|
-نعم- للقرار الدولي.. و-لا- لإعلان الدولة!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2832 - 2009 / 11 / 17 - 15:01
المحور:
القضية الفلسطينية
حرص قادة فلسطينيون رسميون (من السلطة والمنظمة) على تأكيد وتوضيح أنَّ فكرة إعلان قيام دولة فلسطينية (في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة) من طرف واحد (أي من جانب منظمة التحرير الفلسطينية) ليست بفكرة فلسطينية؛ بل هي تشويه إسرائيلي متعمَّد لحقيقة المساعي الفلسطينية الجديدة، والتي تستهدف، فحسب، انقاذ ودعم "حل الدولتين" من خلال قرار جديد يُصْدِره مجلس الأمن الدولي، ويُعْلِن فيه اعترافه بدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، عاصمتها القدس الشرقية، وإقليمها يشمل كل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في حرب حزيران 1967.
ويمكن أن يضيف الفلسطينيون سبباً آخر لصدق قولهم إنَّهم لا يعتزمون إعلان قيام دولة فلسطينية من طرف واحد، هو أنَّ المنظمة قد أعلنت قيام تلك الدولة من قبل (في الجزائر سنة 1988).
ولكن، هل هذا يعني أنَّ المنظمة لن تُعْلِن قيام الدولة الفلسطينية إلاَّ بعد، ومن خلال، اتفاق تفاوضي، في هذا الشأن، تتوصَّل إليه مع إسرائيل؟
كلاَّ، لا يعني، فالمنظمة (وهنا يكمن الجديد المُحْتَمَل في الإستراتيجية الفلسطينية التي لم تكتمل وضوحاً بعد) ما عادت تَنْظُر إلى إعلانها قيام الدولة الفلسطينية على أنَّه أمر يجب أن يكون محل تَفاوُض واتِّفاق مع الإسرائيليين، معتبرةً، في الوقت نفسه، أنَّ إعلاناً كهذا لن يكون معادِلاً في معناه لإعلان قيام دولة فلسطينية من طرف واحد، فمجلس الأمن، وبحسب التوقُّع الكامن في المسعى الفلسطيني الجديد، والمدعوم عربياً على ما يقال فلسطينياً، سيُصْدِر قراراً يُعْلِن فيه اعترافه بدولة فلسطينية (كتلك التي يريدها الفلسطينيون) فتُعْلِن المنظمة، فوراً، أو بعد حين، قيام تلك الدولة، التي تتمتَّع بشرعية دولية، مُسْتَمَدة من هذا القرار الدولي الجديد.
وبهذا المعنى، يصبح "الإعلان الفلسطيني" بعيداً كل البعد عن "الأُحادية"، ولا يمكن تصويره على أنَّه إعلان لقيام دولة فلسطينية من طرف واحد.
إذا تحقَّق هذا الأمر الثاني، بعد تحقُّق ذاك الأمر الأوَّل، يصبح ممكناً بدء مفاوضات سلام جديدة بين الطرفين، تقوم على إستراتيجية تفاوضية جديدة، فإذا كانت "القديمة"، والتي انتهت إلى ما انتهت إليه من فشل وإخفاق، تقوم على مبدأ التفاوض المباشِر بين المنظمة والحكومة الإسرائيلية، توصُّلاً إلى اتِّفاقية سلام وحل نهائي، تقام بموجبها دولة فلسطينية، فإنَّ "الجديدة"، والتي لم ترَ النور بعد، إذا ما رأته، تقوم على مبدأ التفاوض المباشِر بين "الدولتين"، توصُّلاً إلى اتِّفاقية سلام وحل نهائي، تُرسَّم بموجبها الحدود الرسمية النهائية بين الدولتين (والتي يمكن أن تُعدَّل تعديلاً طفيفاً، وأن يشتمل الاتِّفاق الخاص بها على تبادل للأراضي). وبموجبها أيضاً تُسوِّى وتُحل قضايا النزاع المختلفة بين "الدولتين".
وهذا إنَّما يعني، على افتراض أنَّ الفلسطينيين سيمضون قُدُماً في سعيهم الجديد، وفي تطوير إستراتيجيتهم الجديدة والتزامها، أنَّ المنظمة لن تتولَّى من الآن وصاعداً التفاوض المباشِر مع إسرائيل، وستَقْصِر كل عملها الدبلوماسي والسياسي على التهيئة والإعداد لبيئة دولية ملائمة لإعلانها قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، ناقلةً ملف المفاوضات مع إسرائيل برمَّته إلى الدولة الفلسطينية المُعْلَنة، والمُعْتَرف بها دولياً، على ما تتوقَّع وتأمل.
"المسار"، بحدِّ ذاته، جيِّد، فالإستراتيجية التفاوضية الفلسطينية يجب "تعريبها" أوَّلاً، ثمَّ يجب حشد القوى الدولية، توصُّلاً إلى إقناع، أو إقتناع، إدارة الرئيس أوباما بأنَّ لها مصلحة حقيقية في عدم استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار، وفي جعله، بالتالي، يَصْدُر عن مجلس الأمن، الذي سيصبح، بالتالي، مُلْزَماً بالعمل على جعل الدولة الفلسطينية حقيقة واقعة، من خلال رفع الاحتلال الإسرائيلي عن أراضيها، إنْ بمفاوضات جديدة، أو بضغوط دولية على إسرائيل لحملها على التفاوض في طريقة مجدية، أي في طريقة تسمح بتنفيذ القرار الدولي الجديد، وتوقيع معاهدة سلام بين الدولتين.
إذا نجح الفلسطينيون والعرب، ومعهم قوى دولية، في حَمْل إدارة الرئيس أوباما على أن تقف موقفاً إيجابياً (بما يكفي) من هذا المسار، ومن الجهود المبذولة لاستصدار القرار الدولي الجديد، فإنَّ انعطافة سياسية وإستراتيجية كبرى سيعرفها النزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وأخشى ما يخشاه الفلسطينيون أنْ تأتي هذه الانعطافة بما يجعل الدولة الفلسطينية، إذا ما ارْتُكِب خطأ التسرُّع في إعلان قيامها، غير مختلفة جوهرياً، ومن الوجهة الواقعية، عن "الدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقَّتة"، والتي يمكن أن يَعْرِف إقليمها في الضفة الغربية من الحصار ما عرفه، ويعرفه، إقليمها الآخر، أي قطاع غزة، فإسرائيل، وفي ردٍّ منها "معتدل" العنف والشدة والحدَّة، يمكن أن تجعل إقليم الدولة الفلسطينية (المُعْلَنة) في الضفة الغربية محاصَراً من الغرب بـ "الجدار الأمني"، ومن الشرق باحتلالها العسكري لكل حدود الضفة الغربية مع الأردن، وكأنَّ هذا "المسار الجديد"، والجيِّد، من حيث المبدأ، لم يبدأ إلاَّ لينتهي (من الوجهة الواقعية) إلى "الدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقَّتة"، والتي يكفي أن تظهر إلى حيِّز الوجود حتى لا يبقى لدى الفلسطينيين من خيار لاستكمالها، أرضاً، وعاصمةً، وسيادةً، واستقلالاً، وأمناً، إلاَّ خيار التفاوض المباشِر، مع وساطة وسطاء دوليين في مقدَّمهم الولايات المتحدة.
قُلْنا إنَّه مسارٌ جيِّد، من حيث المبدأ؛ ولكنَّ جودته ستتحوَّل إلى نقيضها إذا ما قرَّرت المنظمة أنْ تُتَرْجِم ذلك القرار الدولي، في حال صدوره، بإعلان قيام الدولة الفلسطينية. إنَّ جودة هذا المسار تبقى وتتعزَّز إذا ما أحجم الفلسطينيون (عبر المنظمة) عن الانتقال الفوري من "القرار الدولي" إلى إعلان قيام الدولة الفلسطينية.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسار -الدولة من طرف واحد-.. ماذا يعني؟
-
عندما يجوع البشر لوفرةٍ في الغذاء!
-
بعض من ملامح -البديل- الفلسطيني
-
ما هي -المادة-.. وكيف يُمْسَخ مفهومها ويُشوَّه؟
-
كيف تُدَجِّن شعباً؟
-
خرافة -الدولة- في عالمنا العربي!
-
-قرار عباس-.. كيف يمكن أن يوظَّف في خدمة الفلسطينيين؟
-
السَّفَر في الفضاء.. كيف يكون سَفَراً في الزمان؟
-
بلفور.. -الأسلمة- بعد -التعريب-؟!
-
الحُبُّ
-
90 في المئة!
-
خيار -السلام- أم خيار -اللا خيار-؟!
-
-بالون أوباما- إذ -نفَّسه- نتنياهو!
-
فساد شيراك..!
-
في التفسير الميثولوجي للتاريخ.. والسياسة!
-
في مديح وهجاء -وادي عربة-!
-
قيادات فضائية!
-
ما هي -الدولة-.. عربياً؟
-
بوستروم.. لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيَّاً!
-
في الجدل الانتخابي العراقي!
المزيد.....
-
جيمي كيميل يروي كيف علم بإيقاف برنامجه عن البث
-
احتجاجات -جيل زد- غير المسبوقة تتوسع في المغرب.. ما الذي يحد
...
-
احتفالات في موريتانيا بعد فوز التيك توكر غيث الموريتاني
-
إغلاق مهرجان -أكتوبرفست- في ميونيخ بعد انفجار وتهديد بوجود ق
...
-
نداءات للتهدئة وحكومة -تتفهم- .. فهل تتوقف مظاهرات -جيل زد-؟
...
-
الاعتراف بدولة فلسطين: التباس وأخطاء بخصوص قنصليتي بريطانيا
...
-
مسيّرات وطائرات حربية و-أسطول شبح-.. استراتيجية روسية لإرباك
...
-
استهداف الحوثيين سفينة هولندية يشعل جدلا على المنصات
-
أسطول الصمود بحالة تأهب مع اقتراب سفن حربية إسرائيلية
-
تحفظ الجيش الإسرائيلي على خطة ترامب وتخوف من الانسحاب من غزة
...
المزيد.....
-
بصدد دولة إسرائيل الكبرى
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2
/ سعيد مضيه
-
إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل
/ سعيد مضيه
-
البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية
/ سعيد مضيه
-
فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع
/ سعيد مضيه
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
-
اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
-
رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني
/ سعيد مضيه
المزيد.....
|