أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - إدريس ولد القابلة - هل فعلا يعيش المغرب خطر المؤامرات الخارجية الأجانب؟















المزيد.....


هل فعلا يعيش المغرب خطر المؤامرات الخارجية الأجانب؟


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 2793 - 2009 / 10 / 8 - 04:02
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


كلما طرأ مشكل أو حدثت أزمة إلا وتم ربط الأمر بجهات خارجية أو أياد أجنبية مناوئة بمساعدة عملاء من أبناء البلد سعيا وراء النيل من الاستقرار الذي تنعم به بلادنا. هذا، إلى حد اعتبار كل المشاكل والمصاعب التي ألمت بنا سببها الرئيسي "الخارج" وتواطؤ بعض المغاربة مع جهات معادية للمغرب.
يعتبر أصحاب نظرية المؤامرات، المحاكة ضدنا على الدوام، أن جهات خارجية، معادية للمغرب ونظامه الملكي، عملت مؤخرا كل ما في وسعها للتشويش على المنجزات المهمة المحققة، في ظل العهد الجديد، وذلك في مختلف الميادين والمجالات على درب بناء مغرب جديد، مغرب يتسع فيه المجال لكل أبنائه.

هل نحن مستهدفون؟

يبدو أن هناك حقيقة أضحت قائمة لا يمكن نكرانها، وهي أن أغلب النوازل والأحداث والوقائع التي تم الارتكاز عليها، للترويج لفكرة استهداف المغرب من طرف مؤامرات خارجية ولوجود عملاء جهات أجنبية مجندين بين ظهرانينا لإنجاز مخططاتها المبيتة، هي من صنع مجموعات "مهجرية" دون تأثير بيّن في النسيج المجتمعي، علما أن البلد ذي السيادة الكاملة غير المنقوصة، المتوفر على دولة تحترم مواطنيها وترعى مصالحهم وتصون حقوقهم، لا يمكن أن تزحزح استقراره حفنة من المحسوبين على حركات "مالي" أو "كيف كيف" أو رافعو أعلام "الجمهورية الصحراوية" بين حين وآخر بالأقاليم الجنوبية أو "الداعون" لتقرير المصير أو الانفصال" أو "مستغلو بعض انتهاكات حقوق الإنسان بالجنوب والشمال"، كما أنها لا تستدعي الترويج، بشكل ملفت للنظر، لوجود مؤامرات خارجية ضد المغرب، تستوجب تجنيد الشعب المغربي عن بكرة أبيه.

لقد تعاطت جهات عديدة، رسمية وغير رسمية، إلى منطق المؤامرة مع مجموعة من الأحداث والنوازل خلال السنتين الأخيرتين. كثيرة هي الوقائع التي أدت إلى اعتماد منطق المؤامرة كأيسر السبل لتفسير وقوعها. ومنها النوازل التي اعتبرت محاولات للإساءة إلى بعض الثوابت الوطنية المقدسة، كاستطلاع الرأي المتعلق بالملك وبالأسرة الملكية والبلاط، والذي كانت وراءه صحيفة أجنبية بمعية جريدة وطنية، ومحاولات تكسير جملة من الطابوهات لتبرير الإجهاز على ما يعتبره البعض من القيم المغربية الأصيلة المشكلة لعماد التماسك الاجتماعي للأمة، وكذلك تداعيات حركة الشواذ الجنسيين والمثليين، وما سمي أيضا بدعم الإباحية والترويج لها مرورا بحركة "مالي" وصولا إلى الإنزلاقات المرتبطة بقضية الوحدة الترابية والتحركات التي تستهدف العقيدة والمذهب المالكي، ناهيك عن النيل من مؤسسة إمارة المؤمنين.

عديدة هي الآراء والتصريحات التي اعتبرت أن حركة "مالي" (إفطار رمضان في واضحة النهار وأمام الملأ) المطالبة بإلغاء الفصل (222) من القانون الجنائي المتعلق فحواه بجهر الإفطار في شهر الصيام، هي صنيعة تَدَخُّل خارجي تحرك خيوطه أياد أجنبية عن بعد، مستهدفة النيل من الاستقرار الذي تعيشه بلادنا بغية إحداث الفتنة والبلبلة.

وكانت نازلة الإعلان عن وعكة الملك محمد السادس، مناسبة سانحة لبروز منطق المؤامرة بقوة، رغم أنها كانت سابقة محمودة استحسنها الجميع وثمنوها، إذ نظر إليها أنها تتوخى احترام الرأي العام الوطني وتسعى لتكريس الشفافية لقطع الطريق على الإشاعات والتأويلات. وقد ذهب مروجو منطق المؤامرات الخارجية إلى القول بأن عملاء جهات أجنبية هرولوا لاستغلال الفرصة للنيل من المغرب واستقراره، بغية إجهاض مسار بلادنا نحو الديمقراطية؟
وقد ذهبت بعض الأصوات إلى أن عملاء مغاربة لجهات خارجية، أصبحوا يستغلون هامش حرية الإعلام المتاح لتصريف مخططات أجنبية عدائية للمغرب وملكه وشعبه وهويته وبالتالي عقيدته بغية تفجير قيمه الهوياتية.

ولم يُستبعد المجال الديني من منطق المؤامرة وثقافة التآمر، إذ كثيرة هي الجهات التي اعتبرت، ومازالت تعتبر بلادنا مستهدفة من طرف مؤامرات خارجية، تتقمص عدة تمظهرات، بينها الدعوة إلى هدم "الدولة ـ الأمة" تحت غطاء شعارات "استعادة مجد دار الإسلام والخلافة الرشيدة"، أو شعار "الإسلام هو الحل لكل المشاكل والمعضلات". وعلى نفس الدرب سار مريدو بعض المذاهب من شيعة ووهابية وبهائية، عملاء وخدام جهات أجنبية تسعى سعيا حثيثا لتعويض مقومات المذهب المالكي وإمارة المؤمنين المعتمد من طرف المغاربة منذ قرون، والمتعايش مع العقيدة الأشعرية والمحترم أيضا للصوفية.

وكذلك الأمر بخصوص تصنيف جملة من مكونات الحركة الأمازيغية ببلادنا والدعوة إلى التنصير والتبشير وحرية الاعتقاد. وبنفس منطق المؤامرة تعاطت جهات كثيرة مع مجموعة من الأحداث والوقائع المرتبطة بملف الوحدة الترابية، إذ ظلت تعتبر الداعين إلى الانفصال مجرد مدفوعين ومشحونين من طرف جهات خارجية.

في حين ذهب نزر قليل من المحللين إلى اعتبار السياسيين ومسؤولي الدولة قد ركبوا على مجموعة من الأحداث بفعل تدخل أياد أجنبية ظلت تسعى إلى عرقلة مسار بلادنا، الشيء الذي ساهم بدرجة كبيرة في تقليص النتائج المحققة.

وانطلاقا من منطق المؤامرة وثقافة التآمر، يمكن "استباحة" العنف الدولتي "المشروع" لمواجهة هذا الخطر (المؤامرات على هوية المغرب ومقدساته) وبتجميع كل الوقائع التي قيل إنها بفعل أياد خارجية ستبدو كمسلسل مدروس ضمن استراتيجية تعتمد تاكتيكات متباينة حسب الظرفية. وقد أضحى من المعروف الآن، كلما برز حدث غريب عن المجتمع المغربي أو مستجد لا سابق لنا به، إلا وتم التصدي له على أساس أنه من تدبير جهات خارجية، فتندفع أصوات تنادي بالويل والثبور وعظائم الأمور لعملائهما ببلادنا في هذا الميدان أو ذاك.

كثيرة هي تصريحات مسؤولين وفاعلين سياسيين ـ سواء من رجالات الدولة أو خارجها ـ التي ذهبت إلى القول:"إن هذه الواقعة أو تلك، أو هذا التحرك أو ذاك، كان بفعل أياد أجنبية ترعى وتدعم الواقفين وراءه بالمغرب".

لقد أكد محمد الشيخ بيد الله، الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة" أكثر من مرة أن هناك إحساسا قويا بأن جهات مختلفة، خارجية وداخلية، تتربص ببلادنا، متصيدة الفرص للتشويش على مسيرته وزرع الشك والريبة في دواليب مجتمعنا ولو عن طريق عمليات هجينة، سيما بواسطة أقلام مازالت تحن إلى عهد المقيمين العامين الفرنسيين "ليوطي" و"جوان" وغيرهما...
ولعل الرأي القائل إن هناك تحديات ومؤامرات، بعضها حقيقي وأكثرها قد يكون مجرد وهم أو اختلاق، لغرض في نفس يعقوب، هو مجرد تبرير لنهج فاشل للأمور ببلادنا ولشرعنة بعض التجاوزات والانتهاكات.
فإذا كانت حفنة من "وكالين رمضان" وفئة قليلة لا تكاد تبين، من معتنقي المسيحية أو البهائية أو مجموعة من الداعين للوهابية من شأنها أن تزعزع استقرار البلاد، فإن الأمر يزداد خطورة، لأن القضية والحالة هذه، ليست مرتبطة بمؤامرات خارجية أو استهداف جهات أجنبية بالنسبة لمسار بلادنا، وإنما هي مرتبطة أساسا بأسباب بنيوية داخلية وباختلالات تكمن فينا وفي مجتمعنا، تجعل بعض الأحداث الهامشية أو محدودة الانتشار تبدو ذات تأثير ظرفي في مسار البلاد. وإذا كنا فعلا نتعرض لمؤامرات خارجية ومخططات أجنبية عدائية، فليس بشرعنة القمع والتنكيل، بعد تضخيم الحدث، يمكن مواجهة هذه المؤامرات. إن عقلية المؤامرة لا تهزم المؤامرة وإنما تخدمها، إذ لا يمكن تبرير تضييق هامش الحريات أو الحرمان من الحقوق بدعوى وجود مؤامرات، سواء حقيقية كانت أو وهمية، بالأسلوب الناجع.

ويرى البعض أن فؤاد عالي الهمة، أسس مشروعه الرامي إلى الاستحواذ على الركح السياسي انطلاقا من منطق المؤامرة وثقافة التآمر لما دأب على الدعوة إلى ضرورة الدفاع عما أسماه "تامغربيت" المستوعبة للقيم الكونية والإرث المشترك للإنسانية من أجل التصدي لجميع المؤامرات الخارجية التي تستهدف المغرب.

كما أن هناك أكثر من جهة ترى أن التوظيف غير النزيه لموضوع حقوق الإنسان، سيما بالأقاليم الصحراوية، ينم عن وجود مؤامرات خارجية تستهدف بلادنا، قس على ذلك التسييس المغرض لمجموعة من المحاكمات التي يرى المسؤولون أنها تدخل في نطاق قضايا الحق العام، لكن جهات أجنبية تستغلها سياسيا لاستنفار جهات دولية، قصد معاداة المغرب بخصوص قضية وحدته الترابية.

نظرية المؤامرة والرد عليها

تظهر نظرية المؤامرة عندنا بأشكال مختلفة ومتباينة كلما اشتدت أزمة ما أو انفجر مشكل أو انكشف أمر خطير جراء فساد أو سوء تدبير وتقدير، أو طفت على السطح انتقادات لاذعة غير مسبوقة أو برزت ظاهرة جديدة لم يسبق أن عاينتها بلادنا بنفس الزخم والحدة، أو تمت المطالبة بحق أو إجراء غير معهود عندنا. وغالبا ما تركب نظرية المؤامرة على أشخاص وعلى خلفياتهم الثقافية أو السياسية أو العقدية من أجل الترويج لكذبة مخطط خارجي يستهدف المغرب.

لكن، هل هناك فعلا مؤامرات خارجية تستهدف بلادنا؟ لن يكون من السهل الإجابة قطعيا على هذا السؤال، لكن ما يثير الشبهة والاستغراب هو أن كل من يشكك في انجازات القائمين على الأمور، غالبا ما يتهمونه بالمتآمر والعميل لصالح جهات خارجية. إن اليساريين أنفسهم يتعاملون أحيانا كثيرة بنظرية المؤامرة، إذ يعتبرون أن الواقع المزري الذي تعيشه بلادنا سببه تآمر قوى خارجية وداخلية على الشعب، وتحديدا قوى الهيمنة الأمريكية، سواء كانت سياسية أو عسكرية أو اقتصادية أو ثقافية. ويعتبر البعض أن هذه التخريجة اجترار للفكرة القائلة إن الاستعمارين الفرنسي والاسباني قد تآمرا مع فئة قليلة من القائمين على أمور البلاد لضمان استمرار نفوذهما بالمنطقة، قصد إبعاد الشعب عن المشاركة في تدبير شؤون البلاد.

كما ذهب البعض الآخر إلى تفسير ما يحدث أحيانا من مستجدات أو ظواهر غير مرغوب فيها، بوجود مؤامرات خارجية، هو اعتماد مقاربة أمنية يسكنها الهاجس الأمني، وبالتالي محاولة البحث عن تبريرات لاستمرارها كضرورة لا مندوحة عنها، وليس هناك أحسن من التهديدات الخارجية، وهذا ما أثبته التاريخ في أكثر من مناسبة وحالة. وحسب أصحاب هذا الرأي، فإن ما يهدد المغرب فعلا، ليست المؤامرات الخارجية، وإنما الاختلالات البنيوية الداخلية الناتجة عن سوء توزيع الثروات واستمرار اقتصاد الريع والامتيازات وتخريب القطاع العمومي، مما يؤجج الرغبة الجامحة لدى عدد كبير من الشباب قصد الإفلات، بأي ثمن من رقعة "الوطن" الذي لا يضمن لهم مكانا تحت شمسه.

فإذا كان الجميع يعرف أن نبتة الروح الوطنية طيبة، فإننا مع الأسف الشديد، لا زلنا نفتقر إلى كثير من الشروط الملائمة لحمايتها ورعايتها، وهذا أمر لا علاقة له بأية مؤامرة خارجية أو مخططات أجنبية قد تستهدف بلادنا.

يقول أخصائيو علم الاجتماع السياسي، إن نظرية المؤامرة تدور حول فكرة محاولة شرح سبب حدث أو واقعة على أنها أسرار محال أمرها على عصبة متآمرة تدير الخيوط وراء الكواليس عن بعد، وحكاية المؤامرة من شأنها تفسير كل شيء وطمس المسؤولية أو التغطية على الفشل. وغالبا ما تحجب نظرية المؤامرة رؤية الواقع كما هو، وبذلك تحول دون تحليل العوامل الداخلية الموضوعية، السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، الكامنة وراء هذا الحدث أو ذاك، كما أنها تجنب القائمين على الأمور والمسؤولين تحمل الأخطاء والنواقص.

أما علماء الاجتماع فيرون أن كل جديد لم يعهده الناس أو كل ما يخالف ما اعتادوا عليه، يصفونه بالدخيل أو يردونه إلى نظرية المؤامرة، أي وجود متآمرين يستهدفون أمن البلاد ومصالح الدولة، يحيكها الأعداء من الداخل والخارج. فكل ما يحدث، نتيجة اختيارات غير صائبة أو سياسات خاطئة، هو مؤامرة ضد النظام أو الدولة أو الدين أو الهوية...

فنظرية المؤامرة تهمل الأسباب الداخلية وترتكز على الأسباب الخارجية التي تصير السبب الرئيس لكل عوائقنا، سيما بخصوص التعاطي مع قضايا الإرهاب والتنصير والمثليين وحركة "مالي" والنوازل المرتبطة بالإعلام والصحافة دون استبعاد، أن ظاهرة التآمر هي واقع متجدد في ساحة العلاقات الدولية، لذلك فمن شأن نظرية المؤامرة أن تعطل فهم الحقائق على أرض الواقع وتحول دون اختيار الحلول الأجدى والأنسب.

ومهما يكن من أمر، إن أحسن رد على أي تآمر خارجي، هو إنجاز المزيد من مشاريع التنمية واعتماد إصلاحات فعلية تقوي الشعور بالانتماء والإحساس بمجهودات تكريس المواطنة الحقة الحافظة للحقوق والراعية للمصالح والضامنة للكرامة، مهما كانت الظروف؟


عبد الجليل أرام / باحث في العلوم السياسية
النظام السياسي الذي يجعل من نظرية المؤامرة شماعة يعلق عليها فشله، هو نظام ضعيف

يرى عبد الجليل أرام، الباحث في العلوم السياسية بجامعة "محمد الخامس"، بأن المغرب، شأنه شأن العديد من الدول الأخرى، غير مستبعد من خطر الاستهداف الخارجي، كما يشير من خلال تحليله لبعض الظواهر، بأن النظام السياسي الذي يجعل من نظرية المؤامرة شماعة يعلق عيها فشله، هو نظام سياسي ضعيف، لا يحترم نفسه والمجتمع.
ويوضح بهذا الخصوص في الحوار التالي، أن أطروحة المؤامرة، هي من التقنيات السياسية القديمة التي كانت تنهجها الأنظمة غير الديمقراطية، بغرض التنفيس عن أحداث لا تقع بمنتهى العفوية.

-هل يمكن القول إن المغرب مستهدف من طرف جهات خارجية، ولماذا ؟
+ بداية، يخبرنا تاريخ العلاقات الدولية بأنه لا توجد دولة واحدة في العالم غير مستبعدة من خطر الاستهداف، لأن الأمر هنا يتعلق بوجود مستويات للتفاوت بين الدول في العديد من المعطيات، كالموقع الجيو- استراتيجي والمعطيات الديموغرافية والموارد الطبيعية المتوفرة، ناهيك عن نتائج الاصطفاف في ظل الأنظمة العالمية المتقلبة. المغرب مستهدف اليوم، وأظن أن التاريخ الحديث شهد محطات كثيرة كتجلٍّ لهذا الاستهداف، و أن الموقع الاستراتيجي الهام للمغرب والصعوبات التي نتجت عن الحدود التي تركها الاستعماران الفرنسي والاسباني، قد ادخل المغرب في صراع طويل مع جيرانه، حيث اتخذ في بداية الأمر شكل المواجهة العسكرية المباشرة لينتهي إلى الحرب بالوكالة. أضف إلى ذلك أن دائرة الاستهداف أيضا، تتوسع وتتعدد أشكالها في قضية سبتة ومليلية، ثم إن طبيعة انخراط المغرب في بعض الأحلاف الدولية قد يوسع من حوله دائرة الاستهداف، مثلا انخراط المغرب في الحلف الدولي لمحاربة الإرهاب، جعله مستهدفا من طرف الحركات الإرهابية التي تفضل مهاجمة الحلقات الأضعف في هذا التحالف، دون أن ننسى التنوع الإثني والثقافي للمجتمع المغربي وكذا انفتاح هذا المجتمع على الخارج، مما يجر عليه ويلات الاستهداف الثقافي والديني.

- كيف تفسرون بروز أطروحة المؤامرة الخارجية كلما استجد حادث أو ظهرت حركة احتجاجية أو مطلبية ببلادنا؟ ولماذا تعطى الأولوية للعوامل الخارجية لتفسير المصاعب التي تعيشها بلادنا؟
+ هذا اتجاه آخر يعكس مدى الاستغلال السياسوي الضيق لمعضلات الاستهداف الخارجي الناتج عن مكانة الدولة طبيعيا وتموقعها في النظام العالمي والذي تطرقت له في الجواب على سؤالكم الأول؛ في نظري إن النظام السياسي الذي يجعل من نظرية المؤامرة شماعة يعلق عليها فشله، هو نظام سياسي ضعيف لا يحترم نفسه ولا المجتمع، وينهج أسهل الطرق للتخلص من عناء البحث عن الحلول الكفيلة بمعالجة المعضلات السوسيو- سياسية للمجتمع، ثم إن نظرية المؤامرة هي من التقنيات السياسية القديمة التي كانت تنهجها الأنظمة غير الديمقراطية، للتنفيس عن الأزمات الداخلية التي يعيشها النظام وبنياته، ولكن هذا الاعتقاد لا يلغي بشكل تام أن بعض هذه الأحداث لا تقع بمنتهى العفوية، وهنا أطرح سؤالا، هل تمكنت نظريات المؤامرة من الذهنية المغربية؟ وهل من الممكن إدارة اللعبة السياسية، بأدوات وتقنيات قديمة غير صالحة لمجتمع يدفع جاهدا نحو التحديث بمختلف أشكاله؟ أظن انه يجب الاعتراف بأن السياسة يجب أن تُعرف ليس من خلال البحث عن مخارج واهية، وإنما من خلال البحث عن حل المعضلات بشجاعة، بناءا على قاعدة الإصلاحات الهيكلية للتشريع وللمؤسسات، ذلك أن السياسة تستطيع الكشف عن ماهيتها في العمل السياسي، ثم لأن الوسائل الحقيقية لسير الحكم ليست هي التوفر على آليات الإلهاء والإكراه وإنما تكمن في المجتمع، وعلى الجميع بمن فيهم الفاعلون خارج اللعبة السياسية أن يعرفوا " كيف يجدون المجتمع المغربي".

- إذن كيف يتعامل مجتمعنا مع نظرية المؤامرة ومنطق التآمر اللذين يبرزان بجلاء في ظل الأزمات؟
+ الوسائل المتاحة لتمرير نظرية المؤامرة، والتي نقيسها بقوة التعبئة المعتمدة وانخراط الأطراف السياسية والأهلية فيها، تجعل من منطق رفض المؤامرة عديم الفائدة، وتسود في مقابله السذاجة و اللاعلمية. وكثيرا ما اعتمدت نظرية المؤامرة لدى العديد من المغاربة كحل تفسيري سهل لكل ما يعانوه، وهذا المنحى هو ما كلس قدرات التغيير والتجديد لدى المجتمع، ولكن قراءتنا لبعض الأحداث بينت التراجع في تعبيرات المغاربة اتجاه قضايا غلفت بطابع المؤامرة؛ المساحة الزمنية والسياسية الفاصلة بين حدث حرب الرمال مع الجزائر مرورا بالمسيرة الخضراء وحرب الصحراء، والى مسيرة "ما تقيش بلادي"، وقبلها أزمة جزيرة ليلى، بينت أن النظام السياسي يتحكم فيما يفعل، كما يتحكم في درجة التجاوب مع الغطاء الذي منحه لبعض هذه الأحداث، وفي العديد من المحطات لم نكن إزاء نظام سياسي حديث يجعل من المجتمع ومكوناته الحقيقية " المنظم السامي للسياسة " بالمغرب .

- تضاربت الآراء بخصوص حركة "مالي " لكن أغلبها سارت في اتجاه أنها من تدبير جهة خارجية، كيف تقرأون هذا الطرح؟
+ باختصار شديد إن حركة "مالي " أو ما يسمى بـ"الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية"، استخدمت من لدن أطراف خارجية، لجس نبض النظام والشارع المغربي إزاء أي استهداف للمعتقد الديني لدى المغاربة، ولقياس درجة ردة الفعل، وبالتالي معرفة نوع الاصطفاف الذي ستحدثه هذه الواقعة، هذا كل ما في الأمر، كما يجب علينا وفي ظل هذه الأزمة أن نتوقع المزيد من مثل هذه الظواهر.

- نفس الأمر بخصوص النزوات الانفصالية بالأقاليم الجنوبية، هل هي فعلا من تدبير جهات خارجية؟
+ الأمر هنا لا يتعلق" بنزوة" أو "نزوات " ولكن بالنتائج الطبيعية لتدبير ملف الصحراء، وبالمستوى الذي وصله الصراع حول منطقة شمال غرب إفريقيا، وأظن أن النظام قد أخطأ تاريخيا حينما عمد إلى تغليب منطق التسويات الدبلوماسية السهلة على حساب منطق التحرير الذي رفعه جيش التحرير بالمنطقة المذكورة، وأظن أن المغرب مازال يعيش تحت السقف الذي أحدثته "عملية أيكفيون" التصفوية. في الحالة الصحراوية نكون إزاء صراع جيو- استراتيجي مع الجارة الجزائر، حيث انتقلت الحرب لدى "البوليساريو" من عقيدة تحرير إلى عقيدة حرب بالوكالة، وذلك بعد استشهاد الوالي مصطفى السيد، ويقود هذه العقيدة الأخيرة ما بقي من قيادة "البوليساريو" التاريخية، والكل يعلم أن الورقة الليبية في هذا الصراع قد أسقطتها الجزائر التي حولت "البوليساريو" إلى ممثل شرعي وغير وحيد لطموحاتها الجيوستراتيجية بمنطقة شمال غرب إفريقيا. ويفهم من كل هذه التحركات أو "النزوات"- كما جاء في سؤالكم - والواقعة بمنطقة الصراع وعلى تفاوت درجة حرارتها، أنها نتيجة طبيعية لمسار هذا الصراع؛ الأهم في هذا الأمر، أنه خلال هذا الاستهداف الخارجي الذي تعرض له المغرب، يجب أن نقيس حجم التكلفة الاقتصادية والاجتماعية لهذا الملف الناتج عن سباق التسلح، وذلك باحتلال المنظومات الأمنية درجات متقدمة عن قطاعات إستراتيجية أخرى كالتعليم والصحة مثلا، إضافة إلى التكلفة السياسية التي ستضع المنطقة في حالة نشوب حرب، تحت طائلة قانون طوارئ، المعيق لأي تنمية سياسية وحقوقية .

- في اتجاه آخر، هل تعتقدون أيضا أن " حركة التنصير والتبشير" تنشط بالمغرب بفعل أياد أجنبية؟ وبالتالي هل هناك مخططات تستهدف النيل من المجال الديني والمقدسات ببلادنا؟
+ في الحالة المغربية يجب أن نميز بين حالة الاعتراف بالديانات وممارسة شعائرها ضمن الحريات الدينية التي يعترف بها الدستور المغربي، وبين حالة التبشير التي يعاقب عليها التشريع الوضعي والديني، ويبدو أن شبكات التنصير العابرة للقارات، حاولت أن تستفيد من حالات الانفتاح بالمغرب، وبروز هوامش للحريات الشخصية، حيث حاولت أن تجعل منها قاعدة ومنطلقا للتغيير العقائدي الذي لا يتوقع حدوثه بالمرة. وأظن أن ارتفاع درجة الاستهداف العقدي يستفيد جدا من الأزمة المزمنة التي يعيشها المغرب، والتي فرخت أجيالا من الشباب المعطل، الباحث عن أي مظلة بما فيها التعاطي مع شبكات التنصير للخروج والنجاة من الظلم والتمايز الاجتماعيين، فالتنصير هنا يصبح وسيلة في حد ذاته وليس هدفا.







#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليخلوفي، الديب، النيني والشريف بين الويدان جيلان من بارونات ...
- -الله يكون في عون وزارة الصحة-
- المغرب – الجزائر :أمريكا، روسيا وفرنسا تشعل سباق التسلح بالم ...
- -ميشيل- الحريزي لغز اغتيال رفيق المهدي بنبركة
- هل هناك فعلا ما يدعو إلى القلق؟
- -المحتل المغتصب يجب أن يعاقب وليس أن يُجارى بالتطبيع معه-
- كل المؤسسات تأخذ أحيانا بحرفية الخطاب الملكي ولا تجرؤ على ال ...
- هل ينجح المغرب في امتحان إصلاح القضاء الذي يرسب فيه دائما؟
- حرية العقيدة و التخبط المفاهيمي : في الحاجة إلى العلمانية
- عشر سنوات من -العهد الجديد-: الحصيلة و الآفاق
- لازلنا في مرحلة محاربة الأمية العتيقة
- عندما أصبحوا يصعدون إلى المنبر، أصبحت الدروس خاوية على عروشه ...
- خبايا، طرائف وكواليس الدروس الحسنية في عهد الحسن الثاني
- دعم ليبيا ل -لبوليساريو- دون التفريط في العلاقات مع المغرب
- حوار مع علي سالم ولد التامك/ فاعل حقوقي صحراوي
- اقترح عليه الرئيس بومدين رئاسة -الجمهورية الصحراوية- فغادر ا ...
- المغرب في الإعلام الخارجي
- نمو اقتصاد الدول المغاربية لن يتجاوز 4 بالمائة في 2010
- قضاؤنا نقطة سوداء و فشل الحكومة -مستدام-
- لغة سنوات الرصاص


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - إدريس ولد القابلة - هل فعلا يعيش المغرب خطر المؤامرات الخارجية الأجانب؟