ايام في بيروت 1/5

محمود المصلح

الحوار المتمدن-العدد: 2847 - 2009 / 12 / 3 - 12:15
المحور: الادب والفن
    

________________________________________
كحالة حلم شفيف ، تمتد بيروت ، تعانق البحر ، يطوقها بين ذراعيه كعاشق متيم ، وغابات الخضرة تضفي على البحر لونها ، فيتحول عاشقا محبا طائعا ..من الازق الى التركواز ..تحن الشمس على العشاق بيروت والبحر والخضرة ..فتسكب بعض بهائها عليهم .. ويمتد الظل بمودة غريبة ، جنبا الى جنب مع الشمس ، والبحر ..
يا الله ! كيف طوعت بيروت النار والنور العشب والخضرة الماء والبحر ليعزفوا في جوقة واحدة .. وكأنهم على موعد .. يا الله كيف تمتد بيروت بلا بداية وبلا نهاية تعانق الاول دون ان تترك الاخر ..تتمسك بالحياة بكل تفاصيلها .. ترسم صورتها على الشجر والحجر والارض والشجر والبحر تماما كما يرسمها كل شيء في المكان ..بسحر وفن وذوق ملحوظ في كل شيء.
بيروت ..قالوا شرقية وغربية شمالية وجنوبية ..ولكنها بيروت هي هي بكل ما فيها ..تذكرتها ..وعرفتها .. وكانني لم اغادرها كل هذه السنين ..فقط تلاشت رائحة الدم وصوت الصراخ والبكاء .. تلاشت رائحة الجثث المتعفنة .. والدماء المتجلطة على الجدران .. تلاشت من بيروت لتبقى في ذاكرتي وذاكرة من بكوا وناحوا .. ذاكرة من جرحوا ونزفوا .. ذاكرة من شاهد وعرف ..سمع واحس بما يحس به غيره ..
اليوم اعود اليك محملا بوجع قديم .. فندق زوق هوتل هل سيتمكن من غسل الجرح القديم ..
هل ستمحو صورة السفينة في مخيم برج البراجنة وهي تقلع بأخر ملامح الثورة والثوار ..من نافذة الفندق الكبير ..ارى البحر يمتد بعيدا .. ترحل عيني خلف الافق البعيد .. ترسم ملامح السفينة العملاقة وهي ترفع علم بأربعة الوان ..له مثلث احمر ..ترتفع من تحته صرخات .. وتنز من السفينة اهات تجد صداها في الشط الحزين ...
خرجت في المساء الى الروشة .. وحركة المارة توحي بنبظ الحياة الدافق .. والصخرة في البحر كانها ترقب الناس وتشهد عليهم ..صوت الغناء من المرقص المجاور يحتفل بالحياة .. وبائع الكعك يتنظر من يشتري .. وبجانبه بائع القهوة والشاي ....
شباب لم يعرفو من بيروت غير الزوجه الباسم .. والليل الحالم .. يأخذهم المرح ابعد من الشاطىء .. واعمق من البحر .. ارقبهم .. ليتخذ عراقي مقعد مجاور لموقف السيارات يأكل قطة خبز .. وبيده زجاجة ببسي كولا .. ولعه كان يحلم بشاطىء آخر ابعد من شاطىء بيروت .

#محمود_المصلح (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل