أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إدريس ولد القابلة - مشروع ميزانية 2010 إجراءات تُنبئ بمزيد من الاحتقان الاجتماعي















المزيد.....

مشروع ميزانية 2010 إجراءات تُنبئ بمزيد من الاحتقان الاجتماعي


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 2854 - 2009 / 12 / 10 - 02:13
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


بمجرد الكشف عن فحواه تعرض مشروع ميزانية 2010 للانتقاد الشديد من طرف الفرقاء السياسيين وكذا الاقتصاديين والرأي العام بصفة عامة، على اعتبار أن هيكلته ومستجداته لن تقوى على التصدي لتداعيات وانعكاسات الأزمة، كما أن من شأن بعض إجراءاته المساهمة في المزيد من الاحتقان الاجتماعي مادام هناك شبه إجماع أنه سيولد للوهلة الأولى ارتفاعا في الأسعار.
لا يمكن نفي أن بلادنا تمكنت خلال السنوات الأخيرة من تحقيق بعض النتائج الإيجابية على الصعيد الماكرو ـ اقتصادي، لكن على حساب التوازنات، إذ لم يكن من الممكن تحقيقها إلا بخلق اختلالات متصاعدة، سيما في المبادلات الخارجية جراء الفقدان المطرد للتنافسية. فهل سيتدارك مشروع ميزانية 2010 هذا الانزلاق؟
وكالعادة تم الاعتماد على "الوصفة الجاهزة" التي يمكنها أن تعفي الحكومة من تبعات اختياراتها، وذلك بإعادة إدماج اللازمة القائلة :"تظل كل مقتضيات مشروع ميزانية 2010 رهينة بتقلبات أسعار النفط والمحروقات على الصعيد العالمي".

كيف فكرت الحكومة في تنمية الموارد؟

رغم أن حكومة عباس الفاسي اجتهدت في بلورة مجموعة من التدابير الرامية إلى تحسين الموارد، لكن هذه الأخيرة ستتراجع عموما سنة 2010 بما نسبته 11 بالمائة تقريبا. وذلك بفعل التقهقر المسجل في موارد الضريبة على الدخل (25.2 مليار درهم سنة 2010 مقابل 28.9 مليار درهم سنة 2009، أي بانخفاض بلغت نسبته 13.10 بالمائة). وعلى نفس الدرب ستسير الضريبة على الشركات التي ستسجل تراجعا بنسبة 8.43 بالمائة، وكذلك الأمر بالنسبة للرسوم الجمركية بتراجع تصل نسبته إلى 10.85 بالمائة.
قد يبدو أن الحكومة كابدت للرفع من مستوى مواردها المالية بعض الفشل الذي مُنيت به خلال هذه السنة (2009) في هذا المجال، سيما بخصوص موارد الضريبة على القيمة المضافة ورسوم المشروبات الكحولية والمنتوجات البترولية. لكن منطق رفع الموارد الذي اعتمدته الدولة في إعداد مشروع ميزانية 2010 لا ترتكز مصادر تمويله على الدورة الاقتصادية وآلياتها (خصوصا الإنتاجية منها)، وإنما على سبل، أقل ما يمكن القول عنها، إنها تساهم في تعميق مستوى عجز الميزانية. بمعنى أن زيادة الموارد المخصصة لميزانيات الاستثمار القطاعية لم تكن ناتجة عن "ثروات أو مداخيل مضافة" أفرزتها المنظومة الاقتصادية الوطنية، وإنما هي، في جزء كبير منها، مجرد ديون ستزيد من إثقال كاهل الميزانية العامة وترهن مستقبل البلاد لسنوات أخرى!
كما أن مشروع ميزانية 2010 أقر بنهاية مرحلة إعفاء صناديق التقاعد من الرسوم الجاري بها العمل، فابتداءا من يناير القادم ستحرم صناديق التقاعد والشركات التعاونية ووكالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومؤسسات القروض وعمليات عقود تبادل العقارات الفلاحية الواقعة خارج المدار الحضري من كل التسهيلات والإعفاءات الجبائية.
وأقر أيضا مشروع ميزانية 2010 بإلغاء كل الإعفاءات المرتبطة بميناء طنجة الذي تحول إلى ميناء ترفيهي بعد إنجاز الميناء المتوسطي.
إذا كانت القاعدة الرئيسية هي اعتماد نهج السماح بعجز الميزانية، فإن الحكومة سعت أيضا إلى محاولة التخفيف من هذا العجز بواسطة تنمية موارد بعض الضرائب والرسوم، سيما الرسوم غير المباشرة المرتبطة بالاستهلاك. ومنها تلك المطبقة على المشروبات الكحولية والتبغ. إذ ارتفعت الرسوم المطبقة ورسوم الخمر العادي ("الروج") من 260 درهم إلى 390 درهما للهيكتولتر، ورفعت رسوم الخمور الأخرى (غير العادية) من 300 إلى 450 درهما للهيكتولتر. أما رسوم الخمور الراقية، فقد تضاعفت مرتين، إذ أصبحت 600 درهم عوض 300 درهم للهيكتولتر، في حين عرفت رسوم المشروبات الروحية الراقية ارتفاعا ملحوظا، من 7000 إلى 10500 درهم للهيكتولتر.
ولا محالة أن حزب "المصباح" سيرتاح لهذه الإجراءات الأخيرة التي ما فتئ ينادي بها منذ السنة الماضية. أما المشروبات غير الكحولية "المشروبات الطاقية" فارتفعت رسومها من 20 إلى 150 درهما للهيكتولتر.

موارد أخرى


بقيت الحكومة على وعدها بخصوص الضريبة على الدخل، إذ اعتمدت تخفيضا، لكنه طفيف، وذلك برفع شريحة الأجور المعفية من هذه الضريبة من 28000 درهم إلى 30000 درهم سنويا (انظر الجدول). كما اعتمد مشروع ميزانية 2010 تخفيف الثقل الضريبي من 20 إلى 18 بالمائة بخصوص الأبناك العاملة في مناطق "أوفشور" وموظفيها ومستخدمي الشركات في تلك المناطق.
أما فيما يخص الخوصصة، فقد قدّر مشروع ميزانية 2010 مداخيلها بـ 4 ملايير درهم. علما أن وزارة المالية سبق لها أن راهنت على 3 مليار درهم هذه السنة (2009) كموارد ناتجة عن عمليات الخوصصة دون أن تجني ولو سنتيما واحدا في نهاية المطاف.
وحدد المشروع مساهمات المؤسسات العمومية وشبه العمومية في الميزانية العامة، كما يلي:
- بنك المغرب 2.475 مليار درهم
- وكالة المحافظة العقارية 1.8 مليار درهم
- المكتب الشريف للفوسفاط 1 مليار درهم
- صندوق الإيداع والتدبير 600 مليون درهم
- مردود مساهمة الدولة (اتصالات المغرب) 2.2 مليار درهم
- الشركة الوطنية للنقل واللوجيستيك 40 مليون درهم


كتلة الأجور ومناصب الشغل الجديدة

تعتزم الدولة برسم مشروع ميزانية 2010 خلق 21450 منصب شغل جديد، موزعة كالتالي:
- وزارة التربية الوطنية 8600
- وزارة الداخلية 8000
- وزارة الصحة 2000
- وزارة العدل 1000
- مندوبية السجون وإعادة الإدماج 1000
- وزارة المالية 450
- وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية 120
وتتقاسم الوزارات الأخرى الباقي، هذا علاوة على 4000 منصب لترسيم المؤقتين.
أما فيما يخص كتلة الأجور فقد تساءل الكثير من المتتبعين الاقتصاديين عن المفارقة القائمة بين تصاعد كتلة الأجور رغم عمليات المغادرة الطوعية التي أحدثت أساسا للتخفيف من ثقل هذه الكتلة على الميزانية العامة.
في سنة 2010 ستناهز كتلة الأجور 80.53 مليار مقابل 76.5 مليار درهم (2009)، أي بارتفاع نسبته 5.3 بالمائة، علما أن الميزانية العامة الإجمالية ستعرف تراجعا بنسبة 10 بالمائة (135 مليار درهم سنة 2010 مقابل 150 مليار درهم سنة 2009).

الاستثمار ودور المحرك

يبدو أن الحكومة تراهن في إطار مشروع ميزانية 2010 الذي صادقت عليه الخميس الماضي على الاستثمار العمومي، لدرجة أنه قد يظهر بمثابة "خاتم سليمان" لوّح به فريق عباس الفاسي، إذ يُؤمل أن تلعب ميزانيات الاستثمارات القطاعية دور المحرك الذي طالما انتظره الاقتصاد الوطني.
ويتوقع مشروع ميزانية 2010 استثمارات عمومية تناهز 160 مليار درهم بتسجيل زيادة بنسبة 20 بالمائة مقارنة بمستوى استثمارات سنة 2009، وبالتالي، سيظل الاستثمار العمومي أحد أهم محركات النمو، كما قيل خلال السنوات الأخيرة. و110 مليار درهم من هذه الاستثمارات ستخصص لصندوق الحسن الثاني.

الديون


ما زالت الديون تثقل الميزانية العامة، ويقرّ مشروع ميزانية 2010 أن خدمة الدين ستُقدّر بـ 38.4 مليار درهم مقابل 54.7 مليار درهم سنة 2009، أي بانخفاض نسبته 33.53 بالمائة.
أما مصاريف الدين الداخلي، فقد قُدرّت بـ 31.4 مليار درهم، في حين إن الدين الخارجي سيغترف 7 مليارات درهم من الخزينة العامة خلال سنة 2010.

على سبيل الختم


حسب أكثر من محلل اقتصادي، إن مشروع ميزانية 2010 يُستشّف من انعكاساته المباشرة الأولى، ارتفاع الأسعار، وهو ما من شأنه المساهمة في توسيع دوائر الاحتجاج بفعل الواقع المتردي لأوسع ساكنة في المغرب.
إن مشروع ميزانية 2010 لا يختلف عن سابقيه من حيث الجوهر والمبتغى، إذ لا زالت تؤطره جملة من المحددات، أهمها:
- ترسيخ اتجاه تركيز وتمرير الثروات الوطنية بين يدي فئة قليلة تتحكم في مراكز السلطة السياسية، وأغلبها مرتبط بمواقع النفوذ والقرب من البلاط المتصرفة في مختلف الامتيازات الاحتكارية في مجال الخدمات والمضاربات المربحة والقطاعات.
- استمرار الاقتصاد الوطني مرتعا خصبا لمنظومة ودواليب الريع والزبونية والمحسوبية.
وبالرجوع إلى الوراء، فقد عرفت بلادنا مع بداية تسعينيات القرن الماضي دينامية غذاها عقد آمال كبيرة لدى أوسع الفئات في تغيير فعلي، غير أن المؤشرات، إن على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، أفادت عكس ذلك.
كما أنه اعتبارا للتدخل بين "السياسي" و"الاقتصادي"، اتضح بجلاء أن هناك تكريسا لمباركة استفادة المسؤولين من مواقعهم السياسية لمراكمة الثروات، وهذا في ظل تحكم الدولة في كل القطاعات الاقتصادية ووجود فئات واسعة من الشعب المغربي ترزح تحت ظروف عيش صعبة تتردى مع مرور الوقت، مما يهدد العلاقة بين مختلف الفئات الاجتماعية.
مثل هذه الأوضاع عاشتها بلادنا آنذاك، وأدت إلى احتقان اجتماعي أدى إلى بعض التمظهرات التي لم تحمد عقباها. وما أشبه واقع الحال اليوم بواقع الحال وقتئذ.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا أحزاب المغرب اتحدي أو انتحري
- لماذا الزج بشحتان في السجن؟!
- تقرير التنمية البشرية يعري عن عجز الحكومة وفشلها
- الحكومة تراهن على الخوصصة سنة 2010
- هل هي بداية طي صفحة الماضي -الاقتصادي والاجتماعي-؟
- -التامك- كان محميا من طرف -الديستي- و-لادجيد-
- مولاي أحمد العلوي عين الملك الحسن الثاني في كل مكان
- تضحية على سبيل التجربة ليس إلا
- محاكمة ثلاثة صحافيين من جريدة -المشعل- بتهمة نشر خبر زائف وا ...
- هل فعلا يعيش المغرب خطر المؤامرات الخارجية الأجانب؟
- اليخلوفي، الديب، النيني والشريف بين الويدان جيلان من بارونات ...
- -الله يكون في عون وزارة الصحة-
- المغرب – الجزائر :أمريكا، روسيا وفرنسا تشعل سباق التسلح بالم ...
- -ميشيل- الحريزي لغز اغتيال رفيق المهدي بنبركة
- هل هناك فعلا ما يدعو إلى القلق؟
- -المحتل المغتصب يجب أن يعاقب وليس أن يُجارى بالتطبيع معه-
- كل المؤسسات تأخذ أحيانا بحرفية الخطاب الملكي ولا تجرؤ على ال ...
- هل ينجح المغرب في امتحان إصلاح القضاء الذي يرسب فيه دائما؟
- حرية العقيدة و التخبط المفاهيمي : في الحاجة إلى العلمانية
- عشر سنوات من -العهد الجديد-: الحصيلة و الآفاق


المزيد.....




- خلافا للدولار واليوان.. انخفاض حصة اليورو في المدفوعات الدول ...
- فايننشال تايمز: صادرات نفط إيران عند أعلى مستوى في 6 سنوات ر ...
- زاخاروفا: إنهم يقوضون أقدس مقدسات اقتصاد السوق
- السعودية أولا.. النقد الدولي يصنف أعلى الاقتصادات العربية نم ...
- مصر على موعد وشيك مع 30 مليار دولار
- دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية
- صندوق النقد: موسم الانتخابات يهدد الديون الحكومية بالعالم
- -مصدر- الإماراتية تكشف عن مشاريعها للهيدروجين الأخضر في مصر ...
- مصر.. عرض سعودي مغر للاستحواذ على أرض قرب تيران وصنافير
- زيارة مفاجئة لنائب المستشار الألماني إلى أوكرانيا رفقة وفد ا ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إدريس ولد القابلة - مشروع ميزانية 2010 إجراءات تُنبئ بمزيد من الاحتقان الاجتماعي