أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دارا كيلو - نعم مولانا الخزنوي إنها متاهة ....ولكن......















المزيد.....


نعم مولانا الخزنوي إنها متاهة ....ولكن......


دارا كيلو

الحوار المتمدن-العدد: 527 - 2003 / 6 / 28 - 13:54
المحور: القضية الكردية
    


نعم مولانا الخزنوي إنها متاهة ....ولكن......
     
       للوهلة الأولى لن يختلف اثنان في أن هناك فرق بين ما يطرحه الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي و ما يطرحه الشيخ محمد معشوق الخزنوي , ويمكن بدون تجني القول أن الشيخ البوطي كردي الأصل لكنه في حياته وسلوكه وكتاباته لم يظهر طابعا كرديا , وربما كان أقرب إلى العروبة ومن ثم الإسلام , وأشير سلفا هنا أنني لا أقول هذا الكلام كشتيمة أو انتقاص من قدر البوطي وإنما إقرار لواقع , بالطبع كما أراه . أما الشيخ الخزنوي ,وللأسف , لم أتعرف عليه إلا من خلال الكلمة واللقاء الذين تم نشرهما له في موقع (قامشلو كوم) وأجده كرديا بالانتماء والممارسة . وعلى صعيد عواطفي الشخصية أجدني أميل إلى تقدير نموذج الخزنوي أكثر .
       هذا للوهلة الأولى , فيما بعد , وفي عمق الموضوع المسألة لها وجه آخر . لقد خون الشيخ البوطي الكرد, واستنكر الشيخ الخزنوي هذا التخوين وكان هذا مفرحا لي ولغيري من الكرد. ولكن هل يعني هذا أن أطروحات الخزنوي تخدم الشعب الكردي والقضية الكردية أكثر , قد تكون المسألة محل خلاف , وهنا أريد أن أدلي برأي في هذا المجال .
      إن الأكراد هم أصحاب قضية ذات طابع قومي سياسي , تتمثل في أن لهم حقوقا قومية , أيا كان شكل تجسدها السياسي, لم يستطيعوا الحصول عليها , أسوة ببقية شعوب المنطقة والعالم , وهذا شكل أرضية لاضطهاد بشع تعرض له الكرد على مر القرن الماضي , وبلغ ذلك أقصى حالاته في استخدام صدام للأسلحة الكيماوية ضدهم في حلبجة وعمليات الأنفال التي راح ضحيتها, حسب معظم المصادر, حوالي /180/ ألف كردي .لا أريد أن أدخل في بقية المأساة الكردية وأحزانها , ولكن أروي هنا , وليس حرفيا تماما, حالة معبرة رواها الكاتب الكردي موسى عنتر في مذكراته : في خمسينات القرن الماضي كان هناك حظر على اللغة الكردية في تركيا , وتفرض غرامة مالية على كل من يضبط متلبسا بالتكلم باللغة الكردية . في مدينة ماردين كان بعض القرويين يجمعون الحطب ليبيعوه في المدينة , وهؤلاء لم يكونوا يجيدون اللغة التركية , مما جعل الظرف مناسبا لرجال الدرك لاستغلال ذلك ونصب الكمائن لهم , وعندما يقع أحد هؤلاء القليلي الحظ بين يدي الدرك , فإنهم كانوا يتهمونه بأنه خرق القانون بدون أن يكون قد نطق بحرف واحد , وإذا أراد المسكين الدفاع عن نفسه فلا بد أن ينطق ببعض الكلمات الكردية , فتصبح التهمة ثابتة عليه , ومن ثم يتخلى عن ما جلبه من حطب لدفع الغرامة وقد لا يكفي ذلك فيضطر للعودة إلى قريته ويبيع حيواناته ليسدد الغرامة . وأترك الحكاية بلا تعليق فهي تعبر عن نفسها لمن يريد أن لا يتعامى عن حجم المأساة  .
     إن من أبسط الضروريات أن يحافظ الشعب الكردي على وجوده أولا , فحق الحياة هو أول حقوق الإنسان في كل الشرائع , ومن ثم يحق للكرد أن يطالبوا بحقوقهم القومية أسوة بغيرهم من الشعوب . كذلك فإن الأكراد شعب يحق له أن يستفيد من ثمار التطور العالمي بكافة جوانبه الفكرية والمادية ليحسن ظروف حياته , وأن يطمح بالمساهمة في هذا التطور إن أمكنه ذلك , ولو على مستو محدود, ومن المهم الإشارة إلى أن هذه التطلعات لا تنفصل عن بعضها تماما , ولكنها قد  تحتمل التدرج  . و إذا كان هذا هو الإطار العام لما يتطلع إليه الكرد بشكل عام, فإن المطلوب من النخب الكردية الثقافية والسياسية أن تساهم وتدفع باتجاه تحقيق هذه التطلعات , كل حسب اختصاصه وكل حسب مجال عمله.
       إذا كان الكرد مهددون في وجودهم فما العمل ؟ لا شك أن الجواب السريع هو:  يدافعون عن أنفسهم , ولكن كيف ؟ بوسائلنا التقليدية : قمة الجبل والبندقية وكيس التبغ ؟ أم أننا يجب أن نفكر ونطرح السؤال:  أي مقاومة وأي دفاع ؟هل نستطيع التفكير بـ ’’دفاع بالنتائج’’ ( على وزن الإدارة بالأهداف في علم الإدارة ) ؟إنه حقا تحد كبير جدا . مطروح أن نمتلك القدرة على  التفكير بـ/وتعلم وتقبل طرق مختلفة من الدفاع . ونبدأ بالتساؤل ما هو نوع الخطر ومن هو مصدره وما هي إمكاناتنا وكيف هي جبهة الأعداء والأصدقاء إقليما ودوليا, بغض النظر عن الأسماء والأديان والشعارات , بعد دراسة ذلك يجب تحديد أفضل أنواع المقاومة وأجداها , وقد يكون الخيار عدم المقاومة , من أجل دفع الخطر بأقل الخسائر, وربما تحقيق الانتصارات فيما بعد . وإذا استطعنا التفكير في أفضل الطرق وتطبيقها لرد الخطر على الوجود نكون قد بنينا أساسا متينا لنيل الحقوق , وهذا يعني أننا نفكر بعقلانية وبالنتائج ونعيد النظر بآرائنا ومفاهيمنا  , خصوصا في المجال السياسي , أي نكون قد كسبنا إحدى أفضل منجزات الحضارة الحديثة, فقد أصبح الإنسان وعقله مركز التفكير.
       وأعود إلى الحالة المثال كردستان الجنوبية , الكرد في مواجهة صدام , مع الإشارة إلى أن غالبية الأنظمة ,إن لم نقل كلها,التي تحكمت بكردستان كانت بمثابة مليشيا تعيث فسادا ولا تعرف في تعاملها مع من تخضعه لحكمها لا مبدأ ولا قانون  حسب تعبير برهان غليون , ما العمل  ؟ حمل البندقية واللجوء إلى الجبل ؟ فعل الأكراد ذلك ولكن الكيماوي لا يرحم حتى في الجبال وفي القرى من يحمى البشر من الأنفلة ومن يحمي الآبار من الردم ومن يحمي البيوت من الهدم ومن يحمي الزرع من القلع ومن يرد الكيماوي عن كل ذلك  ؟ هنا نحتاج إلى مصطلح جديد بدلا من العدو لوصف النظام العراقي فنحن نعلم أن الصراع بين المتعادين له أصوله, هنا لا يوجد أي مبدأ أو قانون سوى القوة والقتل والنهب . والمشكلة الأكبر أن الكردي لا يمتلك سوى البندقية في مواجهة ما اعتبر ذات يوم سابع جيش في العالم . الجواب على ما العمل  هو البحث عن قوة ما عن صديق أو حليف ما للاستعانة به , نبدأ بالأقرب جغرافيا , بالمجاور ولكنه يعتبر الكردي أول أعدائه إن لم يكن الآن فغدا , نستعين بأخوة الدين؟  لقد فعل الأكراد ذلك, لكنهم إما لا يعترفون بالوجود الكردي أو يعتبرون صدام بطل الأمة الإسلامية والقلة منهم إن وجدت ورغبت المساعدة فهي عاجزة . 
      هكذا كان حال الكرد في الجنوب, وفي غيره. وفي ظل هذه الظروف مد الغرب يده لحماية الكرد من خلال المنطقة الآمنة وحظر الطيران , وفي ظلها أحس الأكراد بالأمان ربما للمرة الأولى منذ زمن بعيد, وربما تحولت أصوات الطيران الأنكلوأمريكي إلى هدهدة لصغار الكرد , وللمرة الأولى يعيش الأكراد كرديتهم بكل معنى الكلمة : لغة كردية , إدارة كردية , شرطة كردية, جامعات كردية ..., و خاض الكرد تجربة غنية من حرية الإعلام والديمقراطية السياسية  رغم ما يمكن أن يرد من ملاحظات على هذه التجربة . ومن ثم جاء هؤلاء الأنكلو أمريكين وأطاحوا بصدام حسين ذاته وقضوا على أعتى أعداء الكرد (واستغل هذه المناسبة لأدعو العالم للكف عن الحديث عن عدم اكتشاف أسلحة الدمار الشامل في العراق , ألا تكفي المقابر وملايين الضحايا وتدمير آلاف القرى دليلا على أن صدام ونظامه البائد كانا سلاحا للتدمير الشامل) .
      كيف يجب أن يتصرف الكرد تجاه ما تقدم ؟ أو الأصح كيف كان يفترض بهم أن يتصرفوا ؟ وهل تصرفوا بالشكل الصحيح . باعتقادي أن الأكراد وربما للمرة الأولى , ضمن توفر شرط موضوعي شديد الأهمية,  استطاعوا أن يطابقوا بين مصالحهم ومصالح القوة الكبرى القائدة للعالم والأهم أنهم أدركوا هذا التطابق, واستطاعوا التعامل معها لأول مرة بشكل مباشر وبدون سمسار إقليمي , ولم يزعجهم ذلك بل حاولوا الاستفادة من ذلك لرفع الظلم عن أنفسهم . بالطبع لا نقول أن مواقف الكرد كانت صحيحة مائة في المائة , ولكنها كانت جيدة وتتوافق مع منطق العصر . وكان موقف البوطي السلبي واضحا تجاه هذه السلوكيات الكردية , وقد توجها باتهامهم بالخيانة . وكذلك فعل الخزنوي, وإن كان قد استنكر موقف البوطي  , كان موقفه سلبيا وإن بشكل غير مباشر . بمعنى , وكما أفهم مواقفهما, أنه كان على الكرد أن يقفوا موقفا معاديا من الغربيين , ويرفضوا المنطقة الآمنة وحظر الطيران , ويرفضوا الحرب الأنكلوأمريكية على النظام العراقي , وربما يحملوا السلاح للدفاع عن النظام العراقي , ويسلموا رقابهم لأخيهم صدام المسلم لكي يقتل منهم كما يشاء وينهبهم ساعة يشاء . والسبب أن الأنكلوا أمريكيين صليبين كفار يقودون مؤامرات وحملات صليبية على ديار الإسلام لذلك لا بد للكرد , باعتبارهم مسلمين, من أن يعادونهم ويرفضوا التعاون معهم  و يقاوموهم, ويقفوا خلف صدام أو من على شاكلته , مهما كان الثمن والخسائر , في لحظة تعرضهم للمخاطر , فهم ينتمون إلى دار الإسلام(ألم يكتب صدام كلمة "الله أكبر" على العلم العراقي ؟ ) .
          بالنسبة للدكتور البوطي فإن هذه الدعوة واضحة لديه , كما أعتقد , وكما أسلفت. ولكن قد يقول قائل أن في هذا تجن على مولانا الخزنوي , وأقول إن الأمر ليس كذلك , إن  هذا يتضح من خلال ما يدعو له وما يحاول التأسيس له من نمط للتفكير والموقف السياسي.تفكير ينتمي إلى ما قبل الحداثة يقصي العقل من فضاءاته يبنى عليه موقف سياسي يقترب من الانتحار . يقول الشيخ الخزنوي في كلمته  (كل الذي أستطيع أن أقول عنه أنه أرض صلبت،، يقصد كردستان،، أي رسم عليها الصليب لتترك أجزاء أربعة متناثرة ليتذكر أبناء هذه الأرض أن عليهم أن يعيشوا مصلبين هكذا إلى الأبد ضريبة انتصارات صلاح الدين حين حطم الصليب على أرض فلسطين) ويريد هنا الإيحاء بأن هناك حرب صليبية ضد الكرد , وبالتالي فإن عدوهم الأول هم الصليبيون , ولذلك يفترض بهم المقاومة . أذكر مولانا بأن التقسيم الأول لكردستان حدث في القرن السابع عشر بين حملة الهلال العثمانيين والصفويين ,  وتقسيم كردستان الثاني الذي حدث مع سايكس بيكو , هو تقسيم حصة الدولة العثمانية من كردستان , وهذا التقسيم قد يكون على شكل أخطبوط بثلاث أقدام . وإذا اتبعنا منطق مولانا الخزنوي فإنه يحق لنا هنا أن نبحث قضيتين هامتين قد تفسران المعاناة الكردية , الأولى هي البحث عن دلالات التقسيم الأول وإلام كان يرمز ذاك الخط الذي قسم كردستان , وهل هو رمز لديانة معينة وأي حقد تحمله على الأكراد ؟  كذلك بالنسبة للتقسيم الثاني علينا البحث والتنقيب عن فئة دينية معادية رمزها المميز هو هذا الأخطبوط ،، ربما كانوا الأخطبوطيون,, ولماذا هم حاقدون على الأكراد.  
      ويتابع مولانا الخزنوي ليشرح أبعاد المعركة الكردية الصليبية , فيقول في كلمته: (هذا الشعب يتعرض لحملة شرسة من عشرات المنظمات الصليبية أو العلمانية وتغزو ساحته من خلال عشرات الأبواق الإعلامية لطمس بصيرته وتذويب شخصيته وإبعاده عن دينه وخلق أجداده وهو الآن يعيش مرحلة قاسية أصبح فيها على مفترق طريقين لا ثالث لهما فأما الإسلام أو اللاإسلام). يبدو أنه يجب على الكرد وحسب رؤية مولانا أن يرفضوا كل مكتسبات الحضارة الحديثة ما دامت لا تخدم رؤيته, فالحرية الإعلامية والديمقراطية المتوفرة لا تليق بهذا الشعب , لأنها حسب رأيه أبواق للحملة الشرسة الصليبية العلمانية , وربما كان مولانا يرضى للكرد فقط بمنابر الجوامع التي يسيطر عليها المعممون كوسائل إعلام وتثقيف. ويضيف مولانا هنا عدوا جديدا للكرد , ويا للكارثة , إنها العلمانية , التي ربما لا يدرك مولانا معناها الحقيقي , وكأن شراسة أعداء الكرد الحاليين لا تكفيهم, لذلك لا بد من شكر مولانا لإضافة عدو آخر , وهنا مباشرة يتناقض مولانا مع كلام قاله في نفس النص :( إني لست سياسيا ً ولا انخرط إن شاء الله في هذه المتاهة) وهذا كلام جميل , ولكن السؤال هو إذا كان مولانا لا يرغب التورط , أو هكذا يبدو , في السياسة , فلماذا يعادي العلمانية. لكن اللقاء يوضح الموقف , وسأتطرق له لاحقا , فهو متورط في السياسة تماما ويبدو أنه يقول هذا الكلام لغاية ما .ولكن المشكلة هنا إذا كان مولانا داعية وقدوة فلماذا يسمح لنفسه بالتأسيس لتفكير يحمل الشيء ونقيضه, أي لا يتساوق منطقيا وهذه مشكلة كبرى لدينا.وعودة إلى الكلمة فالكرد حسب كلامه يمكن اختصارهم بالإسلام فهو تاريخهم ودينهم وخلقهم  , وكأن الكرد ليس لهم تاريخ قبل الإسلام, ولم يكن لهم شخصية أو دين أو خلق قبل الإسلام, وبالتالي فإن المشكلة الكردية تقزم إلى إسلام أو لا إسلام. وإذا كان الأمر كذلك فإن الوضع الحالي للكرد باعتباره لا زال إسلاميا , بالرغم من الظلم والقهر على يد أخوة الدين , وضع مناسب يجب الحفاظ عليه, ومحاولة الكرد لتغييره بالتعاون مع الغرب الصليبي سيحول الكرد (لا سمح الله خنجرا ً في جسم الأمة )ويصبح (الأكراد لعنة على المسلمين في المستقبل القريب) حسب تعبير مولانا في كلمته , حسب هذا المنطق فإنه يحق للبوطي وغيره أن يتهموا الكرد بخيانة الأمة الإسلامية , نظرا لأن الكرد في وضع إسلامي ويمدون أيديهم لأعدائهم وأعداء الإسلام الصليبيين ويتحولون إلى خنجر في جسد الأمة  , باعتبار الخيار هو إسلام أو لا إسلام.  عندما يتعامل رجال الثورة العربية الكبرى مع ،،الصليبين،، فإنهم ليسوا خونة أو أعداء للدين, وفي أفغانستان تعاون أخوة الدين مع الصلبيين للتخلص من ملاحدة الشيوعيين وكان ذلك مبررا , وفي كوسوفو تصبح الولايات المتحدة وأوربا دولا إسلامية ترفع رايات الإسلام وتدافع عن إسلام كوسوفو.... إن موقف مولانا لا يختلف عن موقف  أي إسلاموي أو قومجي  أو يساروي عروبي إلا ببعض الشكليات والتسميات إلا أن النتيجة واحدة .إذ على الكرد أن يرفعوا راية الإسلام ويمتشقوا السيوف لكي يوقفوا الزحف الأنكلوأمريكي  الصليبي المسلح بالصواريخ الذكية ولا بأس من مائة أو مائتي ألف قتيل كردي فدماؤهم يجب أن تكون رخيصة لكي تنتصر قضايا غيرهم , وبعد ذلك عليهم الارتداد إلى التاريخ والعيش فيه انتظارا للحظة الانقراض شهداء للأمة الإسلامية .
      وبالعودة إلى موضوع العلمانية , إن العلمانية ببساطة تعني فصل الدين عن الدولة , وهناك رجال دين إسلاميين كبار من أمثال مثل على عبد الرازق كانوا من القائلين بابتعاد الدين الإسلامي عن الدولة  وبالتالي كانوا علمانيين ومسلمين, أي أن القضية ليست أن تكون مسلما أو علمانيا , فيمكن أن تكون الاثنين معا , والانغماس في هذا التناقض المفتعل سيدفع بالكرد إن اتبعوا ذلك إلى رفض العلمانية التي تشكل إحدى الركائز الأساسية للديمقراطية , أي أنه على الكرد البحث عن أشكال وهمية من الحكم المناسب ( الشورى أو غيرها )  في التاريخ الإسلامي وأن يتجاهلوا العصر ومنجزاته باعتبارها ليست ذات مسمى إسلامي ولم ينجزه المسلمون , حيث يقول مولانا في المقابلة أن العمل الإسلامي يشمل (المجال السياسي والتنظيمي والتشريعي ولعلهم يحاولون أن يفهموا الإسلام من منظار الديانات الأخرى التي تهتم فقط بالطقوس والشعائر والأخلاقيات العامة بينما الحقيقة أن الإسلام تدخل حتى في العلاقات الدولية ونظمها وفق نظرته من خلال نصوص الكتاب والسنة ولذلك فإن هذه دعوة مرفوضة،،فصل الدين عن الدولة،، تدعو إلى تقزيم الإسلام وتهميش دوره في الحياة) , وستكون النتيجة الحتمية لذلك ,أي ما يدعو إليه مولانا , أن يكون الكرد من الشعوب المرشحة للانقراض في المستقبل. ولم يكتف مولانا بذلك بل حاول التبرير للتعصب فيقول في المقابلة:(أقصد بالتعصب الكريم التزام الإنسان بمعتقداته وخصوصياته المتعددة ودفاعه عنها واستماتته في سبيل حقوقه المترتبة عليها أما التعصب المقيت فهو أن تضطهد مخالفيك وتذيب شخصيتهم في شخصيتك ) .المعروف أن الحالة المناقضة للحالة التعصبية هي العقلانية , ويبدو أن شيخنا لا يحب ذكر العقل أو أنه يريد دعم التعصب لكن بمواربة , وإلا ما معنى التعصب الكريم والتعصب المقيت ولماذا التعب في هكذا تلاعب بالألفاظ إلا تبرير الحالة ولكن بشكل غير مباشر . إن التعصب تعصب و لا يمكن أن يكون حميدا لأنه يبطل العقل , ويمكن للإنسان أن يكون متمسكا بمعتقداته وحقوقه أكثر ويدافع عنها بشكل أفضل إذا كان مقتنعا بها من خلال إعمال العقل الذي يتميز به عن سائر المخلوقات, وبالتالي ليس المطلوب من الكردي أن يكون متعصبا لحقوقه أو لقوميته, وإنما أن يكون عاقلا يتفهم قضيته ومقوماتها ويدرك أفضل الطرق للدفاع عنها , والمعروف أن الذين يتميزون بأنهم متعصبون يرتكبون الأخطاء والخسائر المجانية ونحن ككرد شبعنا من ذلك, ألم تكن أحد الروافد الهامة لنظام صدام هو التعصب العروبي ؟.  
      خلاصة الكلام إن مولانا الخزنوي بالرغم من نواياه الطيبة, فإنه قد جانبه الصواب , وأصاب الأكراد بالضرر من حيث لا يدري , فهو بطريقة فهمه للقضية الكردية وعرضه لها , يجل الكرد أمام خيارين , وهذا هو موقف البوطي , إما الموت وإما تهمة الخيانة (بالنسبة للبوطي ) أو أن يصبحوا (لعنة على المسلمين ) بتعبير الخزنوي. وما أقوله هنا ليس غرضه اللوم الأخلاقي على الموقف, وإنما التوضيح , إذ ليس هناك مبرر للوم , فالرجلان ينسجمان مع مدرستهما الفكرية بمنتجاتها السياسية , وهذه لها أفقها وأساليبها في التحليل , الخاصة بها , وتبني على ذلك مخرجاتها التي من ضمنها المواقف السياسية . ومشكلة هذه المدرسة أنها تخلط حقلين من النشاط الإنساني , وهذا يوقعها في الخطأ . فالدين مجاله الأخلاق , والسياسة مجالها الدولة , ولكل قوانينه وميكانيزماته ومنطقه الخاص , والخلط بينهما يعني خطأ وضرر محتم للحقلين, الدين مجال المطلقات والخطأ الكلي والصح الكلي والسياسة نشاط إنساني بحت يحتمل النسبية في كل شيء والخلط بينهما جر وسيجر الكوارث, ألم يكن هناك رجال دين وصفوا صدام ونظامه بالإسلام, والنظام الإيراني نظام إسلامي وكذلك السعودي والنتائج ليست بحاجة للتعليق . لا يمكن لدين تنتمي منظومته السياسية إلى ما قبل أربعة عشر قرن , وأشدد على كلمة المنظومة السياسية , أن يتعامل مع سياسة القرن الحادي والعشرين , إلا أن يرتكب الأخطاء . لقد أدرك الأوربيون مشكلة العلاقة بين الدين والدولة , ودفعوا ثمنا غاليا حتى توصلوا إلى العلمانية كحل , و يفترض بنا ككرد أن نستفيد من تجارب وخبرات الآخرين.  



#دارا_كيلو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا فرق بين أموات لالش و مكة إلى الكاتب هوشنك بروكا
- ماذا تريد الولايات المتحدة من الحرب على النظام العراقي ..؟


المزيد.....




- أوامر التوقيف بحق نتنياهو.. رئيس البعثة الأممية لحقوق الإنسا ...
- السيسي وبايدن يبحثان هاتفيا التصعيد العسكري في مدينة رفح ووق ...
- واشنطن -لا تؤيد- تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن إسرائيل ...
- الخارجية الأميركية تتهم 5 وحدات إسرائيلية بانتهاكات جسيمة لح ...
- اعتقالات بتهمة -التطرف-.. حملة جديدة على الصحفيين في روسيا
- من إسرائيل وأميركا.. محاولات لمنع -أمر اعتقال نتنياهو-
- إسرائيل تلوح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة
- -من أجل فلسطين-.. حملة اعتقالات تعصف بالجامعات الأميركية
- الخارجية الأمريكية: حددنا 5 وحدات إسرائيلية ارتكبت انتهاكات ...
- مصدر إسرائيلي يحذر: مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وقادة إسرائي ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دارا كيلو - نعم مولانا الخزنوي إنها متاهة ....ولكن......