أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - قراءة في مجموعة قصصية ( التابوت)















المزيد.....

قراءة في مجموعة قصصية ( التابوت)


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 2688 - 2009 / 6 / 25 - 09:52
المحور: الادب والفن
    




جديد إصدارات القاصة صبيحة شبّر
جواد وادي

بإصرار ومواصلة رصينة تشي عن قدرة إبداعية آخذة في التنامي والعطاء تتمكن القاصة العراقية المبدعة صبيحة شبر من إصدار مجموعتها القصصية الرابعة، التابوت، والتي تحتوي على ست عشرة قصة، متفاوتة في الطول والنفس القصصي التي اعتدنا عليها في أعمالها السابقة بلغة انسيابية شفافة وهادئة، بعيدة عن ضجيج التوظيف الشكلي الممل بتوظيفات فاقعة والتي كثيرا ما تواجهنا في أعمال قصصية عديدة،إنما قاصتنا صبيحة شبر باتت لصيقة بلغة فائرة أحيانا، في تناول الحدث ووديعة للغاية في أحايين كثيرة تريد من خلال ذلك أن يشاركها القارئ ذات الإحساس بالتوجع ولكن برغبة أيضا في الركون إلى هدأة الحكي الآسر. انه مكر المبدع في أن يمارس سلطته ببناء سردي محكم ليسحب المتلقي من وضعه العادي إلى حيث المشاركة الوجدانية ليخفف الألم عن حشرجات الكاتب ومواجعه.
ففي قصة التابوت التي تحمل المجموعة ذات العنوان، تبدأ بالحركة المفاجئة ،و المشاكسة في إشغال الفراغ عند بداية الولوج لفضاء المجموعة :(اخذ يمشي جيئة وذهابا وكل مرة يبدأ بالتفرس في وجهي) ( التابوت ص62). هذا المفتتح المليء بالحركة يشد القارئ لمعرفة ما تؤول إليه هذه المشاكسة، التي قد تبدو غريبة للوهلة الأولى ولكنها سرعان ما تدفع القارئ لفضول ابعد في التواشج مع نوايا الكاتبة.
توظف القاصة وتحديدا في هذه القصة مثلما في بقية قصص المجموعة لغة متقاطعة بعيدة عن الرتابة والملل في السرد لتفتح أكثر من هوة في تسلسل الحكي لتمنح القارئ متنفسا ليستعيد توازنه ويشعر بالسكينة ثم تبدأ رحلة المداهنات مرة أخرى وكأني بالكاتبة تسعى أن توظف مخزونها الفكري في خدمة النص الذي يحتاجه الحكي الشيق فتستجمع قدرتها القصصية المتمكنة بكثير من العبق اللغوي الفاطن وتستمر الرحلة الاسرائية، مزيج من الصور والخيالات والمحطات العاجة بالحركة والانتقالات الذهنية البهية بلغة قصصية تخدم السرد وتبتعد كثيرا عن السفسفة والهذر اللغوي.
إن توظيف الخطاب الذكوري الذي نلحظه في بعض قصص المجموعة لهو سمة تحدي تحاول القاصة من خلاله تهشيم جدار التجنيس الإبداعي (نسبة إلى الجنس الذكوري أو الأنثوي في الإبداع) وتتجاوز بهذا حدود وضعها بعض المنغلقين إلى عالم أرحب وأكثر إشراقا وفتنة، إن كان الأمر ينحاز إلى هذا الجنس أو ذاك بحيث يبدو جليا أن لا فرق بين أن يكون العمل الإبداعي مقتصرا على حدود رسمها الآخرون وتحريم المبدع من لذة الولوج إلى ما ليس بعالمه هو، لأنه عالم الجنس المغاير بتخط سلسلة من العتبات الصعبة التفاصيل لتمتلك القاصة بالتالي ناصية الاقتحام بإحساس وتفكير ونوايا ذكورية دون أن تنسى أنها أنثى بمواصفات تغاير تماما توظيفات القص الذي يتطلبه العمل الإبداعي . وهنا تكمن قدرة المبدعة في أن تتساكن وجدانيا وبإحساس أنثوي مع عالم الذكورة الفض أحيانا بقسوته وشراسة عالمه الغريب.
انه التحدي بعينه الذي قد يكون عصيا على الرجل في أن يفتض عالما ليس بعالمه لتهيبه أو جهله ولربما لكونه يبقى دائما مدعيا ولا سوى غير الفنتازيا في الممارسة الهشة.
ولنا في قصتي مزاج أو التابوت وغيرهما أمثلة في ذلك.
في قصة الرهان وهي أولى قصص المجموعة توجه القاصة مقود الصراع مع حالة قلق أخرى تتميز بغيرة أنثوية تريد القاصة من خلالها تناول حالة إنسانية يتمازج فيها الفرح بالمودة والإحساس بالمرارة بحنو إنساني نقي، حالات تلتقطها القاصة بانتقالات من الحكي اللذيذ باضاءات أحيانا تكون همسا ولا يعيها إلا القارئ الفطن بتوظيفها ترميزات ذكية وأحيانا بوضوح شديد لتنتزع القارئ من حالات الذهول والحيرة إلى وضعه الطبيعي ليتواشج مع منحى القص وتراتبيته نزولا وصعودا ليعود هو بذاته مشاركا في حالة الإبداع لان القراءة عند (رولان بارت) هي حالة تماهي وإبداع تؤثث فضاء النص.
( لكن الارتياح المؤقت الذي يبدو على ملامحها المعبرة سرعان ما يتلاشى حين تنطلق ضحكتي مجلجلة طاردة عنها كل توقع بالانتصار)( الرهان ص9).
هل حقا أن ما يميز العراق إبداعا وعطاء أن يكون ولودا دائما، ليطرح بذرات عطاء لرفد المشهد الفكري بالجديد والمتجدد وليتحول العراق مثلما دائما، قبلة ومصدر رفد للإبداع العربي وحتى العالمي ولدينا من الشواهد ما يعزز هذا المنحى. فرغم الزلازل المخيفة التي عصفت بهذه الأرض وحجم الكوارث التي ما مرت على ارض سواها، ظلت الأرض العراقية تطرح ثمار العطاء، بأصوات جديدة وطاقات إبداعية تكون أكثر خبرة وإشراقا من حالات سبقتها، انه المرجل الفكري الذي نعتز بانجازاته المتواصلة دون ريب ودون أن نعدد الأمثلة لأنها كثيرة جدا يبرز لنا هذا الصوت الأنثوي، أسوة بأصوات إبداعية عديدة لنضيئه بشيء من الإنصاف لحضوره اللافت والمفعم بالعطاء واثبات الذات التي هي عن قناعة ذات عراقية لتفتح منافذ للآخرين، للولوج إلى طبيعة المنجز العراقي رغم أن هذا الصوت لا تنتمي إلى جيل الشباب ومن هنا تأتي أهمية قراءته بعين المتفحص للرصين والجاد.
انه صوت القاصة المبدعة صبيحة شبّر الذي يتسم بالجدية والمثابرة واقتحام الصعاب وتهشيم الأسيجة، للنفاذ إلى عالم الإبداع الأرحب بعبق عراقي خالص وبتجدد دائم، هذه القاصة التي ما فتئت تزحف بعذاباتها وشغف عشقها لعالم القص لتؤسس لها بحبوحة ترتضيها لنفسها، وتبقى صوتا إبداعيا هادرا وسط أسماء عديدة لمبدعات عراقيات هن بدورهن ما بردت أبدا جذوة عطائهن ولا خفتت تلك الإرادة الشرسة برقة أنثوية فاتنة لتجعلنا نحن الرجال نعتز بهذا الشموخ والعطاء والإصرار الغريب، والمدهش لننحني تقديرا واعترافا بهذا المنجز وهذه الوتيرة المتناسقة في العطاء الدائم.
تحتوي مجموعة القاصة المبدعة صبيحة شبّر ست عشرة قصة لا باس أن نذكرها للقارئ ليقترب من خلال العناوين الموحية والتي تشي بمضمون النصوص في كثير من الأحيان ويتعرف أيضا على عالم الكاتبة وكيف توفقت القاصة في اختيار هذه العناوين لكون هذه المهمة تعتبر عند المبدع في اختيار العنوان للنص ليست بالهينة:
الرهان/ الشاهدة/ الموعد/ اندهاش/ تأنيب/ رد فعل/ طفل يصرخ/ مزاح/ التابوت/ الزائرة/ العقاب/ أم بديلة/ أوجاع غريبة/ تشابه واختلاف/ صراع/ عتاب.
وكعتبة أخيرة تخصنا نحن القراء في أن نظل متشبثين بسلطة هذه القصص الآسرة علينا قبل مغادرتها لا ضير أن ننقل للقارئ بعض مسرات وأوجاع وتفاصيل القصة الأخيرة الموسومة (عتاب): نلاحظ في هذه القصة وجود تداخل بين الشخوص ومنولوجات وانتقالات صادمة، تذكرنا برواية المسخ لكافكا حيث نجد ضمائر أل(أنا) وال(هو) وال(هي) ثم العودة ثانية في دورة استقرائية، معبرة ومحكمة بصياغات فنية وكان القاصة هنا واقفة أمام مرآة وهي تحدث نفسها مرة عن منال ومرة عن نفسهاـ ومرة عن الرجل حتى تجعل القارئ يشد أنفاسه لمتابعة هذه التفاصيل بدقة حتى لا يضيع في خضم التفاصيل والمتغيرات في الحكي:
أريد منحك قدرا يليق بك(الأنا- المخاطب)/ وأعجبه منظره، الرغوة البيضاء تغطي الجانب الأيسر من وجهه – الانتشاء يبدو واضحا على محياه (الرجل)/ أنت عزيزة علينا(منال)/ أحببت أن أحدثك عن التغيير...(الكاتبة) بتوظيف أفعال هي من باب التذكر وكان القاصة تستجمع ذكرياتها بحيوية الفعل والحركة في التواصل مع الآخر:
أنهيت/ تقومين/ أن تتأهبي/ تهيئين/ تجمعين/ تضعين/ تفتحين/ تعودين/ ترتدين/ تصممين/ لا تحبين/ تدخلين/ تتمرنين/ تبكرين/ تتوقعين/ تتأخرين/ تعملين/ تصلين/ تفكرين/ تجتهدين/ تتبعين/ تصلين/ تودين/ تنظرين/........
أن تكون كل هذه الأفعال وغيرها مجتمعة في نص قصصي واحد دليل على البناء المحكم في الحركة لان القاصة برأيي تريد أن تمنح النص فاعلية التحرك في اتجاهات مختلفة لتملا كل الفراغات التي قد تجعل من القص مفككا ولا روح فيه.
انه الانفتاح على مصراعيه ليصبح المبدع جزءا من الحدث مكانا وزمانا وشخوصا وتفاصيل أخرى.
إن المبدعة صبيحة شبّر تريد أن تبلّغ القارئ رسالة ودودة ذلكـ أنها تسعى لان تبقي تلك الوشيجة والآصرة بينها وبين قارئها بوهج دائم وقد أفلحت في ذلك كثيرا والصورة جلية في هذا المضماـر لرغبتها الجامحة في مد خيوط المودة لتعده ثانية أن اللقاء قريب بعد أن يستعيد أنفاسه من أوجاع ومسرات وتفاصيل هذه المجموعة.
إنها القدرة على العطاء المتجدد كون القاصة تمتلك من الخصب الإبداعي ما يجعلنا مع القارئ نبقي ذات الوشائج لنطلب منها الجديد ويبقى سؤالنا الغائر في وجداننا لنقول لها
هل من مزيد؟؟!!
أصدرت القاصة أربعة مجاميع قصصية هي:
1- التمثال – الكويت 1976
2- امراة سيئة السمعة – مصر 2005
3-لائحة الاتهام تطول- المغرب 2007
4- التابوت – مصر 2008
5- الزمن الحافي - رواية– عمل مشترك مع الروائي العراقي سلام نوري العراق 2007

اسم الكتاب: التابوت
اسم الكاتبة: صبيحة شبّر
الناشر: دار (كيان للنشر والتوزيع)
الدقي – جمهورية مصر العربية

[email protected]

جواد وادي
شاعر وناقد عراقي مقيم بالمغرب





#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ريمة الخاني أديبة الحروف الجادة
- حوار مع القاص والناقد المغربي محمد سعيد الريحاني
- الأطفال العراقيون ، من يداوي جراحاتهم ؟
- لماذا تطور ت الأمم وبقينا متخافين ؟
- الشرنقة : قصة قصيرة
- وأين حقوق العمال الماكثين ؟
- العار : قصة قصيرة
- الثقافة وعلاقتها بالتربية
- الثرثارة : قصة قصيرة
- حقوق المرأة متى يحين أوانها ؟
- دورالأسرة في التربية
- كاتم الصوت
- العدالة الاجتماعية وكيفية الوصول اليها
- الفضائيات العربية ومهمة بناء الوعي وتوجيه الرأي العام
- نصائح : ق ق ج
- أيتام
- هل يصنع النقد أدبا؟؟
- امرأة ام أنثى؟؟
- ( الحوار المتمدن) وتجربة الأعوام السبعة
- ( أعمامي اللصوص) مجموعة قصص تعري الواقع المنخور


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - قراءة في مجموعة قصصية ( التابوت)