أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابتسام يوسف الطاهر - غبار الكلام














المزيد.....

غبار الكلام


ابتسام يوسف الطاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2838 - 2009 / 11 / 23 - 23:23
المحور: الادب والفن
    



استعصى عليّ جهاز ( المونت كنترول) أو الريموت كما تسميه أمي، فانفعلت غاضبا وأنا أحاول أن أغير محطة التلفزيون لأخرى ولكن بلا جدوى! فسّرت الأمر بضعف بطارية جهاز الكسالى كما يجب أن نسميه.. حيث نتنقل من محطة لأخرى ومن بلد لآخر بلا عناء ..
رحت للتلفزيون أقلب القنوات مباشرة من أزراره التي كدنا ننساها. لكني فوجئت بصوت الوزير يرتفع ويزداد تشنجا، "ربما ليغطي على الكذب الذي كشفته الكلمات المهزوزة"..قلت أخاطبني. باءت محاولاتي بالفشل فلم افلح بالتخلص منه أو المحطة الفضائية تلك!
"ما الحكاية.. لم يمر على تصليح التلفزيون شهر.. من أين لي لأشتري آخر!".
"اذا كل واحد يشتري شيء ليبقى العمر كله معه.. ستعلن كل الشركات إفلاسها" قال لي حين تذمرت من سوء التصنيع هذه الأيام والغش في كل السلع "يا أخي كانت البطارية تواصل معي أكثر من ستة أشهر.. اليوم لا تبقى أكثر من بضعة أيام!".
ضغطت على كل الأزرار.. دون جدوى.. لم أع من كلام المسئول شيئا ، ولا جملة مفيدة واحدة.. بل ضحكت وأنا اسمعه "عندما تكون شخصا..لابد أن تشعر بشعور شخصي جدا"! وهو يؤكد على كلمة جدا كأنه اكتشفها توا!
حينها قررت أن اسحب الفيشة من النقطة الرئيسية لأطفئ الجهاز ..فوجئت بالشاشة بقيت على حالها مضيئة!! ولكن لم ينتابني الخوف الا حين صارت كلمات المسئول ومعها مقدم البرنامج تنهل علي مخترقة الشاشة دون كسرها!.. كما لو كانت الحروف أحجارا تكاد أن تشج رأسي، لم اقدر على تجنب بعضها فضربت إحداها جبهتي، صرخت وانتفضت مذعورا وأنا أتحسس وجهي..
فإذا بأحد الكتب المصفوفة على رف فوق السرير يسقط على رأسي .. الحمد لله كان حلما.. بل كابوسا.. عجيب أمر العقل الباطني، ربما أراد أن يجنبني الأذى ويحذرني من ذلك الرف فاختلق قصة التلفزيون.. سأغير مكانه اليوم حال عودتي.
تطلعت للشاشة الفضية ضاحكا وأنا أحاول أن أتذكر بعض الجمل التي نطقها الوزير!.. ترددت من تشغيل التلفزيون ، خفت لو أن ما جرى لم يكن كابوسا!..كيف سيكون رد فعلي؟ بررت ترددي على أني قد أتأخر عن العمل. فغيرت ملابسي وأسرعت خارجا وأنا اعد نفسي أن لا أشاهد التلفزيون اليوم.. سأتسكع بالشوارع حتى ينال مني التعب لكي لا تكون هناك حجة للأرق والسهر، ولأنعم بنوم خال من الكوابيس.

في الشارع لم تفاجئني أكوام النفايات التي تزداد باضطراد يوميا . ضحكت ساخرا من فكرة أن أقول لحبيبتي "احبك بحجم الزبالة التي تزداد يوميا في بلادي" هل ستفرح يا ترى..أم أنها ستوسعني ضربا وتخاصمني.. أمعقول أن تفرح لو قلت احبك بقدر الورد الذي يكاد ينقرض! ألا يسعدها أن حبي يكبر يوميا ويبقى سرمديا!.
صفعتني ريح هبت على حين غرة، ريح مع غبارها الناعم نثرت النفايات التي صارت تتقافز وتدور بكل الاتجاهات، لكني فتحت عيني على وسعها حين وجدتها كلها حروف وكلمات!.
جمل مفيدة وأخرى ضارة صارت تتعلق بالغبار تعترض المارة والكل يحاول التخلص منها.. هذا ينحني ليتجنبها، وآخر يضع منديلا على وجهه وبعضهم يسير مغمض العينين.هل هو كابوس آخر..هل مازلت نائما؟.. لقد تأخرت لابد أن أصح الآن.
لست نائما .. هاهو الشارع أمامك، هذا دكان أم علي.. وتلك مدرسة الأطفال هاهم يحملون حقائبهم يتراكضون مثل فراشات الحقول منشغلون عن كل ما حولهم ويدوسون بأرجلهم النحيلة ما تناثر من حروف وكلمات وجمل بلا معنى ..غير عابئين ولا مندهشين مثلي!.

لندن
2009





#ابتسام_يوسف_الطاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفضائيات ومسلسلات الكذب والقهر والبكاء
- فايروس الجهل السياسي
- لوكربي وليبيا البقرة الحلوب
- كفار اليوم أقسى من الكونكريت
- الصحافة بين تهديد الجبناء وسكوت الضعفاء
- أوراق صدئة
- بين برلماننا وبرلمانهم!
- الاعلام العربي والمرأة العراقية
- مدارات.. حاقدة
- دوائرنا المستحيلة
- استغلال المسئولون لصبر المواطنين
- رواية خضر قد والعصر الزيتوني، وجائزة نوبل
- لماذا الكامل شياع؟
- ثقافتنا الاجتماعية
- من ستنتخب أيها العراقي؟
- ناقوس الخطر يدق! فهل حياة لمن ننادي؟
- هل السيد مقتدى ضحية لتياره؟
- ماذا تريد التيارات (الهوائية)?
- البرلمان العراقي وحصان(ة) طروادة
- عام كهرباء وضياء


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابتسام يوسف الطاهر - غبار الكلام