|
من يستهدف الصحفيين في العراق ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2843 - 2009 / 11 / 29 - 16:10
المحور:
الصحافة والاعلام
و بعد سقوط اعتى دكتاتورية ، استنشق الاحرار نسيما و رسخت ارضية تمكنهم من التعبير عما يجول في خاطرهم و يؤمنون به وفق ما يعتقدون بانهم يخدمون به بلدهم و يضيئون الطريق امام الشعب ليسلكو باتجاه ما ليخدموا الجميع، و كل حسب قدرته و امكانياته و خلفيته الثقافية الفكرية العقيدية و الايديولوجية فقط ولمدة طويلة، و لم نحس بمن يمكنه ان يطفو الى السطح ويعمل بشكل محايد و مهني و من دون اي دافع عقيدي مجرد وحصري بفئة دون اخرى، الا انه هناك نسبة غير قليلة اصبحت تحت الرماد وكانت تنتظر الفرصة لتثيت مهنيتها و ما يمكنها من دفع العملية السياسية بعيدا عن الخلفيات و المعتقدات الذاتية و الانتمائات الضيقة . كما هو حال كافة المجالات و خاصة الفعالة منها و التي لها الدور الهام في تثبيت ركائز مسيرة البلد و تجسيد ما يترسخ فيه من التمدن و التقدم و اتباع الديموقراطية الحقيقية و الشفافية المطلوبة لنجاحها و التي لم تتحقق الا بوجود الصحافة الحرة النزيهة و الصحفيين المهنيين المتمكنين ، و في ظل الارضية المناسبة لدفعها و اعادة تفعيل و تجديد ذاتها، فحدثت العديد من الخروقات الخطيرة في المسيرة و التي اثرت على التوجهات و الارادات، فان هناك من يتربص بهذه الشريحة المهمة العصرية في هذا البلد الذي يمر بمرحلة متنقلة و حساسة و التي يحتاج فيها لجهود مختلف الفئات و المكونات بما فيهم النخبة المثقفة و في مقدمتهم الصحفيين بالذات . و الايدي التي تطال هؤلاء ليست لمن يحتاج الى رغيف خبز او حالة عائلية ماساوية من اجل انقاذ اطفاله و اهله من العوز و الاحتياج و الاحتيال ، و هو يصارع من اجل البقاء و يرضى بالقليل و لم يمد يده ابدا لهذه الافعال الشنيعة ، و كما هو المعروف في مسيرتهم الطويلة، و ليس لمن يريد تحقيق العدالة الاجتماعية و المساواة و يعمل من اجل نشر الخير و المحبة و التنوير و التمدن و احترام الاخر ، و لا لمن يؤمن بالتعايش السلمي في جو مؤمن بالحرية و السلم و الامان، و ليس لمن يؤمن بالنظام الديموقراطي في ظل فصل السلطات و وجود السلطة الرابعة المؤثرة المراقبة الفعالة على المعنيين، و ليس لمن يهتم بامور المجتمع العامة و بالنظام العلماني و فصل الدين عن الدولة، و لا لمن يريد ضمان مستقبل اجياله و من يريد تامين معيشتهم بالسعادة و الرفاهية. بل هو لمن كان غارقا في التعصب و العنصرية و النرجسية و حب الذات و هو يعيش في اطار مساحة عقليته الضيقة ملغية للاخر و مسقطة له مهما تكلفه الامر، هو من يتشبث بالماضي و بالاحلام التي تلاشت نتيجة السقوط و ما يؤمن بان مجده و عزته زالت و هو غارق في بحر من الايديولوجيا المختلفة و لا يهمه سوى تطبيق ما يعتقد انه الصحيح دون غيره، سوى كانتهذه الاعتقادات دينية او مذهبية او عرقية او سياسية مصلحية بحتة، و لم ير غير ما مرسوم له دون ان يلتفت يمينا او يسارا فيما ينعكف على ما يعمل من اجل تطبيقه من المخططات و الاجندات المختلفة هنا و هناك سوى كانت خارجية او داخلية . الاكثر شيوعا في مثل هذه الظروف المعلومة انه تطال الايدي الى النخبة الخاصة المؤثرة الفعالة المحددة و محدودة العدد ، انه لمن السذاجة ان نتصور بان الفاعل يعي ما يفعل و هو جاهل حتى النخاع ، بل هو ينفذ ما يامره به راعيه و هو من بين الرعية سوى كان يعلم بذلك او يجهل ، و هذه هي الطامة الكبرى، و هو وفيٌ لمن يحقق مصالحه الذاتية فقط، بينما ينظر اليه كبيره كاحد عناصره المرتزقة او ضمن حفنة من الحثالى لم يفد غير سيده الآمر الناهي . و ربما يختار هؤلاء السادة العظام! من يخدمهم من الفئة ذاتها و الشريحة المخدوعة نفسها لينفذ ما يؤمَر به لتحقيق مرامهم و اهدافهم السرية الكبرى. اذن ان الاحرار التي تذهب دمائهم ضحية ما يجري على الساحة من الصراعات الخبيثة في هذه المرحلة المتنقلة و غير المستقرة باي شكل كان من جميع النواحي السياسية و الفكرية،هم و بدمهم يبنى البلد، و ما يجب ان يتجسد فيه البلد، و المطلوب من الاعمدة المساعدة لاستقراره، و النظام المتبع محفز لما يدور، و سيكون هؤلاء المضحين شمعة تنير الطريق بدمائهم و يسقطون ليسقوا شجرة الحرية التي لا تنبت و لا تنمو من دون التضحيات، و نحن نعيش في منطقة و واقع و ظروف معقدة متشابكة لا يحس بها الا اهل البلد بنفسهم، و ما نلمسه ان من يحكم المنطقة هو المصالح و العقائد و الايديولوجيا فقط، وللاسف اكثريتها ذابلة و بالية و لا تصلح للقرن الواحد و العشرين. و لهذا نلمس بان العامل القوي المؤثر في الطريق السوي هو اول من يُستهدَف ، و بالاخص من الشرائح المؤثرة على الواقع و الحياة بشكل عام . و المستهدِفون عديدون و المستهدَفون اكثر و هم من كافة الاختصاصات و في مقدمتهم من له باع في الثقافة و الاعلام و الصحافة و المراكز العلمية الاكاديمية و من يهمه ان يفيد و يساعد في اخراج السفينة الى بر الامان. ربما ستسمر الحال لحين انتقال الى المرحلة الاخرى و الاستقرار و لابد من الاجراءات العديدة الكفيلة بحماية من لا تقدر قيمته بثمن ، و تنفيذ هذا الواجب يقع على عاتق النخبة نفسها و من ثم الدولة بكامل امكانياتها لان المخططين و اصحاب الاجندات عديدون و مختلفو الاهداف و القدرات و حاملو الاستراتيجيات المخيفة، و لم ينتظر منهم غير الظلام و العودة بهذا الشعب الى الكبت و القهر و الظلمات و خنق الحرية ان تمكنوا من ذلك.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظر الى قضية الحوثيين بعيون انسانية بحتة
-
اعيد السؤال، لماذا أُرجيء التعداد العام لسكان العراق ؟!
-
ماطبقت في اليابان و المانيا لا يمكن تكرارها في العراق
-
لماذا الانتقائية في مقارنة فدرالية العراق مع دول العالم
-
كيفية التعامل مع عقلية الاخر لتطبيق مادة 140 الدستورية
-
ضرورة تجسيد التعددية الحزبية في العراق ولكن!
-
هل تثبت تركيا مصداقية سياستها الجديدة للجميع
-
المركزية لا تحل المشاكل الكبرى بل تعيد التاريخ الماساوي للعر
...
-
من يمنع اقرار قانون الانتخابات العراقية
-
لازالت عقلية الواسطي منغمصة في عهد ذي القرنين
-
هل بامكان احدما اعادة البعث الى الساحة السياسية العراقية
-
فلسفة التعليم في العراق بحاجة الى الاصلاحات و التغيير
-
تكمن الخطورة في تصادم استراتيجيات الاطراف العراقية
-
كيف تُحل القضايا الشائكة العالقة في العراق
-
هل بعد الاحد و الاربعاء يوم دامي اخر
-
ألم تستحق مجموعات السلام الاستقبال المشرٌف
-
سلامي و عتابي ل(الاتحاد) الغراء
-
ما العائق الحقيقي امام اقرار قانون الانتخابات العراقية
-
ما مصير قانون الانتخابات العراقية
-
ان كانت الدائرة الواحدة هي الحل في الانتخابات ، فما المانع؟
المزيد.....
-
روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب
...
-
مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث
...
-
-نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي
...
-
إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا
...
-
ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
-
هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
-
واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث
...
-
شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور
...
-
الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
-
هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|