أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - دارا كيلو - لا فرق بين أموات لالش و مكة إلى الكاتب هوشنك بروكا















المزيد.....


لا فرق بين أموات لالش و مكة إلى الكاتب هوشنك بروكا


دارا كيلو

الحوار المتمدن-العدد: 527 - 2003 / 6 / 28 - 13:53
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

      كغيري من الكرد , سررت بإضافة كتاب جديد إلى المكتبة الكردية, وربما الأصح الدراسات الكردية , أقصد كتاب هوشنك بروكا  ( دراسة في ميثولوجيا الديانة الإيزيدية). وكان للمسرة سببان: الأول هو أن المكتبة الكردية أكثر من فقيرة بالدراسات , وأكثر من ذلك بالدراسات الجادة , التي تلتزم أصول البحث العلمي. والثاني هو أنني كردي , وكغيري من الكرد مساحات الفرح لدينا أضيق من غيرنا ولذلك قد نفرح لأشياء يعتبرها غيرنا أمورا عادية . و سررت أكثر عندما قرأت نقدا للكتاب بقلم محسن سيدا بعنوان(تطبيقات منهجية حول كتاب دراسات في ميثولوجيا الديانة الإيزيدية), ووجدت أن النقد يتوسم المنهجية في البحث العلمي.  وهذا يعني أننا ككرد نخطو خطوة إلى الأمام , وأن رصيدنا العلمي يزداد .
      لست متخصصا بشؤون التاريخ أو الأديان, ولكنني قرأت المادة التي كتبها سيدا, ووجدت فيها إشارات, علمية وجادة,  إلى فكرة مثيرة للجدل حول إسلامية أو لا إسلامية اليزيدية ,و إلى بعض السقطات المنهجية المقصودة أو غير المقصودة.وتوقعت ردا من  بروكا أو غيره ممن قرءوا الكتاب ويرون غير ما يراه سيدا , ردا ويوضح يقوم بعض الأخطاء ويرد عن بعض المواقف ...ألخ. ففي عالم البحث العلمي,خصوصا العلوم الاجتماعية, و ربما في عوالم الكتابة الأخرى بشكل أقل, تكتب اليوم, وقد تأتي غدا لتستنكر ما كتبته, باعتبار أن ما يكتب هنا هو أفكار وتحليلات واستنتاجات ...الخ . يمكن أن نكتب شيئا ما اليوم وغدا تحدث حادثة ما أو نحصل على مرجع جديد أو الإلهام الفكري الناتج عن تراكم البحث  ينسف ما كتبنا. البحث العلمي ليس قطعة أدبية يفترض أن تمتلئ بالصور الأدبية واللغة المتميزة  وغير ذلك من الأوصاف الأدبية التي تتوسم الخلود.  بالإضافة إلى ذلك الإنسان خطاء بطبيعته , والإنسان الذي لا يرتكب الخطأ لن نجده إلا راقدا في أحد المقابر . وتوقعت من بروكا ,بالأخص, ردا هادئا وعلميا للأسباب السابقة , ولسبب آخر هو أنني أعرف مصاعب مهنة البحث العلمي وأعرف مدى المعاناة التي يتكبدها الباحث ليكتب أسطرا , وخصوصا إذا لم يكن من ممتهني الكتابة الدائمة, وبالتالي يفترض به الهدوء والروية وفي النهاية والبداية المنهجية العلمية.
       المفاجأة التي نسفت توقعاتي , وللأسف ,كان رد  بروكا بعنوان (محسن سيدا و"منهجه" المسكوت عن اللامنهج ) , وفي الحقيقة أقول أن الرد لم يكن يليق بالصورة التي كونتها عنه , عندما رأيت كتابه . لماذا ...؟ سأجيب على هذا السؤال كما يلي : في جانب سأعلق على  الجمل والمفاهيم والاتهامات التي استخدمها بروكا , والتي أجدها غير لائقة بمقامنا هذا , في الجانب الأخر سأعطي لنفسي الحق بأن ألخص الفكرة المحورية لسيدا وأحاول أن أجد رد بروكا عليها إن وجد , وفي جانب ثالث سألخص بعض ما يسمى بالسقطات المنهجية التي أشار إليها سيدا وأقارنها مع رد بروكا . وأشير هنا أنني عدت إلى المادة الأخرى التي نشرها سيدا بعنوان ( تعقيب على مقال "الشيخ عدي والملك طاووس " .....حتى لا يسيطر الأموات على الأحياء ) نظرا لأنها أيضا معنية بالرد وتعطي فكرة عما يريده سيدا .

 أولا- يركز  بروكا على أن هناك موقفا مسبقا لسيدا يحاول إثباته وإلزام الجميع به شاؤا ذلك  أم أبوا, ويستخدم في ذلك الأسلحة الحلال والحرام, يقول بروكا (يؤسس الكاتب محسن سيدا لمنهج يكيل به من النصوص بمكياليين, فيستنطق فيها ما يشاء ويسكت على ما يشاء), بالطبع من حق بروكا أن يصدر هذا الحكم شريطة إثبات كلامه،  وخلال النص لم أجد إثباتا واحدا على هذا المنهج. وما يثير بروكا هنا ,أو هكذا يتظاهر, ويحاول إثارة القارئ معه , أن هناك رائحة دعوة إسلامية, حسب رأيه , في طرح سيدا, وهذا أيضا بدون إثبات, ويستثير بروكا القارئ أكثر بالإيحاء له أنها دعوة للعروبة أيضا , فيقول :( على المستوى النقدي لا يؤخذ بالطبع على الله في خطابه القرآني العربي بامتياز انحيازه للسانه العربي المبين) ويقول:( وهو بذا , يذهب مذهب أصحاب فرضية الأسلمة التي تقول بالأصل الإسلامي "و العروبي في بعض جهته " ) وكذلك ( متى قبل الإسلام نفسه للآخر دينا خارج لسان الله العربي , والمكان العربي, والزمان العربي , والجهة العربية ). وعلى هذا يظن بروكا أنه سيطر على القارئ وكسب الموقف, خصوصا أنه دعمه كذلك ببعض التساؤلات ذات الطابع الاتهامي التي قد تجعلنا نظن أن محسن سيدا ربما كان متواطئا مع صدام وحزب البعث , مثلا: لماذا يعتمد محسن سيدا نفس الفرضية التي اعتمدها مشروع الحزب الأموي لاعتبار الإيزيديبن عربا ؟ولماذا بعد تسع سنوات من صدور الكتاب يعود لقراءته نقديا ؟.في المقابل موقف بروكا, حسبما أراد الإيحاء , قوي جدا, فهو القائل بقدم اليزيدية وكرديتها , وربما يحاول الإيحاء أنهما كالروح والجسد على طريقة الإسلام والعروبة , وبالتالي سيحلو لبعض القراء الاستنتاج أن الأكراد أيضا بنفس القدم , وربما يجارون العرب هنا في ادعائهم العراقة , ولكن دون حساب لما يأتي بعد ذلك . يقول بروكا : ( ففي الوقت الذي نجد فيه الله على مستوى الإسلام قد أنزل المسلمين قرآنا عربيا غير ذي عوج .....قد أنزل الإيزيديين كتابا كرديا ....) ويشير إلى أبجدية كردية هي نفس أبجدية الكتب اليزيدية ؟!... ويتساءل ( كيف ستكون الإيزيدية فرقة إسلامية  وهي اتخذت الكرد لنفسها جهة وزمانا ومكانا , ونحن نعلم من قرآن الله العربي أنه لا مبدل لكلمات الله........).
        هنا سيبدو محسن سيدا كما لو أنه يعادي (المصلحة القومية الكردية), وبالتالي فإن كل المتعصبين للكردية أو ذوي المواقف القومية الساذجة, سيكون لهم على الأقل موقف سلبي من طرح سيدا, إن لم يكن من شخصه , فقد أهدر الجذر التاريخي للكرد الذي أوجده بروكا, في وقت يتهم الكرد فيه بأنهم ليسوا بعراقة وتطور شعوب المنطقة, بالطبع بالطريقة التي يصورها متعصبوهم لأنفسهم, وهاهو السلاح المقابل الذي سيرد به متعصبي الكرد,  يُهدَر باسم العلم والمنهجية وغير ذلك. بالطبع هذه هي الحالة التي يريد بروكا أن يوصل إليها كل قارئ , لكي يغطي على ضعف موقفه العلمي بعدم رده على نقطتين أساسيتين سأشير إليهما لاحقا, وهما من صلب النقاش . للأسف كل ما تقدم من رد بروكا لا يقدم في الموضوع شيئا , بل إنه سيل من الاتهام والمداورة , فالرد في القضايا العلمية يكون بالحجة والبينة والإثبات ..... وسأبين حالا هزال موقف بروكا وابتعاده عن العلم.
     فيما يتعلق بتهمة الدعوة الإسلامية أحيل بروكا إلى مقال سيدا (حتى لا يسيطر الأموات على الأحياء ) وسيجد بعد قراءة متمعنة, أنه كان يقصد بسيطرة الأحياء على الأموات , منهجية معينة في البحث, ومن ثم الموقف السياسي الذي قد يختبئ خلفه الباحث أو ما يبدو حقيقة يختبئ خلفها السياسي , والبحث عن دعم هذا الموقف أو ذاك في التاريخ , وإن وجد شيء ما, تحويله إلى تابو أو حقيقة مطلقة لا يجوز المساس بها أو التفكير بمناقشتها, رغم الحقائق التي تظهر يوميا, وهذا ينطبق على الإسلام واليزيدية وغيرها . وربما أثار قول سيدا ( المنظومة الدينية لا تتمأسس على الأصالة والعراقة بقدر تمأسسها على دورها الحضاري والثقافي ) شيئا من الإشكال ولكن إذا أضفنا ما ورد في مقالته  " تطبيقات منهجية ......" :(من العبث البحث عن عذرية الأفكار والاستقلالية التامة للمعتقدات , فكل الأديان والمعتقدات في بلاد ما بين الرافدين وما جاورها تقاطعت وتداخلت فيما بينها بشكل أو بآخر ) , هل يقول داعية إسلامي هذا الكلام, أعتقد أن بروكا يعتقد, أو هكذا يحاول الإظهار عند اللزوم , بثبات وسرمدية ثوابت الإسلام أكثر من سيدا , وكما نعلم, و بالنسبة للداعية, الدين مطلق منزل ولا مجال للتداخل والمثاقفة .
      وفيما يتعلق بالعروبة , فإن تبني محسن سيدا لفكرة ما, أيا كان مصدرها, لا يطابق بينه وبين صاحب هذه الفكرة , وبالتالي فإذا اتفق سيدا مع العزاوي فلا يعني أنهما سياسيا ينتميان لنفس الحزب العروبي , ويفترض بالباحث الجاد أن يميز بين السياسة والبحث العلمي وهذا مالم يمارسه بروكا , وبالتالي فإن كل النقد الذي وجهه بروكا للعزاوي لم يقدم في الرد على سيدا شيئا . كذلك إن بعض العروبيين يحاولون المطابقة بين العروبة والإسلام ( الروح والجسد ) ويجاريهم بروكا بكل سرور , لكي يثبت أطروحته المماثلة في الاتجاه الأخر , فلسان رب الإسلام عربي فيما اليزيدي كردي . ولكن هنا يتم تجاهل حقيقة يعرفها القاصي والداني أن الدين لا يحدد القومية( وإن حدث هذا في حالات خاصة جدا مثل إسرائيل ), وهناك قوميات لها أكثر من دين , وكذلك فإن العرب عدديا لا يشكلون أكثر من ربع المسلمين في العالم . وإذا اتبعنا منطق بروكا القائل بأن نسبة اليزيدية إلى الإسلام يدعم موقف القائلين بعروبة اليزيديين , فهذا يعني , وبالأولى , أن يكون كل المسلمين عربا وهذا غير صحيح بالقطع . وإذا رفضنا منطق بروكا فإن هذا يعني أن إسلامية اليزيدين لا تطعن في كرديتهم, حتى وإن افترضنا جدلا أنهم ينحدرون من أصول عربية, فمسألة العرق النقي غير موجودة إلا في أوهام النازية والقومية العشائرية في الشرق الأوسط وغيرها . وكذلك فإن منطقتنا هي أكثر مناطق العالم حراكا سكانيا على مدى التاريخ وهذا يعني تداخلا في الأعراق والقوميات من الصعب حصره, وهذا ليس عيبا, وقد يتحول ذات يوم إلى ميزة. وأذكر بروكا أيضا بحقيقة تاريخية , ربما غابت عنه ,  إن الإسلام من وجهة النظر العلمية ليس نتاج العرب فقط. 
       فيما يتعلق بسبب عودة سيدا للكتاب والتعليق عليه بعد فترة طويلة من صدوره,من حيث  المبدأ ليس هناك أي قيد أو مبرر علمي يمنع دراسة ونقد أي كتاب مهما كان تاريخ إصداره, وكلما زادت أهمية الكتاب زادت الدراسات حوله بغض النظر عن زاوية الدراسة, فهناك كتب هي موضوع دراسة وإعادة نظر عبر عشرات القرون. كذلك ونظرا للظروف الكردية الخاصة والتي أشار إليها بروكا فقد لا يقع الكتاب بيد أي شخص . وإذا اتبعنا منطق بروكا فيجب أن نتوقع منه اتهاما لنوايا قناة تلفزيون ميديا التي عرضت لكتاب بروكا , وذلك منذ بضعة أشهر . وهذه مناسبة لأن نسأله هل أرسل إليها رسالة استنكار لأنها تناولت كتابه بعد سنوات من صدوره ؟. وهل تصرف كذلك مع مجلة "مواسم " التي نشرت استعراضا للكتاب  في العدد   /23/   للعام   2002  بقلم خورشيد أحمد ؟!!!!
      هناك مفارقة طريفة ومعبرة في نفس الوقت تستحق الإشارة إليها , ويظهر من خلالها أن بروكا مصمم على طريقته في التفكير والموقف, والتي تفوح منها  رائحة من يحاول الابتعاد عنهم, ومصمم على استخدام لغتهم وأسلوبهم في الحوار,  وصبغها بالطابع الكردي, فقد عنون أحد الفقرات بعنوان شكرنامة, مصمما على استخدام كلمة كردية مميزة في إطار نص عربي , والمفارقة أن ما وضع تحت العنوان مما يخالف الشكر أضعاف الشكر بمرات.

ثانيا- سؤال هام يطرح نفسه: لماذا أغرقنا بروكا في الكثير من الأمور المطلوبة وغير المطلوبة وحاول حفر الخنادق والخنادق المضادة  وحشد الكثير من المترادفات والاتهامات وأظهر مقدرة لغوية تُعجِز القارئ عن المتابعة, ولم يرد على الفكرة أو الحجة المحورية التي اعتمد عليها سيدا في قوله بإسلام اليزيدية ؟  باعتقادي أن الإغراق في الأولى تفتح المجال لتجاهل الرد على الثانية .
      ملخص فكرة سيدا هو: إذا كانت اليزيدية موجودة قبل عدي بن مسافر فلماذا لم يرد ذكرها في المصادر التي تخص تلك الفترة , يقول سيدا في "تعقيب على مقال ...." : (على سبيل المثال لم يرد اسم اليزيدية في كتاب "الملل والنحل "و"الفرق بين الفرق " و " الفصل بين الملل والأهواء والنحل ". فهذه الكتب لم تكتف بسرد تاريخ الفرق والجماعات الدينية الإسلامية فحسب, بل تطرقت إلى أديان الهند واليونان وبلاد فارس , ومن العبث واللاموضوعية القفز فوق هذه المصادر والبحث عن اسم اليزيدية في ألواح سومر وأكاد), ويقول في "تطبيقات منهجية ..."(كيف يفسر بروكا الصمت المطبق للمصادر إزاء اليزيدية وعدم ذكرها في الكتابات التاريخية والجغرافية والفقهية , إلى حين ظهور الشيخ عدي ....في القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي؟ قلت الفقهية لأن مصلحة الدولة الإسلامية اقتضت معرفة كيفية التعامل مع رعاياها من الأديان الأخرى كالصابئة والمجوس ....ترى كيف تعامل المشرع الإسلامي مع اليزيدية في الفترة الواقعة بين دخول الجيوش العربية كردستان حتى ظهور الشيخ عدي), ويستعين سيدا بالكثير من المصادر التاريخية غير المطعون بمصداقيتها فيما يتعلق بكون الشيخ رجلا مسلما. هذه الحجة مقنعة لأي قارئ منصف, وكان يفترض ببروكا المعارض أن يرد عليها ولكنه لم يفعل. وكقارئ تأثرت بحجة سيدا وأخذت بوجهة نظره , وأتوجه إلى بروكا بوصفه باحثا متخصصا في هذا المجال بالسؤال مرة أخرى: ما هو سر غياب ذكر اليزيدية في المصادر في الفترة المذكورة ؟ وإجابة بروكا ستفيده وتفيدني مع غيري من القراء وتخدم العلم .هذا مع العلم أنه بالعودة إلى ثبت المراجع , نجد أن المراجع التي استخدمها سيدا هي لكتاب كانوا قريبين للمرحلة زمنيا والمكان جغرافيا , أما بروكا فيستعين إما بكتاب حديثين أو أجانب وبعض المقالات الصحفية , وكما نعلم أن الصحف ليست مصادر أكاديمية معتمدة , وهذا يعطي مصداقية أكبر لطرح سيدا.

ثالثا – أشار محسن سيدا في "تطبيقات منهجية ......" إلى عدة اقتباسات شبه حرفية لم يشر بروكا إلى المصدر الذي اقتبس منه حسب الطريقة العلمية المعروفة, وهذا غبن بحق من تم الاقتباس منهم وبحق أخلاقيات البحث العلمي , وغبن بحق بروكا نفسه كباحث ,  وقد أشار سيدا إلى الاقتباس وأورد النص الأصلي والتطابق واضح. في الرد لم يتطرق بروكا إلى ذلك سلبا أو إيجابا , وربما كان السبب أن القضية لا تحتمل النقاش لوضوحها , وقد كانت الاقتباسات من: كتاب " اليزيدية " لصديق الدملوجي ومقدمة الدكتور قسطنطين زريق لكتاب إسماعيل بيك جول " اليزيدية قديما وحديثا" و كتاب "نقد الفكر الديني"للدكتور صادق جلال العظم .
      في النتيجة وبدلا من التقصي والبحث عن الحقائق وإثباتها, والأخطاء والتراجع عنها, من خلال حوار هادئ يقابل الحجة بالحجة والبينة بالبينة , حيث لا مجال للمداورة والمناورة , بدلا من ذلك وجدنا حوارا ليس له علاقة بالحوار , كان ردا أشبه بحالة خندق حصين من الإيديولوجيا والتعصب الديني والقومي تمركز فيه بروكا وبدأ يلقي التهم على سيدا محاولا إخراجه من دائرة "نحن" إلى دائرة "هم" المطرودة من فردوسه المتخيل. إن التعصب هو عدو العلم والعقل, ويجعل صاحبه يقيس الحقائق على مقياس تصوراته المسبقة, والضحية الأولى هنا هي الحقيقة والمتعصب هو الضحية الثانية............. وسلسلة ضحايا التعصب لا تقف عند حد.
      عزيزي بروكا:  أتعلم ماذا يعني طرحك؟ إن طرحك يعني : إما أنه على الملايين من الأكراد المسلمين, الذين يجيدون العربية والذين لا يجيدونها, أن يتحولوا إلى عرب ويتعلموا اللغة العربية , وإلا فإنهم غير مسلمين , أي أن الخيار إما أكراد أو مسلمين , فالاثنين لا يجتمعان في طرحك. لقد ذكرتني بسؤال كان يطرحه علينا بعض المتعصبين للعروبة, بسذاجة وبحسن نية أو خبث , عندما كنا صغارا بغرض إحراجنا وإيقاعنا في الحيرة ( انت كردي ولا مسلم ), ولا أكتمك أننا كنا نحتار للحظات, أتعلم أين تضع قدميك؟ بالنسبة لي أعتقد أن دعوات وعبادات الكرد الذين لم يعرفوا سوى لغتهم الكردية, ستكون مقبولة لدى إله الإسلام, بالرغم من أنك تراه عربيا من وجه نظر الإسلام, لأن إحدى مزايا الله التي تجعله إلها هي أنه يقدر على كل شئ, وبالتالي لن يعجز عن فهم اللغة الكردية .
      المفروض وقبل كل شيء أن نتكأ على الحاضر لنبني أنفسنا ونتطور, قد نلتفت إلى التاريخ للحظات, لكن لبعض العبر والدروس فقط, لا العيش فيه , فالذين يعيشون في التاريخ ليس لهم مصير سوى الانقراض.إن الأمم لا تبنى على الأمجاد الغابرة,  لأن هذه الأمجاد تتحول في أغلب الأحوال إلى قيد يشد الحاضر إلى الماضي بدلا من التطلع إلى الأمام والمستقبل , كثيرا ما يكون غنى وخصب الماضي قحطا في الحاضر وضياعا للمستقبل, إن أمريكا ليست أعرق من العراق وسوريا , واليابان ليست أعرق من الصين , واليونان الأعرق وربما الأكثر إنجازا حضاريا على المستوى العالمي تقبع في مؤخرة أوربا .  الأمم الحية تبني نفسها على إنجازها الآن , بعيشها الحاضر وإدراكها له بتقدمها اليومي وتطلعها للمستقبل  ومساهمتها في العلوم  ...انظر إلى مصير عشرات الدول العربية التي لا تنفك تتحدث عن التاريخ المجيد, يمكنك أن تعود إلى تقرير التنمية الإنسانية في العالم العربي وتعرف مستوى الأداء العلمي والثقافي والاقتصادي العربي, ويمكنك أن تقرأ الأحداث السياسيــة اليومية لتعرف إلى أين أوصلهم العيش في أوهام الماضي ......
       وأخيرا الحدث الأبرز سقوط الطاغية صدام , أدعوك للتفكير بهذا السقوط كرديا , كيف أصبح صدام صداما ؟ أي مدارس فكرية غذته وشرعت له ......؟وعند سقوطه كيف كان موقف أصحاب الآراء المتعصبة من العرب والمسلمين وغيرهم ؟ وكيف كان مصير المجاهدين ؟ وكيف كانت ردود الفعل تجاه المقابر الجماعية؟ يجب أن نكون أعقل من أن نكرر تجارب الآخرين الفاشلة وكوارثهم لكي نتعلم.

دارا كيلو


هوامش:
1- محسن سيدا و"منهجه" المسكوت عن اللامنهج , موقع تيريز (www.tirej.com)
2- تعقيب على مقال " الشيخ عدي والملك طاووس " حتى لا يسيطر الأموات على الأحياء , مجلة أوراق كردية( الأنترنيتية ) , العدد /3/. (www.amude.com)
3- تطبيقات منهجية حول كتاب " دراسات في ميثولوجيا الديانة الإيزيدية " , موقع تيريز (www.tirej.com).

 



#دارا_كيلو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تريد الولايات المتحدة من الحرب على النظام العراقي ..؟


المزيد.....




- فيصل بن فرحان يعلن اقتراب السعودية وأمريكا من إبرام اتفاق أم ...
- إيرانيون يدعمون مظاهرات الجامعات الأمريكية: لم نتوقع حدوثها. ...
- المساندون لفلسطين في جامعة كولومبيا يدعون الطلاب إلى حماية ا ...
- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- كييف تعلن كشف 450 مجموعة لمساعدة الفارين من الخدمة العسكرية ...
- تغريدة أنور قرقاش عن -رؤية السعودية 2030- تثير تفاعلا كبيرا ...
- الحوثيون يوسعون دائرة هجماتهم ويستهدفون بالصواريخ سفينة شحن ...
- ستولتنبرغ: -الناتو لم يف بوعوده لأوكرانيا في الوقت المناسب.. ...
- مصر.. مقطع فيديو يوثق لحظة ضبط شاب لاتهامه بانتحال صفة طبيب ...
- استهداف سفينة قرب المخا والجيش الأميركي يشتبك مع 5 مسيرات فو ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - دارا كيلو - لا فرق بين أموات لالش و مكة إلى الكاتب هوشنك بروكا