وطنٌ أم مبغى ..؟

أكرم الصوراني

الحوار المتمدن-العدد: 2786 - 2009 / 10 / 1 - 14:19
المحور: القضية الفلسطينية
    

وطنٌ أكبـر ، ما عاد قائماً كما زاوية مثلث فيثاغورس اليونانيّ ، بات أصغر من مربع طول نصف قطـر .. أقزامٌ تتكاثر وطحالب حاكمة ، بغـدادُ كانت كعبةً للخلود ، باتت جحراً لفئران المرحلة .. جرذانُ خليجٍ أسود على رمالٍ شائكة ، صحراءٌ كبرى بحجم الجوع العربي وشيخٌ نفطيّ لا يعرف معنى الوطن .. شعوبُ المنطقة العربية رخوة ، متدلّية ، تذكرني بفحولة جدّي السالبة حينما كانت تقوم بوظيفة فسيولوجية واحدة ..!
إخواني وأخواتي السادة والـ سادات ، مباركٌ عليكم توريث مصر بـ جمالٍ باهت وخصخصةٍ للهرم الأكبر .. ملكٌ انجليزي يحكم عرباً بالوراثة ، وآخرٌ بطول زرافة ، يحكم بفحص الـ DNA ، حافظٌ لأسوأ معاني "ديمقراطية" الديكتاتور الأكبر ، بات الوطن عقاراً طائفياً يقبل التسجيل في طابو العشائر والعائلات الحاكمة ..
أنباءٌ عن وطنٍ بديـل لمشردي 48 وملحق 67 ، شعبُ أرقام ، يستقبل مكالماته على هاتف بـ رقم قرارات شرعية العولمة 194 338 242 181 وخط الحرارة الدولية مقطوع .. فلسطينيٌ محاصر يطالب بـ BONUS حياة ، تعويضاً عن موتٍ مبكـر ..
كائناتٌ حية تحكمها بكتيريا ماضوية من تحت العباءة والدشداش ، وميتٌ من القبر يزورنا كل عام ، جرعة هزيمة تساوي وزن خيبات آخر أمّة أخرجت للناس ..! فنجان ديمقراطية سادة ، "مناضلٌ" سابق في قطر يصرح عبر الجزيرة من الغرفة رقم 48 ، صنّاعُ حياةٍ بأجرٍ مدفوع ، وفقيهٌ حمدانيّ يقرض العقول لحساب السلطان خليفـه .. تطبيعٌ اختياريّ ، DCO ، تنسيقٌ أمني ، وهدنة بعمر النكبة ، لقاءاتٌ ثلاثية بأوهام خماسية ، وشبكة مصالحٍ خاصة ، والحياة مفاوضات عبثية .. حسمٌ وخصم ورسمٌ على خارطة الكرة الأرضية ، دولةٌ عظمى تدعى "جمهورية غزّة" مساحتها بطول عذاب الضفة ، وبعرض الله تتوحدوا .. صرخ أبو صالح من داخل المخيم ..
سفارةٌ في العمارة ، وقريباً قنصلية لـ"إسرائيل" بجوار مكّة ، هبّةٌ "جماهيرية" ومسيراتٌ غاضبة احتجاجاً على هدم الأقصى ، وفي المساء أمسية رمضانية لمن سيربح المليون ..!
نفطٌ أمريكيّ من أصلٍ عربيّ ، جلسةُ عشاءٍ فاخرة في حضرة مؤتمر الأديان ، مبايعةٌ لـ شبح إنسان يدعى عبد الله السعودي بمناسبة تغيير لون صبغة لحيته "الوطنية" في عيد ميلاده الخامس والثمانين ..! وطن آلاتٍ متخلفة تعزف لحناً أمريكياً على نهر الخليج بموسيقى آل سعود وآل ثاني ، وآل صُبَاح ، وآل مكتوم وآل معجون بطعم قابوس صلالة ...

وزراءٌ لتوريد الغاز المصريّ عبر خط البحرين-Tel Aviv ، والرياض على طريق امدادات الإغاثة عبر أنبـوب واشنطن لإعمار غـزّة ... فيزا لمشيخة الإمارات ، مظاهرةٌ بـ دبي احتجاجـا على Design نوكيـا 2010 وتقليص حجم البيتزا في مطاعم ماكدونالز ، الكويت تطالب أهل البيت تقنين استهلاك الكاتشب الحار حفاظا على "مؤخرة" القواعد الأمريكية بالخليـج ، وزيرٌ مغربيّ يحمل جنسية إسرائيلية بأمرٍ من صاحب السمو الملكي ..!
ولايةُ فقيه وعمامةٌ سوداء ، صدرٌ وفخد ودجاجة متديّنـة ، رئيسٌ إيرانيّ يدعم صمود فلسطين من داخل المنطقة الخضراء ببغداد تحت حراسة الـCIA ..!
سيفٌ بـ ليبيا يتعلم فنّ التهريج على حبلٍ قذافيّ لمواصلة مسيرة الفاتح ، وما أكثر المفتوحيـن .. هذا زمن الانفتاح ، طغاةٌ وبغاة ، طالباني على مالكي ، يمينيٌ من أصل يساريّ قديم بحجم أمينٍ عام يقبض بالدولار .. صفقاتٌ على صفقات ، نعامة على طاووس ، استثمارٌ ودماءٌ على الأسفلت وسقوطٌ في بئر سبع .. شهيدٌ يحمل أبناؤه جنسية الفقراء بدون PROPOSAL في انتظار كوبونة الوكالة ، مع أنيميا ولوكيميا في بقايا الثورة ، وذبابة على أنفٍ مكسور .. أخبارٌ بالمايونيز ، بيانٌ للأحزاب الثورية جاء فيه : أنَّ صعوبة تاريخية وملوخية في تعزيز العلاقات العربية الاسرائيلية تعرقل إنضاج العقل العربي في سياق التحشيش الفكري ضد الامبريالية العالمية والتوجهات البراغماتية لبرتلة البورجوازية الوطنية وتحالف قوى الشعب مع الكومبرادورية الطفيلية وبنيتها التحتية للنفق على طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة مع كامل الشراب الوطني في صحة المناضلين ..!
في الشعر قالوا بلادي وإن جارت عليّ عزيزةٌ .. وعزيزة امرأة بسيطة ترعى الغنم ، تعجن خبز الطابون بخميرة شعبية ، لا تعرف مقر الاتحاد العام للمرأة ، ولا عطور باريس ، كما لا تعرف سها ومها ونها نشطاء "شبكة" الـNGO S في الدفاع عن حق المرأة بإرضاع المجتمع المدني وارفاده بـ أثداء "نخبوية" ناضجة ، وهي قطعاً لا تعرف الشيخة موزة ولا حتى "ماما" سوزان ..؟
يا أبنـاء الصمت القاتل ، اسكبوا الحبر الأسود على وجوهكم حداداً على هذي الأمّة .. مظفـر في زمنٍ قال : "هذا وطنٌ أم مبغى ..؟" ، أخبرنا عن درسٍ في التّاريخِ بلون الفحم الحجري .. أنَّ "هذي الأمة لابد لها أن تأخذ درساً في التخريب .." .

#أكرم_الصوراني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل