أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا الظاهر - تأملات - أربعاء الرماد .. أربعاء الأمل !














المزيد.....

تأملات - أربعاء الرماد .. أربعاء الأمل !


رضا الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2791 - 2009 / 10 / 6 - 03:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحت نصب الحرية انطلقت بالونات المحتجين، محلقة في لوحة للسلم والحرية، وأنشد الأطفال للوطن، وتحدث أهل الشهداء عن أحبائهم، وروى الممثلون صامتين، وغنى الشباب للرافدين، وتلت مناضلة بيان التجمع، وكانت أصوات صفارات الانذار تجسد الاحساس بالخطر المحدق، والحمامات تنطلق في سماء بغداد، التي شهد قلبها هذا الاعتصام الاحتجاجي يوم السبت الماضي في أربعينية أربعاء الدم، وقد نظمه تجمع أربعاء الرماد.
و"أربعاء الرماد" هي قصيدة توماس ستيرنز إليوت، التي كتبت أواخر عشرينات القرن الماضي لتجسد تطلع الانسان الى التحول من الخواء الروحي صوب معانقة الأمل في الوصول الى خلاص البشر. نسمع الشاعر ينادي: "لأنني لا آمل أن أعود ثانية. لأنني لا آمل. لأنني لا آمل أن أعود ...". غير أننا لسنا هنا بصدد تحليل نقدي للقصيدة التي أثارت الكثير من السجال، على أن إشارتنا اليها تأتي في سياق إضاءة أربعاء الرماد العراقي.
وأيّاً كان تباين التطلع الى الأمل لدى إليوت (حيث المحتوى الروحي الديني)، ولدى المنشدين تحت نصب الحرية (حيث المحتوى الروحي الاجتماعي)، يبقى أربعاء الرماد رمزاً للخلاص من المعاناة .. وفي محتواه الأول يتضرع طلاب مغفرة: "يا أبانا الذي في السماوات، إن نور حقك يضيء ظلمة العيون الخاطئة. فليستمطر علينا هذا الزمن المقدس نعمة الغفران وهبة النور الالهي ..."
وأربعاء الرماد، الذي تطورت دلالاته من دينية الى سياسية، هو أول أيام الصوم المسيحي طلباً للغفران، الذي ربما كانت رمزه الأعمق إيحاء مريم المجدلية التي غسلت قدمي يسوع بدموعها.
أما أربعاء الدم ففاجعة من تلك التي عُرِفت بها بلاد ما بين النهرين منذ أن ظلت عشتار تبكي أبداً حبيبها تموز. ولعل من بين ما كشفت عنه هذه المأساة المروعة الاختراقات الفاضحة في منظومة الأمن، والخلل الخطير في الأجهزة المسؤولة عنه، وهي أجهزة بعيدة في بنائها عن أسس المواطنة والكفاءة، وغياب الاجراءات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، التي بدونها لا يمكن أن يستتب أمن حقيقي، وتتوفر حماية لحياة الناس وضمان لحقوقهم.
ومما يثير الأسى أن النخب المتنفذة مارست، مرة أخرى، استهانتها بالمخاطر والتضحيات، ووضعت حسابات مكاسبها الضيقة فوق حياة البشر، لأن تلك الحسابات، لا الانسان، هي "أثمن رأسمال".
وكيف يكون الانسان أثمن رأسمال إذا كان "المقررون" منشغلين بالصراع من أجل الامتيازات، والانحدار في "التسييس"، والتستر على أسباب المآسي ومسببيها ؟
وكيف لا يغيِّب المتنعمون إرادة ملايين المحرومين، وهذا التغييب في جوهر منهجية المحاصصات التي تفاقم الآلام، ونحن نقترب، في مخاض فترة انتقالية، من موعد انتخابات تبدو التباساتها أكثر من قواعدها المألوفة، ومن كلام "المصرّحين" ؟
أيمكن لنخب بينها محمية بـ "المحررين" والقصور والمصفحات والحمايات والامتيازات والعزلة عن معاناة الناس أن تحمي حياة الناس ؟
غير أن هذه الصفوة من بنات وأبناء الرافدين ممن أطلقوا، يوم السبت، صفارات الانذار لوقف نزيف الدم العراقي، إنما يقرعون بذلك أجراس الخطر الذي يهدد الرأي الحر والحلم العادل .. ويرفعون أصوات الاحتجاج على تأبيد ثقافة الظلام وإقصاء المختلف وفرض أحادية فكر الاستبداد وإلغاء النقد والاجتهاد، ومسعى إخضاع الناس الى ثقافة الكرنفال الاستعراضية وسلطة "السياسيين" الغاشمة، وهم يغسلون الأدمغة كما الأموال، ويسوقون البشر كما القطيع، ويحاصرون الشموع والزهور والصبوات كما الأفكار "الهدامة".
هؤلاء الصفوة من "الحالمين"، المقاومين الحصار، والمتحدّين الفواجع، والملحقين الهزيمة بقتلة النور، يرسون، في اعتصامهم تحت نصب الحرية، وفيه من الدلالات الكثير، أسس ثقافة جديدة لابد أن تُسقى حتى تمد جذورها وتطلع ثمارها، فتتحول الى حركة شعبية حقيقية يحسب لها "الحكام" الحساب، وهي تستثمر السخط المتعاظم لتحيله لبنة في معمار ثقافة جديدة، ديمقراطية المحتوى، تنويرية التوجه.
هؤلاء الصفوة من المكافحات والمكافحين يعلنون من تحت نصب الحرية عن بدايات تحول في ما يمكن تسميته منهجية الاحتجاج. فلم يعد هذا مقتصراً على إطلاق صرخة في وادٍ تتردد أصداؤها وتتلاشى دون أن يسمعها أحد، ويتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث يمكن أن يبقى القتلة، المنفذون والمخططون، ينامون، بعيداً عن الأغلال، رغداً، ثم ينسى المحتجون الغاية والأمل، وجوهر التوجه الى مقاومة ثقافة الخنوع وتأبيد الراهن، والتطلع الى دولة المدنية التي تحمي حياة الانسان وتحترم حقوقه وأشواقه.
* * *
إذن فقد تجمعوا سائرين في موكب من خيرة بنات وأبناء العراق .. جوقة تعزف لحن الاحتجاج في البلاد التي أضاعت منشديها، فنهضوا فيها يغنون للحرية أعذب أغانيها، ويثيرون السخط على سدنة ظلامها وملوّثي تاريخها ..
تحت جدارية جواد سليم كانت أصوات المنشدين تقتحم السماء:
خلّي الدمَ الغالي يسيلُ
إن المسيلَ هو القتيلُ
من هذا الاحتجاج سينبثق تاريخ جديد، ومن أربعاء الرماد سينهض أربعاء الأمل ..
يا لتلك "الأشباح" التي تجول، منطلقة من معاناة الملايين من ضحايا الاضطهاد ..
يا لصبابة المشتاقين الى أشرعة سلم وحرية ..
فيكم الحياة تأتلف حتى عندما تختلفون على النور ..

طريق الشعب 6/10/ 2009








#رضا_الظاهر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات - بايدن يتذكر -الحرب المنسية- !
- تأملات - حماة الكلمة .. من يحميهم !؟
- تأملات - الحنّاء بعد النخيل واللحى طويلة !
- تأملات - رسالة -المتنبي- البليغة !
- تأملات - أربعاء الدم .. من المسؤول !؟
- تأملات - بلاك ووتر .. بيت الدعارة والجريمة !
- تأملات - في ذمّ التسييس أيضاً !
- تأملات - كابوس السرطان !
- تأملات - عطش الرافدين !
- تأملات - حتى تبقى الأجراس تقرع والتراتيل تصدح !
- تأملات - ما من خيار ثالث !
- تأملات - -إشراف- على مصالحة !
- تأملات - لحظة حرية حاسمة !
- تأملات - قصور من رمال بلاد من أوهام !
- تأملات - بلاد مبتلاة بقصص النوائب !
- تأملات - التباس مفاهيم .. تباين امتيازات
- تأملات : جمرة واهبات الحياة .. متقدة أبداً !
- تأملات : مصباحك يضيء الينابيع والرايات !
- في الذكرى التسعين لاغتيال روزا لوكسمبورغ تفاعل -البعد النسوي ...
- الانتخابات.. دروس.. ودلالات


المزيد.....




- تحويلات المصريين بالخارج تقترب من 30 مليار دولار خلال 10 أشه ...
- ربما تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي.. ما حقيقة فيديو قصف إسرائي ...
- تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
- غضب في مدينة البندقية على حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة ...
- -فائقو الثراء- في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول ...
- صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟ ...
- ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
- فيتنام تحاكم 41 متهما في قضية فساد بقيمة 45 مليون دولار
- صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا الظاهر - تأملات - أربعاء الرماد .. أربعاء الأمل !