أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمعة الحلفي - عندما تكذب كن صادقاً !














المزيد.....

عندما تكذب كن صادقاً !


جمعة الحلفي

الحوار المتمدن-العدد: 868 - 2004 / 6 / 18 - 06:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كلما انكشفت أمامنا كذبة من الأكاذيب، نردد المثل الشهير القائل بأن حبل الكذب قصير، لكننا لا ندرك حقيقة أن تلك الكذبة، التي انكشفت أمامنا للتو، ليست سوى نقطة من بحر الأكاذيب السائد في عالمنا الراهن، وبالتالي فأن حبل الكذب أطول مما نتصور، بل لا أطول من حبل الكذب، لأنه يمتد عبر الزمن وعلى طول التاريخ وعرضه، ولا يقاس بالكيلومترات أو الكيلوغرامات، إنما يقاس بنظافة الضمير وحسن الخلق وصدق النوايا، وهذه مزايا غالية ونادرة في زمننا الحالي.
لقد ابتكر الإنسان، وهو صانع الأكاذيب الأول (فالحيوانات والطيور لا تكذب، ولهذا فهو يصطادها بسهولة ليسلخ جلدها ويأكلها) طرقاً وأساليب كثيرة لتمرير الأكاذيب أو لتغليفها وتسويقها. فهناك الكذب الأبيض، والكذب عند الضرورة، والكذب على الأطفال، والكذب على الزوجات، والكذب على الدولة، والكذب على الدين.. والبعض يكذب حتى على نفسه.. أي إن الإنسان يبتكر الأكاذيب الصغيرة لتبرير أكاذيبه الكبيرة. وكما يبدو فأن الإنسان يميل بطبعه للأكاذيب، على الرغم من كونها من الصفات المذمومة لديه، لذلك ارتبطت قصص وحكايات الكذابين المشهورين، بنوع من الطرافة وخفة الدم. وغالباً ما يتحدث الناس عن هؤلاء بشيء من الإعجاب، بل ويحسدونهم أحياناً، على جرأتهم وظرفهم. ولمناسبة الحديث عن الكذابين الكبار فمن حِكمهم الشهيرة قول أحدهم: عندما تكذب كن صادقاً!
ومن الأدلة على ميل الناس للكذب، ابتكارهم للأول من نيسان، وهو يوم الكذب العالمي، فالبعض يعد العدة لهذا اليوم، قبل أسابيع من حلوله، لكي يكذب على صديق أو قريب، ثم يعلن، بابتهاج، إنه صاحب الكذبة المذكورة. وكثيراً ما تعرّض الناس لاحراجات ومقالب حزينة، في الأول من نيسان، جراء وقوعهم ضحية كذبة سيئة أو غير حاذقة، من ثقيل دم، فدفعوا ثمنها وبالاً، لأن الكذب كذب ولا ينتج عنه غير الشرور.
والمعروف أن لكل مهنة من المهن طرق وأشكال كذبها، فالتاجر(مثلاً) يقسم لك أغلظ الإيمان بأن سعر تكلفة هذه السلعة نصف دينار، لكنه يناديك، ما أن تدير له ظهرك، ليبيعك السلعة نفسها، بربع دينار وهو يبتسم ويردد: والله بعناها لك بخسارة.. وهو يكذب طبعاً. والخياط والنجار والحداد والسمكري، ومختلف أصحاب مثل هذه المهن، معروفون بالكذب في مواعيدهم، فالواحد منهم يقول لك: غداً، بكل تأكيد، تكون حاجتك مقضية. وبعد أسبوعين وثلاثة من الموعد، يعود ليكرر عليك الكذبة نفسها، دون كلل ولا ملل.
وإذا كانت اكاذيب أصحاب هذه المهن والحرف، مهضومة ومعروفة، فأن أكاذيب السياسيين هي الأخطر. فهؤلاء لا يكذبون عليك وحدك، بل على شعوب بكاملها. وغالباً ما تؤدي أكاذيبهم، الى الدمار والخراب. ومن أشنع أكاذيب هؤلاء، ادعاؤهم نظافة اليد واللسان والضمير.. وبعضهم يزيد فوقها: الإيمان بالديمقراطية وحرية الرأي الآخر، و ... تحرير الشعوب من الطغيان والاستبداد. والسياسيون يؤمنون بالأكاذيب كطريقة لإقناع الناس، وهناك العبارة الشهيرة، المنسوبة لوزير إعلام هتلر (غوبلز) التي تقول: اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس. وكما يبدو فإن وزراء الإعلام متخصصون بالكذب على الناس إذ لا تزال تعليقات محمد سعيد الصحاف، خلال الحرب الأخيرة، موضع تندر العالم.
ومن سوء حظ الصحفيين أنهم تعلموا الكذب من السياسيين. وكذب الصحفيين من افضح أنواع الكذب، وهم لا يخجلون منه لأنهم يلصقونه، دائماً، بظهر السياسي. لذلك تجد أكاذيب الصحف منسوبة أما "لمصدر سياسي مسؤول" أو " لمصادر عليمة" أو "لمصادر دبلوماسية مطلعة". لكن أظرف الأكاذيب الصحفية هي تلك التي تنسب لمسؤول سياسي "طلب عدم ذكر اسمه". أما المشكلة الأكبر فهي أن هناك، اليوم، من يكذب نهاراً جهاراً، ولا يطلب "عدم ذكر أسمه"!



#جمعة_الحلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديك الأصولي!
- عندما رحل الخميني ... دوّي العودة، دوّي الرحيل !
- نظرية الفائض البشري !
- زيارة متأخرة للأندلس !
- الى سعدي يوسف ... تصبحون على وطن !
- من دفاتر المنفى ... عربانة النواب 5 من 5
- من دفاتر المنفى ... عربانة النواب 4 من 5
- من دفاتر المنفى ... عربانة النواب 3 من 5
- من دفاتر المنفى.. عربانة النواب 2من 5
- من دفاتر المنفى ... عربانة النواب 2 من 5
- من دفاتر المنفى عربانة النواب 1من 5
- في تفاصيل التكوّن
- المثقفون العراقيون... ماذا يطبخون؟
- البحث عن الوطن في أزقة المنافي !
- سيرة الرسالة: من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان ...
- سيرة الرسالة:من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان ...
- سيرة الرسالة: من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان ...
- سيرة الرسالة: من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان ...
- سيرة الرسالة: من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان ...
- سيرة الرسالة من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان ...


المزيد.....




- بيني غانتس: من ميدان القتال إلى ميدان السياسة بطموحات كبيرة ...
- مسؤولون سابقون يسعون لتغيير سياسة واشنطن حيال غزة
- سيناريوهات ما بعد استقالة غانتس ومصير حكومة نتنياهو
- ردا على دعاية مكبرات الصوت.. شقيقة الزعيم كيم تهدد سول
- انتخابات البرلمان الأوروبي.. تقدم كبير لليمين ولكن لا أغلبية ...
- الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين باتجاه خليج عدن
- تقرير يرصد السّير الذاتية وسجل المرشحين لخوض الانتخابات الرئ ...
- منتدى رجال الأعمال الإسرائيلي يعلن عن أزمة تتفاقم ويقول: مست ...
- سفير فلسطين لدى موسكو: سيتم عقد اجتماع بين -حماس- و-فتح- في ...
- إيلون ماسك: لا أفهم ردود الفعل السلبية تجاه حزب -البديل من أ ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمعة الحلفي - عندما تكذب كن صادقاً !