانا طفلين-.. نداءات حقوقية قبل إعدام المناسف والمبيوق ...
- مقترح هدنة بين حماس وإسرائيل.. ماذا قد يتضمن اتفاق وقف إطلاق ...
- قانون المثلية الجنسية في العراق.. عقوبات تصل إلى 15 سنة وتند ...
- نادي الأسير الفلسطيني يطالب بضرورة فتح تحقيق دولي في جرائم ا ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دارا كيلو - سليم مطر والكرد .... خلل في المنطق أم تحريض مكشوف؟