أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - الحفيد : قصة قصيرة














المزيد.....

الحفيد : قصة قصيرة


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 2855 - 2009 / 12 / 11 - 21:19
المحور: الادب والفن
    



لم أفعل له شيئا ، أثار حيرتي بغضبه المفاجئ ، وثورته الناقمة ، ورد فعله العنيف على كلمة جاءت عفوا ، تضخمت مخاوفي ، وأنا أراه يرعد ويزبد ، ويعلو صوته ، مهددا إياي بالويل والثبور وعظائم الأمور ، خشيت على نفسي ، ماذا يمكنني أن افعل ان تسببت ثورته المتضخمة، في تفجر شريانه، كما كان ينذرني باستمرار؟ ، أو أدى عنفه الكبير إلى توقف قلب، ظل طوال العمر ينبض بعيدا عني ، تساءلت ماذا يمكن أن افعل ، وأين أذهب به في هذه الليلة الليلاء ، وقد بعد الناس عنا ، وهجرنا المعارف ، ونأى عن صحبتنا الأصدقاء ، و حذر مجلسنا المجربون ، كان ميالا إلى الصراخ ، ما إن يحتدم النقاش حول مسألة يثيرها ، ويجد بعض الاختلاف، في وجهات نظر من يبادله أطراف الحديث ، حتى يسارع إلى رفع الصوت، واتهام محدثه بالجهل، وعدم الاطلاع على خفايا الأمور ، فكان إن أصاب الجليد منزلنا، وشعرت ببرد عضال لم تستطع المدافيء الحديثة ان تستل أوجاعه من عظامي..وان تنتشل نفسي الظمأى ، المتطلعة إلى بعض القطرات من ينبوع غاب بعيدا منذ زمن...
وحين يجدني ارتعد خشية على نفسي، ورغبة في الوصول الى ما يبعث بعض الهدوء إلى ليلتنا الغاضبة ، يضج بالصراخ والعويل نادبا حظه ، ولاعنا تلك الساعة الآثمة ، يشتد خوفي ولا أجد جوابا شافيا، ينقذني من شعور ممض بالفقدان شديد الوطأة عسيرا ، لست ادري ما الذي جعلني أطيل النظر إليه ، تذكرت تلك اللحظة، نظرية داروين التي طالما أنكرتها ، رغم محاولات عديدة لجعلي اقتنع بأصل البشرية الذي بقي مغلقا أمام العقول متصفا بكثير من الغموض ، وبعيدا عن الانجلاء...
يبدأ بالصراخ من جديد يلمح هدوئي ، يبدو عليه التساؤل: كيف استطعت أن أنقذ نفسي، بن براثن شعور لم يكن موجودا ، ولماذا تضخم الخوف عليه بدلا من الرأفة بقلبي الملحاح، والذي لا يكف عن السؤال ، وهل خلقت إحساسا وأوهمت نفسي بوجوده... وهل نحن من الضعف لنخلق كذبة ، ونكون أسرع الناس في تصديقها، هل نجد راحتنا في إيهام أنفسنا بأمر، يتعذر علينا الوصول إليه ، وهل الحقيقة لا يحبها الكثيرون ، رغم ادعائهم بالنقيض ، يسارع إلى الإمساك بكأسه، الذي خلا لتوه، من شراب ابيض اللون حليبي ، يفكر أن يعصر الكأس ضاغطا عليه بين كفيه ، أضبط أعصابي المحروقة ، وينبعث السؤال من جديد داخل عقلي المشغول:
- ماذا يمكنني أن أفعل ؟ وقد هجر مجلسنا الجميع
وأنا غارقة في بحر مخاوفي المتعاظمة، أراه يقذف بالكأس الفارغ ، بقوة ويرميه إلى بالجدار المقابل ، ينظر إلي بتشف ، وأجهل حتى الآن ، كيف استطعت أن أخنق صرخة، كادت تفلت رغما عني ، يعود إلى صراخه العالي لحظة،
يترك الصراخ:
- هل أنت صماء ؟
- لا ...........، لماذا تصرخ ؟
تتبدد مخاوفي ، وانهي رغبة كبيرة، تتقد داخل نفسه أن يجعلني دائمة الخشية ، مرعوبة ، أتلظى بما يشعله في طريقي من حرائق ، وبما يجد لذة فائقة في تكبيلي، ووضع الأشواك الجارحة لتدميني، تتراءى لي حياتي معه ، زاخرة بالمتاعب ، خالية من اللذات ، لماذا كنت اشتعل لإرضاء شخص ،لا يمكن لشيء أن يجعله يرضى ، حتى لو أشعلت أصابعي قناديل تنير دربه ، وتبدد وحشة طريق شائك ، ولكن لمَ نظن الناس مثلنا ؟ وان ما يبهج نفوسنا يسعدهم ، أليس من الممكن جدا، أن البعض منهم يحزنون، لكل ما نتوق للوصول إليه ، ونزرع الأرض خضرة وعسلا، وهم يودون غرسها حصرما، يدمي القلب ويتعب الشفاه ، ألا يوجد بشر يفسرون الرحمة ضعفا والمحبة تزلفا ؟ ولماذا أظل محتفظة بعشرة، لا وجود لأساسياتها، هل اصنع عالما متوازنا بما تحمله نفسي من جراح ، أم أنسى آمالي الخائبة ، لأبدأ في الحلم من جديد ، أغطس في بحر متلاطم، أفيق منه، على صوت ارتطام باب المنزل بقوة


صبيحة شبر
22 تشرين الثاني 2009



#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المفقود
- حدث وتباين في ردود الفعل
- تجارة الجنس ومخاطرها
- الشك
- أدب نسوي أم إنساني ؟
- أمسية لتقديم كتاب
- حوار مع الشاعرة والقاصة المغربية خديجة موادي
- أربع قصص قصيرة جدا
- حفل تأبيني لشهداء الأربعاء الدامي
- السياحة المهدورة في العراق
- حوار مع سلطانة نايت داود
- نزف من تحت الرمال : مجموعة قصص قصيرة جدا
- تأثير الحروب على المدنيين
- قراءة في مجموعة قصصية ( التابوت)
- ريمة الخاني أديبة الحروف الجادة
- حوار مع القاص والناقد المغربي محمد سعيد الريحاني
- الأطفال العراقيون ، من يداوي جراحاتهم ؟
- لماذا تطور ت الأمم وبقينا متخافين ؟
- الشرنقة : قصة قصيرة
- وأين حقوق العمال الماكثين ؟


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - الحفيد : قصة قصيرة