أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا الظاهر - تأملات -ثقافات جديدة- بينها الترقيع !














المزيد.....

تأملات -ثقافات جديدة- بينها الترقيع !


رضا الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2865 - 2009 / 12 / 22 - 14:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لعل ما يتجلى في واقعنا من غرائب، خصوصاً على صعيد السلوك السياسي، يدفعنا الى التأمل في بعض الظواهر التي تبدو باعثة على الحيرة حيناً، وعلى الاحباط حيناً آخر.
وفي مجتمعنا، كما في كل مجتمع، ثقافتان متناقضتان، إحداهما السائدة المهيمنة، والأخرى التي تصارع وتكافح من أجل الجديد الحقيقي، لا ذلك الجديد الزائف الذي تدعيه الثقافة المهيمنة.
ويمكن القول إن "ثقافات" عدة تقع ضمن حدود الثقافة السائدة، بينها، على سبيل المثال، ثقافة الاستحواذ، وثقافة الترقيع، وثقافة "التغليس"، والأخيرة ترتبط بظواهر سلوكية سلبية بينها الرغبة في تجاهل "الآخر" وإقصائه وتهميشه.
أما ثقافة الترقيع فمرتبطة، من بين أمور اخرى، بالاستهانة بحقائق الواقع والحياة، وبـ "ثقافات" يمكن القول إنها "جديدة" لأنها ناجمة عن حقبة استبداد عصري.
وإذا كان من الصحيح القول إن جذور الاستبداد في مجتمعنا تمتد الى تاريخنا القديم، فان هذه الجذور باتت أعمق في عهد الدكتاتورية الفاشية التي ابتكرت نمطاً جديداً من الاستبداد لا نظير له. وهو نمط لم يُكشَف عنه بالكامل، وبالتالي لم يحلَّل على النحو المطلوب، ولم تستمد منه الدروس الضرورية لمسيرة مجتمعنا الحالية ووجهة تطوره اللاحقة، ذلك أن القوى السياسية المتنفذة راهناً منشغلة عن مثل هذه التحليلات "البطرانة" التي لابد أن تلهيها عن غاياتها الأساسية متمثلة في الامساك بالسلطة.
ولا حاجة بنا الى إلقاء أضواء على ما فعله استبداد الفاشية خلال عقود من حكمها. فهذه الفظائع طالت الملايين، وماتزال عواقبها وخيمة. ولا ريب أن "الثقافات الجديدة"، وبينها الترقيع والتغليس والاستحواذ، هي من بين عواقب ذلك الاستبداد الفاشي.
غير أن مما يثير الأسى والاحباط أن من جاءوا "محررين" كان همّهم آخر، وهكذا حال همّ "المقررين". فكلاهما له غايته، وهي غاية بعيدة عن معالجة فظائع الاستبداد ونتائجه المدمرة التي تركها على نسيج المجتمع، وإشاعته الخراب المادي والروحي في الحياة.
ولسنا بحاجة الى كثير حديث عن نمط تفكير المتنفذين وسلوكهم العملي. فما يجري الآن من مآسٍ يشكل دليلاً ساطعاً على أنهم لا يبالون بمصائر الملايين ولا بمستقبل البلاد. ولعل هذه اللامبالاة وسواها من أنماط السلوك والممارسة هي حاضنة لثقافة الترقيع وسواها من "الثقافات الجديدة".
أما الترقيع فنجد أفظع تجلياته في هذه العاصمة التي وصفت، ذات يوم، بأنها "كعبة المجد والخلود". ويكفي المرء القول، تعميماً، إن حنفيات البيوت فيها عاطلة، متكسرة، عصية على الفتح، ويصلحونها بالترقيع، وهي طريقة شائعة في حقل التصليح. أما حنفيات العقول فحدّث ولا حرج !
وأما حاملو ثقافة الترقيع، وهم من تجد بين صفوفهم "متنفذين" ينهون ويأمرون، حتى على الرغم من فقدانهم المصداقية، فيصولون ويجولون، متباهين وسط امتيازاتهم، و"مغلّسين" عن معاناة "الآخرين" المريرة، بل وعاجزين عن الاحساس بمثل هذه المعاناة.
وهذه الثقافة الترقيعية تنتج أفراداً يعودون دائماً الى الماضي باعتباره الأفضل، ويتمسكون بالوصفات الجاهزة، وهم مغفلون ذوو صيغ مبتذلة، يتعاملون مع الواقع كحجر جلمود، وينتشون بالاستعراض الفارغ أمام الأضواء، بينما يخشون من التعددية والتنوع. وهم، قبل هذا وذاك، مولعون بالاستحواذ على "أشياء"، ومصادرة أصوات، بينها أصوات الناخبين، وبينها، أيضاً، أصوات النساء التي يغيضهم، بل ويرعبهم ارتفاعها، وخصوصاً عندما تنهض مطالبة بحق، وساعية الى اكتشاف حقيقة.
لكن المعضلة الأعظم تتجلى في أن ثقافة الترقيع والتغليس والاستحواذ وسواها تبدو مألوفة، مثلما تبدو شوارع وأرصفة دار السلام في أعين الناس الذين تدجنوا فألفوا نفاياتها ومياهها الآسنة ومشاكل اختناقاتها المرورية، وغير ذلك الكثير مما لم يعد يلفت الأنظار من فرط تكراره وشيوعه. فهذا الانحدار المأساوي لا يثير الاحتجاج والمقاومة، ذلك أنه تحول الى جزء جوهري من ثقافة مهيمنة، أي ثقافة مقبولة من جانب "أغلبية صامتة" لم تعد، على ما يبدو، قادرة على المعارضة، طالما أن فواجع ونوائب تدفعهم الى حافات اليأس.
ومما يعمق المأساة أن القوى السياسية المتنفذة تبدو لامبالية بهذه الظواهر، عندما تضع حلولاً لبعضها، سريعة، ومؤقتة، وعرجاء، ومرقّعة، تسهم، هي الأخرى، في المزيد من الانحدار.
* * *
وسط هيمنة "الثقافات الجديدة" يواجه أهل المصداقية آلام المعاناة، بصمت غالباً، بينما يرفل "المرقِّعون" بنعيم يشغلهم عن معضلات الملايين بقضايا "أعظم".
لماذا لا يخشون من النور وأهله، مادام الترقيع يسهل في الظلام، مثلما تسهل كل تلك الظواهر المرتبطة بالترقيع ؟ ولماذا لا يرقّعون ما دام الترقيع سبيلاً الى ضمان السلطة والامتيازات عبر إشاعة الخنوع ؟
وكيف ينهض الناس إذا كانت هذه "الثقافات" مهيمنة وسط أجواء إحباط كان آخر تجسيداتها قانون الانتخابات المجحف "المرقَّع" وإقراره الأكثر ترقيعاً ؟
هل تتذكرون قصيدة الملا عبود الكرخي الشهيرة "قيّم الركّاع من ديرة عفج" ... !؟
ليت محمد بن علي الهمداني كان حيّاً ليرى بغداد الخراب التي قال عنها ذات يوم:
فلم ترَ عيني مثل بغداد منزلاً
ولم ترَ عيني مثل دجلة واديا
ولا مثل أهليها أرق شمائلاً
وأعذب ألفاظاً وأحلى معانيا ...

طريق الشعب 22/12/ 2009





#رضا_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات أأضحى الصمت أصدق أنباءً ... !؟
- تأملات - هوس الاستحواذ !
- تأملات - رايات المرتجى في أيادٍ بيضاء !
- تأملات - فأر البرلمان تحت خيمة الأميركان !
- تأملات - تلك الأبواب .. هذه المرايا !
- تأملات - ائتلاف السخط والأمل !
- تأملات - أصوات .. وأصوات !
- تأملات - هواجس العزوف ولحن الصراع !
- تأملات - أغلبية معوزين وحفنة متخمين !
- تأملات - أربعاء الرماد .. أربعاء الأمل !
- تأملات - بايدن يتذكر -الحرب المنسية- !
- تأملات - حماة الكلمة .. من يحميهم !؟
- تأملات - الحنّاء بعد النخيل واللحى طويلة !
- تأملات - رسالة -المتنبي- البليغة !
- تأملات - أربعاء الدم .. من المسؤول !؟
- تأملات - بلاك ووتر .. بيت الدعارة والجريمة !
- تأملات - في ذمّ التسييس أيضاً !
- تأملات - كابوس السرطان !
- تأملات - عطش الرافدين !
- تأملات - حتى تبقى الأجراس تقرع والتراتيل تصدح !


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا الظاهر - تأملات -ثقافات جديدة- بينها الترقيع !