انفلونزا وطنية ..!

أكرم الصوراني

الحوار المتمدن-العدد: 2855 - 2009 / 12 / 11 - 20:36
المحور: القضية الفلسطينية
    

قبل أيام تعرضت لوعكة صحية ، الأعراض الأوليّة للمرض ، التهاب في الحلق ، دموع مقرفة في عيون وقحة ، سيلان أنفي مخاطي من داخل الفتحة الـ(يمينية) مع انسداد دائم حتى إشعار آخر في الفتحة اليسرى ، سخونة مصحوبة بقشعريرة ، مع احتقان في التفكير العام .. في مسيرة النضال الوطني تتبدل المواقف والشعارات بحسب طبيعة المرحلة ، مؤخراً ومع انتشار انفلونزا الخنازير بات شعار المرحلة لمن تملكتهم الوساوس القهرية (اليانسون هو الحل) ، على المستوى الشخصي قررت تعاطي المضاد الحيوي على مسؤوليتي الخاصة بدون استشارة طبيب ، شخصيا لا ارغب رؤية الأطباء ولا رائحتهم ، البعض الكثير منهم يمارس المهنة من باب البيزنس كما تجار (اليانسون) في غزّة ..
الحالة الفلسطينية العامة لا تختلف كثيراً عن حال المرضى في مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة ، حالها كحالهم ، إحباط ، انحطاط عام ، ارتفاع في الضغط الشعبي ، هبوط في القيم ، نقص في المناعة الوطنية مع (فشل مزمن في "الكل الوطني") ، وهذا الأخير مرض لا تقل خطورته عن (الفشل الكلوي) الذي يسبب فقداناً مفاجئاً لوظائف الكلى ، في مراحله النهائية يكون مهلكاً وفتاكاً ما لم تتم عملية غسيل أو تجرى عملية زراعة جديدة ..
على هامش ما أكتب قرأت خبراً مفاده أن (أعضاء مكتب سياسي) لحزب وطني عريق يسعون لتبؤ مناصب جديدة ، طموحهم العام أن يصبحوا (أعضاء طاولة سياسية) مع أن حالتهم الراهنة تكفي لأن يكونوا (أعضاء كرسي سياسي متحرك) كما كراسي العجزة والمعاقين حركياً ، البعض يعتقد أن الذنب ليس ذنبهم ، فالمرحلة أصلاً معاقة وطبيعتها معقدة حد الشلل . بالمناسبة اتصل بي صديق وأخبرني قصة حزبي عريق (معتّق) ، أول كانون الثالث يبلغ الخامسة والسبعين ، صاحبنا المذكور كان أستاذاً في الممارسة الثورية ، في الآونة الأخيرة اجتاحته رغبة متوحشة في تلقيح بويضات التنظيم داخل حياة الحزب من باب تفقيس الكادر ، في كثير من الأحيان قد تكون الرغبة شديدة لكن القدرة تكون معدومة ..! علماء النفس يربطون دوما بين ثلاث /الرغبة ، والقدرة ، والدافعية/ ومع هذا فإن القدرة على فعل الشيء لا تعني بالضرورة وجود رغبة أو دافعية لفعله ، وإنما قد تكون هناك ضرورة لفعله .
السيدة "ملعقة" نائب في المجلس التشريعي ، بمحض الصدفة سمعت أنها تطالب حكومتي رام الله وغزّة السماح بإعادة توزيع الصحف الورقية لأن ذلك حق من حقوق المواطن الفلسطيني .. في المقابل يرى المنطق أن أبسط واجبات المواطن أن لا يعيد انتخاب رموز المرحلة ..
معلومة طبية : وباء H1N1 والمعرف بأنفلونزا الخنازير عبارة عن التهاب فيروسي حاد يصيب الجهاز التنفسي ، يصاحبه الرشح والسعال والصداع مع ارتفاع في درجة حرارة الجسم وآلام حادة في المفاصل وفى كثير من الأحيان تقيؤ وإسهال..
كثيرون لا يهمهم (اتش ONE ولا اتش TOW) ، ولا حتى انفلونزا السلطة وصراع القيادة ، في آخر الإشاعات وعلى ذمّة (معاريف) يقولون "أنَّ "إسرائيل" حوّلت مواقف السيارات تحت المستشفيات لملاجئ كبرى استعداداً للحرب القادمة ..؟" الناس هنا بحكم خبرتهم في الموت توصلوا إلى حقيقة مفادها أن "تجربة الحياة في غزّة أصعب من الموت .." لسان حالهم يردد ما كتبه المهلبي ساخراً :

"ألا موتٌ يباعُ فأشتريه
فهذا العيش ما لا خير فيـه ..
ألا موتٌ لذيذ الطعم يأتي
يخلصني من العيش الكريـه ..
إذا أبصرت قبراً من بعيد
وددت أنني مما يليـه .."

#أكرم_الصوراني (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل